![]() |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
منذ استشهد مروان ورأى دمه ينساب فوق باقة الزهور يكللها بدماءه النقية ؛ ويواجه تحرش المستوطنين بدناءتهم وإجرامهم بأهل المخيم لم يعد يحيى يحفل باللعب واللهو..!
أخذه الدم الطازج والجرح الغائر بعيداً عن ملاعب الطفولة ... بات يرافق جده لصلاة الصبح في مسجد المخيم الصغير يومياً ، ويجلس إلى شيخ الجامع طويلاً يسمع تجويد وترتيل القرآن الكريم ، ويصغي ملياً للسيرة النبوية العطرة وحياة الصحابة وأخلاقهم وصبرهم واحتمالهم وجهادهم... يحب كثيراً زيارة الحاجة، والجلوس إليها والإصغاء لها ، ويفرح لما تعطيه من كتيبات تناسب عمره يقرأها وتناقشه فيها وتجيب عن أسئلته عدونا مجرم شرس يدعمه الغرب الاستعماري بكل ما يملك من سلاح وعتاد ومال اعرف عدوك جيداً يا يحيى وتعلم كل شيءٍ عنه أرض الوطن المغتصبة لا ترتوي سوى بالدماء الزكية إياك أن تنسى لن أنسى يا حاجة .. أعدك |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
[color= كانت الحاجة هي المرأة الثانية التي علمته ما معنى الأرض، ما معنى الوطن، وكان قد أخذ على عاتقه حماية الوطن الأم، مثلما يحب دائما حماية أمه، فهي أمانه، وهكذا، تعلم أن الوطن حضن وأمان.. لم ينس يحيى الحاجة التي يحس بها أما ثانية في غياب أبنائها المقاومين. كلمات الحاجة كان يحبها كثيرا ويحاول دائما أن يذهب إليها ليسمع حكاياتها ونصائحها، ووصاياها. وفي يوم دخل بيته فوجد الحاجة مع أمه تبارك لها المولود الجديد، وتقول " إنه واحد من الذين سيدافعون عن هذه الأرض، ويحمون هذا الوطن، سيطردون المحتل قريبا، إنه محمد" والتفتت إلى يحيى عندما انتبهت لوجوده، وهو يقترب مبتسما ليرى شبيهه الصغير كما سمع الحاضرين يقولون، فتقول له "هكذا كنت أنت، ومثلك سيصير محمد، ولكن أنت عليك أن تصبح صلاح الدين عصرك، عليك أن تطرد المحتل، قاوم يا بني، وعلم أخاك مقاومة العدو ".
كانت وصية الحاجة حلقة فضية لا تغادر مسمع يحيى، فقد كان دائما يسترق الخطوات ليذهب إلى محمد، وهو نائم أو وهو يلاعب يديه والصغيرتين، فيمسكهما يحيى، ويقول له" بهذين اليدين سنحارب العدو.. احمل حجرا.. احمل سلاحنا.. قاوم قاوم.. واطرد الأعداء من أرضنا أنت سندي.. أنت أخي" وأحيانا يجلس إلى أخيه في خفية من الكبار، يأخذ المصحف الشريف، ويقرأ على مسامعه آيات بينات من الذكر الحكيم، كان يحب دائما أن يقرأ قول الله تعالى: {(23) اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (24) قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ} /(سورة طه)، ثم يلتفت نحو القبلة ويقول "يا رب أنا عبدك.. أنا الصغير الذي أرجوك وأقول لك يا ربي أنا يحيى اجعل لي وزيرا من أهلي محمدا أخي كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا.. يا ربي أعنا على العدو وانصرنا" color] |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
الفصل الثاني الفتوة حين ولد شقيقه الأصغر محمد ، كان قد تجاوز الثانية عشر من عمره ، وشقيقه زكريا تجاوز العاشرة كان وشقيقه زكريا يدرسان في مدرسة مخيم خانيونس التابعة للأنروا ( وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة). مدارس الأنروا امتازت بمستوى جيد في التعليم وعالي في اللغة الإنكليزية ، مع باقة من الأساتذة المتمكنين في كل منها، وكان يحيى وزميله اسماعيل يعشقان اللغة العربية، وقد تميز اسماعيل بقراءة القرآن والتجويد بأداءٍ جميل وصوت عذب. بعد عصر كل يوم خميس، كان يحيى يذهب لزيارة الحاجة بناء على رغبتها واتفاقها مع والدته، وعندها كان يلتقي بباقة من رفاقه، وبعد ولادة شقيقه محمد بات زكريا غالباً ما يرافقه. سألها يحيى يوماً : (( هل لليهود حقا تاريخياً في فلسطين ، وهل هم أبناء عمومتنا؟؟)) أجابت: (( المحتل يا يحيى دائماً ما ينسج أساطيره ليبرر احتلاله ، لكن الأساطير والأكاذيب تسقط دائماً أمام الواقع والحقيقة)) * اليهودية ديانة لا جنساً بشرياً ، وهؤلاء كما شاهدتهم مراراً من أعراق شتّى، لا يشبهون حتى بعضهم البعض، فكيف يكونون أبناء عمومتنا؟! |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
أحس يحيى بضيق في صدره كأنه يحمل صخرة ثقيلة.
سؤاله كان يرن في أذنه، وكأنه صرخة باحثة عن إجابة.. نظرات الحاجة إليه كانت كأنما تنظر إلى أعماق روحه، وكأنها تحمل في عينيها حكايات أجيال. "يعني هم مش قرايبنا؟" سأل بصوت خافت، وكأنه يخشى أن تكون الإجابة مؤلمة. ابتسمت الحاجة ابتسامة حانية، وكأنها تقول له: "لا تخف يا حبيبي، سأخبرك الحقيقة." ثم بدأت تتحدث بصوت هادئ، وكلماتها كأنها سهام تصيب أهدافها بدقة: "القرابة يا بني ليست بالدم وحده، بل بالقيم والمبادئ. هؤلاء الذين تعتقد أنهم قرايبنا، هم من احتلوا أرضنا، وقتلوا أبرياءنا، فكيف يكونون قرايبنا؟" توقفت للحظة وكأنها تترك الكلمات تتردد في الأجواء، ثم تابعت: "سأروي لك قصة يهود سيدنا موسى، الذين عاشوا معنا على أرضنا ردهة من الزمن، وهؤلاء من الساميين مثلنا ، لكنهم لم يكونوا أسلاف من احتلوا فلسطين من الأوروبيين الذين تهودوا في زمن لاحق ولا صلة تجمعهم بيهود موسى . هرلاء اليهود الأوائل عصوا سيدنا موسى وصنعوا عجلاً ذهبيا عبدوه من دون الله، وغضب الله عليهم وتاهوا في صحراء سيناء أربعون سنة، وحين دخلوا غلى فلسطين تكبروا على أهل البلاد وادعوا أن لهم الحق في كل شيء وافتروا على الأنبياء وحاربوهم وأكلوا الربا . هذا المسلك السام كاد أن يدمر كل شيء." جاء نبوخذ نصَّر وقام بسبيهم إلى بابل، وهم ومن تهودوا لاحقا من العرب والمشرق يعرفون باسم اليهود " السفارديم " أما يهود الغرب الذي بدأ تهودهم في القرن السادس عشر وعرفوا باسم " الأشكناز " حين تعرضوا للاضطهاد في ألمانيا النازية ، فكروا بإنشاء وطن قومي وكان على لائحتهم ثلاث دول ، إلى أن التقى مشروع أغنيائهم بالصهيونية المسيحية الغربية التي انضموا إليها بعد أن اختارت لهم أرض فلسطين ، وجاءت بهم بريطانيا لهم يحملون معهم أحقادهم ، ويزعمون أن الله وعدهم بهذه الأرض، وأنهم سيعودون ليستولوا عليها ، هذه الأكاذيب كانت كالشرار الذي أشعل الحروب والصراعات. "مع مرور الزمن، ظهرت حركات سياسية تدعم الفكرة واستغلوا معاناة اليهود في أوروبا، وبدأوا بالهجرة إلى فلسطين بأعداد كبيرة وانضم فيما بعد إليهم يهود المشرق." توقف يحيى عن التنفس للحظة، وكأنه يشاهد فيلماً مرعباً. لم يكن يتخيل أن التاريخ يمكن أن يكون بهذه القسوة والظلم. "هذا الهجوم على أهلنا، هذا الاحتلال لأرضنا، لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة لتاريخ طويل من الأكاذيب والمؤامرات. وهم يحاولون الآن أن يبرروا كل هذا بحقوق تاريخية وهمية، ولكن الحقيقة هي كما ذكرتها لك " أحس يحيى بغضب يشتعل في داخله، وكأنه بركان على وشك الانفجار. لم يعد قادراً على تحمل هذه الأكاذيب وهذا الظلم . " وقد قرأت آيات في القرآن تذكر اليهود؟!" بنبرة استفهامية وصوت مرتجف فيه حيرة وتساؤل ردد يحيى هذه الجملة كانّه يبحث عن تفسير ومعنى. !! ابتسمت الحاجة ابتسامة حزينة، وقالت: "القرآن يذكرهم، ويذكر كيف كانوا يكذبون وينكرون نعم الله. القرآن يحكي لنا قصة نبي الله موسى وكيف قاد قومه من العبودية إلى الحرية، وكيف كفر به قومه. القرآن يعلمنا أن الحق لا يضيع، وأن الظالمين مهما طال بهم الزمن فإن عاقبتهم وخيمة." أحس يحيى براحة غريبة، وكأن شيئاً ما قد انطلق من قلبه، فهم أخيراً الحقيقة، وعرف أن الحق دائماً ينتصر، وأن الله مع الصابرين والمؤمنين… |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
وصار يحيى فتى في لثالثة عشر متشبعا بكل قيم الوطنية والصمود في الدفاع عن الوطن ،الأرض التي لاتفارق كيانه،وبعد برهة من الزمن بدا له شعاع من السماء يرشده ويهديه إلى معنى التضحية حتى الارتقاء والوصول الى درجة الشهداء.
حفرت هذه العبارة بدم طاهر يسيل في مخيلة يحيى ،ونقلها الى باقي فتية المخيم الذي يعيش فيه ، ومع ذلك كله يحمل كل واحد منهم مشروع النصر ،وهم الأمة وما آلت اليه .غير مبالين بأهلهم وذويهم وبأمن أمتهم الاستراتيجي..! كانت أمنية الفتية بأن يسيروا حين يكبرون بخطى ثابتة ويلوحون بأيديهم :الله اكبر الله أكبر......وكانوا يستشعرون قيمة هذا التكبير الذي يثقون بالله سبحانه أن يأتيهم به إن أخلصوا النية على درب التحرير ،الذي ينهي في يوم مشروع الصهيونية الاستعماري ويحرر فلسطين ....... |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
يحيى ، يا بني " همست الجدة بصوتٍ مملوء بالحزن والأمل ، وفي عينيها تأمل لعمق الزمن، "أرضنا، فلسطين، ليست مجرد قطعة أرض على الخريطة، بل هي حضن الأم الذي يحملنا ويحمينا،هي شجرة العائلة المتجذرة في أعماق التاريخ، وشاهدة على آلاف السنين من الحضارات المتعاقبة التي نحن أساسها. وجذورها،، من نسيج هذه الأرض نبتنا، هي لنا ونحن لها ..
توقفتْ للحظات ، عيناها تحدقان عاليا وهي تستعيد الحكايات المتوارثة عبر الأجيال "لقد سعت الحركة الصهيونية، المُدفوعة بالمعاداة السامية الأوروبية والرغبة في وطن قومي يهودي، إلى إقامة دولة لليهود في فلسطين ، استخدموا النصوص الدينية المزورة والأساطير للي عنق التاريخ في تبرير إغتصابهم، متجاهلين حقوق ومآسي الشعب الفلسطيني الحر الصامد الأبيّ ." أسرع ذهن يحيى ، فكر في كتب التاريخ وبعض النسخ المحرّفة للأحداث التي رسمت صورة مختلفة تمامًا "لكن .." سأل، "أليس لهم حق في وطن؟" "بالطبع ، هم من شعوب شتّى لهم أوطان أتوا منها وعليهم العودة إليها بدل احتلال وطننا"، أجابت، "مشروعهم وطن يغتصبونه على حساب شعب هذا الوطن، والفلسطينيون، الذين عاشوا على هذه الأرض آلاف السنين، لا حق لأحد سواهم بهذه الأرض .. هذه الأرض جذرنا، أرضنا .. ونحن أغراسها ، أبناؤها " |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
قبل أن يلتحق يحيى بالثانوية كان قد حفظ ما تيسر من القرآن الكريم، والحديث، وكذا الشعر. كان يحب سماع الخطب، فقد أثاره ذات مرة تجمع ثلة من الشباب، ثم سيرهم جميعا نحو مكان واحد، وقد عزم على أن يتابعهم، لمعرفة سر تجمهرهم، وإلى أين هم متجهون، ولم يكن قصدهم إلا المسجد، لقد سعد كثيرا لأنه طالما تمنى أن يجد الفرصة التي تسمح له بأن يكون قريبا من هذا الشيخ الذي يكاد يحفظ بعض خطبه، وهاهو الآن يجلس مع الشباب القادمين للتعلم على يديه، يسأله الشيخ عن اسمه فيجيبه وقد امتزج لديه الحياء بالفرح والثقة بالنفس، وهي أمور لا تخفى عن هذا الشيخ الجليل، الذي سأله بعد ذلك كيف وصل إلى المسجد، وما الهدف من وجوده لسماع الخطبة، وسؤال يدفع لسؤال آخر، ويحيى يعبر بعفوية وصدق، معبرا عن إعجابه بالشيخ قبل لقاء المسجد هذا، ثم كان درس الشيخ وخطبته، وخرج يحيى بنهاية الحصة كأسعد فتى على أرض تستحق الحياة.
حين عاد إلى البيت وجد الحاجة هناك تطمئن أمه، مؤكدة أنها لا يجب أن تخشى شيئا على يحيى لأنه رجل، ومع ذلك حين رأته أمه عاتبته على تأخره، لكنها سريعا ما هدأت وفرحت عندما علمت أن ابنها كان حاضرا بدرس للشيخ أحمد سعدة، وقد قالت إنها توافق على تأخر ابنها، مادام يحضر حلقات الشيخ أحمد سعدة، الذي حضر بعد حين معه أخويه زكرياء ومحمد. لقد أخبرته أمه أن الشيخ أحمد سعدة هو نفسه أحمد ياسين... |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
يجلس الوالدان يحتسيان الشاي بعد تناول طعام العشاء ويتحلق الأولاد حولهما
يسأل الوالد: كيف حال الأولاد معك يا أم يحيى؟ تجيب الوالدة : الله يرضى عليهم ، شاطرين بدروسهم ومهذبين ، لكن زكريا كثير الغلبة، لا يتوقف عن الأسئلة ، ولا يترك أحداً لا يسأله ، حتى جارنا العجوز الحاج مراد ، يجلس بجانبه في الزقاق ، ويظل يسأله ويسمع له حتى يتعب الرجل ويدخل منزله يبتسم الوالد ويقول لها: • تتضح شخصية الإنسان في سن الفتوة، زكريا مهتم بالتاريخ، ويود أن يعرف من الناس كل ما جرى لهم مع الصهاينة والمجازر التي ارتكبت في مدنهم وقراهم ، ويكاد لا يفارق أستاذ التاريخ ، في طريق العودة من المدرسة ، ثم يأت ويسجل كل شيء في كراسته - يحيى لا يسأل • يحيى يسمع ويقرأ وكراسته في رأسه فهو متوقد الذكاء - الله اكبر ، قول ما شاء الله يا زلمَة ، عين المحب صيابة يضحك الوالد • في آخر الشهر تنته المدرسة، وسأسجلهما في النشاط الصيفي في " المجمع الإسلامي ، سيجد يحيى كثير من الكتب في مكتبتها ويسعد برفقة زميله اسماعيل، ويجد زكريا كل ما يبحث عنه من معلومات ، عندهم أيضاً نشاطات رياضية ومحاضرات ودورات تأهيل لمساعدة الأهالي إلخ.. - ما شاء الله ، تبارك الرحمن.. مستوصفاتهم والله ممتازَة وعندهم أطباء وممرضين ويساعدون الفقراء والأرامل والأيتام من المساعدات التي تصلهم ، الله يعطيه الصحة والعافية الشيخ أحمد ياسين على كل الخير اللي بيعمله هو والدكتور عبد العزيز الرنتيسي • اللهم آمين، جزاهما الله وكل من يتعاون معهما ويتبرع للمركز بكل خير يبتسم يحيى وهو يتذكر.. يا الله ما أجمل تلك الأيام في المجمع، وكم صقلت شخصيته وأفادته |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
يحيى أحب جدا صديقه اسماعيل، وتعلق بالشيخ أحمد ياسين، كان يجد فيهما رائحة عسقلان التي طالما تمنى زيارتها، عسقلان التي كان يسمع والده يتحدث عنها بحيرة، فتدمع عينا أمه.
قضى يحيى وقتا ممتعة رفقة أخيه أصدقائه بالمجمع الإسلامي، تعلموا إسعاف المرضى، دخلوا بيوت عجزة وشيوخ ليس معهم من يعيلهم، فكانوا لهم كما كان عمر بن الخطاب وأبو بكر رضى الله عنهما للمرأة العجوز التي كانا يتفقدانها لمساعدتها يوميا. كانت مساعدة الناس متعتهم، فيسرق من حين لآخر ابتسامة من صدره الممتلئ غضبا وحقدا على المحتل، فيوميات البؤس بغزة ومخيماتها خلفت لديه قوة مثلما كما خلقت لديه رغبة ملحة في تغيير موازين غزة |
رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
شريط الذكريات يأخذ يحيى ليحيا بالماضي، من الطفولة إلى هذه اللحظة التي تجعله يقبع بين أربعة جدران يعاني بعيدا عن أهله، ويفتقد الحرية كما يفتقدها وطنه، يعيش قهرا، وظلما وعذابا، شريط الذكريات يوازي شريط الآهات، فيقرر أن يكتب ويحكي بعض ما عاشه، وما يعيشه الفلسطيني بحروف جريحة تضمدها الكلمات، يرسم غزة بقلبه، لا ينسى شبرا من خريطة وطنه رغم أن الأنذال فرضوا رسما آخر للخريطة، يتذكر حيه وجيرانه، يشتاق إلى أصدقائه، ويحن إلى أمه، يفكر في حال الشيخ أحمد ياسين، وتدمع عينه حين تترقرق أمامه صورة الحاجة التي اعتاد زيارتها في طفولته، ولا يستطيع أن يختطف نفسه من هذه الذكريات، ولن يصغر أمام العدو الذي يطمح لقهره، لأجل ذلك يختلس لحظات ليختلي بالحروف حتى يكتب، وإن كان يروي رواية فلسطين دون أن يحدد نهاية، رواية لا يأس فيها، وإن ملأتها جراحات الوطن، ولأنه فكر في الكتابة، فقد صار عنده التأمل في الماضي أكبر، حيث تذكر الآن كيف كان ينتظر جديد ما سيقدمه ياسر عرفات، مستعيدا الشتات الفلسطيني، حيث غادر كثير ممن يعرفهم عن قرب غزة إلى خارجها، بل فلسطين إلى خارجها، كثيرا ما كانوا يذهبون إلى الدول العربية المجاورة، أو لدول الخليج بعد مضايقات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي لسكان المخيمات.
يقف يحيى قليلا، وقد اشتاق لأحبابه، الذين منعوا من زيارته، يغالب دموع الرجال في قهر، ويعود ليستمد قوته من الله الخالق القوي. |
الساعة الآن 16 : 07 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية