![]() |
القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
[align=justify]
أيها الإخوة الأعزاءأيتها الأخوات العزيزات في نور الأدب, بناء على كون أي ملف في منتدى الميزان يظل مفتوحا ..وأنّ إضافة أي نص جديدلا يمنع في العودة للنصوص الأخرى لمن يشاء فإني أتجرأ اليوم و أقتطف من منتدى القصةنصا جديدا أتمنى أن تتفاعلوا معه دون أن يكون عائقا أمام من يريد التدخل في نصوص قدسبقت لأن لديه ملاحظة ما أو فكرة ما ... قصة اليوم هي لكاتب جديد انضم لنور الأدب لم يبد اعتراضا على أن توضعإحدى قصصه هنا بين أيدينا و تحت مجهر النقد و التأمل. إنه الكاتب الضيف حمراوي الذي يروي لنا قصة: القرد التيأقدمها لكم في انتظار انطباعاتكم.. [/align] القـــرد [align=justify] قال العبد للقرد: أضعك تحت تصرف السيد من الآن، يتسلى بك، أو يرتديك في حذائه، أو تقضي نزوة تطوف بخياله.. أراد القرد أن يحتج، لكنه تراجع بعد أن مرر - بلمح البصر- شريطا لتاريخ الأمة كان مركونا في دولاب ذاكرته فقدر العواقب، وخلص إلى أن في الصمت حكمة. أشارالسيد للعبد أن انصرف ، ورأى العبد أن يذكـّر القرد بما يجب قبل الانصراف فنظر إليه وفي وجهه صرامة الواعد المتوعد : سري عن سيدنا يغمرك الرضا وتنال موزة أو موزتين ،وإذا أخلصت فقد تحصل على سروال تستر به عورتك. صعد القرد نظرة كسيرة إلى وجهي السيد ثم العبد ، وحك رأسه العاجز، وقد أقعى يفكر ويقدروقد بدت عليه علامات الشيخوخة والهرم تسبحان في عينين غائرتين تتلاطم في أعماقهماأمواج الحيرة والضياع. ثم رأي أن الأخلاق تحتم أن يحيي الداخل القار فقال : عم صباحا يا سيدي ، وليهنأ يومك ، واعذرني إذا ما عجزت عن إسعادك ،ولك في تصرفك بي أو مني ما تشاء على قدر ما أستطيع أن أحفظ معه النفس وما زاد عنذلك فهو بالنسبة لي فضلة. قال السيد: سبحان الله لصوتك في أذني ألفة وموقع ، وصوتك ليس بالغريب . قال القرد: بيننا معرفة وصداقة قديمة يا سيدي، ومنعني الحياء وتباين المقام أن أشيرإليها. غضب السيد وقال: يا قليل الحياء مكشوف العورة هل تراني قردا حتى أصادق القردة؟ لا يا سيدي حاشاك، لست أنت القرد،ولكن كانت صداقتنا قبل أن امسخ أنا قردا. أيام الطفولة والصبا، عندما كنا في المدرسة، كنت أنت تجلس إلى جانبي وكنت أنا آنذاك حاد الذكاء حسبما كان يزعم معلمناالغبي ،بينما كان ينعتك بالغباء ،ولعلك تذكر أنك رميته بحذائك وفررت من المدرسة. ولم تعد إليها أبدا، وقد فتحت لك تلك الحادثة باب السعد . تعجب السيد وقال : سبحان الله ، ذلك ما وقع فعلا ، لكنني لاأصدقك. قال القرد : صدق يا سيدي صدق، فأنا التلميذ "نبيه" الذي كان يجيب عن كل صعب ،و يفهم ويحفظ كل معقد وغريب . - ما الذي جرى لك؟ - عاقبني الله يا سيدي على آثام ارتكبتها تباعا. -لم يكن معروفا عنك الشر أو العدوانية ، كنت طيبا وديعاعلى خلق . - وتلك بعض الآثام يا سيدي ، فأول إثم يا سيدي أنني كنت صادقا في كل أقوالي وفي كل أعمالي ؛ فعرف عني الناس سري وعلانيتي ، وأمنوا جانبي،وصنفوني مغفلا ، لأني كنت اخبرهم عما يقع قبل أن يقع ، وآتيهم بما خفي كما وقع،وابدي عداوتي لعدوي فيهزمني عند الواقعة، ويتأكد صديقي من وفائي وطيبتي فيبيعني لتحصيل مصلحة ويسترضيني بعدها فيستردني وهكذا دواليك.. - هل تريد أن تقنعني أن الله مسخك قردا لاتصافك بهذه الصفات؟!. - لا ولكني اعتقد أنه مسخني قردالارتكابي كبيرة لا تغتفر؟ - ماهي؟ - لما هجرت أنت المدرسة مهديا إلى طريق الرشاد، لازمت أنا معلمنا الغبي الذي كان لا ينفك يذمك ويضرب بك المثل في الغباء، وانك ستبقي إلى الأبد عاجزا عن جمع أربعة إلى اثنين. -وهل كنت تصدقه؟ - فيما يتعلق بالحساب وشؤون الدراسة واقع الحال كان معه ، و تكذيبه وقد علمني الصدق لم يكن ممكنا ولكني لم أنتبه إلى أن عقله الصغير كان لا يتسع مداه عن مدى الصفحة التي يقرأها. ولغبائي كنت أصدقه وآخذب أقواله ونصائحه. - وماذا وجدت وكيف صرت إلى ما أنت عليه؟ - ها أنت ترى يا سيدي ، برهان كفره فيك ، فجزاء الله لك ولعبيدك باد لا يحتاج لدليل، إذ أطعتم سنة الله فهجرتم العلم والتعليم ، وسلكتم سبل الرزق والنعيم فنلتم العلا واعتليتم مدارج التكريم. أما أنا المأخوذ بهوس ذاك الغبي الذي كان يلقبني بالعبقري الذكي ، فقد قضيت حياتي محاولا تعليم أمة أمية خِلقة، كتب الله عليها ألا تتعلم حتى وإن قرأت ، وكتب اللعنة على كل من أراد تغييرسنته تعالى فيها ، وأخلصت في إتياني لجريمتي وتماديت فيها حتى حاق بي غضب الله فرددت قردا. - وماذا تشتغل الآن؟ - أنا الآن أدرب صغارالقردة على فنون الجمباز - إذن مازلت متعلقا بمهنتك؟. ووجد السيد أنه يزداد كآبة عوض أن ينال شيئا من الترويح فأرسل في طلب العبد ، الذي حضر مهرولا وامتثل طائعا فقال له السيد: أيها العبد هذا الذي أمامك كان مدرسا لك أنت وأمثالك من العبيد ، وأنت ترى ما حل به فقد مسخ لكثرة ما شوه من عقول وخرب من نفوس ،إذ أخرجها من طبيعتها التي جبلت عليها وأراد إكسابها طبائع أخرى يقول إنها موصوفة في الكتب. ومثل هذا الكائن الممسوخ خطر على المحيط ، ولكن الصداقة التي نمت بيننا قبل أن يمسخ تمنعني من إيذائه، وجحافل العبيد التي دربها لخدمةالسادة قبل أن يمسخ تشفع له، فأخرجه من هنا وسلمه لأي قراد يرى فيه حاجة. الضيف حمراوي 01/06/2009 [/align] |
رد: القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
أولاً وقبل كل شئ أرجو قبول الرد و التعليق كقارئ و كاتب , وليس كناقد . فالنقد فن و علم له رجاله. الأسلوب الأدبي جميل ولغة عربية سهلة .. الأحداث مرتبة و متسلسلة .. غضب الله ومسخ الإنسان كقرد نادم يعترف فكرة جميلة. النص جديد وأضاف روحاً جديدة للمنتدى. مرحباً بالأخ الضيف حمراوي .. وتحياتي لك سيدتي القديرة نصيرة تختوخ . |
رد: القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
[align=justify]
أ.الضيف حمراوي أ،نصيرة تختوخ تحياتي نقف اليوم أمام نص مغاير في مبناه ومعناه ومؤداه وأسلوبه .. أول ما يمكن أن نسأل هنا : هل هذا النص الذي أخذ عنوان " القرد" قصة؟؟.. هل توافرت له الشروط التي تدخله عالم القصة ؟؟. ولماذا هذا الاعتماد الكلي على ما يداخل الموروث حكاية ولغة ووصولا إلى غاية محددة أراد الكاتب أن يصل إليها ؟؟.. لا نستطيع أن نضع اشتراطا محددا للقصة بعد أن تطورت عالميا وعربيا بشكل يمكن أن تكون معه كل قصة بنت تجربة خاصة وتعريف خاص.. وهنا – كما نلاحظ – يسرد الضيف حمراوي واقعة أو ما يشبه الواقعة مدخلا الصورة كلها في تناقض الزمن الذي يرفع الجاهل ويخفض العالم .. وإذا كان هذا صحيحا نصادفه في كل مكان ، خاصة الوطن العربي .. فميزة قصة الضيف حمراوي السخرية المرة التي تدفع أحيانا للبكاء ، لا للتساؤل فقط .. وقمة السخرية ، بل الانحراف بمؤداها إلى صورة غير متوقعة ، هو مسخ المتعلم إلى قرد ، واعتراف هذا القرد ، بعد أن مرّ بتجارب كثيرة ، بأنّ مسخه نتاج حق ، لأنه أصرّ على أن يتابع التعلم والتعليم في وقت ضاعت فيه الملامح ، واختلط الحابل بالنابل..وصار الزمن زمن الجهل وعلوه ، مقابل قتل وذبح المعرفة والعلم والعلماء .. القرد الذي كان نبيها اسما وفعلا ، ومازال ، يخاطب الرجل بسيدي معترفا له ومقرا بأنه اختار الطريق الصحيح ، وقد كانت واقعة طرد المعلم له ، واقعة سعد لأنها أوصلته إلى السيادة ..بينما بقي المتعلم النبيه في هيئة قرد يستعمله الجهلة للتسلية وتمرير الوقت ..وإشارة لماحة تلك التي تشير إلى أن المعلم كان غبيا !!.. ودليل غبائه ماثل في حصاد الأيام ، فنحن أمام طالبين ، احدهما نبيه والآخر غبي ، وخلافا لكل تعريف أو توصيف يصعد الغبي ويهبط النبيه ..فلماذا كان كل هذا التعب ، وهذا الجهد ، وسهر الليالي ؟؟.. ولأن الغبي الذي ساد وسيد ، سيبقى مخلصا لشيء واحد هو سعادته وسروره ، يجد أن هذا القرد قد زاد ملله ..وإخلاصا لزمالة كانت ، وهو يعتبرها تفضلا ، ينادي على العبد أن تعال خذ قردك : " مثل هذا الكائن الممسوخ خطر على المحيط ، ولكن الصداقةالتي نمت بيننا قبل أن يمسخ تمنعني من إيذائه، وجحافل العبيد التي دربها لخدمةالسادة قبل أن يمسخ تشفع له، فأخرجه من هنا وسلمه لأي قراد يرى فيهحاجة.." هذه الغصة في الحلق جارحة ، لكنها وللأسف حقيقة .. فما نراه ونشاهده على شاشة زمننا المنظور لا يختلف عما جاء في القصة ومؤداها .. وإذا كان الكاتب ميال للسرد باستعارة الموروث أو مداخلته ، فهو ذو جملة رشيقة سريعة ومفردة منتقاة بعناية ، وقبل كل ذلك ، هناك سخرية كما أسلفت في أسلوب الكاتب ، سخرية لا تأتي بشكل مجاني ، ولا تريد أن تكون مجرد زينة لفظية أو وصفية ، بل هي كما نرى سخرية موظفة بدقة شديدة لا تحيد عن دربها التي أرادت السير فيه قيد أنملة .. إن القص وظيفة ومتعة وتواصل وحكاية ..وهنا نجد كل ذلك بإصابة المجموع إصابة العارف بشرط هذه الكتابة .. قد نسأل هل هناك مبالغة ، هل هناك شطط في عملية سخط الإنسان لقرد جراء ذنبه – الذي لم يكن ذنبا – في التعلم ؟؟.. ظني إن قلنا بكل ذلك فهو لم يأت عبثا هنا .. فالمبالغة تلفت النظر أكثر ، والشطط الوصفي في عملية المسخ يؤدي المراد من الحكمة التي أراد الكاتب أن يوصلها إلينا .. اختم بمقطع أورده القرد ، وفيه من السخرية والمبالغة الشيء الكثير .. وهذا المقطع حاد شديد لماح ، يؤدي غرضه رغم قلب كل شيء ونسف كل منطق يقول القرد مخاطبا السيد :" ها أنت ترى يا سيدي ، برهان كفره فيك ، فجزاء الله لكولعبيدك باد لا يحتاج لدليل، إذ أطعتم سنة الله فهجرتم العلم والتعليم ، وسلكتم سبلالرزق والنعيم فنلتم العلا واعتليتم مدارج التكريم. أما أنا المأخوذ بهوس ذاكالغبي الذي كان يلقبني بالعبقري الذكي ، فقد قضيت حياتي محاولا تعليم أمة أميةخِلقة، كتب الله عليها ألا تتعلم حتى وإن قرأت ، وكتب اللعنة على كل من أراد تغييرسنته تعالى فيها ، وأخلصت في إتياني لجريمتي وتماديت فيها حتى حاق بي غضب اللهفرددت قردا. ".. [/align] |
رد: القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
ربما قد يكون البعض نسي وجود قصة في الميزان, أذكركم مجددا بها في إنتظار تفاعلاتكم!!:nic47:
|
رد: القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
[align=justify]
الغالية أ. نصيرة تحياتي يبدو أنه الصيف .. لا أدري أحيانا اشعر أنّ الحرارة تجعل الواحد منا ملولا إلى ابعد حد ..طبعا هذا لا يعني أن ننسى قصة الصديق حمراوي .. معك ارجو أن نلتفت قليلا إلى القصة وغيرها .. [/align] |
الساعة الآن 25 : 12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية