منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   كلـمــــــــات (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=133)
-   -   التحميلة والسراويل الهابطة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=25542)

فهيم رياض 12 / 06 / 2013 01 : 03 AM

التحميلة والسراويل الهابطة
 

التحميلة والسراويل الهابطة .

الحاج مبارك شيخ يعيش في الريف، لم يزر الطبيب قط
ليس لأنه لم يمرض وإنما لاعتماده المطلق على الأدوية
الطبيعية كالعسل البري وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية
المجربة و لم يأكل إلاّ مما أنتجته يداه من خضر وحبوب و
لحوم و بيض وألبان ومشتقاتها.وقد حباه الله بأرض سخية
معطاءة منّ عليه بأم في صغره و بعد وفاتها بالزوجة
"فاطنة" عارفتين بفنون الزراعة والرعي والحياكة و
التطبيب إضافة إلى الاضطلاع بشئون البيت ورعاية
الأولاد .
أشد ما يربك عمي مبارك وينغّص عليه حياته أن يغادر

مضطرا عالمه الخاص به إلى وجهة أخرى و أن يتخلى
مكرها ولو للحظات عن رعاية مفردات هذا العالم كالزوجة
والأولاد والأرض والمواشي وأن يفارق مرغما الأصحاب و
الخلاّن. و ما فتيء في هذا الصدد ابنه البكر يدعوه لزيارته
رفقة والدته في بيته الجديد الكائن بالمقاطعة التي تبعد
عن الريف بـ 60 ونيف من الكيلومترات عبر الطريق
المعبدة و بـأقل من 25 كيلو عبر المسلك غير المعبّد الواقع
على الضفة الشرقية للوادي ،وما فتيء الوالد بدوره يواجه
ولده بوابل من الأعذار والتماسات التأجيل. وفي الأخير؛ و
لمّا شعر عمّي مبارك أن ابنه قد وجد في نفسه من رفض
الزيارة أو تأجيلها من قبله و خشي من أن يَفهم موقفه هذا
كشيء من عدم الرضا عنه؛ أذعن للطلب وقرر القيام بالزيارة
رفقة الحاجة فاطنة ولكن على متن عربته التي يجرها حماره
عبر المسلك الفلاحي .

وصل الوالدان إلى بيت ابنهما وبعد التحية والسلام و الجلوس
في الصالون أشار بيده إلى حفيديه المراهقين بالقدوم إليه
ثم مد يده إلى جيب عباءته فأخرج منه ورقة من فئة ألف دينار
فمنحها إياهما وطلب منهما همسا شراء حزامين لشد سراويلهما
واقتسام الباقي بينهما بالتساوي.
ابتسم الولدان و توجها خارج البيت، ولم يعودا بعد ذلك
إلى الصالون وأصبحا يتحاشان اللقاء المباشر بجدهما
غير أن هذا الأخير لاحظ أنهما لم يلبيا طلبه وبقيا على
نفس هيئتهما التي وجدهما عليها أول مرة .
تكدّر خاطر عمّي مبارك و تشنجت نفسيته، و
لم يعد يشغله إلاّ حال حماره و لا يفكر إلاّ في
الرّيف وأهله الذين أصبحت العودة إليهم مطمحه
الوحيد، ومما زاد طينه بلّة إصابته بنزلة برد شديدة
مصحوبة بسعال حادّ ما اضطر ابنه إلى نقله إلى
المستشفى لفحصه ووصف الدواء المناسب له و
إعادته بعد ذلك إلى المنزل .
اقتنيت الأدوية وقدمت للحاج الذي شرع في تناولها
دواء دواء إلى أن جاء دور صفيحة تحتوي على
عدد معين من التحميلات مرتبة على شكل صفوف.
تناولها العمّ مبارك بيمناه وقرّبها إلى عينيه وسأل :
و هذا الدواء كيف يؤخذ يا ترى ؟
لم يحظ الشيخ بإجابة وإنما لاحظ بعض الخجل و
الاستغراب على وجهي زوجته وابنها.أعاد طرح السؤال
موجها إياه هذه المرة إلى ابنه ، لكنه جوبه بنفس
الموقف مدعّما بانسحاب هذا الأخير ؛ ثم نادى على
إحدى المراهقين ، ولمّا لاح له بهيئة سرواله الهابطة
رغم تمكينه من شراء الحزام طلب منه بنبرة المتأسف
الانصراف والعودة من حيث أتى.وفي هذه اللحظة
دنت منه الحاجة فاطنة وهمست له بكلام في أذنه
جعله يقفز في مكانه ويحملق فيها بقوة، ثم يتمتم :
"والله لن أفعل، والله لن أفعل" .
ألحّت عليه الزوجة لكن دون جدوى ثم عاد الابن
وطلب منه التداوي بهذا الدواء الفعّال لتفادي الآلام
و المضاعفات.
لكن عمي مبارك أصر على رفضه بل طلب من زوجته
جمع متاعهما والتهيؤ للرحيل والعودة إلى الريف .
تدخل البكر وترجى والده أن يمكث إلى أن تتحسن أحواله
الصحية بما يقتضيه ذلك من تناول الأدوية الموصوفة بما
في ذلك هذه التحميلة فهي دواء مفيد لا يدعو للخوف ولا
للقلق .
استقام عمي مبارك و صوّب بصره نحو ابنه وقال :
انني يا بني ما استنكفت من هذا الدواء الذي وُصف
لي، إنما أبته نفسي و عافته جوارحي التي كما لا
يخفى عليك تعودت على غيره من الأدواء التي حبانا
الله بها في الريف ؛ واعلم يا بني أن الخشية ليست
من تحميلة تسري صوب الأحشاء فيها الشفاء وتسكين
الآلام و إنّما الخشية من التحميلة التي تسري إلى عقل
المرء فتجرده من حياءه واخلاقه بعد أن تجرده من
قمصانه وسراويله....... !!!!؟ ".


فهيم رياض 14 / 06 / 2013 58 : 12 PM

رد: التحميلة والسراويل الهابطة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهيم رياض (المشاركة 178471)

التحميلة والسراويل الهابطة .

الحاج مبارك شيخ يعيش في الريف، لم يزر الطبيب قط
ليس لأنه لم يمرض وإنما لاعتماده المطلق على الأدوية
الطبيعية كالعسل البري وزيت الزيتون والأعشاب الطبيعية
المجربة و لم يأكل إلاّ مما أنتجته يداه من خضر وحبوب و
لحوم و بيض وألبان ومشتقاتها.وقد حباه الله بأرض سخية
معطاءة ومنّ عليه بأم في صغره و بعد وفاتها بالزوجة
"فاطنة" عارفتين بفنون الزراعة والرعي والحياكة و
التطبيب إضافة إلى الاضطلاع بشئون البيت ورعاية
الأولاد .
أشد ما يربك عمي مبارك وينغّص عليه حياته أن يغادر

مضطرا عالمه الخاص به إلى وجهة أخرى و أن يتخلى
مكرها ولو للحظات عن رعاية مفردات هذا العالم كالزوجة
والأولاد والأرض والمواشي وأن يفارق مرغما الأصحاب و
الخلاّن. و ما فتيء في هذا الصدد ابنه البكر يدعوه لزيارته
رفقة والدته في بيته الجديد الكائن بالمقاطعة التي تبعد
عن الريف بـ 60 ونيف من الكيلومترات عبر الطريق
المعبدة و بـأقل من 25 كيلو عبر المسلك غير المعبّد الواقع
على الضفة الشرقية للوادي ،وما فتيء الوالد بدوره يواجه
ولده بوابل من الأعذار والتماسات التأجيل. وفي الأخير؛ و
لمّا شعر عمّي مبارك أن ابنه قد وجد في نفسه من رفض
الزيارة أو تأجيلها من قبله و خشي من أن يَفهم موقفه هذا
كشيء من عدم الرضا عنه؛ أذعن للطلب وقرر القيام بالزيارة
رفقة الحاجة فاطنة ولكن على متن عربته التي يجرها حماره
عبر المسلك الفلاحي .

وصل الوالدان إلى بيت ابنهما وبعد التحية والسلام و الجلوس
في الصالون أشار الشيخ بيده إلى حفيديه المراهقين بالقدوم إليه
ثم مد يده إلى جيب عباءته فأخرج منه ورقة من فئة ألف دينار
فمنحها إياهما وطلب منهما همسا شراء حزامين لشد سراويلهما
واقتسام الباقي بينهما بالتساوي.
ابتسم الولدان و توجها خارج البيت، ولم يعودا بعد ذلك
إلى الصالون وأصبحا يتحاشيا اللقاء المباشر بجدهما
غير أن هذا الأخير لاحظ أنهما لم يلبيا طلبه وبقيا على
نفس هيئتهما التي وجدهما عليها أول مرة .
تكدّر خاطر عمّي مبارك و تشنجت نفسيته، و
لم يعد يشغله إلاّ حال حماره و لا يفكر إلاّ في
الرّيف وأهله الذين أصبحت العودة إليهم مطمحه
الوحيد، ومما زاد طينه بلّة إصابته بنزلة برد شديدة
مصحوبة بسعال حادّ ما اضطر ابنه إلى نقله إلى
المستشفى لفحصه ووصف الدواء المناسب له و
إعادته بعد ذلك إلى المنزل .
اقتنيت الأدوية وقدمت للحاج الذي شرع في تناولها
دواء دواء إلى أن جاء دور صفيحة تحتوي على
عدد معين من التحميلات مرتبة على شكل صفوف.
تناولها العمّ مبارك بيمناه وقرّبها إلى عينيه وسأل :
و هذا الدواء كيف يؤخذ يا ترى ؟
لم يحظ الشيخ بإجابة وإنما لاحظ بعض الخجل و
الاستغراب على وجهي زوجته وابنها.أعاد طرح السؤال
موجها إياه هذه المرة إلى ابنه ، لكنه جوبه بنفس
الموقف مدعّما بانسحاب هذا الأخير ؛ ثم نادى على
إحدى المراهقين ، ولمّا لاح له بهيئة سرواله الهابطة
رغم تمكينه من شراء الحزام طلب منه بنبرة المتأسف
الانصراف والعودة من حيث أتى.وفي هذه اللحظة
دنت منه الحاجة فاطنة وهمست له بكلام في أذنه
جعله يقفز في مكانه ويحملق فيها بقوة، ثم يتمتم :
"والله لن أفعل، والله لن أفعل" .
ألحّت عليه الزوجة لكن دون جدوى ثم عاد الابن
وطلب منه التداوي بهذا الدواء الفعّال لتفادي الآلام
و المضاعفات.
لكن عمي مبارك أصر على رفضه بل طلب من زوجته
جمع متاعهما والتهيؤ للرحيل والعودة إلى الريف .
تدخل البكر وترجى والده أن يمكث إلى أن تتحسن أحواله
الصحية بما يقتضيه ذلك من تناول الأدوية الموصوفة بما
في ذلك هذه التحميلة فهي دواء مفيد لا يدعو للخوف ولا
للقلق .
استقام عمي مبارك و صوّب بصره نحو ابنه وقال :
انني يا بني ما استنكفت من هذا الدواء الذي وُصف
لي، إنما أبته نفسي و عافته جوارحي التي كما لا
يخفى عليك تعودت على غيره من الأدواء التي حبانا
الله بها في الريف ؛ واعلم يا بني أن الخشية ليست
من تحميلة تسري صوب الأحشاء فيها الشفاء وتسكين
الآلام و إنّما الخشية من التحميلة التي تسري إلى عقل
المرء فتجرده من حياءه واخلاقه بعد أن تجرده من
قمصانه وسراويله....... !!!!؟ ".


...................................
.....................................
......................................

د. محمد رأفت عثمان 26 / 09 / 2013 33 : 07 AM

رد: التحميلة والسراويل الهابطة
 
أخي أ. فهيم
شكراً لإثارتك موضوع البنطال الهابط و الذي يثير في كل مسلم يتصف بصفة الحياء الكثير من مشاعر الألم و الحرقة و الغضب , و إن سألت الشاب أو الفتاة فإن جوابهما على ذلك : هي الموضة , و بالرغم من تحملهما الوزر في ذلك إلا أن هناك حقيقة أخرى و هي أن أن التجار الذين لا يخافون الله عزوجل هم الذين يدفعونك للبس هذه الألبسة غير المحشومة و ذلك لأنهم يبحثون عن الربح لا إلى إرضاء الله عزوجل بتفصيل اللباس الذي يرضيه سبحانه و هذا بدوره يجبر الشاب و الفتاة أن يشتريا البضاعة الموجودة في السوق و التي لا يجدون غيرها في غالب الأحيان .

فهيم رياض 26 / 09 / 2013 23 : 03 PM

رد: التحميلة والسراويل الهابطة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. محمد رأفت عثمان (المشاركة 183440)
أخي أ. فهيم
شكراً لإثارتك موضوع البنطال الهابط و الذي يثير في كل مسلم يتصف بصفة الحياء الكثير من مشاعر الألم و الحرقة و الغضب , و إن سألت الشاب أو الفتاة فإن جوابهما على ذلك : هي الموضة , و بالرغم من تحملهما الوزر في ذلك إلا أن هناك حقيقة أخرى و هي أن أن التجار الذين لا يخافون الله عزوجل هم الذين يدفعونك للبس هذه الألبسة غير المحشومة و ذلك لأنهم يبحثون عن الربح لا إلى إرضاء الله عزوجل بتفصيل اللباس الذي يرضيه سبحانه و هذا بدوره يجبر الشاب و الفتاة أن يشتريا البضاعة الموجودة في السوق و التي لا يجدون غيرها في غالب الأحيان .

أولا وقبل كل شيء اشكرك دكتور عثمان شكرا جزيلا
على نفض الغبار على موضوعي هذا الذي أعتقدت أنه
قد ووري الثرى وبات نسيا منسيا .
ثانيا ما جاء في تعليقك هو عين العقل والصواب دكتور
وبارك الله فيك .

سلمان الراجحي 26 / 09 / 2013 11 : 06 PM

رد: التحميلة والسراويل الهابطة
 
أخي العزيزأ.فهيم رياض...السلام عليكم

رائعة عاداتنا وتقاليدنا التي يتصف بها الاجداد...

والتي باتت نسيا منسيا وأصبح يشار لها بالتخلف...

لهذا فقدنا حاضرنا ومستقبلنا لأننا تخلينا عن ماضينا...

فكرة جميلة سعدت بقرائتها...

تحياتي وتقديري...

أخوكم سلمان الراجحي

فهيم رياض 26 / 09 / 2013 16 : 11 PM

رد: التحميلة والسراويل الهابطة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلمان الراجحي (المشاركة 183456)
أخي العزيزأ.فهيم رياض...السلام عليكم

رائعة عاداتنا وتقاليدنا التي يتصف بها الاجداد...

والتي باتت نسيا منسيا وأصبح يشار لها بالتخلف...

لهذا فقدنا حاضرنا ومستقبلنا لأننا تخلينا عن ماضينا...

فكرة جميلة سعدت بقرائتها...

تحياتي وتقديري...

أخوكم سلمان الراجحي

بل أنا الأسعد بهذا الرد الجميل .
يمكن لرحلتنا من الماضي نحو
الحضر أن تشوبها بعض الأخطاء
لكن لا يمكن أن تكون كلها عبثا ودون
جدوى وهكذا لايحق لأنسان الحاضر
أن يتجاوز كل الخطوط الحمراء ولا
يتقيد بكل القواعد والضوابط ، وأن يقبل
كالبالوعة الغث والسمين والطاهر والدنس
من الأمور التي تأتيه من غيره .
تحية وتقدير مع الشكر الجزيل على قراءة
موضوعي والرد عليه .


الساعة الآن 34 : 03 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية