منتديات نور الأدب - (( لماذا اغتالوا " الزورو " ؟! ))

اغتيال المسؤول في حركة فتح العميد فتحي زيدان https://www.lbcgroup.tv/news/259632/...D9%81%D9%8A/ar

كنت أعرفه رغم فارق السن بيننا بحكم جيرتهم لأقرب الناس إلي ، أختي.
كنت اراه بالقرب وهو ما زال طفلا صغير ، كان يعيش مع أهله في ظلال السرّوُ وأشجار الصنوبر
في بيت من بيوت مخيمنا الهادئ الوادع كهدوء ووداعة تلك القرية الواقعة شرق مدينة صيد
" المية ومية " والتي كتب عليها أن تحتضن بعض العائلات الفلسطينية التي أجبرها العدو على
اللجوء في العام 1948 ، كان طفلا متقد الذكاء يغني دائما مع أترابه بمناسبة وغير مناسبة
لفلسطين على الدوام ، يصنع كما أطفال المخيم بنادقهم من عيدان من خشب إن وجد وكان
من حظه أن بندقيته أكبر حجما من باقي البنادق وكان فرحا بأن ذخيرتها لا تنفذ ؛ في أحد الأيام
نادته جدتي وقد نفذ حطبها وأغرته بطبق الأرز بالحليب ليعطيها قطعة الخشب تلك لتكمل طبيخها !
و أم رشيد تعلم أن جميع الاطفال لا يردّون لها طلب، حتى لو لم تغريهم بحلوها .. !

لما عرف بمكيدتها اقترب منها وقال يا جدتي اعذريني ، بم سأحارب الأعداء إن اعطيتك سلاحي
بالرز بحليب ؟ لا والله لن أفعل ولو كان مطبوخا بالزبيب! فهذه بندقتي ولن أتخلى عنها حتى نعود " لحيفا "
وبقيت البندقية في كتفه حتى امتدت يد الغدر وطالته بحقدها .

كان رحمه الله أول المتطوعين والتحق بالعمل الفدائي عندما سُمح له رغم صغر سنه فخضع لعدة دورات
عسكرية وتنظيمية وأصبح كادرا من الكوادر القيادية في تنظيم فتح وارتقى وكان مثالا في الخلق
ومثالا يُحتذ بالتعامل مع أبناء المخيم والمحيط فأحبته الناس .
وعندما أجبر على الدفاع عن شعبه في المخيم كان أول المدافعين وأشدهم .. ومع ذلك كان ودودا
مخلصا ليس له مبغض ولا كاره فلماذا اختاره ليقتلوه ؟
كان مختارا بدقة، كهدف لإشعال فتنة بين فصائل المقاومة في المخيم ، كان القاتل يتوقع ردة فعل عنيفة
من التنظيم الذي ينتمي اليه أو من الأشخاص الذين يحبونه وغير منضبطين ،
كان الاغتيال مخططا ليقال أن تنظيمه مخترق لإشاعة الشك في العموم ؛ وإشاعة الخوف والفوضى
التي يعمل لها فريق تغلغل داخل المخيم في زمن الفوضى ، وسيطر على بعض نفوس الجهلة ، فريق
يحمل نفس أهداف العدو ولكنه مموها بلحى طويلة وسراويل لم نكن نراها إلا في قندهار!

رحمك الله يا فتحي زيدان، رحمك الله يا من كنت تخجل إن قالوا لك " سيادة العميد " وارتضيت لنفسك
اسما حملته منذ أيام طفولتك وأحببته " الزورو " كنت خفيف الظل مرحا محبا لقضيتك وشعبك وكنت
سيد الشجعان عندما يناديك الواجب ، فارتفعت قامتك ورفعك شعبك على الأكف شهيد بكتك نساء المخيم
بعد الرجال وخرجت تشيعك بالألوف في جنازة مهيبة لم تُطلق فيها طلقة رصاص واحدة وعمل رفاقك
الذين أحبوك بوصيتك بأن لا ينجروا خلف الشائعات فاستحقوا منا من شعبنا كل احترام وتقدير بالرغم
من عظم المصاب وفداحة الخسارة ، ولكن .. هذا هو طريق النضال وشعبنا يستحق التضحية ويستحق
أن يُحرص على أمنه ممن كانوا مناضلين وعلى مثال " الزورو " . رحمك الله يا فتحي زيدان .
والمجد والخلود لشهداءنا الأبرار .