![]() |
حين تهمس الآيات.... د.نوال بكيز
الهمسة الثانية:
حين تنصت لقوله تعالى: ((انا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم ايهم احسن عملا و انا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا. )) سورة الكهف آية: 7. تحس ان هذه الآية توقظ قلبك، لتهمس لك: بأن الحياة الدنيا هي دار ابتلاء و عمل، و الآخرة هي دار قرار و جزاء، و من تم فإنه لا يجب التعلق بالحياة الدنيا و زينتها، لأنها فانية. بالمقابل يجب الحرص على التعلق بالحياة الآخرة و العمل لها، لأنها هي الباقية. من خلال هذه الآية تمتد الأرض أمامك كثوب رائع الجمال، حيث الزهور تبتسم، و الضوء يرسم لوحة الحبور ، تغري العيون ببهائها، و تدغدغ القلب باحلامها ، لكن وسط هذا الجمال و البهاء، ينبعث من داخلك صوت كنسمة فجر، يذكرك بأن الجمال الذي ابهرك، و الزخرف الذي فتنك، ليس غاية في حد ذاته، بل رسالة من الله، تذكرك بأن في كل نعمة اختبار، و في كل زينة سؤال . فهل ستسجد للمظهر في غياب الجوهر، ام ستستحظر الجوهر ليتوارى سحر المنظر؟ خصوصا اذا علمنا - أيها الأعزاء - أن الزينة ليست وعدا بالخلود، بل هي سؤال الوجود. فيامن يمشي وراء الزينة و الزخرف مغترا، غافلا، متلذذا. تذكر أن كل ما على الأرض من زينة، قد يغيب غدا، حين يذبل اللون و يصمت النور. تذكر أن كل ما على الأرض من زينة، إنما هو ابتلاء عظيم (( لنبلوكم ))، ليميز الله من تمتد يده بالشكر و العرفان، و من تمتد يده بالجحود و النكران . تذكر ان كل ما على الأرض من زينة، - طبيعة جميلة، مباهج، منصب، مال، قوة، جمال...- هي مؤقتة، و الى زوال، لأنها ليست اصيلة في ذاتها، بل هي مجرد عارية، قد تمنح لك، و قد تسلب منك، و ميزان التفاضل، ليس الأجمل مظهرا، و ليس الأكثر عرضا، بل الأحسن و الأجود عملا، (( أيكم احسن عملا )). فهل نحن من الشاكرين، المتعبدين؟ هل نحن من المتدبرين، العاملين، المعتبرين؟ هل فهمنا فلسفة الحياة التي اختزلتها هذه الآية؟ هل جعلنا كل نعمة سلما إلى ألله لا حجابات عنه؟ هل اتقنا فن النظر بالبصيرة، لنرى في كل زائل دلالة على الباقي، و في كل عابر طريقا إلى الأبدي؟؟!!.... |
| الساعة الآن 05 : 04 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية