عرض مشاركة واحدة
قديم 05 / 01 / 2011, 47 : 02 PM   رقم المشاركة : [3]
محمد حليمة
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية محمد حليمة
 





محمد حليمة is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: ( رسائل بلا عنوان ) .. الفتى السوري محمد حليمة


( الرسالة الثالثة )


المُرسِل : ساعي بريد العشاق
المُرسَل إليه : المَنسيّ

ـ أي بنيّ .. تستغرب إن بدأت كلامي داخلا دخولا فظا في الموضوع ، قبل السلام
وقبل السؤال عن الحال ، وذلك يا ولدي، لأني أعرف المآل ، ربما أكثر من صاحب
الأمر نفسه . فبحكم عملي كساعي بريد للعشاق، صرت أعرف دون عناء، العاشق
الذي ينعم بالسعادة ، من ذاك الذي يتقلب على وسادة الشقاء .وصارت خبرتي في
هذا المجال كبيرة ، بحيث أستطيع أن أجزم أن معارضتي في عملي ، من الأمور
العسيرة ، فصبرا عليّ يا بني إن وجدت في كلامي التالي ما يزيد داءك داء، وقرّ
عينا ولا تحزن، فقد تجد عندي ما يناسب حالك من الدواء .
أما بعد .. لمّا غيّرتَ سكنكَ يا بني ، وقصدت حلاً جديداً في مدينة أخرى، ولمّا
كانت ظروف عملي لا تسمح لي أن آتي إليك مسافرا ، كان لزاما عليّ أن أراسلك؛
فكتبت لك هذه الرسالة، مشفعا إيّاها باعتذار مني لكَ ، لعدم تمكني من إيجاد
عنوان محبوبتك . سأصدقك القول يا بني .. فإني لم أستطع أن أوصل رسائلك
إليها، فقد قيل لي أنها انتقلت من سكنها القديم ـ وعلم الله يا ولدي ـ أني لم آل
جهدا في البحث عن سحرك الشرقي ، فاضطررت أن أكتب لك بهذا المعنى .
وأعلم أنك تسائل نفسك الآن عن سبب رسالتي هذه ، ولماذا لم أكتف بسطرين أو
ثلاثة . لا تحار يا بني ، فليس غرضي ـ علم الله ـ أن أزيد من حيرتك، أو أثير
حفيظتك، إنما غرضي أن أقدم لك النصح ، واصفا لك الداء وقد أبتاع لك الدواء.
إني أستطيع الآن أن أشمّ رائحة غضبك ، وغلي مجمرك ، لأنك أوشكت أنْ تصل
إلى آخر رسالتي ولم تجد النصح ، ولا الداء ، ولا جرعة الدواء ... إني يا بني
آثرت أن أؤجل نصحي ووصفي وجرعتي ، لتقرأه في رسالتي القادمة إليك ،
والتي سأكتبها لك إما ناصحا ومشخصا ومداويا ، وإما ضاربا عرض الحائط كلّ ما
وعدتك به ، وذاكرا لك عنوان محبوبتك الجديد ، الذي سأظلّ أبحث عنه حتى أجده
، أو أموت دون ذلك .. ولا تستغرب ذلك يابني ،إنّ سرّ اندفاعي هذا ، وسرّ
اهتمامي بك، وبأمرك، هو ما رأيتُ في عينيكَ أوّل مرّة عندما سلمتَ لي الرسالة
لأوصلها إلى حيث تريد؛ ذلك اليوم رأيتُ في عينيك عزمَ الفارس الذي لا يُشق له
غبار ، وتصميمَ مَن يريد أنْ يمسح عن جبينه العار ،ممّن مسّ عرضه أو دنس
أرضه، من الغادرين الأشرار ، أحسست في خطوط يدك وهي تسلمني الرسالة،
متاهات، تريد أنت صادقا الخروج منها،وفي نفس الوقت أحزنتني الحيرة ُالتي
كانت تملئ عينيك،وذهابُ النضرَة من وجنتيك.. فعرفتُ ـ بما منحني الله من
بصيرة ـ أنكَ شابٌ تُعاكسكَ الأقدار ، واخترتَ بملىء إرادتك أنْ تمشي عكس
التيار.. لكنـّك فتىً تملك ما يكفي من الإيمان، لتحقق ما تريد ، وتصبوَ إلى مرامك،
حتى ولو لم تنله إلا وأنتَ ميّتٌ أو قتيل ، لكنّي أبشّركَ ـ يا بني ـ أنّ مَن يموت دون
حبّه.. هو شهيد . وإلى أن تصلكَ رسالتي القادمة ، أترككَ بين رحمة وعذاب ،
وأنصحك بالإكثار من مُنادمَة الأصحاب ، عـلـّكَ تنسى ولو إلى حين، ما بك من
مصاب .... والسّلام .

5 / 1 / 2011
كانون الثاني
توقيع محمد حليمة
 إنّ الـحـياة لا تقـف عـند مرض ٍ، أو نـائـبَةٍ ، أو حـِقـبة تـاريــخ ٍمـَريــر ..
فـمــا هـي إلا حـواجـز ، خـُلـقـتْ فـي طـريـقـنـا الـطـّويـل ..
ولا بـدّ لـنـا إلا وأن نـمُـرّ عـلـيـهـا ...
فـتجـلـدْ إنّ الـطـّريـقَ مـا يـزالُ طـويــلا .
محمد حليمة غير متصل   رد مع اقتباس