عرض مشاركة واحدة
قديم 02 / 12 / 2011, 50 : 09 PM   رقم المشاركة : [18]
فابيولا بدوي
شاعرة وكاتبة صحفية

 الصورة الرمزية فابيولا بدوي
 





فابيولا بدوي is a jewel in the roughفابيولا بدوي is a jewel in the roughفابيولا بدوي is a jewel in the roughفابيولا بدوي is a jewel in the rough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: [you] حفل تأبين الأديب والشاعر الفلسطيني الكبير طلعت سقيرق (الدخول هنا)

لم يرحل فأنا انتظر تهنئته بالعام الجديد

صعبة تلك اللحظة التي نضطر فيها إلى التأكيد على فراق الأحباء والمقربين. والأكثر صعوبة هو ما نشعر به حينما نجد أنفسنا حائرين ما بين مشاعر الوفاء وبين أن نغرق في أوهامنا بأن من نحبهم لايزالون على قيد هذه الحياة.. هي مشاعر متضاربة لابد وأن تعصف بنا كلما ارغمنا على تصديق ما لا نريد أبدا أن نصدقه. بالنسبة لي لازلت لا أصدق أنا سنوات عمري الباقية سوف تمر من دون أن أنتظر رسائله، بل على العكس تماما كلما قارب العام على الانتهاء أجدني أنتظر رسالة التهنئة الأولى التي تصلني منذ سنوات طويلة من أقرب أصدقائي بل من أقرب الناس إلى حياتي وتفاصيلها، شيء بداخلي يؤكد لي أن طلعت لن يخذلني وأنه سوف يرسلها لي ولأولادي كما تعود أن يفعل دائما. إني أنتظرها وأعلم أنها لن تصلني بعد الآن. لقد كان دائما يلتمس لي الأعذار حينما أغيب لبعض الوقت، فهل علي الآن أن ألتمس له عذر غيابه عنا طويلا؟؟ لا أدري قد أفعل وقد أثور على الزمان وعلى الأيام وعلى هذه الحياة التي تجعلنا نلاقي ونفارق من دون إرادتنا.
سبحان الله الذي له الدوام، وسبحان الله الذي يجعل في بعض الأحيان آخر الكلمات العابرة بين المقربين وصية باقية.. في آخر رسالة بيني وبينه كنت أشكو من الارهاق اليومي ومن كآبة التفاصيل الحياتية، كنت أشكو من الكثير الذي يؤرقني وقد كان يعي ويعرف تماما مما أشكو تحديدا. كتب لي رسالة مطولة يجيبني بها وفي آخرها قال لي تذكري دائما كلما ضاقت بك الأيام هذه الأبيات، أحفظيها عن ظهر قلب وردديها باستمرار في داخلك:
قال السماء كئيبة وتجهما .... قلت ابتسم يكفي التجهم في السما
قال: الليالي جرعتني علقما قلت: ابتسم و لئن جرعت العلقما
فلعل غيرك إن رآك مرنما طرح الكآبة جانبا و ترنما
فجأة بعد هذه الرسالة بأسابيع توقف الرسائل بيننا وتوقف الزمن بين يدي للحظات حتى يمكنني من استيعاب ما أسمع. وصارت لهذه الأبيات مكانا مغايرا في أعماقي، باتت أيقونتي التي تحميني في أوقات الشدة.
هذا هو الجانب الذي يجب أن يضاف إلى ما يجسده طلعت سقيرق الشاعر والقاص والأديب، فهناك إلى جانب هذا كله طلعت سقيرق الصديق والأخ شديد الشفافية والقدرة على العطاء واستشراف الآتي، هي هبة من الله بالطبع، ولكن الله جل جلاله لا يخص بها كافة عباده بل يختص بها أناس دون سواهم. وقد اختصه الله بالكثير فكان عطائه لكل من اقترب منه بلا حدود. وأنا اليوم حينما أتحدث عن طلعت فأنا لا أتحدث شاعر أحببت كلماته ومعانيه ولا أكتب شخص جمعتني به الصدفة وصار بيننا لقاءات وأحاديث... بل أتحدث عن خمسة عشر عاما من عمري هي أيضا عمر علاقتي بطلعت صديقي وقارئي الأول وناقدي الذي لا يجامل وأستاذي الذي تعلمت منه الكثير. خمسة عشر عاما عملنا فيها معا وتشاركنا في كتابة العديد من الأفكار وحلمنا معنا بل وحلقنا بأحلامنا في سماء الثقافة ونسجنا من نجومها واقع ثقافي مغاير لما نحياه اليوم. نعم كانت أحلاما وكنا نعرف أنها لا تعدو أن تكون كذلك ولكننا تمكنا معا أن نقفز كثيرا على الواقع وأن نملك ناصية الحلم لنا وللآخرين، وهو ما يعجز عنه الكثيرون في زمن العبث الذي نحياه.
اليوم لا أعرف هل بات علي أن أحلم وحيدة أم أن أكف عن الأحلام؟
لا أتصور أني قادرة على أي الاجابة على مثل هذا السؤال أو غيره في الوقت الراهن، فأنا الآن
لا زلت أنتظر رسالة طلعت في نهاية العام يتمنى فيها عاما جديدا سعيدا علينا وعلى كل من نحبهم في هذا العالم.
فابيولا بدوي غير متصل   رد مع اقتباس