رد: ما ينبغي ان يقال عن الثقافة والمثقفين!!
تفتقر بعض البلدان العربية من نظام جامعي أو مهنية لتكون الأرشيفيين خاصة دول الخليج ، بينما تعاني جل مؤسساتها الإدارية والسياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية من تراكم الأرشيف بدون معالجة علمية تسمح باستغلاله كذاكرة رسمية قبل أن تصبح مع مرور السنين مصدراً لكتابة التاريخ. والنقد والأدب ، وفي نفس الوقت، انتقلت البلدان الغربية، التي وضعت منذ عشرات السنين برامج لتكوين الأرشيفيين (بكتابة التاريخ والافتصاد والنقد والعلوم الأخرى ...!
من الأكيد أن ثقافة هذا القرن الجديد يجب ان تكون ذات ثقافة مغايرة للثقافة الحالية من حيث الوسائل والأدوات والامكانيات الأمر الذي سيفرض تقنيات حديثة قد لا تتوفر لكل الفئات مما يفاقم التفاوت الثقافي بين الدول وبين الشعوب والأفراد وقد يحتم في ذلك حشد من الطاقات مع قيام تنسيق كل ما هو ضروري بين الثقافة العربية لمواجهة هذه المشكلة
وقد صدر مؤخرا كتاب «وأد مقومات الابداع بابداع مؤلفه ابراهيم البليهي» بترسيخ الشعور لدى الناشئة والأجيال الجديدة بالاعتزاز بالهوية الثقافية والابداعية وتنمية تفكيرهم العلمي وتشجيعهم على الابداع والحوار والتحليل واحترام الرأي الآخر والتحلي بالتسامح والقيم التي يزخر بها تراثنا وثقافتنا ونبذ كل اشكال التعصب والانطواء والانعزال عن مجريات العصر.. مع التأكيد على لغة الحوار ما بين الثقافات والحضارات على قاعدة الندية والاحترام كوسيلة من أهم الوسائل لاقامة علاقات وطيدة وتحقيق تفاهم اوسع ورسم مستقبل إنساني مشترك بين الأمم وا اسباب ندرة الابداع كما عللها الاستاذ ابراهيم البليهي في المجتمعات العربية فيرجعها الى ان الناس يعتبرون مصير الانسان يتحدد بولادته وبما يرثه من ابويه من صفات.. فالفرد في العرف العربي يولد ناجزا وحظه في التفوق والابداع ليس مرتبطا بجهده وكسبه او بما يحيط به من مؤثرات وهو مرتهن بتكوينه الجنيني السابق لوعيه وهو اما ان يولد بموهبة تفيض تلقائيا دون ان يكدح او ان يبقى لا امل له في انجاز اي ابداع وقد يواجه ايضا موهبته المستكنة ويستثير الابداع عنده بعد ان يتقدم به العمر ويعتبروه نابغا وامعانا في اغفال العوامل الخارجية واهمال دور العقل المكتسب مع انه هو العقل الأهم الذي بتفاوته يتفاوت الافراد وتتفارق الامم فالذي لا يبدع ولا يتفوق في المهارات التي يحددها النشاط الذهني والبدني في المراعي الجيدة لفيافي التعامل مع الأشياء يكون الدور الأبرز والأثر الحاسم للاهتمام والجد والرغبة مع مجالات الفن والفكر والعلم والتقنية والادارة والعمل
فالمتفوق او المبدع او الماهر في المجتمعات المتقدمة هو الذي يحيل تفوقه او ابداعه الى جهد ومباشرة وعزيمة كذلك المهارة هي التي تتطلب الجهد ويستلذ بالتعب ويذهب معه الوقت دون الشعور به كذلك هي حياة مبدعين مثل دوستويفسكي كمثال حي على انه ذو فيض تلقائي قد ينساب مترعا بالموهبة والابداع والتفوق والانجاز في الأدب والنقد الذاتي والموضوعي الصادق والبحث عن الحقيقة في الأراشيف المبعثرة والمزورة
الحقيقي وهو ايضا ومعه مجموع القابليات الانسانية نظام معرفي قد تتحدد به معطيات الواقع وقد تتشكل فيه قابليات الأفراد في المجتمع الى الأفضل دائما.
لشعوب
لابداع خارج مهام التعليم وكذلك المدارس او الجامعات لم تخرّج مبدعين ولكنها تقدم الدارسين للمعارف الجاهزة فبرناردشو لا يحمل صفة الدكتوراه في الابداع المسرحي وهو ذاته لم يتجاوز الدراسة الابتدائية ولكن هو وحده الابداع الذي اعطاه هذا الصليل في الألقاب في الابداع المسرحي. الأمر كذلك ينسحب على شارلي شابلن ممثل الكوميديا المبدع وساعي البريد المبدع «أموس توتولا» وفي الكمبيوتر «بل جيتس» وعالم الاناسة «لويس مورجان» و«كولن ولسون» في اللامنتمي و«دوستويفسكي» الروائي الفيلسوف وهو المهندس الفاشل ونصير الفقراء وهذا الأمر ينطبق اصلا على «همنجواي» مضطرم العبقرية ومبدع الكهرباء «فراداي» والمبصر بعمى الألوان« دالتون» وسقراط مؤسس علم الجهل وبزاز الذي ايقظ اوروبا «ليفنهوك» وآخرون كان لهم الدور الأساسي في بناء الحضارة فئة المفكرين الباحثين عن الحقيقة المجردة وهم لا يطمعون في كسب عاجل او مغنم مادي وانما هم عشاق لمعرفة الحقيقة في هذا البيد الكوني والانساني وفئة المتميزين وهم ايضا افراد يعشقون الحقيقة عشقا عظيما ولكن عشقهم للحقيقة لا يشغلهم عن الانغماس في الحياة العامة فيحاولون ان يوظفوا معرفتهم خدمة للمجتمع والعلمية والارتقاء بذلك بمستوى الحياة والعيش وهو الأكثر نفعا للمجتمع والأشد تأثيرا على مسيرة الحضارة الانسانية ا
ما عن الفئة الثالثة فهي فئة القياديين الذين لا يهتمون بالحقيقة ولا يسعون للمعرفة ولا تشغل بالهم مصلحة المجتمع ولا خير للبشرية ولا مستقبل معهم فهم لا يؤثرون ايضا على الناس وانما يملكون صفات قيادية قوية مؤثرة قد تتيح لهم التأثير الشديد على الآخرين فينقادون لهم وهم فئة قد تؤثر وقد تقود المجتمع باتجاه الاختلاف والتمزق والتدهور والانحطاط وفي ذلك كارثة وخيمة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر عند كل الأمم وهم من يؤدون الابداع والحياة
في أعلى مستوياته.
فـدور الناقد في تحديد أسلوبه النقدي هو أنه في هذا المجال يربط بين المدارس والتيارات ويحدد المصادر والأصول ويعين خصائص كل اتجاه ويقارنه بالواقع أو بالقواعد الكلاسيكية أو بالفلسفات الشائعة. " وللناقد دور آخر يتلخص في أنه "دور تـاريخي فهـو يسـترجع الاتجاهات والطرز ويتحدث عن تأثير الفن من حضارة ما على فن حضارة أخرى. " أمـا الدور الثالث فهو دور إرشادي ليس كون الناقد معلما ولكن في بعض المراحل يكـون للناقد دور في تغذية اتجاه فئ معين وتوجيهه وتشجيعه. يبحث عن مصادره المقنعة... والملمة
بأسلوب ممتع
وتعتبر الكتابة النقـدية مهمة صعبة، إذ ينبغي أن يتحلى كاتب المقـال النقـدي بقدر عالي من المعرفة في مجالات عدة، مثل: تاريخ الفن، وتاريخ النقـد الفـني، وعلـم الجمال، وأن يكون مطلعا ومتواصلا مع المنجزات الفنية المعاصرة محليـا وعالميـا، وأن يتعرف على كل جديد في الخامات والممارسات الفنية والتطورات الحاصلة في الفن المحلي والعالمي والمستجدات في المجالات الفكرية الأخرى. وأن يكون كذلك قادرا على صياغة أفكاره بلغة أدبية رفيعة. هذا بالإضافة إلى درايته بالنقد الفـني، مفهومـه، وقواعـده، ومناهجه، وأصوله، وخطواته، ووظائفه، ودوره في المجتمع. ثم يسجل إبداعه وتحركاته وقواعده الجديدة
إن امتلاك الناقد لكل مقومات، التحليل والجرأة بالإضافة إلى مواظبته على قراءته وإلمامه وكتاباته وإنتاجاياته الإبداعية سيمكنه مـن تحليل ووصف وتفسير الأعمال النقدية ومن ثم إصدار أحكام على قيمتها، الأمر الـذي يجعل قارىء المقال النقدي أكثر قدرة على فهم العمل الفني وأكثر إدراكا لقيمته.
وأعود وأفول نحن أمة نفتقر للثقافة قد يكون الخوف أو كثرة القباديين على المبدعين والمثقفين وتعذيبهم من أجل كلمة حق لكن يظل المفكر والمبدع والناقد الصادف الملم له مصداقيته التي تشع ويخاف منها البعض فتسمى بشعارات مغايرة تماما وليس لها صلة بعقلية المفكر أو الناقد المتمكن.. حتى نسأل أنفسنا أين هو العقل السليم ولما لا نقول ما لا نفعل ولما نحن أمة لا نقرأ !
المفكر الرائع نبيل عودة هذا المقال الرائع والذي قرأته عديد..عديد ..من المرات ..وبُهرت به ...جاء كجسر يؤدي إلى مقالك ( ظواهر مقلقة في ثقافتا ) عندما كشفت على أنه ليس للمثقفين فقط ولكن يفتفر للمفكرين والمدعين بصورة فعلية للنقاد حتى توسعت لو القليل من مداركنا
لك مني أحلى الأمنيات ..والأمسيات.. والأوقات
دمت بخير وسلم قلمك المتألق المفكر ...
موضوعك مثير جميل قرأته العديد من المرات وكنت أتمنى أن أكتب الأفضل أو أشاركك بشيء قد يقدم للثقافة نقطة في بحر الفكر ولكن يوما عن يوم أحاول أن أقترب أكثر والرجاء بالله ليس ببعيد
عفوا على الإسهاب ولكن قلمي دوما يقودني حيث ما يشاء.. فيُسهب ويحلّق لكاتب المقال ...
أرجو أن أكون قد أصبت
سأعود إليك في مقال ( ظواهر مقلقة في ثقافتنا) ...
شكري وتقديري لأدبك الراقي والرائع المميز....
خولة الراشد
|