الأخت العزيزة غانية حفظك الله
جزاك الله خيراً على طرح هذا الموضوع الذي تفشى في مجتمعنا ويحتاج إلى صفحات للحديث عنه , كنت قد قرأت هذه القصة الفظيعة بإيميل وصلني .
لقد أنعم الله علينا نعم كثيرة : قال تعالى : ( وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها ) ... ( النمل : من الآية 18 )
وقد تنوعت المخترعات والآلات النافعة في هذا الزمان بل كثرت بشكل كبير وهذا من نعم الله تعالى على الإنسان فيجب علينا أن نغتنم هذه المخترعات بما يعود علينا بالنفع والفائدة , لا أن نجعلها للإنتقام والضرر بنا وبغيرنا .
ولكن للأسف الشديد نجد بعض النفوس الضعيفة من استغل هذه الأمور الحديثة فيما يغضب الله تعالى ، ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما نراه من بعض الناس من استغلالهم السيء للهاتف الجوال المزوَّد بآلة التصوير ، إذ يقوم بعض الذين لم يخافوا الله تعالى حق الخوف بتصوير النساء وغير ذلك وإرسال هذه الصور إلى الآخرين ..أوتصوير النساء وإرسال صورهم إلى أزواجهم أو ذويهم بقصد التشهير .
ولاشك أن هذا الفعل من الأمور المحرمة التي تنبئ عن قلة خوف من الله تعالى فقد قال الله تعالى : {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}(الأحزاب:58) ، فمن الذي يرضى أن تصور ابنته أو زوجته أو أخته ثم تنشر هذه الصورة بين الناس مع إضافة تعليق مخل ، ألم يسمع من يفعل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) وفي حديث آخر في الصحيح مسلم : (( فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه .. )) ومعنى وليأت : أي عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك .. وفي نشر الصور السيئة تشجيع للغير على المعصية وتزيينها له والله تعالى يقول : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} (النور:19) .
ولا يشك إنسان أن هذا الاستخدام السيء لهذا الجهاز حكمه التحريم ؛ إذ فيه إيذاء للناس والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (( لا ضرر ولا ضرار )) وفيه نشر للمعاصي والمنكرات ؛ فيكون على الإنسان وزر هذه المعصية ووزر من أرسلت لهم هذه الصورة
لأن التكنولوجيا وصلت لحد لا يستطيع أحد ضبطها، فهناك ساعات وولاعات سجائر أصغر في حجمها من الجوالات، تحتوي على كاميرات تصوير؛ ولذلك فالحل ليس في منع دخول الجهاز إلى بيوتنا ؛ لأن الخطأ في الاستخدام وليس في الجهاز، ولا يعقل أن نتجنب استخدام كل تطور تقني بدعوى أن له مضارّ؛ فالإنترنت لها مضار مثل المواقع الإباحية، ولكن لا يستطيع مجتمع متطور أن يعيش بدون إنترنت
ولكن الفراغ الفكري والأخلاقي وضعف الوازع الديني هي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى سوء الإستخدام , ثم يأتي بعد ذلك دور الوالدين في التربية حيث
يجب تقديم النصائح للأبناء بأن التكنولوجيا هي نعمة وعلينا المحافظة عليها وألا نجعلها نقمة قد تعود علينا بالويلات والحسرات لكن بالنسبة للأخت لماذا تتعرى أمام شقيقتها حتى لو كانت أختها وقد حرّم الله سبحانه وتعالى كشف العورة حتى بين النساء , وليس بمستبعد أن يكون الشاب الذي انتهك حرمة هذه الفتاة البريئة لمجرد الإنتقام لعدم تجاوب شقيقتها ( حبيبته ) لما قد طلب منها , أما عن هذه الأخت التي قامت بتهديد أختها وفضحها في النهاية فالخوف الذي أصبح ملازم لها جعلها تنتقم أشد انتقام من شقيقتها , فالموضوع يتعلق بالتربية والأسرة، فالتفكك الأسري بعد ضعف الوازع الديني أحد أسباب ما حصل إذ نلاحظ انشغال الأب والأم عن الأبناء وعدم مراقبتهم بشكل مستمر واتكالهم أحياناً على الخدم , و لعدم تطبيقنا أخلاق ديننا الإسلامي، الذي نهانا عن تتبع العورات، والتجسس على الناس في أدق خصوصيّاتهم، لدرجة أنه أجاز فقأ عين من يتجسس على قوم بغير رضاهم.
أحياناً نلاحظ في الأماكن العامة التي تتوافد إليها النساء يتم تصويرهن سراً لاستغلال هذه الصور بضغوطات أو مساومات دنيئة، لا يدل إلا على نوعية من قام بالتصوير ومن روّج الصور الفاضحة لأبرياء لا يعلمون ماذا كان يخفي لهم نفر من المنحرفين نفسياً وأخلاقياً واجتماعياً.
ويتوعد النبي – صلى الله عليه وسلم – أولئك الذين يتتبعون عورات الناس ويبحثون عن معايبهم فيقول صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته"
وعلى المرأة ألاّ تمنح الفرصة لأحد؛ فليس معنى تواجد المرأة في مجتمع نسائي أن تظهر بملابس تحطّم كل ساتر، فالله لن يفضح إلا من فضح نفسه لكي يتحقق قول القائل: لا حياة لمن لا حياء له.
وللإعلام دور كبير الذي من المفترض أن يدين هذه الأعمال ويحاربها، أما الأهل فيقع على عاتقهم الجزء الأكبر؛ لأن لهم الرأي الأول والأخير في مراقبة سلوك أولادهم ومتابعة أصدقاء أولادهم؛ إذ إن للصحبة دوراً كبيراً في التأثير وبشكل مباشر على أبنائهم , إضافة إلى تحصينهم بالآيات القرآنية وبمبادئ الدين الحنيف.
1 - سنّ قوانين تجرم هذه الافعال بمواد واضحة ومعلنة وتطبيق هذه القوانين بجدية.
2 - رفع سعر الهاتف المزود بكاميرا وهذا من الممكن ان يؤدي الى السيطرة على مسألة الفئة العمرية التي يمكنها شراء ذلك الجهاز.
3 - عدم بيع هذه الأجهزة أو السماح لاستخدامها لمن هم دون الثامنة عشر من أعمارهم.
4 - نشر الوعي عبر وسائل الإعلام والمدارس بضرورة احترام خصوصية الغير.
5 - إيجاد تكنولوجيا مضادة تساعد على التشويش على هذه الهواتف والتصوير منها وخاصة في الاماكن المخصصة للنساء.
اللهم إنا نسألك أن تردّنا إلى الحق رداً جميلاً .
اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .
اللهم إنا نسألك أن تطهّر قلوبنا ، وأن تحصّن فروجنا .
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم إنا نسألك أن تحارب من حارب الفضيلة
اللهم كفّ أيديهم ، وشرّد بهم ، واقطع دابرهم ، وأخرس ألسنتهم ، وشلّ أيديهم ، الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في عبادك ..
أتمنى عزيزتي أن أكون قد أعطيت هذا الموضوع حقه ولو بشكل بسيط وأجبت عن سؤالك
والله من وراء القصد