رد: حبيبي أصولي - قصة للدكتور منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النقد
الأستاذة هدى صباح الخير لكِ وللأديب الرائع الدكتور منذر أبو شعر، وقبل أن أبدأ بمداخلتي المتواضعة أُثني على طرحك الأسبوعي بتقديم نص ما لأحد مبدعينا ووضعه تحت ميزان النقد، وأشكر الأستاذ الدكتور منذر على هذه القصة الرائعة ، فقد أخرجني نصك من حالة "تشنج" نحياها جميعنا في الشام ، وزاد من سوء الأمور آلاف المقاطع والصور والجمل على شبكات التواصل الإجتماعي التي أدخلت العامية على الفصحة على ..... وأدخلت الحابل في النابل ، وضيعتنا ، فأضعنا تلك المتعة التي كانت تلازمنا أيام الكتاب المطبوع ، نعم أخرجتنا قصتك من هذه الحالة ، وأعادتنا إلى عالم افتقدناه.
وسأسمح لنفسي ـ كقاريء ومتذوق ـ أن أعطي الإضاءات التالية على هذه القصة:
لغوياً، لايحق لأحد الدخول في باب اللغة فمن الواضح أن مبدعنا نوره سيلهمنا عندما نضل الطريق ، وأعطى للغة حقها ولم ينسى أدق التفاصيل ( نقطة ، فاصلة ، اشارة تعجب ، استفهام ..... الخ )، ورغم أنه حافظ على اللغة السليمة ودقتها لم يقع في فخ الإنغلاق اللغوي " المتقوقع " بل كان نصه عذباً و سهلاً وممتعاً.
رغم أنَّ القصة قصيرة ، فقد قسمت إلى ستة أقسام بإمكاني أن أسميها مشاهد ، كانت أجزاء القصة
في القسم الأول يعيدنا لأجواء الجامعة ويعرفنا على سهير الفتاة المتحررة واعجابها بمعتز الفتى الخجول المتدين والملتزم و نكتشف أن سهير فتاة مدللة أي شيء تريده تحصل عليه ، وكل الشباب يتملقونها وهي اختارت معتز الخجول والمناقض لها ، ربما إلى حد التنافر، وربما لأنها تأخذ ما تريد قررت أن توقع معتز في حبها ، وكي لا تتراجع أعلنت قرارها لرفقاءها .....
وتدور الحبكة في المشاهد الأخرى عن سهير ومعتز ونجاحها في توطيد صداقة معه توجت بالحب ، وكانت النهاية الفشل.
لاحظت أن الأستاذ أعطى نصاً عادياً نتيجة لم نكن نتوقعها ، ربما كنا سنتوقع قُبلة أخر مشهد في حديقة تشرين وليس دموع الفراق النهائي، فماذا نقرأ ؟ وإلاما يرمي الوصول إليه، هل يقول لنا أن الجيل الجديد في مكانين مختلفين ، وأي مكان هو الصحيح ، وأي مكان هو الخطأ ، في الحقيقة لايهمنا هنا إلا نشكره على توصيفه الحقيقي والمقصود في هذه الهوة العميقة في مجتمعنا ، والتي أوصلتنا إلى ما نحن فيه.
طبعاً لا يحق لي أن أعترض لما سطّح تفكير سهير ، وأبهرنا في شخصية معتز ، الذي شاركنا سهير حبنا له ، لا يحق لي ولا لغيري لإنه هو المؤلف ، ولكن لنتأمل قليلاً ، أليس اعجابه بشخصية معتز رسالة أوصلنا فيها أنَّ طريق معتز هو الصحيح ، وعلينا اتباعه ، وأن سهير المدللة خسرت لأول مرة تحديها الحقيقي في الحياة ، وهنا لا يمكن لأحد أن يقرأ القصة مرة واحد ويينتهي ، بل سيدخل في عالم التأمل وسيناقش ويقول لماذا صمتت سهير فيما معتز يتحدث ، هل لإن معتز مرتبك حقاً ، أم لأنه أراد أن يدخل في الموضوع وهي لم تستطع أن تتحدث بشيء إلا أن تلومه ، وتأنبه حتى احمّر وجهه من شدة الخجل .
ولاننسى أنَّ القصة لو حدثت في أرض الواقع ، كان معتز سيقع غي فخها ، ولكن ألم أقل أن كاتبنا يقدم رسالة وقناعة وهو أن طريق معتز هو الأنجع، وهو طريق الخلاص
يبقى لي الحق بالاعتراض على أمور بسيطة من أهمها أنني لم أجد معتز أصولياً ، بل هو انسان متدين ومؤمن ومعتدل نوعاً ما بدليل أنه رغم ممانعته في البدء ومحاولته صدها ، إلا أنه يتجاوب معها ويصل إلى ذروة الحب ، ولكن لم يتنازل عن الثوابت المؤمن بها.
ولكنني هنا أقف مرة أخرى هل يعقل لقاريء بسيط مثلي أن يكشف خطأً ارتكبه مبدعنا الدكتور منذر أبو شعر ، وهل حقاً أخطاً أم أنَّ للقصة قصة أخرى ، إذاً لنعيد قراءة القصة مرة أخرى ونحلل شخصية معتز، نعم سنكتشف أنني أنا المخطيء فأستاذنا يؤكد لنا أن هذه الشخصية المعتدلة والمتشددة بلا تطرف ، والمثقفة ، والناجحة هي حقاً شخصية الأصولي ، ولكننا نحن من نسي أنَّ الأصولي من تمسك بأصول الدين محافظاً على الثوابت ، مجتهداً في التفاصيل، ويخرج من ذهننا ما تشوه من ألفاظٍ فرضت علينا ، وصرنا نخشى حتى مجرد لفظها.
قصة جميلة ، شيقة ، سلسة أدخلتنا في أسئلة أجابت عليها وتركت لعقولنا مساحة كبيرة من التأمل والإعجاب ، أنحني إعجاباً أمام قصتك الرائعة ، وألوم نفسي أنني لم أقرأ لك سابقاً .
وهنا سأكتفي ، راجياً ألا أكون ثقيل الظل عليكم ، وهذا ما رايته كقاريء
|