عرض مشاركة واحدة
قديم 16 / 05 / 2015, 53 : 12 AM   رقم المشاركة : [12]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: ليل مزنر بالنجوم - رواية قصيرة للأديب د. منذر أبو شعر - في الميزان على بساط النق


سيداتي سادتي .. أستاذتي الجليلة الأديبة هدى نور الدين الخطيب
لكم مني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحسب نفسي أقل علما منكم جميعا ، وأقدّر أن الغوص في موضوع النقد الأدبي لهو أكبر من قدرتي ولا أستطيع الولوج إلى هذا المضمار أظلمه إن فعلت وأظلم نفسي أيضا ..
لذلك أطلب منكم السماح لي بنقد مختلف لا يطال الفني ولا الأدبي حصرا بل الجانب السياسي وإلى حد ما الأخلاقي إن جاز لي التعبير ، وتعليقي لن يكون بأي حال تعليقا أو نقدا لشخصية الكاتب بل لتلك الشخصية التي أبدع أديبنا منذر في اظهار قوتها وضعفها لأنني أعتقد أن الكاتب لا ينسجم في كثير من الأحوال مع شخصيته الروائية وإن تعاطف معها أحيانا كأن تكتب راوية عن مومس بأدق التفاصيل دون أن يعني ذلك أن الكاتبة تتبني موقفا أو تسلك سلوكها
فقراءة النقد أصعب من النقد ذاته لأن ذلك يجعلنا نسبر إلى عمق الأديب والناقد معا


سأتناول الرواية من الجانب الذي تجنب الراوي الخوض فيه مباشرة أو لم يكن بذات القوة والوضوح اللذان فرضا نفسيهما في كثير من المواضع والحوارات ألا وهو الصراع " المجتمعي " أو صراع الفرد كممثل لمجموع مصالح فردية ، ودورنا هو إظهار هذا الصراع الخفي كما يُرى من وجهات نظر الشرائح الاجتماعية كافة ؛ فالصراع المجتمعي الذي يصفه الماركسيون والإسلاميون على حدّ سواء بالصراع الطبقي وإن بمفهوم فلسفي مختلف ، وإن اختلفت وجهات الحلول لهذا الصراع من وجهة نظرهما ألا أنهما يلتقيان في أن الصراع هو بين طبقات كما التقيا في قضية الصراع الأممي " المسلم للمسلم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا

" ويا عمال العالم اتحدوا " فالماركسيون يعتبرونه صراعا بين طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء وان حل هذا الصراع لن يكون إلا في بناء مجتمع " اشتراكي " أما الإسلاميون فيعتبرونه صراعا في المجتمع الواحد أولا وهو ما بين مؤمن وآخر " مؤمن " ولكن بدرجة أقل ؛ وفي الغالب أقل " درجات "( وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ) والتفسير الديني استخدمته تلك الطبقة تاريخيا سيف إرهاب " رباني " حينما يحتج الفقراء ويثورون : ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)

من هذه النقطة أشار الراوي – بحذر شديد - إلى هذا الصراع الذي – كما تبين – انه يعرفه ويفهمه جيدا عندما أشار وهو يحدث نفسه قال " ننسى، أننا لسنا وحيدون، وأن هناك آخر قد لا يرغب بالشكل الذي نرسمه "
ثم يقفز مباشرة ليعبر عن مخاوفه من رغبة هذا الآخر ( أي الطبقة الأخرى )
في تدمير ما سعى هو ( كممثل لطبقة أخرى ) إلى تحقيقه حينما قال :
" ويتوق إلى صيغ أخرى تعارض حثيث سعينا الدؤوب"
انظروا إلى هذه الصيغة الرائعة وارسموا معالمها أو فكوا اسرارها لتكتشفوا وإن لم يذكر هذا الصراع مباشرة لكنه كان يشعر به ضيف ثقيلا على ضميره الفرادي والذي حاول جعله حيا مظهرا " تقواه " وان ما فعله من خير هو في سبيل الله والفقراء وأشار إلى السلوك العملي وقال انه وأفراد عائلته :
" يقيمون فروض الصلاة، ويذهبون إلى المسجد أيام الجمع والأعياد،
ويتبرعون للفقراء "
ثم تبدأ الصورة المُكونة لهذا الفرد بالوضوح وتظهر أن معرفته هي معرفة عميقة بلباب الصراع المجتمعي فيُقحم علينا رواية من طيات التاريخ : " "في عام 1917 م وجَّه لينين وجوزيف ستالين عند قيام الثورة البلشفية نداء للمسلمين "
ويستحضرها كشاهد إثبات " للآخر " بأن لا فائدة من حمل أفكار قد جُربت في الماضي / حاصرته واكتوت طبقته بنارها لعقود من الزمن /

وهو في الحقيقة يعزف على وتر تطرب له أسماع الفقراء حينما استحضر تلك الرواية في التاريخ (وهي وجهة نظر) وهي تقول " للآخر " أن الصراع هو بين مؤمن وكافر وليس بين غني وفقير وهي تبين أن " مراد علايا المتستر بالزهد يريد أن الإجهاز على عدوه الطبقي ويريد قتله بعد هزيمته ليقضي على أي محاولة تُغيّر من مسار تلك النتيجة التي وصل إليها الشيوعيون بعدما حقق نتائج "مبهرة " عبر " سعيه الدؤوب لتحقيقها " - بتقوى الله - ! فحينما اتهم ذلك الآخر بقتل ملايين المسلمين الذين وصفهم بالغباء لأنهم صدقوا ليس لينين أو ستالين إنما الفكر الذي اعتنقوه لخلاصهم من الاستغلال - مربط الفرس - " الصراع الخفي بين الطبقات " ثم تزداد الصورة وضوحا حينما يُنشد مراد علايا " أغنية قديمة “تكشف ، وبوضوح حقيقة المدرسة الفكرية المنتمي اليها وتبين بأنه ليس فردا عاديا بسيطا إنما هو أحد دهاقنة رأس المال الذين يداهنون السلطة التي تسمح له بجيش حراسة من جهة ويخدعون الفقراء بقدرتهم على تحريك غرائز الجهلاء منهم وهو في نفس الوقت وفيّ لطبقته حيث يرى أن استخدام الدين وسيلة ناجعة للانتصار على ذلك " الآخر " إذ لا يخفى على كل متتبع لماذا استحضر " مراد " هذه الأغنية بالتحديد :
" أخي سَتبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها
ترى الفجر يرمقنا من بعيد "
وإنما أراد الكشف عن هويته الفكرية أولا – كما ذكرنا وأنه ينتمي ثانيا
إلى تلك المدرسة التي كان – وما زال – نهجها المزاوجة ما بين التدين والاستغلال، الجمع ما بين العُمدّة والشيخ ، ما بين الإقطاع وغالبية رجال الدين.. ولكن ، وبما أن حياة الرغد نقلت مراد وعائلته من الريف إلى المدينة فقد استلزم ذلك استخدام أسلوب وأدوات جديدة تقوم على شيطنة ذاك " الآخر " والذي صار له جيوش وصفت ب " جيوش الظلام "
فهل الإقحام هنا كان بلا مناسبة غير إحساس مراد علايا بالملل ؟
بكل تأكيد لا إنما هو يستخدم كل خبرته ودهاءه ليوصل للسامعين رسالة ويغلف ذلك بالإخبار " فيقول أن :
" زوجتي في دبي مع الخادم (سالي) للتسوق والفرجة،
وابني الأكبر (معتز) في فرنسا يتابع بنودَ خطوات معمل ينتج مستحضرات تعيد
وهم حيوية حلم راحل شباب، وابنتي الصغرى (نجوى) في روما تتابع آخر
صيحات الموضة لإنتاجها في دمشق بأقمشة أفضل وأيد أرخص، وأحفادي محورُ
اهتماماتهم متابعة آخر أغنية وآخر خبر طلاق ممثلة وزواج ممثل "

إذن هو ليس في زنزانة ، ولا هو مطارد ولا معتقل لتخطر في باله أغنية غناها الفقراء وكانت لشريحة كبرى منهم مهمازا نحو الانخراط فيما يُسمى معارضة " النظام " - أي نظام - لا تكون لطبقته الإدارة فيها والقضاء .
ربما استدرك مراد علايا وحاول إخفاء ما أراد وقال انه مشتت الذهن:
" اضطراب أفكارك ومسيرها كإبل هيم، تريد الماء والماء تحمله ولا تصل إليه "
هل ما سنصل إليه يقع في باب هذا الاضطراب ؟
سوف نلاحظ جيدا هنا أننا أمام شخصية مركبة تستنفر فجأة وتتحول فجأة من حمل وديع إلى ثعلب ماكر لتحافظ على مصالحها وطبقتها حينما تُمسّ ، انظروا إلى ما يقول مراد هنا :

" كان شيئاً غير مألوف، تعجز مفردات اللغة عن وصفه، ولا تستوعبه كل اللغات.. لذة راقية دون كلام، ودون ترتيب عبارات، يحتويك الدمع والصمت والدهشة والفرح الدائم وإصباحات أنداء الفجر، فتبقى مع الخشية والرجاء وشفافية الحب وبحار التوق وولادة مساكب أضواء السعادة. "
كل هذه المفردات الجميلة يُطلقها لحظة " تبارك " الفقراء بقدومه

ولكنه فجأة يتغير من مشهد صوفي تغمره السعادة إلى وصف آخر ،صارت الغرفة في عينه بسيطة

" غاية في التواضع والخجل وزكمت أنفاسَك رائحة رطوبة، أو شيءٌ كما رائحة عفن فم أو جوربٌ قذر أو حليبٌ يحترق، فتحرك جوفك، فأشعلت سيجارتك لتغيِّر مسار أفكارك "

لماذا انقلبت الصورة بشكل درامي فجأة ؟
لاحظوا ما الذي تغيّر حتى غيّره بهذا الشكل
لماذا انقلب على من استغل فقرهم وجهلهم بواسطة المخدر " الديني " ؟ فقط حينما حاول شيخ القرية الاقتراب منه إنسانيا فعاد ليكون وفيا أمينا لطبقته واستخدم نفس الأسلوب – أي الدين – ليرمي بذلك الشيخ بالجهل والقذارة وليس فقط الجهل الديني بل تجريده من أي إحساس انساني وتصويره شخصا ساذجا فارغا فيقول :

" وتطلعتَِ إلى وجهه الشاحب، وكانت ملامحه قد أخذت تتبدل في عيني قلبك من غرس زيتون وشموخ النخل إلى بساطة جاهل ورؤى جمع رعاع. ولاحظتَ بدهشة أن جدار الغرفة يحمل صورة له بإطار متآكل وهو واقف مبتسماً ببلاهة أمام برج إيفل): ـ هل زرتَ باريس ؟ "

إن مراد علايا انتقل بين لحظة ولحظة من الانسياب خلف روحه الخاوية نحو مسجد بسيط ليعيد ترميم بعض ما تفكك منها وهي التي فقدت معنى الرجولة داخله كإنسان إلى شخص أكثر انسجاما مع واقعه وسلوكه الأصلي فهو الذي كما قال :
" كما الأحلام أسطورةَ ما يصبو
إليه كل إنسان: مالاً ومالاً ومالاً، وصروح عزٍّ، وأبراج عمارات، وأسطول
سيارات، وخدماً، وآلاف الموظفين، وحراساً لحماية مجدي ولسلامة أفراد أسرتي، ولصيانة عسل أسوار ذاتي !"

عاد الراوي وافرد أسطرا طويلة صب جام غضبه على هذه الطبقة التي شعر في الماضي بخيانتها حينما صدقت أن " الاشتراكية " ستكون خلاصها وذكّرنا بأن أصحابنا الاشتراكيون قتل من المسلمين " 65 مليوناً لغبائهم السياسي "


وفي رأي صاحبنا مراد أن الغباء هو الغباء ولن يتعلم هؤلاء "الرعاع "حتى لو قُتل منهم الملايين فعاد ليصب جام حقده على هؤلاء الفقراء الممثلين بشيخ القرية " الوسخ الجاهل والممثل " حينما استمر بالقول أن نفسه
" لم تعد تحتمل، ولم تستطع أن ترحم سيل دموعه وآهاته. هل هي تمثيلية احترف اتقانها ؟ "

ولو تابعنا لنفس الوجهة سوف يتبين لنا ونخلص إلى نتيجة أن محورية هذا الصراع هو صراع بين الشخص وذاته ، بين مفاهيم ورثها وبين مفاهيم أخرى ، تمثلها شريحة مجتمعية أخرى ؛ فحينما يصل إلى لحظة الحقيقة يقول :

"كان أبو أحمد سائقاً، تكلمتَ مع ميريام ونجوى بالفرنسية: ـ حبيبتي، قولي لي رأيك بالتفصيل ؟
: ـ مهما فعلنا ستظل هناك فوارق بين طبقات الناس، ولا يعني هذا أنني أتكبر على من هو أدنى مني، بل يعني أنَّ لهم مساحات صعبٌ أن ألتقي بها معهم، وبالتالي لا أستطيع أخذهم كأصدقاء، ولا أتصور أن أقوم بدعوتهم إلى منزلي، أو أتكلم معهم عن خاص همومي.. ففرق المستوى المادي وهمومه ينسحب على مستويات الكلام أيضاً، فيخلق بالتالي التباين الكبير بين الطبقات "
يبان هنا الصراع على حقيقته وقد تنامت صورته بشكل أكثر حدّة وأكثر وضوحا حينما يأتي سؤاله " الصريح " ماذا تريد،
وإلى أين المسير ؟!
سيداتي سادتي
أعتقد أن في كل مرحلة من مراحل التاريخ يأتي المثقفون بسؤال يحمل نفس المعنى والمضمون " ما العمل " قال الشيوعيون " على سبيل المثال ، لكنهم لم يطرحوه لحلّ أزمة شخص أو مجموع افراد أو طبقة بعينها رغم شعارهم المرفوع و إنما كان سؤالا يتعلق بمصير روسيا كلها إذ لا يمكن للفرد أن يبحث عن خلاصه الذاتي بعيدا عن خلاص المجتمع كله ولذلك فإن مجتمعاتنا مأزومة لأننا لم نبحث إلا في أزماتنا الخاصة وكياناتنا الخاصة
لذلك رأينا أخيرا أن مراد علايا يريد إشعال نور في قنديل لم يحمل زيتا في الأساس وفي داخله عتمة وظلام ويريده أن يعطي شيئا لا يملكه وقد جزم السابقون أن فاقد الشيء لا يعطيه. ف " إصباحات الفجر " كان فعل الطبيعة وخالقها ، إن خطرت في ذواتنا أو لم تخطر
وسيطل الصباح إن صاح الديك أو سكت في كل حال .



سيدتي الفاضلة إن لباقة الدكتور وعلمه قد جعلنا لا نمل من تكرار أوصاف الأماكن وتكرار أسماء السلع والمحلات والماركات وانه أخذنا نحو رحلة أنيقة من هم في طبقتي لم يسمعوا بها وربما كان هذا النقد التحليلي أعلاه متأثرا بهذا الصراع الذي خبرته نفسي وعشته عمليا " فالآخر " بالنسبة لي كان يقول بأني حاسد وحاقد ، الله أعطاه ولم يعطيني .. وكنت أعرف أن الله تعالى ليس منحازا ولا عنصريا بل أن استغلال الأغنياء للفقراء والغلابة ما جعلهم أغنياء .. !


لا أريد لأخي الفاضل واستاذي الحبيب أن يأخذ عليّ نقد روايته
فوجهتي النقدية لم تكن وجهة أدبية كما فعلت الأستاذة نصير أو الدكتورة رجاء أو كما فعل أستاذي خيري حمدان إنما هي أقرب إلى الوجهة السياسية في النقد وبالتالي فهي في رأيي المتواضع لا تفيد المعنى الثقافي ربما ؛
ولكني كنت بين أمرين : الصمت أو الاهتمام ، والعزيز منذر أحق بالاهتمام واولى بالاحترام لكن الكلام يجر الكلام فالرواية لم تضع حلا لأزمة الفرد ولا أزمة المجتمع وهو بسواده الساحق من الفقراء وإنما ( كخلاصة ) عليّ الاعتراف أني تذوقت العمل من الناحية الفنية واحترمت قدرة الكاتب على الصياغات اللغوية وحاولت أن أوسع أفقي بقدر ما استطعت وهذا نتاج قراءتي وهو من زاوية فهمي المتواضع لما جرى ويجري من نزاعات تعامينا عن وصفها وتكشف لنا زيف ما كنا نقول وتكشف لنا كم حجم التناقضات بين مجتمعاتنا علميا وثقافيا وأن علينا البحث عن صيغ جديدة لحلول مجتمعية تضعنا على سكة السلام والسلامة !

التحية لك سيدتي الاحترام والتقدير لك ولأستاذنا الكبير الدكتور منذر أبو الشعر
توقيع رأفت العزي
 "
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلى الأمام خطوة !
وكل تصويب لمسيرة النضال على الطريق تقدم للنجاح فرصة !
" !!
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس