[align=justify]تتمة للمداخلة مع الأخ الأديب الأستاذ نبيل عودة
بعد هذا كله أﻻ تؤمن بوجود خالق لك ولهذه المخلوقات ..أم أنها جميعها خلقت من العدم كما يزعم كثير من العلماء الملاحدة ، إستنادا الى مقوﻻت وتخرصات بعض الفلاسفة العدميين ومنهم فرفوريوس الصوري ( 234-305 م ) الذي قال:العالم مخلوق من ﻻشيء. أو أنه خرج من ﻻنظام إلى نظام.وﻻيصح - حسب قول فرفوريوس وهو أحد أبرز ممثلي الفلسفة اﻷفلاطونية المتجددة - وهو الذي قال : الخالق أظهر العالم من العدم إلى الوجود. ولم يبين ماهو العدم، كما ذكره طاليس ، لكنه قال : اﻷصول اﻷولى للكون هي:الهيولى والصورة والعدم. إنني هنا لن أخوض في تفاصيل الفكر الفلسفي للخلق وهوطويل ومتشعب التعقيد والجدلية. وقد أردت اﻹشارة اليه من منطلق "اﻹيمان " الذي تحدثت عنه في بداية مطالعتك، كي أصل بك إلى فكر آخر ربما يخرجك مما أنت فيه من قناعة. وأعود بك إلى مسألة اﻹيمان ﻷقول : أين هو هذا العدم الذي أنشأ كونا بهذه الضخامة التي ﻻيمكن للعقل البشري أن يتخيلها.. كثير من الشعوب البدائية القديمة ، أطلقت على هذا الخالق اسماء مختلفة وبعضهم جعله أكثر من إله ؟
وما تحدثت به أستاذ عودة عن تيار الإدرية واعتبرته تياراً فلسفياً .يعرف أيضا بالغنوصية agnosticism وهو تيار نشأ في العصور المسيحية اﻷولى .وقد أثار الكثير من البدع، عندما أكد على المعرفة الروحية أكثر من اﻹيمان . والغنوصيون اعتقدوا بازدواج اﻷلوهية..إذ كانوا يظهرون" لوسيفر" كإله للخير والمسيح كإله للشر . واعتبروا النكراء فضيلة والفضيلة نكراء.. وهذه الفئة التي أتيت على ذكرها كانت وباﻻً على المسيحية .خصوصاً وأن اجتماعاتم سرية تمارس فيها اﻷسرار الوثنية والسحر وتتصدى للعجائب المسيحية . ولمزيد من المعلومات ، يمكنك اﻹطلاع على كتاب دايفد هيوم "بحث في الفهم البشري ". وفي الكتاب المثير من البدع والهرطقات التي أخذت طريقها الى المسيحية..وكان"توماس هنري هسكلي"احد دعاتها ومن أشهر مؤسسي الغنوصية من السفسطائيين اليونان "سيمون الساحر". وعن الغنوصية أخذت الماسونية ومتفرعاتها و "المتنورون" illuminati بشكل عام الكثير من مبادئها اللاإنسانية..كما أخذت ذلك عن"الحشاشين" أنصار الحسن الصباح. وفي كتابي " المتنورون" معلومات خطيرة عن كل ما يمت بصلة مع المتنورين الذين يحيكون المؤمرات ضد البشرية جمعاء ويحدثون الحروب والثورات ومنها ما يحدث في الوطن العربي. لذلك أرى أن المغرر بهم للإنحياز إلى الجانب اﻹلحادي ، يجب التنبه لخطورة المأزق الذي وقعوا فية عن طريق التشكيك باﻹيمان. والتشكيك بوجود الله. وعندما نريد البحث في هذا الموضوع الحساس علينا التدبر بما يطرحه اﻷئمة الكبار من رجال الدين المسلمين والمسيحيين من أفكار تتعلق باﻹيمان وﻻنكتفي بما يقوله الفلاسفة الغربيون ومعظمهم ملحدون..والدين الصحيح هو المنزل من السماء دون تحريف أو تزوير.
وليس بعيداً عن الدين المسيحي وعن الكنيسة ، ففي الدين اﻹسلامي، حدثت الصراعات ونشأت الفرق . غير أن اﻹسلا م لم يناصب العلماء العداء بل أكرمهم وشجعهم على العطاء واﻹنتاج .وكان كثير من الوﻻة يخصون رجال العلم واﻷدب بالعطايا المجزية . وخلال العصر الإسلامي ظهرت أفكار واجتهادات من قبل البعض، ﻻتمت الى اﻹسلام بصلة ..وقد أثيرت في فترات زمنية متفرقة مسائل تشكيكية هدفها إثارة البلبلة بين الناس من خلال تفسير القرآن الكريم وأحاديث النبي..ومثل هذه اﻷمور ماتزال تحدث الى اﻵن وهي ﻻتعني أن اﻹسلام يقر كل ما يقوله بعض العلماء المسلمين وﻻ يتماشي مع الدين وﻻ مع المنطق.
[/align]