رد: همسات دمشقية
[align=justify]الهمسة (5)
في ظلمة ليلٍ ثقيل، شَهِدَ غفلةَ أمَّةٍ خَدَّرَها أعداؤها بخليط من بارقِ المكر ورهبةِ الظلم، اجتمع كلُّ أبالسة العصر، وحفروا وادياً عميقاً ظَنُّوه يتسع لكلِّ قيمِ العروبة والإسلام وأخلاقهما ومبادئهما النقيَّة.. وإلى هذا الوادي، دفعوا العرب والمسلمين، ليُلقوا في غَيَاباته، طَوْعاً أو كَرْهاً، كلَّ ما يربطهم بتلك القيم والأخلاق والمبادئ، مُضافاً إليها كلَّ ما ورثوه من آبائهم وأجدادهم من أمجاد وذكريات ومآثر..
على شفير ذلك الوادي الرهيب، كانت تنتصبُ سنديانةٌ عُمرُها التاريخ اسمها (شآم)، أمرَتْ جذورَها التي غَطَّت قعر ذلك الوادي بامتصاص كل ما يُلقيه المُكرَهُون فيه بلا استثناء، ثم تسليمه لجذورها الأعمق في باطن الأرض كي تحفظه حيّاً..
لم يكتشفِ الأبالسةُ ما فعلَتْه (شآم) إلّا ليلةَ قرروا الاحتفالَ بردمِ واديهم، إيذاناً باكتمال مشروعهم.. ولشدةِ غيظهم مِن فِعلَتِها، أبقوا النار مُشتعلَةً فيها حتى صارت ساقُها وأغصانها وأوراقها رماداً أَلقَوه في الوادي قبل ردمه، ورحلوا..
بعد رحيلهم، تحرَّك ما اكْتَنَزَتْه جذور (شآمُ) العميقة من قيمٍ وذكريات ومبادئ، لتندفعَ من تلك الجذور حياةً جديدة، شَقَّتْ تربةَ الجريمة السوداء، وانبثقت منها بداياتٍ لأشجار فتيَّةٍ سرعان ما امتلأت بأغصانٍ كثيرة اكتسَت بأوراق صغيرة خضراء حلوة، راحت تضحك وتمرح بصخب، مُعلنةً ميلاد فجر إنساني جديد مُعَطَّر بكلِّ نقيٍّ وَأَدُوه من قيمِ العروبة والإسلام..[/align]
|