رد: طوق الحمامة
ومن باب المراسلة أجول بكم في باب من أحب في النوم(ابتسامة) وهو من غرائب الحب التي ذكرها ابن حزم، وهو نفسه يقول:
[...] فمن أسبابه شيء لولا أني شاهدته لم أذكره لغرابته؛ وذلك اني دخلت يوما على أبي السري عمار بن زياد صاحبنا مولى المؤيد فوجدته مفكرا مهتما فسألته عما به، فتمنع ساعة ثم قال: لي أعجوبة ما سمعت قط قلت: وماذاك؟ قال : رأيت في نومي الليلة جارية فاستيقظت وقد ذهب قلبي فيها وهِمت بها وإني لفي أصعب حال من حبها، ولقد بقي اياما كثيرة يزيد على الشهر مغموما مهموما لا يهنئه شيء وجدا، إلى ان عذلته وقلت له: من الخطإ العظيم ان تشغل نفسك بغير حقيقة، وتعلق وهمك بمعدوم لا يوجد، هل تعلم من هي؟ قال: لا والله. قلت: إنك ثقيل الرأي مصاب البصيرة إذ تحب من لم تره قط ولا خلق ولا هو في الدنيا، ولو عشقت صورة من صور الحمام لكنت عندي أعذر. فمازلت به حتى سلا وما كاد.
وهذا عندي من حديث النفس وأضغاثها، وداخل في باب التمني وتخيل الفكر . وفي ذلك أقول شعرا ،منه:
ياليت شعري من كانت وكيف سرت ..... أطلعة الشمس كانت أم هي القمر
أظَنَّهُ العقل أبداه تدبره................ أو صورة الروح ابدتها لي الفِكَرُ
أو صورة مثلت في النفس من أملي ...... فقد تخيل في إدراكها البصر
أو لم يكن كل هذا فهي حادثة ......... أتى بها سببا في حتفي القدرُ
|