رد: اقتباسات من روايات وقصص
المصدر نفسه ص. 50/51
"[...] تابعوا تساقط المصاحف الكبيرة والمصاحف الصغيرة تنفصل عنها أغلفتها الجلدية المزينة بالزخارف والخطوط، تابعوا المخطوطات المفروطة، قديمها وجديدها، والأوراق المفردة تحمل الكلام نفسه منثورا ومتتابعا سطرا بعد سطر أو منظوما في كل سطر شطرتان.
كان الحراس يواصلون العمل، وكانت سبع عربات أخرى قد وصلت للتو، وكانت عربات سواها تقترب من الساحة اختلط صرير عجلاتها بأصوات ارتطام الكتب بتعليقات الأهالي المحتشدين بتهديدات المسلحين التي تأمرهم بعدم الاقتراب من الكتب.
كان أبو جعفر يحدق في المشهد، ثم يغض الطرف، ثم يعود يحدق ويتمتم بكلام غير مفهوم، لا يعي قبضة سليمة المشدودة على يده ولا أظافرها المغروسة فيها ولا صوتها وهو يعلو ملحا مكررا السؤال،" لن يحرقوا الكتب يا جدي، أليس كذلك؟ لا يمكن أن يحرقوا الكتب؟!" وسعد وحسن واجمان، ونعيم يبكي ويمسح مخاطه بكمه.
يقترب المزيد من العربات من الشمال والشرق والغرب، من جهة البيازين والمارستان، ومن جهة الحمراء وغرناطة اليهود، ومن جهة المدرسة والجامع الأعظم.
لم تطق سليمة المشهد، قالت لجدها إنها لا تريد أن ترى شيئا وانسحبت راكضة. ولكن أبا جعفر كان يتشبث بقشة الغريق: فهل يعقل أن يتخلى الله عن عباده! وإن تخلى فهل يمكن أن يترك كتابه يحترق؟! كان أبو جعفر يتطلع إلى السماء ويحدق وينتظر حين سمع شهقة الأهالي المحتشدين ورأى تصاعد الدخان.[...]"
|