عرض مشاركة واحدة
قديم 05 / 11 / 2021, 28 : 04 AM   رقم المشاركة : [75]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: اقتباسات من روايات وقصص

الصفحات74..75..76 رواية عودة الفرسان.
الدكتور/فريد الأنصاري رحمه الله تعالى
في مناسبة من أيام عيد الأضحى، طلب بعض الناس من فتح الله أن يلقي عليهم وعظا بمسجد القرية، و ربما كان ذلك بإيعاز من والده رامز أفندي، فلعله أحب أن يتدرب ابنه على هذه الصناعة منذ طفولته. و هرع الفتى إلى كتاب للوعظ، فراجع فيه مقاطع من السيرة النبوية لوقت وجيز، ثم دخل المسجد. كان كرسي الوعظ عاليا جدا، و كانت دراجته من الارتفاع بحيث لم يستطع الواعظ الصغير تسلقها، لكن فترة الحرج لم تطل، فما هي إلا ثوان حتى وجد نفسه محمولا بين أحد من أصدقاء والده، إذ رفعه عاليا حتى وضعه مستويا على الكرسي بصورة لا تخلو من مداعبة. فتبسم الحضور لطرافة المشهد.
كان الدرس الذي اختاره فتح الله متعلقا ببيان جانب من محنة الرسول صلى الله عليه و سلم في سبيل دعوته، و من ثم جعل يحدث الناس بقصة عدو الله "العاص بن وائل" الذي وصف النبي صلى الله عليه و سلم بالأبتر،و الذي نزل في حقه قول الله تعالى: {إن شانئك هو الأبتر}(الكوثر:3)لكن الفتى أخطأ في ضبط اسم الرجل؛ لأنه عندما كان يراجع القصة قبل لحظات اختلط عليه اسم راوي الحديث مع اسم عدو الله العاص بن وائل، فبدل هذا الاسم القبيح، لا يدري كيف رسخ في ذهنه اسم التابعي"أبي صالح"، بل لقد سقطت من ذهنه حتى كلمة"أبي"، فجعله بعد ذلك أثناء الوعظ "صالحا" فقط! فصب الفتى كل غضبه على"صالح"، و جعل ينعته بأسوإ النعوت و الصفات.
لكن المشكلة الكبرى ههنا أن رجلا من القرية كان اسمه"صالحا"، لكنه لم يكن يملك من أوصاف الصلاح شيئا، بل كان خبيث الطبع، سيء المعاملة، لا يعرف معروفا و لا ينكر منكرا، و لا يأتي الصلاة إلا في الأعياد! فكان قدره هذه السنة أن وجد نفسه متربعا بين يدي الواعظ الصغير، ليسمع من التجريح ما لم يسمعه قط في حياته!

و بدأ الفتى الهجوم على "صالح" على ما توهمه أنه عدو الرسول صلى الله عليه و سلم.فجعل يصيح من كرسي الوعظ:"يا عديم التربية يا صالح".."يا كالح الوجه يا صالح".."ياغليظ القلب يا صالح"!.."يا خبيث اللسان يا صالح"!.."يا سيء الطوية يا صالح"!..إلى آخر ماخطر بباله من ألفاظ النعوت القبيحة و عبارات الهجاء اللاذع، عدها عليه الواحدة تلو الأخرى من كرسي الوعظ،أمام الناس.
كانت العبارات تنزل كالصواعق على رأس"صالح"الآخر، و هو جالس قريبا من كرسي الوعظ! فكلما أصابت دماغه قذيفة من قذائف الطفل البريء......
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس