رد: اقتباسات من روايات وقصص
المصدر نفسه. ص. 217/ 218
"اغتنمت أنابيلا الفرصة وأخذت تطرح الأسئلة التي خامرتها وهي تشاهد الصلاة:
- لماذا أنتم مزدحمون والفناء واسع؟
شرحت المرأة بسعة صدر:
- نحن نزدحم لنكون معا ... فالصلاة جماعية... والجماعة تعني أن نكون كالبنيان المرصوص، متلاحمين... لا نترك فرجة يتسلل منها الشيطان ويفسد وحدتنا. وتلك ميزة الصلاة في المسجد... وإلا فليبق كل منا في بيته ويؤد صلاته منفردا !
تزايدت دهشة أنابيلا وهي تسأل مجددا :
_ولماذا بقينا نحن في الخلف، في حين تقدمتم جميعا إلى الأمام؟
- نحن نقف في الأمام حتى نكون أقرب من الإمام الذي يقود الصلاة، وحتى لا يمر أحد بين الصفوف أو أمام المصلين. لو كنا تركنا مساحة في الأمام، فإن من يصل متأخرا سيمر أمام الباقين ويشوش تركيزهم. أما حين نكون في الأمام، فإن القادم سيتخذ مكانه في الصف الأخير، دون أن يزعج غيره ... ويترك المجال لمن سيأتي بعده ... فالمسألة تنظيمية.
هزت أنابيلا رأسها في إعجاب وقالت مبتسمة:
- حقيقة... الإسلام فيه كل شيء!! إذا كانت صلاتكم بمثل هذا النظام فلا شك أنكم تلتزمون بالصف في أعمالكم ... وتركبون الحافلات بشكل منظم، كي تتركوا المجال لمن يركب بعدكم! إنه لشيء مدهش حقا!!
ابتسمت المرأة ولم تعلق،أما ندى فقد انفجرت ضاحكة. هتفت أنابيلا في احتجاج:
- هل قلت شيئا خطأ؟
هزت ندى رأسها نافية وهي تقول:
_ لا أبدا...
شكرتا المرأة، واعتذرتا لتنهيا الزيارة. خرجت ندى وقد شغل كلام أنابيلا تفكيرها. تعلم جيدا أن الحال في البلاد العربية ليس كذلك أبدا. لكن المبدأ في حد ذاته بدا مهما. ما قالته أنابيلا صحيح... أو بالأحرى، كان يجب أن تترك قواعد الصلاة الجماعية أثرا في الحياة الاجتماعية للمسلمين. تذكرت حينها كلمات قالها أحمد "لا تجعلي المسلمين ينفرونك من الإسلام، فتطبيقهم لتعاليمه متفاوت... لكن انظري في خلق رسول الإسلام، وحده ضمن كل البشر خلقه القرآن ".
|