رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
استمر سيل الذكريات ، لم يعكره أصوات رفاقه الذي تعود عليه .. لكن صرير باب الزنزانة المفاجئ قطع حبل ذكرياته، تلاه ارتطام جسدٍ بالأرض.. جسد مكوّم يئن..
تحلقوا جميعاً حول الجسد المنتهك..
ماذا فعلوا بك يا حسن؟ .. الله ينتقم منهم .. صرخ أحد الرفاق ..!
كان حسن متورم الوجه جريحاً جراء ما تعرض له من تعذيب
وبينما كان الجميع منشغل بمساعدة حسن ونقله إلى فراشه وتضميد جراحه بما تيسر لهم في الزنزانة ، كان يحيى يبحث عن شخص لم يرتح له منذ رآه..!
بالاستماع لما رواه حسن بصعوبة عن استجوابه وتعذيبه، تذكر تقرب أيمن من حسن منذ دخل الزنزانة ..!
مرّت الأيام ولم يعد أيمن إلى الزنزانة.. ومات حسن بعد أقل من أسبوعين جراء ما تعرض له من تعذيب أثناء الاستجواب مع تقدم عمره ..!
كانوا في المعتقل يسمون الجواسيس عصافيراً، ولم يكن من ادعى أنّ اسمه أيمن سوى أحدهم...
هؤلاء العصافير إما صهاينة من المستعربين ( من اليهود السفارديم الذين يشبهون أي فلسطيني ويتحدثون العربية بطلاقة وباللهجة الفلسطينية ) أو خونة جواسيس من بني جلدتهم سقطوا في مستنقع الخيانة والتجسس.
تعرف إلى العصافير وقذارتهم وما يتسببون به منذ كان طفلاً، كان عددهم قليل جداً لأنهم شواذ القاعدة من أصحاب النفوس الضعيفة .. وكانوا بالنسبة له العدو الأول والعشب السام الذي يجب اقتلاعه من الأرض الطاهرة.
رحمك الله يا حسن.. كم من جاسوس تسبب باعتقال وقتل الكثير من الأبطال ؟!..
العصافير..!
وعادت به الذكريات حيث كان، إلى الطفولة والمخيم ..
كان حامد ورفاقه من خيرة الأبطال ، لكن عصفوراً رخيصاً ، تجسس عليهم وقام بنقل الأخبار للعدو وقبض الثمن ، حفنة قذرة من أوراق الشيكل..!
في الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر ببرهة قصيرة استيقظ الجميع على أصوات مكبرات صوت العدو تعلن فرض منع التجول على المخيم ، وقاموا بالتخريب والترويع والتفتيش واعتقال الشباب ..!
بعد أيام فوجئ أهل المخيم بخبر مروع..
أبا حازم قتل ابنه ..!
اقتحم جيش الاحتلال المخيم وقام بالقبض على العم أبي حازم ..
كان يصرخ بصوت صلب جريح:
((أيها الناس لقد طهرت فلذة كبدي وقرّة عيني من رجسه بدماءه .. طهرته من خيانته بعد أن عثرت على المال القذر في متاعه))
|