رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
استكان جسده المتعب إلى برودة الحجر، وعيناه تتجولان في ظلمات الزنزانة، وكأنها تبحثان عن شرارة أمل في هذا الظلام الدامس. كانت الذكريات تتدفق كسيول عارمة، تحملّه إلى أيام طفولته البريئة، حيث كانت الحياة مجرد لعبة بسيطة. تذكر كلمات جده الحكيم وهو يهمس له: "سنعود إلى ديارنا يا بني، إلى أرضنا التي سرقوها منا". كانت كلماته بمثابة نسمة هواء عبير تجدد في نفسه الأمل، وتقوي عزيمته على الصمود.
تمرّ الليالي كالساعات، كل يوم نسخة طبق الأصل عن سابقه، يجلس في صفوف متراصة، يأكل من أوانٍ قذرة، وينام على فراش من القش، كان زميله، عصمت، يهمس له في الظلام: "أتذكر عندما كنا نلعب في حقول القمح؟ كنا نعتقد أن السماء هي حدودنا". وعندما سأله عن أحلامه، أجاب بصوت خافت: "أحلم أن أرى وجه أمي مرة أخرى، وأن أشرب من ماء بئرنا". كلما سمع كلامه، ازداد يقينه بأن الأمل الذي زرعه جده في نفسه يكبر وينمو في داخله.
|