رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
لقد قاوم ضعف الحسرة كأسد بمعركة، ومع ذلك كادت تسيل دمعة حزينة على خده وهو يتذكر كل هذه الأحداث، ويتخيل أمه واقفة أمامه تقول له:
"ماذا هناك؟ أنت رجل والرجل لا يضعف، أنت فلسطيني، والفلسطيني لا ينكسر". ولولا وقوف ثلاثة من جنود الاحتلال أمامه فجأة، لطال حديث أمه إليه، لكن الرجل الفلسطيني الذي لا ينكسر، وقف أمامهم ندا، كأنه ليس ذاك الطيب الذي كان يجتمع بأحبابه قبل قليل في ذكرياته، نظر إليهم بحدة، كانت نظراتهم المتبادلة عميقة، وقد أحس الثلاثة بالخوف من عزيمته، وقوة شخصيته. كأنه يقول لهم: تبا لكم اقتلعتموني من ذكرياتي، ألا يكفيكم ما أنا فيه؟! .. انتظروا انتقامي.. آت مهما طال..
كان بصاق أحد الثلاثة على الأسد جبنا منه، فسريعا ما عاد بخطواته إلى الخلف وهو ينتظر ردة فعل الأسد التي لم تكن مباشرة حينها، إذ كان مشغول الفكر بأهله، بوطنه، بحل يخرجه من هذا المكان البئيس، صمت، ولم يحرك ساكنا حينها، فكل الحركات كانت بفكره و دمائه تغلي متقدة.
خرج الأوغاد دون أن يصرحوا بما جاؤوا لأجله، وكان مجيئهم إليه قد خلق لديه هو تحديا أكبر وأقوى، ثم عاد إلى ركنه حيث كان يخال أمه تنتظره، ففكر في طريقة للهروب من السجن، وأثناء تفكيره شعر برائحة طيبة، أهي رائحة حقا أم إحساس؟! إنه ما يزال مع أمه وهي تصف له عسقلان ورائحة عسقلان، فردد بصوت خافت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم" وإن أفضل رباطكم عسقلان". أمعقول أنه بسجن عسقلان الآن؟ ترى كيف حال أمه؟ وما أخبار أهله وأصدقائه؟ وكيف أنت يا غزة؟ لقد اشتاق إليك يحيى وإنه ليسعى في العودة إليك بأقرب وقت وبأية طريقة.
قرر يحيى أن يجعل من الأسرى معه زملاء يخططون للمجد، والمجد ذكره أيضا بأمور كثيرة أخرى عادت به لمراحل فترته وشبابه من جديد
|