07 / 06 / 2009, 11 : 03 PM
|
رقم المشاركة : [1]
|
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات
|
القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
[align=justify]
أيها الإخوة الأعزاءأيتها الأخوات العزيزات في نور الأدب,
بناء على كون أي ملف في منتدى الميزان يظل مفتوحا ..وأنّ إضافة أي نص جديدلا يمنع في العودة للنصوص الأخرى لمن يشاء فإني أتجرأ اليوم و أقتطف من منتدى القصةنصا جديدا أتمنى أن تتفاعلوا معه دون أن يكون عائقا أمام من يريد التدخل في نصوص قدسبقت لأن لديه ملاحظة ما أو فكرة ما ...
قصة اليوم هي لكاتب جديد انضم لنور الأدب لم يبد اعتراضا على أن توضعإحدى قصصه هنا بين أيدينا و تحت مجهر النقد و التأمل.
إنه الكاتب الضيف حمراوي الذي يروي لنا قصة: القرد التيأقدمها لكم في انتظار انطباعاتكم..
[/align]
القـــرد
[align=justify]
قال العبد للقرد: أضعك تحت تصرف السيد من الآن، يتسلى بك، أو يرتديك في حذائه، أو تقضي نزوة تطوف بخياله..
أراد القرد أن يحتج، لكنه تراجع بعد أن مرر - بلمح البصر- شريطا لتاريخ الأمة كان مركونا في دولاب ذاكرته فقدر العواقب، وخلص إلى أن في الصمت حكمة.
أشارالسيد للعبد أن انصرف ، ورأى العبد أن يذكـّر القرد بما يجب قبل الانصراف فنظر إليه وفي وجهه صرامة الواعد المتوعد : سري عن سيدنا يغمرك الرضا وتنال موزة أو موزتين ،وإذا أخلصت فقد تحصل على سروال تستر به عورتك.
صعد القرد نظرة كسيرة إلى وجهي السيد ثم العبد ، وحك رأسه العاجز، وقد أقعى يفكر ويقدروقد بدت عليه علامات الشيخوخة والهرم تسبحان في عينين غائرتين تتلاطم في أعماقهماأمواج الحيرة والضياع.
ثم رأي أن الأخلاق تحتم أن يحيي الداخل القار فقال : عم صباحا يا سيدي ، وليهنأ يومك ، واعذرني إذا ما عجزت عن إسعادك ،ولك في تصرفك بي أو مني ما تشاء على قدر ما أستطيع أن أحفظ معه النفس وما زاد عنذلك فهو بالنسبة لي فضلة.
قال السيد: سبحان الله لصوتك في أذني ألفة وموقع ، وصوتك ليس بالغريب .
قال القرد: بيننا معرفة وصداقة قديمة يا سيدي، ومنعني الحياء وتباين المقام أن أشيرإليها.
غضب السيد وقال:
يا قليل الحياء مكشوف العورة هل تراني قردا حتى أصادق القردة؟
لا يا سيدي حاشاك، لست أنت القرد،ولكن كانت صداقتنا قبل أن امسخ أنا قردا. أيام الطفولة والصبا، عندما كنا في المدرسة، كنت أنت تجلس إلى جانبي وكنت أنا آنذاك حاد الذكاء حسبما كان يزعم معلمناالغبي ،بينما كان ينعتك بالغباء ،ولعلك تذكر أنك رميته بحذائك وفررت من المدرسة. ولم تعد إليها أبدا، وقد فتحت لك تلك الحادثة باب السعد .
تعجب السيد وقال : سبحان الله ، ذلك ما وقع فعلا ، لكنني لاأصدقك.
قال القرد : صدق يا سيدي صدق، فأنا التلميذ "نبيه" الذي كان يجيب عن كل صعب ،و يفهم ويحفظ كل معقد وغريب .
- ما الذي جرى لك؟
- عاقبني الله يا سيدي على آثام ارتكبتها تباعا.
-لم يكن معروفا عنك الشر أو العدوانية ، كنت طيبا وديعاعلى خلق .
- وتلك بعض الآثام يا سيدي ، فأول إثم يا سيدي أنني كنت صادقا في كل أقوالي وفي كل أعمالي ؛ فعرف عني الناس سري وعلانيتي ، وأمنوا جانبي،وصنفوني مغفلا ، لأني كنت اخبرهم عما يقع قبل أن يقع ، وآتيهم بما خفي كما وقع،وابدي عداوتي لعدوي فيهزمني عند الواقعة، ويتأكد صديقي من وفائي وطيبتي فيبيعني لتحصيل مصلحة ويسترضيني بعدها فيستردني وهكذا دواليك..
- هل تريد أن تقنعني أن الله مسخك قردا لاتصافك بهذه الصفات؟!.
- لا ولكني اعتقد أنه مسخني قردالارتكابي كبيرة لا تغتفر؟
- ماهي؟
- لما هجرت أنت المدرسة مهديا إلى طريق الرشاد، لازمت أنا معلمنا الغبي الذي كان لا ينفك يذمك ويضرب بك المثل في الغباء، وانك ستبقي إلى الأبد عاجزا عن جمع أربعة إلى اثنين.
-وهل كنت تصدقه؟
- فيما يتعلق بالحساب وشؤون الدراسة واقع الحال كان معه ، و تكذيبه وقد علمني الصدق لم يكن ممكنا
ولكني لم أنتبه إلى أن عقله الصغير كان لا يتسع مداه عن مدى الصفحة التي يقرأها.
ولغبائي كنت أصدقه وآخذب أقواله ونصائحه.
- وماذا وجدت وكيف صرت إلى ما أنت عليه؟
- ها أنت ترى يا سيدي ، برهان كفره فيك ، فجزاء الله لك ولعبيدك باد لا يحتاج لدليل، إذ أطعتم سنة الله فهجرتم العلم والتعليم ، وسلكتم سبل الرزق والنعيم فنلتم العلا واعتليتم مدارج التكريم.
أما أنا المأخوذ بهوس ذاك الغبي الذي كان يلقبني بالعبقري الذكي ، فقد قضيت حياتي محاولا تعليم أمة أمية خِلقة، كتب الله عليها ألا تتعلم حتى وإن قرأت ، وكتب اللعنة على كل من أراد تغييرسنته تعالى فيها ، وأخلصت في إتياني لجريمتي وتماديت فيها حتى حاق بي غضب الله فرددت قردا.
- وماذا تشتغل الآن؟
- أنا الآن أدرب صغارالقردة على فنون الجمباز
- إذن مازلت متعلقا بمهنتك؟.
ووجد السيد أنه يزداد كآبة عوض أن ينال شيئا من الترويح فأرسل في طلب العبد ، الذي حضر مهرولا وامتثل طائعا فقال له السيد:
أيها العبد هذا الذي أمامك كان مدرسا لك أنت وأمثالك من العبيد ، وأنت ترى ما حل به فقد مسخ لكثرة ما شوه من عقول وخرب من نفوس ،إذ أخرجها من طبيعتها التي جبلت عليها وأراد إكسابها طبائع أخرى يقول إنها موصوفة في الكتب.
ومثل هذا الكائن الممسوخ خطر على المحيط ، ولكن الصداقة التي نمت بيننا قبل أن يمسخ تمنعني من إيذائه، وجحافل العبيد التي دربها لخدمةالسادة قبل أن يمسخ تشفع له، فأخرجه من هنا وسلمه لأي قراد يرى فيه حاجة.
الضيف حمراوي 01/06/2009
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 23 / 06 / 2009 الساعة 44 : 02 AM.
|
|
|