رد: القرد للكاتب الضيف حمراوي في ميزان النقد
[align=justify]
أ.الضيف حمراوي
أ،نصيرة تختوخ
تحياتي
نقف اليوم أمام نص مغاير في مبناه ومعناه ومؤداه وأسلوبه ..
أول ما يمكن أن نسأل هنا : هل هذا النص الذي أخذ عنوان " القرد" قصة؟؟.. هل توافرت له الشروط التي تدخله عالم القصة ؟؟. ولماذا هذا الاعتماد الكلي على ما يداخل الموروث حكاية ولغة ووصولا إلى غاية محددة أراد الكاتب أن يصل إليها ؟؟..
لا نستطيع أن نضع اشتراطا محددا للقصة بعد أن تطورت عالميا وعربيا بشكل يمكن أن تكون معه كل قصة بنت تجربة خاصة وتعريف خاص.. وهنا – كما نلاحظ – يسرد الضيف حمراوي واقعة أو ما يشبه الواقعة مدخلا الصورة كلها في تناقض الزمن الذي يرفع الجاهل ويخفض العالم .. وإذا كان هذا صحيحا نصادفه في كل مكان ، خاصة الوطن العربي .. فميزة قصة الضيف حمراوي السخرية المرة التي تدفع أحيانا للبكاء ، لا للتساؤل فقط .. وقمة السخرية ، بل الانحراف بمؤداها إلى صورة غير متوقعة ، هو مسخ المتعلم إلى قرد ، واعتراف هذا القرد ، بعد أن مرّ بتجارب كثيرة ، بأنّ مسخه نتاج حق ، لأنه أصرّ على أن يتابع التعلم والتعليم في وقت ضاعت فيه الملامح ، واختلط الحابل بالنابل..وصار الزمن زمن الجهل وعلوه ، مقابل قتل وذبح المعرفة والعلم والعلماء ..
القرد الذي كان نبيها اسما وفعلا ، ومازال ، يخاطب الرجل بسيدي معترفا له ومقرا بأنه اختار الطريق الصحيح ، وقد كانت واقعة طرد المعلم له ، واقعة سعد لأنها أوصلته إلى السيادة ..بينما بقي المتعلم النبيه في هيئة قرد يستعمله الجهلة للتسلية وتمرير الوقت ..وإشارة لماحة تلك التي تشير إلى أن المعلم كان غبيا !!.. ودليل غبائه ماثل في حصاد الأيام ، فنحن أمام طالبين ، احدهما نبيه والآخر غبي ، وخلافا لكل تعريف أو توصيف يصعد الغبي ويهبط النبيه ..فلماذا كان كل هذا التعب ، وهذا الجهد ، وسهر الليالي ؟؟..
ولأن الغبي الذي ساد وسيد ، سيبقى مخلصا لشيء واحد هو سعادته وسروره ، يجد أن هذا القرد قد زاد ملله ..وإخلاصا لزمالة كانت ، وهو يعتبرها تفضلا ، ينادي على العبد أن تعال خذ قردك : " مثل هذا الكائن الممسوخ خطر على المحيط ، ولكن الصداقةالتي نمت بيننا قبل أن يمسخ تمنعني من إيذائه، وجحافل العبيد التي دربها لخدمةالسادة قبل أن يمسخ تشفع له، فأخرجه من هنا وسلمه لأي قراد يرى فيهحاجة.."
هذه الغصة في الحلق جارحة ، لكنها وللأسف حقيقة .. فما نراه ونشاهده على شاشة زمننا المنظور لا يختلف عما جاء في القصة ومؤداها .. وإذا كان الكاتب ميال للسرد باستعارة الموروث أو مداخلته ، فهو ذو جملة رشيقة سريعة ومفردة منتقاة بعناية ، وقبل كل ذلك ، هناك سخرية كما أسلفت في أسلوب الكاتب ، سخرية لا تأتي بشكل مجاني ، ولا تريد أن تكون مجرد زينة لفظية أو وصفية ، بل هي كما نرى سخرية موظفة بدقة شديدة لا تحيد عن دربها التي أرادت السير فيه قيد أنملة ..
إن القص وظيفة ومتعة وتواصل وحكاية ..وهنا نجد كل ذلك بإصابة المجموع إصابة العارف بشرط هذه الكتابة .. قد نسأل هل هناك مبالغة ، هل هناك شطط في عملية سخط الإنسان لقرد جراء ذنبه – الذي لم يكن ذنبا – في التعلم ؟؟.. ظني إن قلنا بكل ذلك فهو لم يأت عبثا هنا .. فالمبالغة تلفت النظر أكثر ، والشطط الوصفي في عملية المسخ يؤدي المراد من الحكمة التي أراد الكاتب أن يوصلها إلينا ..
اختم بمقطع أورده القرد ، وفيه من السخرية والمبالغة الشيء الكثير .. وهذا المقطع حاد شديد لماح ، يؤدي غرضه رغم قلب كل شيء ونسف كل منطق يقول القرد مخاطبا السيد :" ها أنت ترى يا سيدي ، برهان كفره فيك ، فجزاء الله لكولعبيدك باد لا يحتاج لدليل، إذ أطعتم سنة الله فهجرتم العلم والتعليم ، وسلكتم سبلالرزق والنعيم فنلتم العلا واعتليتم مدارج التكريم.
أما أنا المأخوذ بهوس ذاكالغبي الذي كان يلقبني بالعبقري الذكي ، فقد قضيت حياتي محاولا تعليم أمة أميةخِلقة، كتب الله عليها ألا تتعلم حتى وإن قرأت ، وكتب اللعنة على كل من أراد تغييرسنته تعالى فيها ، وأخلصت في إتياني لجريمتي وتماديت فيها حتى حاق بي غضب اللهفرددت قردا. "..
[/align]
|