عرض مشاركة واحدة
قديم 06 / 03 / 2010, 25 : 02 AM   رقم المشاركة : [13]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عش رشيد الميموني الدافئ

(12)
[align=justify]
عصفورتي الجريحة هناك قبالتي .. تضع راسها الصغير تحت جناحها لتحكه بمنقارها . تبدو عليها السكينة و الطمأنينة . تنظر إلي متفحصة كأنما تريد الإفصاح عن شيء يقض مضجعها ، أو تود أن تستفسر عن سبب توقفي عن الترنم بالقطعة الموسيقية الأثيرة لدي .. قد أكون صرت حقا ذكرى إنسان حين مر وقت طويل دون أن أحزن .. رغم أن حبها علمني أن أحزن كما كنت أردد دائما .. طال اشتياقي لتك المرأة التي تجعلني أحزن .. كنت في ما مضى أترنم ، وحين اصل إلى : لامرأة .. أبكي بين ذراعيها مثل العصفور .. أتوقف دون أن أدري لماذا .. كنت أحس بغصة و أستطيع الاستمرار .. هل يبكي العصفور ؟ .. كم وددت لو كانت لهذه الجريحة القدرة على النطق لنتبادل الحديث و أحكي لها كل ما يعتلج في نفسي من أحاسيس وما يتضارب في ذهني من أفكار .
في كثير من الأحيان أجد نفسي محدثا إياها .. مشيرا بيدي .. محتدا و متوعدا بقبضة يدي .. وكأني عبرها أحادث عصفورتي الغائبة الحاضرة .. هي لم تفارق فكري ولا مخيلتي .. لكني لا ادري لماذا أتخيلها جريحة كهذه العصفورة الصغيرة .. ولا أعلم ايضا من الجريح منا ؟ هل هي التي اختارت البعد أم نفسي التي تتجرع مرارته وتذهب بعيدا في أحلامها و أمالها ، لكن سرعان ما تعود خالية الوفاض ، مهيضة الجناح ، مثخنة بالجراح .. أنت يا نفسي ربما لا تدركين كم آلم لألمك و أحزن لحزنك ، و كم هو موجع وخز الضمير الذي يقض مضجعي و يؤرقني فلا تعرف عيناي للنوم سبيلا .. حيرتي لا توصف .. فأنا اخترت أن أجد لغياب العصفورة أعذارا .. فتارة أبرره بكونها تريد أن يزيد حبنا قوة و صلابة ، و تارة أخرى ألتمس لها العذر لتعرضها المحتمل لما اصاب عصفورتي هذه .. لكني نسيت في خضم كل هذا أنك تئنين و تتالمين في صمت .. كم اعرضت عن ثورانك و احتجاجك على نسياني و إهمالي لك .. كم من مرة تردد صدى صوتك في أعماق قلبي وهو يصيح منبها إلى جراحك .. لكني لم أعمل إلا في نكإ هذه الجراح ، وصم أذني عن نحيبك .. وكأنك لست مني .. هو جحود ما بعده جحود ..
أعلم أنك أحببتها كما أحببتها أنا .. و أنك تنتظرينها على أحر من الجمر مثلي .. لأننا منذ البداية ، كنا نسعد ونرتع و نلعب .. أنا كطفل مدلل غر لا يعرف من الحياة سوى اللهو و أنت بداخلي تسايرين شقاوتي و نزواتي ، وهي بكل فتنتها و عذوبتها تنسجم مع لهونا البريء وتعود إليها طفولتها .. أنت يا نفسي جديرة بالحب مثلها .. وتستحقين مني أن أتعهدك بالعناية و الاهتمام و أهدهدك كما أهدهد هذه العصفورة المسكينة التي طال عليها فراق أنيسها ..
ما اغرب وضعنا نحن الثلاثة .. أنا و أنت و هذه العصفورة .. هي لا تقول شيئا يشفي غليلي ولا أعرف اين يسبح فكرها الصغير .. و أنت لا تكفين عن النواح و العربدة لتثيري اهتمامي .. و أنا هنا أنتظر الذي قد يأتي أو لا يأتي .. هل أنتظرا سرابا ؟ .. ربما هذه من علامات الجنون .. في بعض الأحيان أقهقه عاليا حتى تنتفض العصفورة المسكينة في عشها .. أضحك لأني تخيلت لحظة أنني و أنا أفحص جرحها ، أنظر إلى الأخرى .. وربما طاف بذهني اعتقاد بانها ربما تكون مسحورة و جاءت لتعيش معي وبالقرب مني .. أوهام و أوهام لا أدري هل ستغزوني يوما فلا أعود أميز بين الحقيقة و الخيال .. أو ربما يكون اعتقادي أمنية بأن تكون حقا مسحورة .. المهم أنها بجانبي ..
و في انتظار الذي قد يأتي أو لا يأتي .. سأظل هنا أتعهد عشي بالعناية .. و أهتم بجرح العصفورة الصغير .. دون أن أغفل هذه المرة نداءات نفسي التواقة لشيء من الدلال ..
[/align]
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس