النص الشعري بين التصور الأكاديمي والتصور التربوي – رحلة في المفاهيم مع مقاربة نقدية - منتديات نور الأدب



 
التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,642
عدد  مرات الظهور : 100,301,336

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > دروب الرجاء / د. رجاء بنحيدا
دروب الرجاء / د. رجاء بنحيدا خاص بكتابات وأبحاث الأديبة والناقدة د. رجاء بنحيدا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 22 / 10 / 2024, 54 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

النص الشعري بين التصور الأكاديمي والتصور التربوي – رحلة في المفاهيم مع مقاربة نقدية

إذا كان مفهوم الأدب في طبيعته الكلية قد حير المنظرين ، فإن مفهوم النص أيضاً لا يحيد عن ذلك فمن أراد الإحاطة بمدلوله يتوسم عناء كبيرا مصدره الخلط في المفاهيم وتداخل الحقول المعرفية ،وكذا تعدد توجهات النقاد والمنظرين ، مما جعله دائم الانفلات وأكسبه طابعا رمى بالعديد من الباحثين إلى تجاوز تعريفه .
من هنا حقيق بنا أن نقف عند المعنى اللغوي لكلمة 'نص' والمعنى الاصطلاحي ، حتى نرصد مستويات استعمالاتها عند بعض المنظرين ، باعتباره مفهوما إشكاليا عالقا ، يحتاج إلى توضيح وتحديد معناه في نظريات النص والخطاب وفي علوم اللغة والآداب .
نجد في معجم الروس العالمي المجلد 15 مايلي :
" تنحدر كلمة النص texte من فعل texére ، والنص تبعا لذلك يعني الثوب ، ويعني بعد ذلك تسلسل الأفكار وتوالي الكلمات ، إنه الكلام الخاص بكاتب معين في مقابل التعليقات "
وحين نعود إلى أصل الاشتقاق في اللغة العربية نجد ابن منظور في لسان العرب يدرج تحت مادة (((ن ص ص))) ما يلي :
" النص رفعك للشيء ، نص الحديث ينصه نصا بمعنى رفعه ، وكل ما أظهر قد نص "
وقال الأزهري : النص أصله منتهى الأشياء ومبلغ أقصاها ، ومنه قليل : نصصت الرجل إذا استقصيت مسألته عن الشيء ، حيث تستخرج كل ما عنده وكذلك النص في السير إنما هو أقصى ما تقدر عليه الدابة .... ونص الشيء إذا استوى وقام "ابن منظور ج7 ص89
هكذا نصل الى استنتاج أولي مفاده، أن المعنى اللغوي المشترك بين العجمتين العربية واللاتينية هو بلوغ الغاية والاكتمال في الصنع ، وهذا ما نلمسه بجلاء على مستوى النص الأدبي ،باعتباره حقلا لتكامل وتجانس العناصر المتجانسة .
إلا أن هذا المعنى لانجد له كبير الصدى في دلالته الاصطلاحية ، إذ تختلف تعريفاته باختلاف النظريات والمرجعيات .
فبعدما كان ينظر للنص على أنه خطاب اللاشعور يكشف عن نفسية كاتبه أو المجموعة التي أنتجته من جهة ، باعتباره منتوجا اجتماعيا مطبوعا بقيم اجتماعية ، فإنه مع علم اللغة أصبح النص بنية لغوية مغلقة مكتفية بذاتها ولا تحيل إ لا على نفسها ،كما قال جمال باروت في مقالة له بالمواقف الأدبية .
غير أن استفادة النقاد من الدرس البنيوي الذي بلوره فرديناندو سوسير "كانت متباينة ،مما أفرز لنا حقلا من التصورات الفكرية التي حاولت الإحاطة بالمفهوم الزئبقي للنص .
وهكذا نجد جوليا كريستيفا في سياق تعريفها للنص :"كجهاز عبر -لغوي يقوم بإعادة توزيع نظام اللغة ، وذلك بان يعالق بين الكلام التواصلي الهدف إلى الإخبار المباشر ، وبين مختلف الملفوظات القديمة أو الآنية " الخطيب /1982/ص10
فالنص التقاء لنصوص سابقة وإعادة لقراءتها تناصاً وتداخلا ، تحريكا وانزياحا .
ففي سياق التغيرات التي طرأت على المفاهيم النقدية والأدبية ، واعتبارا لظهور وجهات نظر منهجية جديدة في تحليل الأعمال الأدبية ، اعتبر النص مع - بارت- لغة " بل جملة لغوية كبرى ، يصح على الجمل اللغوية العادية، مادامت عبارة عن نسق من العلامات المتمفصلة صوتيا ومعجميا وتركيبيا ودلاليا " بارت / النقد والحقيقة / 1984-ص28
من هنا يتبدى أن القاعدة التكوينية للنص الأدبي حسب رولان بارت هي اللغة بجوانبها المضمرة وبمعانيها المتعددة الثانوية وراءها .
بيد أنه إذا سلمنا مع بارت بتعدد معاني النص سيصبح هذا الأخير : " يتغير ، فهو لم يعد واقعة تاريخية، وإنما أصبح واقعة أنثروبولوجية، نظرا لأن أي تاريخ لا يستنفذه ، كما أن تنوع المعاني لايدل لى ميل المجتمع للخطأ ، وإنما يدل على استعداد الأثر الأدبي للانفتاح ، كون الأثر يمتلك في وقت واحد معاني متعددة ، فذلك ناتج عن بنيته وليس عن عطب في عقول من يقرؤونه "رولان بارت 1971ص12
حري بنا هنا أن نشير بخصوص تصور كل من " جوليا كريستيفا " و "رولان بارت " للنص في علاقته بعملتي الكتابة والقراءة ،تحول من التعامل معه بوصفه إنتاجا إلى التعامل معه باعتباره إنتاجية ، مما دفع التفكيكية من هذا المنطلق إلى المزاوجة بين الاهتمام بالنص الأدبي فتح المجال للدور الإبداعي للقارئ، فحفظت للنص قيمته الفنية ، وحولت القارئ من مستهلك للأدب إلى منتج له .
وفي سياق الحديث يستوقفني تعريف سعيد يقطين للنص باعتباره :" بنية دلالية تنتجها ذات (فردية ،جماعية) ضمن بنية نصية منتجة وفي إطار بنيات ثقافية واجتماعية محددة ) يقطين ، 2001، ص32 ليتقاطع بذلك مع - عبد الفتاح كيليطو - الذي يؤكد أن النص هو نص ثقافة " وأول ما نلاحظ أن كلاما ما لا يصير نصا إلا داخل ثقافة معينة ، فعملية تحديد النص ينبغي أن تحترم وجهة نظر المنتمين إلى ثقافة خاصة ، لأن الكلام الذي تعتبره ثقافة ما نصا قد لا يعتبر نصا من طرف ثقافة أخرى ، بل هذا ما يحدث في الغالب " كيليطو / 1982ص13
نلاحظ إذن أن الثقافة شرط أساسي لتحديد مفهوم النص ، النص ينشأفي كينونة ثقافية معينة ،ولا ينحصر في كونه مجموعة من الكلمات ، بل هو ينبثق من المجتمع ويولد منه وإذا وُجد خارجه لا يعد نصا .



2 - مفهوم النص في المجال الديدكتيكي و البيداغوجي
إن مفهوم النص عند الباحثين في ديداكتيك النص الأدبي يجمعون على كون النص هو :
- موضوع اشتغال لأغراض تعليمية تعلمية .
- كاشف عن إمكانية لغوية قابلة للا ستثمار في تعلم اللغة .
- حافل بأساليب وطرائق التواصل مما يسمح للمتعلم والمدرس إدراك اللغة في بعدها التواصلي .
- كما يتضمن مادة تثقيفية واسعة بإمكانها أن تستقطب إليها عمليات التدريب على اكتساب المعارف والمهارات .
- وهكذا يمكن القول أن مفهوم النص تم انتزاعه من مجاله الطبيعي وإدماجه في مجال يعيد إنتاجه وفق مواصفات وأهداف عامة ، من خلال:
-اقتطاعه من نصه الأصلي وصنع بنية مغلقة ومكتملة للمقتطف والقطعة .
-التصرف في بنيته بالحذف والتطويع ، لملائمة وضعيات التعليم وشروطه .
- إضافة تحسينات وتصحيحات عليه ، لجعله قابلا للعرض البيداغوجي والقراءة المدرسية ( العنوان - الصور والرسوم ..)
- إدراجه وتصنيفه في محور من محاور الوحدات والمجزوءة المقررة.
إن مفهوم النص في المرجعيات البيداغوجية مرتبط بالأنشطة الموجهة للمتعلم ، كأنشطة القراءة والدرس اللغوي " ولعل مرد انصراف المنهاج عن الخوض في تفاصيل النقل الديداكتيكي لمفهوم النص وللنصوص في حد ذاتها ، يعود جزء منه إلى الرهان على نشاط المتعلم لا على النصوص في حد ذاتها " التكوين المستمر 2009
ومن بين التعريفات التي نصادفها في علاقة الرؤية التربوية بالنص " تعريف عبد العليم إبراهيم الذي يرى أن النص وخاصة الأدبي هو تلك القطع التي يتم اختيارها من الثرات الأدبي شريطة أن يتوفر له حظ من الجمال الفني ، ويعرض على المتعلمين فكرة متكاملة أو عدة أفكار مترابطة، ويتخذ أساسا لأخذ التلاميذ بالتذوق ومصدرا لبعض الأحكام الأدبية التي توصل إلى بناء تاريخ الأدب وتنسيق حقائقه لعصر من العصور أو لفن من الفنون أو لأديب من الأدباء " إبراهيم /1968/ص25
وعلى هذا الأساس ، النص في السياق التربوي البيداغوجي هو شكل من أشكال التواصل اللغوي المكتوب أو المحكي يتم استخدامه في عملية التعلم والتعليم. وهو جزء أساسي من المناهج والمواد التعليمية التي تستخدم في الفصول الدراسية والأنشطة التعليمية.
يتم استخدام النصوص داخل الصف الدراسي لنقل المعلومات والأفكار وتبادل المعرفة بين المعلم والطلاب. (أسئلة، والمراجع ، والمناقشات، والأعمال العلمية، وغيرها). وكما هو جلي فإن عملية اختيار اختيار النصوص التربوية يتم بحرص وعناية لضمان تحقيق الأهداف التعليمية المحددة وتعزيز التفاعل والتفكير النقدي لدى الطلا ب.
تهدف استخدام النصوص في السياق التربوي إلى تعزيز مهارات القراءة والكتابة والفهم والتحليل والتفكير النقدي لد ى الطلاب. يتطلب فهم النصوص القدرة على استخلاص المعلومات الرئيسية، وتحليل الأفكار والمنطق، وتقييم المصادر والأدلة، وت وظيف المعرفة في سياقات جديدة.
تعتبر مهارة فهم واستخدام النصوص التربوية أساسية في عملية التعلم وتعزيز التفكير النقدي والتحصيل الدراسي للطلاب. يتطلب تنمية هذه المهارة القدرة على التحليل النقدي والتفكير الإبداعي والتعاون والتواصل الفعال.
وهنا حري بنا أن نشير إلى أن ما يميز المنظور لتربوي الوظيفي للنص ، عن المنظور العلمي الأكاديمي ، هو اعتبار النص مطية وقاعدة لتعلم اللغة ، عبر نشاطي القراءة والتعبير الكتابي والشفوي .
ومن خلال هذه الرحلة في مفهوم النص من زاويتي المنظور العلمي الأكاديمي و المنظور التربوي الوظيفي يتضح أن النص في أقصى تجلياته نسق متدفق من الكلمات ،قد نجد فيه ما يجذبنا ويورطنا ،فيمارس فتنته علي القارئ ، حين يجد هذا الأخير فيه جمالا كليا باهرا ، يدفعه إلى تدقيق النظر في جزئياته وفي تفاصيله ، وقد يصل الأمر إلى منحه شعور المالك له، المتمكن منه ... وذلك بفعل القراءة الراقية الواعية الفاحصة المتمكنة .
ونحن نستعرض مفهوم النص في المعرفة العالمة والمعرفة التربوية نصادف مصطلحا لا يقل أهمية عن مصطلح النص ، إنه مصطلح القراءة "وأقصد هنا القراءة المنهجية ، ولهذا سأتوقف قليلا عند مفهومها ومرتكزاتها..
المبحث الثاني :
-1مفهوم القراءة المنهجية ومرتكزاتها:
إن فعل القراءة فعل سيميائي يربط الدوال بالمدلولات المخزنة في الذاكرة ، عن طريق النطق والربط بين الحروف والكلمات والجمل .
وفي المجال التربوي هوفعل " بناء تساهم فيه الذات المتعلمة بنشاط وفعالية ، على اعتبار أن القراءة ليست خيطا مستمرا ، بل هي جملة أفعال تركيز وتتابع وفحص لنقط مختلفة على سطح النص " غريب ، ،2006، ص562
هذا الاختلاف ينتقل من مستوى النص الواحد إلى باقي النصوص المغايرة ، وهذا يستدعي منهجيات قرائية متعددة تتبلور من خلال تحديد خطوات تدريس النص في الفصل الدراسي حتى يتمكن المتعلم من فك شفرات النص ، وخلق ألفة مع النص المقروء من خلال خطوات معينة ومرتكزات عامة .
-2خطوات القراءة المنهجية للنص التربوي
- التفاعل : أول خطوة في القراءة المنهجية هو جعل المتعلم متفاعلا منفعلا بالنص من خلال إشراكه وتشجيعه على القراءة النشيطة الإيجابية ، من خلال حثه على إنتاج المعنى انطلاقا من مثيرات ومشيرات معينة ( النص الصغير ( العنوان) - النص الكبير -نهاية النص )
- المقاربة الكلية : هي مقاربة تساعد المتعلم على تجنب القراءة الخطية
-دينامية المتعلم : بإعادة إنتاج النص وبناء معانٍ جديدة وإغنائه بإضافات واقتراحات ، واستحضار آليات الإقراء المنهجي يصبح المتعلم متفاعلا منخرطا إيجابيا .
فالاقراء المنهجي هو إقراء مدروس ومعد بإحكام ، يمكن التلاميذ من إثبات أو تصحيح أفعالهم كقراء " البرامج والتوجيهات التربوية ص27 .
إن مستويات التفاعل مع النص المقروء تختلف على اختلاف كيفية الممارسة القرائية والعلاقة القائمة بين النص موضوع القراءة .. L'objet texte ..وموضوع النص المقروء L'objet du texte
فحين يفرض النص المقروء حضوره وسلطته في توجيه القارئ وتعليمه وإخضاعه ،. ونقل التأثير عليه مقابل انفعال قد يكون سطحيا وعابرا تصبح العلاقة القائمة بهذا المقروء علاقة خطية ذات اتجاه واحد ، تنحصر في الاكتشاف والتعرف والتلقي الانفعالي من قبل قارئ منفعل أمام معنى مقروء قبلي ومستقل عن الذات لا يقبل الاختلاف ولا يفسح المجال للنقاش بقدر ما يقبل النقل والضبط والحفظ ..مع إنكار تام لفاعلية وتفاعل القارئ وحصر مهمته في الاستخراج والانفعال لا الفعل ، هكذا أرى القارئ المنفعل الذي يختلف عن القارئ الفاعل وعن القارئ المتفاعل ..
لكن الأسئلة المحورية في أي قراءة واعية، والتي تفرض نفسها هي كالآتي ..
كيف ينبغي أن نقرأ ؟ وما هي شروط ومقاييس القراءة الجيدة ؟ وهل هناك قراءة واحدة للنص ، أم قراءات متعددة تختلف باختلاف ثقافة الشخص وطبيعته واهتماماته ، أم بحسب الغرض والهدف المطلوب من جهة ثانية . ؟!
كيف أحلل هذا النص الذي بين يدي ، كيف أتمكن من سبر أغواره ، وهل أحتاج إلى آليات ومقاييس ثابتة تصلح لكل النصوص الأخرى ، أم أن كل نص يقتضي منهجا ومنهجية تختلف عن الأخرى ؟
لا شك هي تساؤلات تحوم فكرك وأنت مقبل على مقاربة نص شعري ، ضمن تساؤلات أخرى أكبر وأوسع ، تجعلك حائرا بين معادلة قراءة النص وإسقاط المنهج ..
وبعيدا عن شائك القول ونحن نتحدث عن تعدد المناهج ومدى قدسيتها ومدى نجاعتها،ارتأيت أن أضع بعض المبادئ الإجرائية التي تسيج كل المقاربات ، وتستفيد ما أمكن من جميع القراءات وأدواتها ونظرياتها، بشرط أن نترك للنص هويته وحقيقته وحياته دون تحريف أو تعديل، حتى يظل سيد التحليل ينطلق منه القارئ النموذجي ويغوص في أعماقه ويجول بين مستوياته و دلالاته عبر آليات فرضها النص وأملاها على دارسه،وفق شرط أساسي فحواه أن المعنى هو شيء في النص ، وهو أيضاً من فعل القارئ ، يدركه ويلتقطه من داخل نسيج النص وليس من خارجه .
بعد مرحلة الملاحظة كخطوة أولى لتحديد ملامح النص والتقاط خصوصيته ومساءلته ، يبرز ذاك النص الموجز "العنوان" الذي يوجه لنا الدعوة لاقتحام النص ، والتماهي مع معناه ، باعتباره نافذة مفتوحة لولوج عوالم النص ، والاقتراب من فهمه، انطلاقا من قراءته دلاليا وتركيبيا ، بل هو أيقونة دالة محفزة يكتمل به العمل الأدبي على حد تعبير ميشيل بوتور M.Butor فكل عمل أدبي في نظره يتشكل من نصين مشتركين ، الجسد ( رواية ، عمل درامي ، قطعة شعرية ...) وعنوانه ، فهما قطبان أساسيان يمر بينهما تيار كهربائي من المعاني ، غير أن أحدهما موجزٌ وقصيرٌ ، والآخر طويل.
العنوان هو العتبة الأولى لاقتحام النص الشعري من أجل جس نبضه وتشريح مكنوناته الدلالية الخفية المتجلية في مستواه المعجمي الذي يعتبر من أهم المفاتيح التي تساعد على فك شفرات كلماته وعلاماته اللغوية المنطوية على فائدة في المعنى للبلوغ إلى جوهر النص ، وإلى الحقيقة القابعة في عمق الكلمات المتراصة المنتظمة في نسيج لغوي محكم.
حين نقبل على دراسة المستوى المعجمي.. نكون أمام عملية وصف وجرد لكل العناصر اللغوية والمفردات والكلمات باعتبارها علامات لغوية مشحونة بدلالات تقود القارئ إلى تصنيف وتوزيع وتفكيك بنيات النص الدالة ..
بمعنى لا يمكن أن ينماز التحليل دون الإحصاء الدلالي لمكونات الخطاب الشعري وعليه فإن دراسة المستوى المعجمي يفتح باب فهم دلالات النص ومقاصد الشاعر في سياق محدد،لرصد طبيعة الحقول الدلالية التي تنتظم داخلها ألفاظ القصيدة وتحديد المعجم المرتبط بها
مع استخلاص العلاقات القائمة بينها وربط دلالة المعجم بالخطاب الذي يمثله النص الشعري والذي يتشكل من نسيج علاقات تتكون بين الرؤى الحاملة لسيول دلالية متعددة .
كما أن الحديث عن النسيج اللغوي لا يتوقف عند المستوى المعجمي الذي يتشكل من مفردات وجمل مشحونة بالدلالات، بل يتعداه إلى المستوى التركيبي ( التركيب النحوي والبلاغي) الذي هو عبارة عن علاقات تلحم أجزاء الكلم ، وتفسر خواصّ التركيب اللغوي ،وأنساق تشكيله وتفتح باب التساؤل حول طبيعة بناء الجمل ودور كل جزء فى هذا البناء، وعلاقة أجزاء الجملة بعضها ببعض، وأثر كل جزء فى الآخر مع العناية بالعلامة الإعرابية والأساليب المستعملة ،و بنية الضمائر ووظيفتها.
في المستوى التركيبي يقوم القارئ بدراسة وصفية لعناصر الجملة وإبراز ما هو خفي إنطلاقامن اللغة والتراكيب ، والتمعن في الظواهر اللغويةكالتراكيب المخالفة/ المطابقة للقواعد النحوية ، أو الاشتقاقات المخالفة / الموافقة للميزان الصرفي .. إلى غير ذلك من الظواهراللغوية التي تتضافر في تحقيق أدبية الخطاب الشعري كالتقديم والتأخير والحذف والقلب ، فلا وجود لشعر خارج قانون النظم الذي ينبني على أساس قواعد النحو وطرائق العرب في إجراء كلامها ، ولا وجود لشعر فارغ من التركيب البلاغي البياني المكمل للجانب النحوي ،، وما يتصل به من صور بيانية -تشبيه واستعارة وكناية ومجاز-
بالتركيب البلاغي ينحو التحليل نحو الاكتمال لأنه واسطة الشعر وجوهره لما يشمله من أدوات تعبيرية بلاغية ( بيان وبديع ومعاني)وتقنيات لغوية أسلوبية وصور شعرية تشكل منظورا متماسكا يحتاج قراءة واعية معمقة في كيفية اشتغال هذه الآليات وأهم الأغراض التي تؤديها داخل السياق الشعري ،كما تتطلب إلماما بعلوم الآلة وغيرها من المرجعيات التاريخية والنفسية والاجتماعية التي تفيد في سبر كوامن النص وأغواره .
فالشعر تواصل بالكلمات بالتراكيب ،تواصل بالإيقاع والنغمات ،ودراسة المستوى الإيقاعي للنص الشعري يقتضي الوقوف عند المستوى العروضي ( الوزن والقافية ) وتقطيع الوزن للكشف عن الجزئيات الصغرى لهذا البناء العروضي والمستوى اللغوي الذي يقوم على أساس أنواع الجرس الذي يُغني الجانب الإيقاعي والمستوى الصوتي بما يحفل به من توازيات بين مخارج الأصوات وصفاتها ومواقعها داخل النص..
إن الغرض من تقديم هذه المنهجية في تحليل النص الشعري هو تجاوز ذاك الموقف السلبي في قراءة النص وخوض غمار مواجهته والانفعال به وإعطائه حقه في التعدد والانفتاح .. وفهم بواعثه وتحليل أنساقه وبنياته ورموزه. ومحاورته حوارا واعيا مع إتقان ثقافة طرح السؤال وتعميق اتجاه الائتلاف المنهجي في ذات القارئ على اعتبار النص الشعري " كبئر غزيرة الماء ، كلما مُتح منها نشطت عروقها، وتدفقت روافدها، وتجددت مياهها، وهو أمر يكشف الإمكانات غير المحدودة من الإيحاءات التي تصدر عن النصوص ويفضي إلى تعدد في إمكانات التحليل والاستنطاق " إبراهيم /هويدي/ ص9








مقاربة لقصيدة الشاعر طلعت سقيرق
" رمح وردة في باطن الكف "
الناقدة رجاء بنحيدا

أعترف بداية بالإحباط الذي يصيبني حين أرى غياب النقد الموضوعي عن المشهد الثقافي ، هل هي أزمة نقد في غياب قارئ ناقد ؟ أم هي أزمة ثقافة في غياب المثقف عن المشهد كله ...
هل فقد شعر سحره وصولته وهل فقدنا الحس الجمالي والذوق الرفيع في ظل هذا الصخب وهذه الفوضى .
لا أظن ذلك ، حين تقرأ مثل هذا الإبداع الفاعل والذي يحمل فاعلية واعية في اللغة وذات الكتابة ،في ذات النص ، في ذات الإبداع .،في ذات القصيدة.
سيسحبك ولاشك أيها القارئ الناقد إلى المغامرة القرائية ، إلى الكشف ، إلى التعمق ، إلى التذوق ...إلى القراءة .
بهذه المغامرة القرائية أحاول ن أستحضر حالة الشاعر الناقد طلعت سقيرق ، وهو يختار عنوان قصيدته " رمح وردة في باطن الكف "فهو يبدو لي في حالة توتر تام ووجع كامل ،
ألم توتر حرقة ، تتداخل فيما بينها وبين ضلوع الشاعر وفي عتبة العنوان تتجسد ،هي عتبة استعارية مفصلة طويلة تعكس حالة القصيدة ، حالة الشعر ، حالة الشاعر .. حالة الوردة
فتتداخل الأوجاع داخل كل الحالات السابقة ، ليهتز باطن الكف وباطن القصيدة لآهات وحرقات مزروعة في خفقات صدر الشاعر ، وبين سطور القصيدة
كما نعلم أن النفس الإنسانية الشاعرية تنطوي على كثير من الأسرار ، وتغدو أكثر انغلاقا إذا غلفها الصمت لحظة الوجع ، لكنها تتحول إلى لوحة ناطقة أذا تدفقت الأحاسيس كشلال هادر تنطلق من الأعلى وبقوة ...كحزمة واحدة كقصيدة كاملة.
القدسُ في قلبي
القدسُ في بابي
للقدس ِ أغنيتي
عينايَ ..أهدابي
***
جرحٌ بحجم العمرِ من يدري ؟؟..
كمآهة ٍ مزروعة ٍ في خفقة ِ الصدر ِ ؟؟..
***
ما بيننا والبابْ
في زحمةِ الأحبابْ
شجرٌ من الأسبابْ
يا حرقة الغيابْ
أمشي على مهلي
***
في القلبِ من وجعِ الهوى
جرحٌ وأنـّات ٌ
دمعٌ وآهاتٌ
راح الذين أتوا ..
في غربتي ماتوا ..
أمشي على مهلي
***
ماذا يفيد إذا
قيدتُ أيامي ؟؟..
في دفتر العام ِ ..
نارٌ بأحلامي
والجرحُ قدامي
أمشي على مهلي
***
لا تشربي من جمرةِ الأيام من صمتي
سأدورُ في بابين من وجعٍ
وأروحُ مقتولا إلى ما وزعتْ كفايَ من موتي
يأتي الهوى من غربةِ الأحلام هل يأتي ؟؟..
في ساحةِ الموتِ ؟؟..
في هذه القصيدة منبع واحد ، ونبع واحد " هو القدس " نبع ممتد في أعماق الشاعر ، بين ثنايا القصيدة لفظا ومعنى ، منها انطلق الشاعرفي نسق زمني غائب حاضر ممتد ببنية درامية حوارية تستحضر صوتا داخليا خارجيا يوحد درامية القصيدة , ويمنح ترابطا بين الداخل والخارج بين الرمزي التخييلي والواقعي المؤلم

القدسُ في قلبي ..
***
/ قالت تمرّ إلى يديّ َ قصيدة ً
/ قلت انكسرتُ على رياحين انتظاري
/ قالت سأفتح ياسمينَ القلب من عشق ٍ
/ قلتُ الهوى في خطوتي ناري
/ قالت ستبقى هائما أبدا
/ قلتُ ارتحلتُ لرعشة الدارِ
****
أحيانا تشربني الآه فأنسى أن أبني حلما عن وجع الذات وأبكي بين ذراعيها حتى تنتبهَ اإليّ فتسألُ عن فضـّةِ روحي ؟؟.. تسألني عن جرح ٍ يمتدُّ طويلا مثل الساقية السكرى ..جادلتُ طويلا حول الساقية السكرى !!.. قالتْ لا تنظرْ للأشياءِ الباردةِ فعصفورُ الوقتِ سينقرُ باب سماءٍ من حجرٍ في زمن ِ الرعب المجدولِ هنا وهناكَ سينقرُ هل تدري كم مرّ من الوقتِ الآنَ على تلك الريحِ ؟؟.. تنامتْ أسئلةٌ نامتْ في سلةِ حزنٍ ..لم أعرفْ كم سيطول الظلّ على جرس الأيام سأبكي حتى صباح الوقت الآتي ..هل يأتي هذا الوقتُ قليلا ؟؟.. قالتْ لا يأتي غيرُ دخانِ زمان ٍ مصلوب ٍ في الذكرى ..

بين الصوت الداخلي والخارجي تتنامى أسئلة الوجع عن السكون عن الوقت الممتد عن الحلم ، عن عن الزمان المصلوب ،في حركة إيقاعية تضمنها وحدة المقطع في محاولة جريئة تطوع السرد داخل الشعر بروعة ورونق .. وهنا أتذكر قولة هوميروس للشعراء"
فروعة الترتيب ورونقه ، لوصح تقديري ، تتلخصان في أن على ناظم القصيدة العصماء التي تتطلع إليها الدنيا بصبر نافد أن يتوخى ذكر ما يجب ذكرُه، وتأجيل الكثير إلى أن يأتي حينه، كما أن عليه أن يهتدي بذوقه فليحب هذا وليزدرِ ذاك "

حوار سردي داخل قصيدة شعر في فضاء ممتد متشعب ينقلنا بسلاسة من لغة إلى لغة ومن مبدأ إلى آخر ليكمل مقصدية الشاعر بالتخصيص والتدقيق عن طريق مقاطع محورية د" القدس في قلبي " القدس في بابي " ليحقق نوعا من الانسجام في العلاقات المعجمية التركيبية الدلالية... الزمنية..

قراءة وسفر في قصيدة " قبعات من ضوء الروح"
الناقدة رجاء بنحيدا

“ الشعر ضوء متحرك ، متموج ولوع بالمستحيل
" الشعر مستودع أسرار كبرى " محمد بنيس



قصيدة تفتح أبوابها للمارين ، للعاشقين ، للمنتظرين ، للحالمين ، تُشرع لضوء الروح نوافذ الفلب،
وللقارئ المتذوق - لا المستعجل- شرفات الرؤية الشعرية في سماء صافية ..

قصيدة تجعلك تحدق وتعيد القراءة والتملي فيها لاختلاف تشكيلها، وجمالية لغتها
تجعلك تحلق ترتحل ، فترسو داخل دفق شاعري بعد أسفار في عوالم الكشف والشعور والكلمات. ...
من ضوء الروح تسافر وراء المعاني الماتعة ، معتمرا قبعات الحب والعشق والوله والصبابة ، لتمضي وراء مراكب الحلم والأمل، وراء جنون وخيال ، عبر تنوع وزني وانسجام واضح بين إيقاع دلالي ودلالة إيقاع ومعنى ..

القصيدة تفتح أبوابها
فاعلن / فعلن / فعلن / فاعلن
كي يدخل السادة الشعراء
فعلن/ فعولن / فعول /فعول
حاملين مسدسات القلب
فاعلن/ فعلن / فعولن / فاع
معتمرينَ
لن/فعلن /ف
قبعات ٍمن ضوء الروح
عول/ فعْلن / فعْلن / فعْلان
*****
انفتاح واختلاق وزني / مكاني حطما القائم والحدود وقدما للقارئ المتذوق لغة شعرية تجاوزت المألوف والنمطي المبتذل "بألفاظ حققت الدهشة بالمنطق المتماسك وبالمفاجأة الواعية " سليمان ،2002،ص136-

ساعة الجدار تأكل أصابعي
أرتدي معطف الوقت
أخرج من شوارعي
تسألني امرأة ما !!..
عن شيء ما !!..
أحكي لها عن مراكب الحلم
وأمضي ..
***
دهشة لايمكن نكرانها وأنت تحلق في عوالم مختلفة ومساحات بكر تكتشف من خلالها علاقات استعارية تدفعك للتوقف والقراءة المتأنية ( ساعة تأكل ) ( معطف الوقت ) ( مراكب الحلم ) ،
للسفر في عمق المتخيل المنفلت من القالب الدلالي الجاهز ..
باستعارات تحيا الكلمات والمعاني ...بها يحكي الشاعر ويحلم فنمضي معه إلى معاني وعلاقات جديدة داخل اللغة نفسها ، وبين اللغة والعالم.

سأكتبُ فوق مرايا القمرْ
فعولُ / فعول / فعولن / فعو
لأنك ِ وحدكِ حبي
فعول / فعول / فعولن
يطيبُ السهرْ
فعولن / فعو
انعكاس تمثيلي يرتكز على استعارة تأسيسية ، تؤسس علاقات بين الكيانات والأشياء وتجعلها تتحرك في زمن محدد ومجال موحد من خلال تعانق إضافي دلالي بين شعرية المرايا التي تكمن في التعدد والضوء والوضوح .. و شعرية القمر التي تتجلى في ذاته ، وفي رمزيته التي نحمل دلالات الهدوء والعزلة والضياء ودلالته .
دلالة مفعمة بالهدوء والعزلة ، والتأمل في الكون ، تشير إلى تدفق المشاعر وفعل الكتابة والإبداع ( سأكتب ) .
انعكاس جمالي يحرك ريح الشعر والحب والسهر والكتابة وريح السؤال ...

أفكر في كل وقت ٍ لماذا ؟؟..
إذا جئتُ من راحتيك ِ لماذا ؟؟..
إذا رحتُ نحو يديك لماذا ؟؟..
إذا كنت وحدي
وخارج وحدي لماذا ؟؟..
أحبك ِ حتى حدود الذهول ِ
وفوق التصوّر ِ
مهما تمادى خيالُ الصورْ !!..

هكذا استطاع الشاعر أن يفجر ينابيع السؤال الاستفهامي على غير المعتاد والشائع .. بأداة
تثبت أسباب هذا الولع وتؤكده في فضاء انزياحي استعاري يؤكد إحساس العشق والحب حتى حدود الذهول والانبهار!

تثيرين فيّ جنون الجنونْ
تدورين فيَّ تكونين فيَّ
تثورين فيَّ .. تنادين فيَّ
تشدين كل المراكب فيَّ
تهزين كلّ الحدائق فيَّ
فأضحك أركض ألهث حبا
وأعرف أنـّي لأنك فيَّ
أعيشُ ... أكونْ

ترابط بين الأفعال ( تثيرين ، تدورين ، تكونين تشدين ، تهزين ،) والحرف ( في ّ)، يؤكد دائرية المعنى ودلالة الانسجام والتكامل والبقاء ..
تشاكل دلالي قوي بين الفعل المضارع الدال على الحركة والثورة والحرف الدال على الثبات والاستقبال..
مقطع يشكل بؤرة استعارية توسع دائرة العلاقة بين الشاعر ومحبوبته ، والشاعر ولغته ، هي علاقة 'استعارية' تعتمد على التحول والتغيير والبناء والتكوين والتكامل ..
علاقة جعلت الاستعارة تقوم على صورة تشخيصية يتحول بها المجرد إلى محسوس وغير العاقل إلى عاقل " تشدين كل المراكب فيّ " وتهزين كل الحدائق في " فيشكل الحب "قطب رحى هذا التدفق الاستعاري .. وهذا التفجير المجازي الدلالي.

خذي ما تشائين قلبي مطرْ
خذي ما تريدين عمري شجرْ
*****
قلب مطر ، عمر شجر / ثنائية تشبيهية بليغة ، تدل على تعادل دلالي ،يؤسس لبداية استعارة
مادامت هذه الأخيرة " تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه ".
وإذا كان التشبيه " من وسائل تحسين الكلام ، ومن وسائل الإقناع " ناظم ،2002،ص136-فإن الاستعارة هي " قصيدة مصغرة "Ricoeur,1986p20

أحبك دقـّي على باب هذا الزمان ِ
فعول / فعولن / فعولن / فعولن /فعولُ
وهاتي يديك نشيدا لتمطرَ
فعولن / فعول / فعول /ف
كل الحدائق أحلى العطورْ
عولن / فعول / فعولن / فعولْ
ويطلع من كل غصن ٍ نشيدُ النشيدْ
فعول / فعولن / فعولن / فعولن / فعولْ

أحبك كوني بكل الكرياتِ قلبي وكوني
بكلّ الكرياتِ عمري وكوني حياتي أسيرُ إليها
وأصرخ أني إذا ما وصلتُ إلى راحتيك ِ
يضيءُ الوريدْ
***
أحبكِ أحفرُ حبّكِ داخلَ لحمي وجسمي وعمري
وشمسي وهمسي وأعطيكِ فوقَ جميعِ
القصائدِ شعرا وعطرا وعمرا ...
وللعيدِ عيدْ
أحبكِ لا شيءَ يسبقُ حبي
ولا شيءَ يسبقُ عشقي
فأنتِ التي أشتهيها صباحَ مساءَ
وأنت التي أفتديها
صباحَ مساءَ
ووحدكِ في كل عمري
القريبِ البعيدْ

*****
ثراء سيمفوني ، وتوسع في بناء القصيدة وتشكيلها من الناحية المكانية والصوتية أضفى جمالية مختلفة في مجال الرؤية البصرية وفي مجال الإيقاع الصوتي ...
ورفقة هذا الإيقاع " التقاربي المتدارك " وهذه العناية بالتراكم الصوتي المتنوع ( القافية ) وهذا الوعي اللغوي الجمالي ، نرحل مع الشاعر إلى عوالم شعرية مشحونة بالأحاسيس الراقية والرؤى المتدفقة أسرارا وإمتاعا ...

لعينيك غنيتُ ما أجملكْ
هواك على كل عشق ٍ ملكْ
خذيني لأني بغير هواك ِ
حبيبٌ هلكْ!



خاتمة

في ختام القول ، وفي هذه الرحلة المتنقلة بين مفهوم النص ومفهوم القراءة والمنهجية المقترحة لقراءة النص الشعري ، فقد قادنا البحث المتأني إلى الوقوف عند بعض المحطات وقوف المتأمل وأخرى وقوف المهتم المختص ، بين تصورين (متقاربين/مختلفين) البيداغوجي والمنهجي بحكم التخصص تارة وتارة أخرى بحكم ممارسة التكوين داخل مراكزها ، فكان هذا التجاذب هو الدافع الأول للبحث في هذا الموضوع ، بغية توضيح أن قراءة النص تختلف عن إقراء النص مادامت القراءة الأولى هي قراءة تربوية بيداغوجية و الثانية هي إقرائية نقدية .
وكما هو معلوم، القراءة والإقراء مصطلحان يُشيران إلى نشاطين مترابطين، ولكنهما يختلفان في طريقة الاشتغال والهدف المتوخى. فإذا كانت القراءة هي عملية فهم واستيعاب المعنى المكتوب للنصوص، فإنها تشمل فهم الكلمات والجمل والعبارات والأفكار المكتوبة. كما تتطلب مهارات معينة ومحدودة مثل تعرف الحروف والكلمات، وفهم البناء اللغوي والمفردات، وتحليل الجمل وفهم الهيكل العام للنص. على النقيض من ذلك، الإقراء هو نوع من القراءة يعتبر أكثر تحليلاً وتركيزًا على التفاصيل والعناصر الأدبية واللغوية في النص. يتضمن الإقراء تحليل النص بعناية لفهم المعاني المخفية، والتركيز على التركيب والأسلوب والرموز والرؤية الفنية المستخدمة في النص. يهدف الإقراء إلى استخلاص المعاني العميقة وفهم النصوص بشكل أفضل. بشكل عام، يمكن القول إن القراءة تشير إلى عملية الفهم العام للنصوص واستيعاب المعنى، بينما الإقراء يشير إلى تحليل وتفحص النصوص بتركيز أكبر للوصول إلى تفاصيل أعمق ومعاني مخفية. بالقراءة، يكتسب الفرد المعرفة والمعلومات وبالإقراء تنمو الذائقة اللغوية والأدبية لفهم النصوص بشكل جيد وبطريقة تحليلية ممنهجة .

















المراجع
• إبراهيم، عبد العليم (1986). الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية. القاهرة: دار المعارف. ط 4.
• إبراهيم، عبد الله هويدي. ص (1984). تحليل النصوص الأدبية. بيروت: دار الكتاب الجديد.
• الخطيب، إبراهيم (1982). نصوص الشكلانيّين الروس، ترجمة. المغرب: الشركة المغربية للناشرين المتحدين.
• رولان، بارت (1984). النقد والحقيقة، ترجمة إبراهيم الخطيب، مراجعة محمد برادة. الرباط: مؤسسة سمير. ط 1.
• غريب، عبد الكريم (2006). المنهل التربوي.منشورات عالم التربية.
• عبد الفتاح، كيليطو (1983). الأدب والغرابة، دراسة بنيوية في الأدب العربي. بيروت: دار الطليعة.
• سعيد، يقطين (2001). انفتاح النص، إبروائي النص والسياق. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
• ناظم، عبد الجليل (2002). البلاغة والسلطة في المغرب. دار توبقال للنشر.
• Ricoeur, Paul (1986). Du texte à l'action. Paris: Seuil.
المجلات:
• السليمان، خالد (2002). "لغة الشعر بين الممكن والممتنع والمستحيل". عدد 1، مجلد 13، مجلة أبحاث اليرموك.
الوثائق:
• مجزوءة التكوين المستمر المنجز من قبل الفريق المركزي للتكوين المستمر الخاص بمادة اللغة العربية، والصادر عن الوحدة المركزية لتكوين أطر التربية والتكوين، يونيو 2009.
• البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بمادة اللغة العربية بسلك التعليم الثانوي الأعدادي
المواقع الإلكترونية

سقيرق، طلعت (دون تاريخ). قصيدة قبعات من ضوء الروح – وقصيدة رمح وردة في باطن الكف. تم الاسترجاع من: http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مقاربة, نقدية, النص, الأكاديمي, المفاهيم, التربوي, التصور, الصغرى, رحلة, والتصور


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 20 : 07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|