الرواية التوثيقية: السرد التاريخي بين الحقيقة والخيال من إعداد د. رجاء بنحيدا
الرواية التوثيقية: السرد التاريخي بين الحقيقة والخيال
من إعداد د. رجاء بنحيدا
الرواية التوثيقية هي نوع أدبي يجمع بين عناصر الرواية التقليدية، كالشخصيات والأحداث والحبكة، وبين عناصر الوثيقة التاريخية، كالأدلة والأرشيف والشهادات.
وهي بذلك تمثل محاولة لتوثيق أحداث تاريخية أو اجتماعية أو سياسية من خلال قالب روائي، مما يمنح القارئ تجربة قراءة شيقة ومثيرة، مع الحفاظ على الدقة التاريخية قدر الإمكان.
أساسيات ومرتكزات الرواية التوثيقية:
• الحدث التاريخي: تشكل الأحداث التاريخية الحقيقية العمود الفقري للرواية التوثيقية. قد يكون الحدث كبيرًا كحرب أو ثورة، أو صغيرًا كقصة شخصية واحدة.
• الشخصيات التاريخية: غالبا ما تظهر شخصيات تاريخية حقيقية في هذه الروايات، ولكن يمكن للكاتب أيضًا ابتكار شخصيات خيالية تتفاعل مع الأحداث التاريخية.
• الأرشيف والوثائق: يستند الكاتب على مصادر تاريخية موثوقة كالأرشيف، الشهادات، الصحف، والمذكرات، لبناء روايته.
• الخيال الأدبي: على الرغم من التزامها بالحقائق التاريخية، إلا أن الرواية التوثيقية تبقى عملًا أدبيًا، مما يمنح الكاتب مساحة للخيال في بناء الحوارات، وصف المشاعر، وتطوير الشخصيات.
• السرد: تستخدم الرواية التوثيقية التقنيات السردية التقليدية، مثل الحوار والوصف والسرد، لتقديم قصتها. ومع ذلك، قد تتضمن أيضًا عناصر إضافية مثل الرسائل والمذكرات والتقارير الإخبارية.
أهمية الرواية التوثيقية
• إعادة اكتشاف التاريخ: تساهم الرواية التوثيقية في إعادة اكتشاف الأحداث التاريخية بطريقة أكثر جاذبية وإنسانية، مما يجعلها في متناول جمهور أوسع.
• فهم الماضي: تساعدنا الرواية التوثيقية على فهم الماضي وتأثيره على حاضرنا.
• التعرف على الشخصيات التاريخية: تقدم لنا الرواية التوثيقية نظرة أعمق على الشخصيات التاريخية، وتكشف عن جوانب من حياتهم لم تكن معروفة من قبل.
• التوعية بالهوية: تساهم الرواية التوثيقية في تعزيز الهوية الوطنية والقومية، من خلال تسليط الضوء على الأحداث التاريخية المهمة.
أمثلة على الرواية التوثيقية:
سلسلة "أعمدة الأرض" لكين فوليت: تتناول سلسلة روايات هذه المؤلفة تاريخ إنشاء الكاتدرائيات في إنجلترا في العصور الوسطى.
وخير مثال نقدمه للرواية التوثيقية رواية حرب وسلم " لليو تولستوي فهي أفضل مثال كلاسيكي على الرواية التوثيقية.
إذ يقدم تولستوي في روايته صورة بانورامية للحرب الروسية الفرنسية، متعمقًا في تصوير المعارك والحياة اليومية للشعب الروسي. وعلى الرغم من الطابع التاريخي للرواية، إلا أن تولستوي يستخدم الخيال الأدبي لتطوير شخصياته وتعميق فهمنا لدوافعهم وأفعالهم. مثلاً، شخصية أندريه بولكونسكي، الأمير الشاب الذي يبحث عن المعنى في الحياة، تمثل نموذجا للشخصية التي تتطور وتتغير تحت تأثير الأحداث التاريخية."
اقتباسات من روايات توثيقية: نافذة على الماضي والحاضر
الروايات التوثيقية، كما هم معروف ، تجمع بين المتعة الأدبية والدقة التاريخية. من خلال الاقتباسات، يمكننا أن نستشعر روح العصر الذي تصوره الرواية، ونعيش تجربة الشخصيات التي عاشت تلك الأحداث.
بعض الأمثلة لاقتباسات من روايات توثيقية شهيرة، مع التركيز على كيفية توظيف الروائي للعناصر التاريخية والأدبية:
من رواية "الحرب والسلم " لليو تولستوي: "لقد كانت الحرب، كما هي حرب بين الناس، وحربً بين القادة والناس، حربً ضد الكراهية والعنف، وحرب من أجل الطموح والمجد."
التحليل: يعكس هذا الاقتباس رؤية تولستوي العميقة للحرب، حيث يجمع بين الجانب الإنساني والمعاناة التي يتسبب بها الصراع، والجانب السياسي والاجتماعي الذي يدفعه.
من رواية "أعمدة الأرض" لكين فوليت: "كان البناء هو لغتهم، الحجر هو كلماتهم، والكاتدرائية هي قصيدتهم."
التحليل: يركز فوليت على الجانب الإنساني للبناء، ويصور هذه الفئة وكأنهم فنانون يخلقون عملًا فنييا خالدا .
ما الذي يميز هذه الاقتباسات؟
اللغة السردية: يستخدم الكاتب لغة سلسة وواضحة، مع توظيف الصور الشعرية والأوصاف الدقيقة.
التعمق النفسي: لا تقتصر الرواية التوثيقية على سرد الأحداث، بل تتعمق في نفسية الشخصيات وتحلل دوافعها.
الربط بين التاريخ والحاضر: تسعى الرواية إلى إيجاد صلة بين الماضي والحاضر، مما يجعل القصة أكثر ارتباطًا بواقع القارئ.
التنوع الثقافي: تقدم الرواية التوثيقية صورة متنوعة عن الثقافات والحضارات المختلفة.
لماذا نقرأ الروايات التوثيقية؟
للتعرف على التاريخ: تساعدنا هذه الروايات على فهم الأحداث التاريخية بشكل أعمق وأكثر إنسانية.
لتوسيع آفاقنا الثقافية: نتعرف على ثقافات وحضارات مختلفة من خلال قراءة هذه الروايات.
لتطوير مهاراتنا في القراءة والتحليل: تساعدنا هذه الروايات على تحليل الأحداث والشخصيات وتقييم المعلومات.
للاستمتاع بالقصة الجيدة: بالرغم من كونها توثيقية، إلا أن هذه الروايات تقدم قصا تشويقيا متميزا.
الرواية التوثيقية: حيث يلتقي التاريخ بالأدب
الرواية التوثيقية هي فن أدبي يجمع بين دقة التاريخ وسحر السرد الروائي.إنها بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر، حيث يستخدم الكاتب أدواته الأدبية لسرد أحداث تاريخية حقيقية، محاولًا قدر الإمكان الالتزام بالحقائق والوثائق المتاحة.
ما الذي يميز الرواية التوثيقية؟
• الأساس التاريخي: تعتمد الرواية التوثيقية على أحداث تاريخية واقعية، سواء كانت حروبًا، ثورات، أو حتى أحداثًا شخصية.
• الوثائق والأرشيف: يستند الكاتب إلى مصادر تاريخية موثوقة كالأرشيف، الشهادات، الصحف، والمذكرات لبناء روايته.
• الشخصيات التاريخية: غالبًا ما تظهر شخصيات تاريخية حقيقية في هذه الروايات، ولكن يمكن للكاتب أيضًا ابتكار شخصيات خيالية تتفاعل مع الأحداث التاريخية.
• الخيال الأدبي: على الرغم من التزامها بالحقائق التاريخية، إلا أن الرواية التوثيقية تبقى عملًا أدبيًا، مما يمنح الكاتب مساحة للخيال في بناء الحوارات، وصف المشاعر، وتطوير الشخصيات.
وعلى هذا الأساس تتميز الرواية التوثيقية ب:
• إعادة اكتشاف التاريخ: تقدم الرواية التوثيقية التاريخ بطريقة أكثر جاذبية وإنسانية، مما يجعلها في متناول جمهور أوسع.
• فهم الماضي: تساعدنا على فهم الماضي وتأثيره على حاضرنا.
• التعرف على الشخصيات التاريخية: تكشف عن جوانب من حياة الشخصيات التاريخية لم تكن معروفة من قبل.
• التوعية بالهوية: تعزز الهوية الوطنية والقومية
الرواية التوثيقية: فن وفكر
الرواية التوثيقية ليست مجرد سرد للأحداث التاريخية، بل هي عمل فني يتطلب من الكاتب مهارات خاصة. البحث الدقيق هو أولى هذه المهارات، حيث يجب على الكاتب أن يغوص في أعماق المصادر التاريخية للعثور على المعلومات الدقيقة والشاملة. إلى جانب ذلك، يحتاج الكاتب إلى الخيال الإبداعي لملء الفراغات في السرد التاريخي، وبناء شخصيات مقنعة وحوارات حية. كما يجب أن يتمتع الكاتب بـ القدرة على السرد بشكل جذاب ومشوق، حتى يستطيع أن يجذب القارئ ويجعله يعيش الأحداث وكأنه شاهد عيان.الرواية التوثيقية ليست مجرد سرد للأحداث التاريخية، بل هي عمل فني يتطلب هذه المهارات وغيرها .
ونافلة القول، فالرواية التوثيقية هي أكثر من مجرد سرد للأحداث التاريخية؛ إنها رحلة شيقة تجمع بين دقة المؤرخ وخيال الروائي، فهي بمثابة فسيفساء تجمع شظايا الماضي لتشكل صورة متكاملة عن حقبة زمنية معينة،ومن خلال استغلال الخيال الإبداعي، يتمكن الكاتب من إضفاء الحياة على الشخصيات التاريخية، وتقديم تفسيرات محتملة لأفعالهم ودوافعهم، مما يجعل القارئ يشعر وكأنه يعيش تلك الأحداث بنفسه..وعلى الرغم من التحديات التي تواجه كتاب الرواية التوثيقية، إلا أن هذا النوع الأدبي يظل أحد أهم الأدوات التي تساعدنا على فهم الماضي وتقدير التراث الإنساني.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|