منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فيض الخاطر على أنغام البوح (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=529)
-   -   يدك التي تكتبني . (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=22297)

ميساء البشيتي 04 / 03 / 2012 28 : 06 PM

يدك التي تكتبني .
 
يدك التي تكتبني .
لم أكن أعلم أن الحروف كسائر البشر تسافر لكن دون حقائب .. وتترك مكانها فارغاً إلا من الأشواق والحنين ..
ودعتني الحروف .. لكنها لم تكن على سفر .. حروفي لم تسافر عني .. بل هجعت ساكنة .. خاشعة .. متعبدة في محراب الورق .
دائماً كانت الدموع تسبقني .. والحروف ترسمني .. وعيناك وحدهما من تقرؤني .. وكنتُ أنا لا أكلف نفسي عناء الحديث إلى الحروف وإلى الدموع وإلى عينيك ..
كنتُ أرتشف القهوة على مهلِ .. ويحدثني طيفك هامساً في أذني كل الوقت .. لم يكن الوقت يغادرني .. ولا أنت .. وكنا دائماً ترتشف القهوة المحلاة بالسكر من الصبح إلى ما بعد العصر .
كم كان عمرك .. لا أدري ؟
كم هو عمرك اليوم .. وكم هو عمر هذا الوقت ؟
أنا لا أعرف ..
فمذ وعيت ذات صباح مشرق على هذه الحياة .. حضرت الشمس ولادتي .. وألبستني قلادة الوقت وطيفك ..
منذ ذلك الحين وأنا أراك معي .. يدك في يدي الصغيرة التي لا تقوى وحدها على حملِّ أوراق العمر .. فكانت يدك تغمر يدي الصغيرة وتقلبُ عنها الصفحة .. كانت يدك القلم الذي أكتب به تاريخ الوطن مذ شُردت عنه قبل آخر رحيل لي عن عين الشمس .
كانت يدك المداد الذي يسيل على صفحاتي فيترك بسمة هنا .. ودمعة هناك .. ليقترب الفضوليون من قصة حياتي أكثر فأكثر .. ليحاولون فك شفرة الحروف وسرّك .. ثم يعييهم التعب والإجهاد فيغمزون بطرف العين " إنه حصرم وليس عنباً " ..
إنها أضغاث أحلام عصفورة .. وأطياف تتراءى لشاعرة .. وحروف من وحي الخيال .. ويغيبون ..
وأنا أراهم .. أنظر إليهم في قعر فنجاني يتلصصون ويتربصون ويشتمون رائحة القهوة والمداد .. يريدون القبض عليك وأنت تسري في دمي ..
ويُخفقون ..
ويسألون السماء بتذرع واهٍ : هل ينطق المداد أيتها السماء ؟
فينهمر المطر من كبد السماء وتتفتح أزرار الياسمين عبر الصفحات .. يقطفون ويقطفون ويقطفون .. ثم يذهبون .. فهذا ياسمين السماء .. أمطرته غيوم السماء .. لا يوجد له تربة في قلبي .. ولا يترك له ظلالاً على الورق ..
والوقت يضيع منهم ويأتي إليَّ .. يحملك كما اعتاد أن يحملك إليَّ طوال هذه السنين لتطبطب بيدك الحنونة على كتفي .. وتحمل عني ثقل الحروف ..
وتنطق الحروف الخرساء بين يديك ..
وأقرؤها في عينيك رسائل شوق ومحبة .. وأسمعها في أنينك بكاء ياسمين السماء .. وأرسمك في فنجان قهوتي رمزاً من رموز الوفاء .
لكنهم يريدون أن يقرؤوك في عيوني ..
وألوذ بك إلى أعماق الفؤاد حيث لا تصل أياديهم .. ولا يجرؤون ..
هناك حيث تكتبني كما تشاء وأشاء .. وتقرؤني كما تهوى وأهوى .. ويغيبون هم في البحث عنك بين الحروف ..
حروفي اليوم ودعتني .. هجعت للتعبد .. وتركتهم يفتشون عنك في ظلِّهم فلا يجدون إلا مطراً وياسميناً وقهوة لذة للشاربين ..
ويدك التي تكتبني كما تشاء وأشاء .

نصيرة تختوخ 04 / 03 / 2012 56 : 08 PM

رد: يدك التي تكتبني .
 
[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]جميـــلة وفيها ألغاز تجعلها أحلى. فضول الناس واليد التي ترافق اليد في الكتابة و الحضور الدافع لعربة الحروف...
سرني أن أقرأ لك مجددا خاطرة بهذا الحلا والجمال ،حتى المرارة القليلة فيها لم تزدها إلا نكهة.
دمت بخير[/align]
[/cell][/table1][/align]

رشيد الميموني 05 / 03 / 2012 54 : 02 AM

رد: يدك التي تكتبني .
 
[align=justify]الرائعة ميساء ..
هي حكاية .. أعني حكايتك ، لا ولن تنتهي مع حروفك .. كانت سواء كانت أنثوية أو خائنة أو مسافرة مودعة ..
لا أخفيك ميساء أنني أغبطك على هذه القدرة الفائقة في اختيار العناوين وألاحظ أن العنوان والمقدمة غالبا ما يذيلان الخاطرة ، ليشكلا بذلك تناغما و تناسقا بين البداية و النهاية و كأننا امام موضوع إنشائي محكم التصميم لكنه يختلف عنه في روعة الأفكار و بهاء البوح ..
خاطرة أقل ما يمكن أن نقول عنها إنها فائقة الجمال .. رائعة الحسن و كأنها عروس ترفل مختالة في ثوب الزفاف الأنيق .
دام لك الإبداع صنوا ودمت للإبداع وقودا .
محبتي .[/align]

ميساء البشيتي 13 / 03 / 2012 52 : 06 PM

رد: يدك التي تكتبني .
 
غاليتي نصيرة
أهلا بك وسعيدة بهذا الحضور المشرق
شكرا على هذه الكلمات الرقيقة التي تنم عن ذائقة أدبية راقية
أتمنى لك أسعد الأيام وأهنأها .

ميساء البشيتي 13 / 03 / 2012 53 : 06 PM

رد: يدك التي تكتبني .
 
أهلا بك اخي رشيد
شكرا على هذا الحضور الجميل والقراءة العميقة المتأنية
التي عودتنا عليها دائماً فأنت تقرأ حتى الاستمتاع بكل حرف
أتمنى لك أسعد الأوقات يا رشيد
وباقات من الشكر تسعى إليك .

محمد سعيد عدنان أبوشعر 14 / 04 / 2012 46 : 10 AM

رد: يدك التي تكتبني .
 
أيْ أستاذتي! أيُّ عزف شاعري هو هذا الذي دندنتْ لحنَه لنا حروفُك المسافرة
هكذا سحر الأدب يكون... يُنطِق كل الجمادات، ويغازل كل الموجودات، ويصنع منها قصائد وحفلات
أحييك، وأحيي إبداع قلمك المتلألئ


ميساء البشيتي 14 / 04 / 2012 37 : 06 PM

رد: يدك التي تكتبني .
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سعيد عدنان أبوشعر (المشاركة 143461)
أيْ أستاذتي! أيُّ عزف شاعري هو هذا الذي دندنتْ لحنَه لنا حروفُك المسافرة
هكذا سحر الأدب يكون... يُنطِق كل الجمادات، ويغازل كل الموجودات، ويصنع منها قصائد وحفلات
أحييك، وأحيي إبداع قلمك المتلألئ


مرورك الجميل يا محمد هو الذي ينطق الجمادات
كم أنا سعيدة بك وفخورة بك
أتمنى لك أياماً سعيدة يا محمد
وسلسلة من النجاحات التي لا تنتهي ولا تتوقف عند حد
بوركت ابني



http://www.w-tb.com/wtb/za5arf/shokrmror/1.gif


الساعة الآن 58 : 02 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية