منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   فيض الخاطر على أنغام البوح (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=529)
-   -   عودة في الانتظار (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=29999)

ميساء البشيتي 20 / 03 / 2016 54 : 07 PM

عودة في الانتظار
 
عَودة في الانتظار

أثقَلت عليَّ دموعك المنهمرة في ليل الأمس .. تلقفتها بقلب واهن وجسد مرتجف .. كيف تجرأت عليك الذكريات وانقضت على ليلك كالضبع ؟! ألم ترحم قلبك المستجير من ضعفه .. ألم ترحم دمع عينيك وهي تهطل كزخات المطر .. ألم ترحم اشتياقك إلى موائد الصباح وهي تجمعنا .. وانتظارك لنا على شرفات النهار كي نتجاذب أطراف الحديث عبر أسلاك الهاتف ؟!
حَزِنتُ لألمك .. لشراسة الذكريات التي هاجمتك .. للدموع التي انسكبت ولم أستطع تجفيفها وتقبيل الخد كي يستكين ويهدأ .. ولا إغلاق النوافذ جيداً في وجهها .. ولا سحب بساط الليل لتنامي كسائر الأمهات .. تضمين أطفالك إلى حضنك .. تمسدين على رؤوسهم بأناملك الطاهرة .. تقرأين على مسامعهم حكايات الليل الهادىء .
أخذتُ أطفالي .. أطفالك .. ورحلت إلى رصيف شتات آخر .. أحادثك الحديث المتقطع ، السريع ، المبتور ، المبهم عبر أسلاكٍ تعلن عن نيتها الانفصال كل ثانية .. رضَيتِ أنتِ ساعتها رغماً عنك .. ورضيتُ أنا أيضاً رغماً عني . وقفت الغربة حاجزاً بيني وبين تقبيل اليد والخد والعينين .. طارت سلامات مني إليك لكنها لم تسمن ولم تغنِ من جوع ؛ فانهمرت لألئك تلك الليلة وذاب قلبي عليها حزناً ؛ فلم أجد إلا هذه الحروف الحزينة لأعبر فيها عن سخطي وقهري .. علَّ دموعك ترضى .. علَّ روحك الطاهرة تهدأ..علَّ قلبك المنفطر حزناً يهدأ ولا يهم إن هدأت نيران قلبي أو اشتعلت .
جلستُ حينها أنا وساعات الليل الثقيلة نتصفح رسائلك الملأى بالدموع .. نقلب سنوات العمر البالية .. نفتح صناديق الذكريات الصدئة .. نعبث بجدائل الماضي والحاضر والمستقبل .. نرسم ألف علامة استفهام وعشرون ألف علامة تعجب !
ننتظر سنة ما .. شمسية .. قمرية .. ميلادية .. هجرية .. منسية .. منفية .. ننتظر سنة العودة !
حقائبنا معدة في الانتظار .. قوالب آدمية معدة في الانتظار .. مشاريع أحلام معدة في الانتظار .. وبقايا من بقايا الروح مغلفة ومعدة أيضا في الانتظار .
لم تمضِ سوى ساعات قليلة من هذا الليل الطويل فبماذا نتسامر وكيف سنمضي هذا الليل بانتظار الصباح ؟ أحاول فتح نافذة يتسرب منها هواءٌ منعش إلى رئتي .. أطل منها على سماءٍ مضيئة ذات نجوم تتلألأ وقمر منير يدعونا للسهر !
لكنَّ السماء هنا في الركن البعيد الهادىء تخلد للنوم مبكرة .. تأخذ في حضنها قمرها ونجومها وحتى السحب المهاجرة إليها وتغلق عليهم الأبواب وتنطفىء !.. فبماذا سنمضي باقي هذا الليل ؟
هل نعد على أصابع اليد خيباتنا العظمى .. كم مرة حزمنا حقائبنا .. كم مرة بدأنا المشوار منذ البدايات الحجرية .. كم مرة طلبنا فيها تجديد الهواء لأنه أصبح خانقاً .. ولفظنا الماء من شراييننا لأنه مرٌّ كالعلقم .. كم مرة حلمنا بتلك الياسمينة وسهراتنا الممتدة في ظلالها عبر دهاليز الليل إلى بوابات الفجر ؟!
هل نمضيك أيها الليل بانتظار الصحوة على وخز الأحلام لخاصرة الصباح .. معلنة بذلك نهار جديد نركض فيه لبدء مشوار العد .. عد ساعات الفراغ الثقيلة .. تصفح باقي رسائل الأحبة الملأى بالدموع .. محاولة تفسير أحلام ذلك الليل الطويل .. أم نكتفي بالانزواء في صومعة النفس .. بعيداً عن مضارب الشمس .. ورياح الخريف .. وقمر نيسان .. وعناقيد الصيف ؟
أظن ساعتها أن روحك لن تهدأ .. وأحلامنا لن تهدأ .. والأيام من حولنا لن تهدأ .. لذلك ألتمس منك العذر يا أم فلقد أتعبت قلبك وروحك بما يكفي .. وأعلم جيداً أن قلبك لن يرضى حتى أرضى !
لذا أنا يا أم أنعم بكل الرضى .. سأبقى كما اعتدنا أعد حقائب العودة وأنتظر على أرصفة وبوابات العودة .. سأفتح نوافذ الذكرى لكن دون خوف أو وجل .. وسأكتب على شبابيكها : أُرَضِّي يا أم علَّ هذا الكون يرضى .

ميساء البشيتي

محمد الصالح الجزائري 20 / 03 / 2016 14 : 11 PM

رد: عودة في الانتظار
 
[align=justify][frame="10 98"][align=justify]فيض حميمي على أنغام بوح شفيف..حزينة مكتنزة بالأمل هي نصوصك..خواطرك..قصصك..وسنرجع يوما قالتها فيروز..سنعود حتما فمفتاح الدار ينتظر..شكرا لك غاليتنا عصفورة الشجن الأستاذة ميساء..محبّتي ومواسم العودة[/align]..[/frame][/align]

رأفت العزي 21 / 03 / 2016 45 : 12 AM

رد: عودة في الانتظار
 
وليسامحني الشعراء !
ربما أنا مخطئ ولكن .. إن لم يكن هذا شعرا فما هو الشعر إذن ؟!
سيدتي الأديبة الإنسانة الأخت ميساء .. يقولون أن الربيع لا يزهر نباتا
بل حبا وسلاماً، ويصير عيدا للفرح والدنيا كلها تصير أجمل ولكن أيضا
كلّ منا له عيده ، له ربيعه الذي يعرفه تماما فما قيمة الفصول إن شموعنا
مطفأه إن تكن دارنا تفتقد الدفئ وتعيش انتظار الذين لا يأتون أبدا ومع ذلك
نعود للانتظار !

ميساء البشيتي 22 / 03 / 2016 43 : 09 PM

رد: عودة في الانتظار
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري (المشاركة 213225)
[align=justify][frame="10 98"][align=justify]فيض حميمي على أنغام بوح شفيف..حزينة مكتنزة بالأمل هي نصوصك..خواطرك..قصصك..وسنرجع يوما قالتها فيروز..سنعود حتما فمفتاح الدار ينتظر..شكرا لك غاليتنا عصفورة الشجن الأستاذة ميساء..محبّتي ومواسم العودة[/align]..[/frame][/align]


طبعاً سيبقى الأمل رفيقنا أستاذي النبيل محمد الصالح الجزائري
قد يخبو الأمل أحياناً ولكننا لا نستطيع أن نعيش من دونه
وقد يتسلل الحزن في غياب الأمل ولكن المنتصر الأكيد في النهاية
هو الأمل والعودة بإذن الله
شكرا لهذا المرور المحبب إلى قلبي وبوركت شاعراً وأديباً مميزا
:nic108:

ميساء البشيتي 22 / 03 / 2016 47 : 09 PM

رد: عودة في الانتظار
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت العزي (المشاركة 213226)
وليسامحني الشعراء !
ربما أنا مخطئ ولكن .. إن لم يكن هذا شعرا فما هو الشعر إذن ؟!
سيدتي الأديبة الإنسانة الأخت ميساء .. يقولون أن الربيع لا يزهر نباتا
بل حبا وسلاماً، ويصير عيدا للفرح والدنيا كلها تصير أجمل ولكن أيضا
كلّ منا له عيده ، له ربيعه الذي يعرفه تماما فما قيمة الفصول إن شموعنا
مطفأه إن تكن دارنا تفتقد الدفئ وتعيش انتظار الذين لا يأتون أبدا ومع ذلك
نعود للانتظار !

أن تراني شاعرة فهذا يكفيني ..
وأن ترى حروفي شعراً فهذه شهادة أعتز بها وأفتخر بكل تأكيد
بل وأباهي بها الجميع ..
الربيع يجب أن يخرج من داخلنا .. أن ينبت فينا ويظهر على السطح
من لا ربيع في داخله لن يرى الشمس مهما افترشت قلب السماء
كن بألف خير أ. رأفت ومرورك سبحان الله يفرح قلبي ويسعدني
ربي يسعدك دائما
:nic2:

بوران شما 25 / 03 / 2016 20 : 10 PM

رد: عودة في الانتظار
 
في ظل الظروف الصعبة والحالكة التي نعيشها عزيزتي أستاذة
ميساء يخبو الأمل ويملأ اليأس نفوسنا ، ولكن أمام هذا البوح
الرائع والمبدع ، ينبعث الأمل من جديد ونأمل بانتهاء هذه الظروف
الصعبة ونرى العودة قريبة بإذن الله ،
أبدعتِ عزيزتي أستاذة ميساء ، فلكِ مني كل المحبة والتقدير .


الساعة الآن 29 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية