![]() |
سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
http://i86.servimg.com/u/f86/14/42/89/14/214310.jpg سَوْرَةُ الأبجدية الضالة من أنتَ، من تكون؟ تتسلل بخفة ريشة، تمزق شرنقة الصمت من حولي، تنتشلني من غَرَقٍ محتم في أبجدية عقيمة قدت حروفها من لهيب، لا تجيد إلا الاحتراق، وفي زوايا محكمة الإغلاق! ليس لها نوافذ تطل منها على دلافين البحر، أو أعين تشاهد فيها براعم اللوز وهي تتفتح في قلب آذار، لتُفصح دونما خجل، عن قصة عشق جريئة في حدائق الربيع. هل أنتَ دمية من دمى أحلامي؟ الدمى التي شاركتني ربيع عمري، حِكت فساتينها من بعض الحروف الملونة والمزركشة، المخملية والتافتا، وربطت جأشها بخيوطٍ ماسية من الوهم، وأمرتها في كل ليلة أن ترقص السامبا، والسالسة، وزوربا؛ لتضيء سماء أحلامي ببهجة الأعياد. أم أنكَ فتى الأخبار في تلك الجريدة الصماء؟ الجريدة التي جَمَعتُ لفائف حبرها الأسود، وصَنَعتُ منها أهراماً للسيَّاح، وجداراً عازلاً بيني وبين أحبتي، غير قابل للانهيار، أستند إليه حين يشتد الضرب على مدن الفقراء، أخشى لعنة تطاردني حتى الممات. لستَ من الأبجدية الضالة، أبجدية النشوء والارتقاء، والقفز على رؤوس الآخرين بالمظلات، وصبغ الآفاق بالحبر السريِّ، وافتراش موائد اللئام بالشهقات. ولستَ حجراً، وإن كان ذلك الحجر المقدس في أكفِّ براعم النضال، يرفعونه علماً، يرتلونه نشيداً، يشعلونه قنديلاً يضيء إليهم طريق: البيت، المدرسة، العودة إلى القرية من المعتقلات، أو من غرف التعذيب. ولستَ غيمة، لأن الغيم بطبعه متواطىء مع رؤوس الجبال، يسقيها مطراً عذباً، زلالاً، غزيراً، يفيض من باطن كفيَّها؛ فتتصدق به على الجواري الحسان، ويُضن به على الأودية الظامئة لقطرة ماء؛ فيلقي إليها بالأبخرة السامة، وبقايا السحب الغاضبة، والضباب. كائناً من تكون؟! ففي زمن الغضب لا يهم من تكون! فكل من سبقك وعلى مرِّ العصور، كانوا بشراً، خلقوا من طين، لكن، بعد آخر عاصفة هوجاء هشمت أعمدة التاريخ، تفجروا لأشلاءٍ من دم وبارود، ومن بقيَّ منهم صالحاً للحياة، تبعثر كأمواج رملية على ضفاف الشتات، تعلو وتدنو حسب: قسوة المطر، شدة الريح، وانحراف المسارات بفعل الزلازل والهزات. كائناً من تكون؟! في هذا الزمن الغريب، الربيع الغريب، ربيع الغضب: يتساقط مطر الغضب، تفيض أنهار الغضب، تندلع نيران الغضب، تتفجر سَوْرَةُ الغضب، سَوْرَةُ الأبجدية الضالة. لا تكن منهم، وكن من تكون. |
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
[align=justify]على ضفاف الشتات...نصّ كبير كبير..عميق عميق...مبدعة وكفى!!!شكرا لك..[/align]
|
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
الشاعر الجميل محمد الصالح الجزائري إن لم تمر أنت لن يمر احد ..
وإن أنت مررت مرَّ كل أحد .. ألف شكر لك على طيب مرورك وحضورك وتفاعلك مع حروفي ودمت نقياً بهياً أبياً |
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
سيدتي الأديبة الرائعة الأستاذة ميساء ولا أقولها صفة من باب حسن الخطاب بل هو شيء نابع من اعماقي
لأن من الصعب أن يهتز قلبي شغفا وأتوقف أمام التأمل لأرجوه أن يساعدني على التفكير ! فالمقال بلغة أدبية راقية يحكي في التاريخ والشعر والفلسفة ... قلتِ في مكان ما " ذكرني إن نسيت " أنا أرجوك أن تذكريني إن تقاعست عن فتح جيمع الصفحات أو أن معظمها أغرقني في الملل فحرام ألا يتمتع عجوز مثلي بين وقت وآخر بلذة القراءة . سلمت يداك وسلم الفكر ايتها المقدسة . |
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
اقتباس:
ومنكم نتعلم أستاذي فأنا ما زلت تلميذة في بحركم الكبير القراءة متعة لا تضاهيها متعة وما زلت لهذه اللحظة أحتفظ بالكتب وأقتنيها أكثر مما أقتني وأحتفظ بالمجوهرات القراءة بالنسبة لي أهم من الكتابة فإن كنت أقرأ لا يهم أن أكتب وكم يسعدني أن نصي البسيط هذا نال إعجابكم الكريم فأنا ما زلت كالطفلة في الصفوف الأولى أحتاج لتشجيعكم الكريم الله يبارك فيك أخي وأستاذي رأفت وتذكر دوماً أننا منكم نتعلم . :nic72: |
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
حرف يسل خيوط الحرير لينسج نصا بديعا أستاذة ميساء دام لك الإبداع |
رد: سَوْرَةُ الأبجدية الضالة
اقتباس:
يسعدني ويسعد حروفي مرورك الكريم دومي بكل الحب الذي يليق بك :nic94: |
الساعة الآن 25 : 05 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية