ما يستحق الذكر في هذا الشأن ، أن ( الرافعي ) المتنحياً عن القضاء منصرفاً للكتابة والتأليف ...قد توجهت إليه أنظار الخاصة والعامّة في وطنه طرابلس ( طرابلس - لبنان ) ، فأراده الجميع - دون فئة قليلة لها مصالحها طبعاً - أن يكون هو المفتي في البلد ، وألزموه قبول هذا ( المنصب الجليل ) إلزاماً كلياً ، فنزل أخيراً عند إرادة المجموع (ثم جرى انتخابه وفاز فوزاً ساحقاً ما لبث بعد يومين أن تدخلت تلك الفآت السياسية، كما يعرف هذا كله من الصحف التي طفحت بالانتخاب وما تلاه في تاريخ 10 آذار سنة 1948 م ) أضربت على أثره مدينة طرابلس والإسكلة معاً إضراباً عاماً شاملاً لم يسبق له نظير ( كما يعلم الله ) والجماهير تهتف بقولها : ( مفتينا عمر ) و ( لا مفتي إلا عمر ) وعندها قام ( حفل تتويج هائل ) برعاية وجهاء مدينة طرابلس كالحاج عبدالله الغندور للهذا المفتي الجديد الذي أحبه كل الشعب عامته وخاصته والذي اجتمع وتزاحم الشعب كله حول الدارة لهذا التتويج يهتفون بحب هذا الرجل.. فكان يوماً مباركاً حافلاً بالجماهير من من سادات وأعيان ، وعلماء و وجهاء وأدباء من كل مكان، إجلالاً وإكباراً لعلمه المجيد، حيث انتدب الرجل الذي وقع عليه اختيار الأمة الطرابلسية ( لاعتبارات كثيرة فيه من مءهلات ، وكفاآت ) لأن يتعمم في هذا المهرجان الكبير فيأخذ بهذا الشعار الديني مكانته اللائقة به وبمنصبه فأجاب المفتي ( الرافعي ) تكليفه هذا بكل شكر وغبطة وسرور ، وقد زاده الله بذلك نوراً على نور ...
هذه لمحة تاريخية صار إلحاقها بترجمته المختصرة ، و سيأتي تفصيلها في الجزء الثاني من الديوان إن شاء الله تعالى .