يوميات في حب نور الأدب
سجلتها بداية بعنوان: بعيدا عن نور الأدب لكني عدت سريعا، فأردت مشاركتكم ما كتبت رغم أني كنت مترددا في ذلك..
هو حبي لكم جعلني أنقل ما خطه إحساسي في مختلف حالاتي. وإليكم ذلك:
أرغب اليوم أن أكون بعيدة عن نور الأدب رغم تعلقي به، فأنا أحس اللحظة أو منذ ما حصل لي قبيل الفجر بشيء لا أستطيع وصفه، ولكنه أكيد سيظهر بكلماتي التي أعبر بها في منتديات نور الأدب، لذلك أود أن أجنبكم ألمي..
لا أحب أن أكتب دوما عن الحزن .. أعشق المرح لكني لا أملكه الآن ؛ ربما أحسني تعيسة فكيف لي أن أجعل كتاباتي تؤثر على قلوبكم سلبا؟؛ يكفيني حبي لكم أني أتخيلني أحدثكم.
حملت حاسوبي أكاد أقول خلسة لأكتب علني أستريح فإن استرحت قد أريح..
أخاطب أحبابي بنور الأدب وأنا لست معهم، يذكرني هذا بالتعليم عن بعد الذي يقوم به جل الأساتذة في فترة الحجر الصحي التي نعيشها.. إلا أن قربي منكم الآن بروحي وقلبي فقط..
لا أعرف كم المدة التي سأغيب فيها عن نور الأدب لكنها غالبا ستكون لأكثر من يوم وفي كل لحظة يزيد شوقي لكم .. أحبكم
أسيدوم غيابي عنكم إلى الأبد؟ لا.. لا أريد ذلك إلا إذا كان موتي موشكا فقد يكون ذلك حقا.
ما أكتبه اليوم أحتفظ به للذكرى.. لكن قد يحصل أن أشارككم به إن أنا عدت.. سأفكر في الأمر. أكتب اليوم لأخرج ما أحسه.. لأنفس عن ذاتي.. لأنظر إلى مرآتي فأراني كما عهدتني لا كما رأيتني صباحا..
حسنا بعد أن نمت بصعوبة بعد الفجر، بل بعد ما استأنست بزقزقة العصافير وتأملت نور الصباح.. استيقظت قبل الظهر بساعة لكني ظللت بسريري، لم تقم أسماء وآلاء إلا عند الظهر وكانتا تنامان بجواري.. بقينا كذلك مجتمعات هناك؛ نتحدث بعض الشيء رغم الدموع التي تجري في أعماقي مع الدماء..
أنظر إلى المرآة؛ فأراني.. هل أنا هذه حقا. عينان متورمتان من بكاء ما قبل النوم.. ملامح كئيبة... أووووفï¬
بعد حين أتصل بأمي فقد اعتدت الاتصال بها قبل هذا الوقت؛ وإن لم أفعل ستقلق علي.. لا أستطيع أن أكلمها وأنا على هذه الحال ستسألني مابي؟ وأقول لها : لا شيء، وستؤكد أني فعلا بي شي وسأوكد ألا شيء بي ولا حاصل جديد، ستغضب، وترفض أن تكلمني و سأضطر لأن أقول لها شيئا ما مما وقع..
وفعلا هذا ما حصل.. عندما تم الاتصال بيننا بعد وقت... كعادتي أحاول أن أخفي عن أمي... ( حسنا مضطرة لإغلاق الحاسوب إلى اللقاء)
*********************************************
ها قد عدت ولكني الآن صرت أحسن من أمس؛ سأكمل لكم قصة أمس أولا وقد أصل إلى أن أحكي لكم عن اليوم. 3ماي 2020/ 9 رمضان 1441.
الأمس عندما كنت أتحدث مع أمي حصل ما توقعته.. ألحت علي أن أخبرها ما بي وإلا فلن تكلمني وستغضب مني، انهرت بكاء حينها.. و أخبرتها بشيء مما سبب لي ما سبب.. وقلت لها إني أردت أرسل لها قرة عيني أسماء و آلاء حتى لا ترياني كذلك؛ ولكنهما متنفسي بهذا البيت فتراجعت عن القرار..؛ قالت: يجب أن أذهب إلى بيتنا ستأتي بثينة بسيارتها و تأخذني إلى هناك مع أسماء و آلاء.. رفضت طبعا، فلا يمكن بعد غيابي الطويل عن أمي أن أعانقها من أجل أن تكون بردا وسلاما على ما أحسه فيغيب حزني أو أزيدها هما.. لا يمكن ذلك.. أريد حين لقائي بأمي و أبي أن أعانقهما عناق شوق، حب دافئ، عناق الأمان، أريد إن دمعت عيناي حينها تكون الدموع فرح لا ألم.. قطعت الاتصال بعد ذلك، انشغلت مع حبيبتيّ قليلا ثم أعادت الاتصال بي: أبوك يقول ستأتي بثينة لتأخذكم، أنت على هذه الحال لن تستطيعي التفكير في شيئ، نحن نفكر بدلا عنك... أووووه يا إلهيï¬ كيف سأتصرف الآن. حاولت أن أقنعها بأن البيت يحتاج لتنظيف و أن المطبخ كغول مفزع علي جمع أوانيه.... وأشياء أخرى، لكنها ملحة؛ وقالت إن بثينة إن أتت ستنتظرك حتى تكملي كل ما لديك.. _ ياااا أميييي.. يدي ثقيلة ولا حيلة لي مع السرعة وأنت تعرفين فكيف سأفعل الآن وأنا هكذا؟ على كل؛ اضطررت أن أقول: حاضر أمي ( صافي.. واخا ماما..)
جمعت بعض الأغراض الخاصة بزهرتيّ، وتحدثت معهما و أوصيتهما، ترجياني أن أذهب معهما .... المهم في النهاية و بعد حضور بثينة اقتنعتا أنهما فرض عليهما الذهاب معها عند ( امّيمَة وابّاسيدي) وكانتا في شوق كبير لهما ولأخواتي، سريعا ما سرهما ذلك... وذهبتا مع أختي، طبعا اتصلت أمي و..و ... و..... أقنعتها أخيرا.. لكنها أوصتني بنفسي من أجلي و أجل الأسرة كاملا خاصة وأن أبي قد حزن كثيرا لحزني وهو لا يناسبه ذلك مع الصيام وداء السكري..
الحمد لله ؛ بقيت في هذا البيت .. تحدثت إلى زوجي قليلا، وما إن خرج، حتى أخذت رواية " سيرة حمار" لأبدأ قراءتها، فالقراءة قد تجعل العقل لا يفكر في هم ولا غم، خاصة إذا كان ما يقرأ قد كتب بأسلوب جيد وممتع ومشوق... ثم قمت بعد أن قرأت بضع صفحات لنشر الغسيل بشرفة البيت ... يا إلهيï¬ أكل الناس عصبيون هذا اليوم، منذ الأيام الأولى للحجر الصحي وحينا يكاد يكون خاليا من المارين، لكني اليوم أراهم كثر ويتجارون كأنما في سباق، وعويل وصراخ وصوت امرأة تبكي ورجال كأنهم ينبحون... ما هذا؟ حاولت ألا أهتم لكن الأمر تفاقم ومع ذلك كنت أنشر الغسيل بسرعة حتى أتجنب هذا وإذا بي أسمع من العمارة المقابلة صوت امرأة تخاطب زوجها ربما مهددة إياه: " لو اقتربت مني..." يا لطيييفï¬ أغلقت باب الشرفة وعدت أدراجي إلى المطبخ، علي أن أحضر ما سيوضع على المائدة وقت الفطور.. بعد وقت حضر زوجي وبدأ يساعدني ويحكي لي عن شجارات حصلت بالشارع... ألا يكفي ألمي. أحق علي أن أتألم لألمي وألم غيري، بل حتى الحيوان إذا شعرت بألمه بكيت بدلا عنه.. يكفييييييي.. أف
اقترب الآن موعد الآذان ومن المفروض طبعا أن يشمل الهدوء المكان، لهذا انتقلت إلى الشرفة هذه المرة حتى أنال منها سكينة؛ عادة في مثل هذا الوقت من رمضانات السابقة كنت أرى الرجال منهم من يتسارع بخطواته إلى بيته بخبز أو حليب أو غير ذلك، ومنهم من هو سائر بخطواته الوئيدة إلى المسجد منتظرا لحظة الأذان التي أوشكت.
تم الفطور.. سمعت بعض الابتهالات التي وجدتها تنبع كأنها من لساني، فأحسست بشيء من الراحة، بعد ذلك ظللت أمام شاشة التلفاز وحين هم السيد زوجي بالنوم حتى عدت ل" سيرة حمار" لإتمامها..
بعد العشاء وفي نهاية الليل عندما قصدت النوم شغل هو الراديو، وضعت رأسي على الوسادة فبدت الدموع جديدة فياضة، فقد كان شريط الأحداث التي مرت معي أخيرا يتحرك في ذهني كمخرج يراجع شريطه قبل أن ينقله للجمهور، وبنفس الوقت يختار له الشارة الموسيقية الملائمة؛ فالإذاعة قد جعلتنا نسمع أغنية " خفة الرجل" للفنان المغربي " اسماعيل أحمد" ولم أكن أسمع منها في ذلك الوقت إلا: " آشداني ولاش مشيييت" حاولت أن أسمع غير ذلك وما تمكنت، بعدها مباشرة أغنية أخرى ربما لم أسمعها من قبل؛ لكن أتذكر منها الآن: " والتقينا بعد ما فات الأوان... بعد أن لم يبق من أمس سوى كنا وكان"
صباح الأحد؛ الساعة تشير إلى الثامنة واثنتي عشرة دقيقة..
أووهï¬ لا يجب أن أستيقظ الآن، لم أنم إلا بعد الرابعة والنصف، كيف سأستطيع الحركة؟ فبدوت كأني أفتش عن النوم ... بقيت على تلك الحال حتى نظرت إلى الساعة بالهاتف؛ التاسعة والنصف.. قمت إلى العمل؛ أقصد إلى الأشغال الشاقة، شغلت بالهاتف سورة مريم وسورا أخرى إضافة إلى دعاء، فشعرت ببعض الطمأنينة، شغلت بعدها أغاني لمسلسلات الكرتون فوجدتني أستمتع وأردد بصوت كأنه "زمارة" فجأة كنت أرقص على نغمات الموسيقى وأحسست بالسعادة تغمرني فربما بدأت أعود إلي؛ حتما سأجدني وسأعانقني بقوة ... لكن هناك أغنية من أغاني الكرتون لا أدري لماذا كلما سمعتها أتوقف عن كل شيء وكأنني أسمع النشيد الوطني ،لأردد حينها مع الكلمات بصوت جوهري جهوري رخيم هذه المرة، إنها كلمات " لبنى السريعة" عندما تبتدئ ب:
عبر الزمان والمكان
أمي أمي
رمز العطاء والحنان
أمي أمي
لأجلها أطير
أطير أطير أطير
...................
بعدها استمتعت فصرت أشغل ما جاد به هاتفي من أغاني وأشعار.. وأنا أردد بكل مرح ( قمر سيدنا النبي ؛ إيه العمل يا احمد ؛ بحبك وريدك ..أيظن؛ Ne me quitte pas؛ El amor ؛ وسائد وشراشيف؛ Vous les femmes؛ بردة تميم البرغوثي، تراتيل المساء....)أنهيت الأشغال الشاقة، شغلت الحاسوب وجلست أخاطبكم بروحي، ومادمت استرحت قليلا فقد شغلت النت لأجد رسائل على الواتس ممن يسأل عني..
ولأني كنت قد وضعت قبل يومين بعض صوري على الواتساب وكلمات تعبر عن شوقي إلي وجدت سارة ابنة عمي وقد أرسلت لي بعض الصور المضحكة والطرائف فتذكرت أنها كانت عادتنا في وقت من الأوقات حيث كانت تمر الأيام ونحن نتواصل دون أن نسأل عن بعضنا البعض ودون أن نتحدث في أي موضوع، فقط نتبادل النوادر والطرائف ونضحك...
أكتفي بهذا... فأخيرا قررت العودة لنور الأدب وبسرعة لم أتوقعها بعد ما كنت عليه أمس..
فتحت نور الأدب وكنت مسرورة وقد وجدت العزيز الأستاذ رشيد يسأل عني وبعث يسألني عن سبب غيابي.. وكذلك صغيري يوسف المريني الذي سرتني رسائله، فرغم أن غيابي كان قصيرا جدا لا يثير انتباه الكثيرين إلا أنه قد أثار انتباههما وقلب ما تبقى من حزن بقلبي فرحا... ولم أتردد لحظة في المشاركة بنور الأدب، بل كنت متلهفة لذلك..
أحبكم وأرجو عودة الغائبين في أقرب الآجال: سيدة النور هدى، الأستاذة رجاء، الشعراء غالب، ناز وجعفر، القاص جوهر.... والكل .. ياليتنا نجتمع هنا قبل العيد إن شاء الله
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|