عرض مشاركة واحدة
قديم 07 / 10 / 2025, 29 : 01 AM   رقم المشاركة : [1]
د. نوال بكيز
دكتوراة في الأدب الشعبي ، مهتمة بالأدب الشعبي ، التراث المكناسي ( الظاهرة العيساوية - الأمثال الشعبية )
 




د. نوال بكيز is on a distinguished road

حين يتنازل الكبرياء عن نفسه خوفا من مشهد يحط الكرامة .... د. نوال بكيز

في زاوية أنيقة، تشرف على على نافذة كبيرة، جلست الصديقتان العتيقتان تضحكان، تلهوان على أطلال الزمن الجميل: تارة تتناقلان انباء الواقع و المستجدات، و تارة تفتحان الذاكرة، تتاملان ملامح عمر مضى.
كان المقهى عبارة عن لوحة هادئة، رسمتها يد فنان يعشق التفاصيل الصغيرة و الأضواء الناعمة و الموسيقى الهامسة. كأس حليب و قطعة حلوى و نظرات فيها الف تعب و حنين و لا شيء ينذر بعاصفة.
وما ان همت احداهما بسرد طرفة عن ايام خلت، و عن أفراح و خيبات قديمة حديثة، حتى اخترق المشهد ظل كثيف و قف عند راسيهما ، صوته سبقه و نظراته اخترقت المكان ، كأنه قادم من عاصفة.
لم يرم سلام ، و لم يسأل الصديقة الجالسة، لم يبتسم.
و بعينين تقذفين شرارة، و صوت كالسيف، لم يراعي سكينة المكان، و لاهيبة اللقاء، باغت زوجته بوابل من التوبيخ، لا لجريرة اقترفتها، بل فقط لأنها و في زحمة الحديث، و صفاء اللحظة، لم تسمع رنين اتصاله المتكرر.
صرخ يها و كأنها تلميذة في الصف غافلة.
تجاهل صديقتها كلية، وكأن الاحترام غادر قلبه.
تراجعت في كرسيها بسرعة مرتيكة، حاولت ان تقول شيئا، لكن الكلمات خانتها،حاولت التبرير:"كنت منشغلة بالحديث،لم اسمع الرنين ..لم اتعمد التجاهل.."
لكنه قاطعها و أمرها لاذعا ان تتبعه.
التفتت إلى صديقتها بنظرة اعتذار كسيرة كمن يسلم نفسه لقوة لا يستطيع ردعها، ليس حبا بل خوفا من عاصفة تعرف جنونها.
و مضت خلفه تجر أذيال خيبتها، وسط ذهول صديقتها التي ظلت جامدة في مكانها غير مصدقة، لا من توبيخه اياها، بل من خضوعها التام الذي لم يولد من حب، بل خوفا من سلوك احمق، قد يفسد ما تبقى من كرامة.
و هكذا انطفأ دفء اللحظة، و ظلت الصديقة مشدوهة في مكانها، تنظر إلى المقعد الخالي ، إلى كأس الحليب الذي أصبح باردا و قد شهد ذل اللحظة، تحدق في الفراغ متسائلة " كيف للكبرياء ان يتنازل عن نفسه خوفا من مشهد احمق.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د. نوال بكيز غير متصل   رد مع اقتباس