عرض مشاركة واحدة
قديم 23 / 10 / 2010, 13 : 01 PM   رقم المشاركة : [1]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

صفحات غير مشوشة .. من ملفات الركن الهادىء .

صفحات غير مشوشة
تغيظني هذه الأوراق المستلقية ببرود على كتف الهدوء .. يغيظني هذا الهدوء الحميمي الذي يلف خاصرتها بأنامل من حرير ويطوقها كوشاح ربيعي بينما يغلي المداد بداخل جوفي ويستعر ..
تغيظني هذه الأوراق وهيَّ غارقة في هدوئها .. يغيظني برودها وهيَّ لا تشتعل لحرائقي ولا تذوب من حولي كقطع الجمر ..
تغيظني هذه السطور حين لا تنتفض لقدومي وتبقى كعروس تتثائب بكسل ربيعي على هذا البياض .. بينما تقفز الأفكار في رأسي وتتصارع .. لا تعرف لها مستقرا ً .. ولا يكترث منها سطر ..
يغيظني هذا البياض الفاحش الذي يتحدى بنصاعته جميع ألوان التشويش والتضارب في فكري .. ويتحدى بهدوئه كل التناقضات التي تتنامى كأشجار العليق من حولي ..
يغيظني هذا الصمت الملوكي الذي يتربع على عرش الآمان بينما تتنازعني زوابع التفكير وعواصف التغيير ورياح التهميش التي تتراقص أجسادها الشيطانية وتندفع من حولي كألسنة اللهب .
ورق .. رزمة جامدة من الورق مستلقية على كتف الهدوء تغيظني وأنا كتلة متقدة .. جسد حيّ .. دم متدفق .. مشاعر جياشة تسكنها روح شفافة ترفرف في صباحات الفرح فراشات ملونة تحط على أزهار الربيع وجدائل الياسمين وعناقيد العنب ..
روح تحلق مع نسائم الصباح الهاربة من سماء الشتات والمنافي نحو آفاق الحرية التي حلمت .. فتسافر وراءها .. تركب أعالي البحار .. تغوص في أعماق المحيطات .. تفتش عنها في رئات الحيتان و تنتزعها من براثن القرش .
فلماذا تغيظني أنا رزمة ورق ؟
لماذا يغيظني هذا الهدوء الذي تنعم به وتنام مستلقية على جنباته بينما أتقلب أنا على فراش من الجمر والحيرة والقلق ؟
لماذا هي بيضاء .. ناصعة البياض .. بينما الألوان بداخلي يطغى عليها لون كئيب .. لون داكن .. أزهار البنفسج داكنة اللون .. السماء الزرقاء داكنة اللون .. نفوس البشر داكنة اللون .. جدائل الياسمين داكنة اللون .. همسات العاشقين داكنة اللون .. حديث الأزواج داكن اللون .. وعود الأباء داكنة اللون .. أفق الأبناء داكن اللون ..
الحياة .. هذه الحياة التي نعشق ونتفانى في عشقها .. داكنة اللون .. أنفاسها .. خطواتها .. أرصفتها .. وقع أقدامنا عليها .. بداياتها .. نهاياتها .. داكنة اللون لا يمكن تفسيرها .. لا يمكن تتبعها ..
ندور معها لكن حول أنفسنا .. لا نبرحها خطوة واحدة .. لا ننطلق منها قيد أنملة .. ولكننا نلهث ونلهث ونلهث كأننا قطعناها ألف مرة ..
ثم ننتهي إلى نفس اللعبة .. لعبة النوافذ محكمة الإغلاق .. نغلق نافذة داكنة صغيرة ودون أن نشعر نشرع أخرى أكبر وأكبر ..ظنا ً منا أننا نرى الطبيعة من خلالها أكثر زهاء .. أكثر خضرة .. أكثر خيرا ً وأجمل ..
ما الذي يغيظني في هذه الأوراق البيضاء المستلقية بهدوء بينما المداد يغلي بداخلي ويكاد ينفجر ..
لماذا يخافها هذا المداد ويخشى منها أن يقترب .. لماذا يخشاها المداد .. لماذا لا يصب عليها جام غضبه وينتحر ؟
لماذا يخاف أن يحرقها بألسنة اللهب المندلعة من جوفه .. لماذا يخاف أن يشوه ملامحها البيضاء النقية .. لماذا يخاف أن يغير خارطة جسدها المسكوبة بعناية فائقة ؟
ما الذي يخشاه المداد .. ما الذي يخافه .. ما الذي يمنعه أن يندلق فوق هذا الورق ؟
لماذا يريدها صفحات بيضاء غير مشوشة .. لماذا يريد أن يبقيها بيضاء غير مشوشة ؟
هل ما زال يحتفظ بولعه القديم لهذا الورق ؟
هل أراد أن يبقيها نقية .. بيضاء .. مستلقية كقطة سيامية على كتف الهدوء والآمان دون أن يتسلل إليها مداده المشوش فتصبح مشوشة .. غير متناسقة كأفكاره المضطربة التي فقدت تناسقها منذ زمن بعيد فأصبحت كهبات الريح في فصل الربيع تثير الزوابع لكنها لا تثير أحدا ً .. لا تهز أحدا ً .. لا يقرأها أحد .. ولايبحث في تفسير وجهتها أحد ..
ألهذا يريدها صفحات بيضاء ..
صفحات غيرمشوشة ؟
ألهذا يحترق المداد ولا يقترب ..ويبقيها صفحات بيضاء ..
صفحات غير مشوشة .

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس