رجاحة العقل
رجاحة العقل
ان كانَّ الرجل لا يصب الخير ا لا بعقله ورأيه وتَثبته في الامور كما يقال
كذلك الانسان لا يبصر الا بعينه ولا يسمع الا بأذنه و لا يفلح في عمله الا بالحلم والعقل و التَّثبت .
زعموا أن حاكما كان يعيش في قصره مع زوجته وابنه الوحيد في بلاد كثيرة الخيرات و النعم
و الهدوء والشيم . فلما بدأ للحاكم أن ابنه صار شابا أراد تزويجه من أجمل أميرة شابة في البلاد.
فكانت الاميرة حسناء ابنة أخ الحاكم أجمل الجميلات .
تقدم الحاكم لخطبتها لابنه الامير ، وفي اليوم الذي عقد فيه قران الامير والاميرة تقدم الامير حسن
من الامير حسناء سائلا اياها : (هل أنا وأنت على الدَّهر أم أنت و الدَّهرعليا)تعجبت الاميرة و ابتسمت
وقالت مادهاك ،طبعا (أنا و الدَّهر عليك) فعاد الامير الى الحاكم وقال له انها لا تناسبني .
اندهش الحاكم للامر و سأله ما سبب ذالك ردَّ الامير ان في صمتي حكمة لا تسألني .
بقي الحاكم في حيرة من أمره و هو يبحث عن السبب و في نفس الوقت ما زال مصمما على تزويجه
انطلق الحاكم الى بلادأخرى علَّه يجد ما يلبي طلب ابنه . فتقدم لخطبة ابنت حاكم تلك البلاد وفي ليلة
الزفاف طرح الامير نفس السؤال على الاميرة وكان الجواب نفس الجواب فانطلق الامير مرة أخرى
الى الحاكم رافظا اياها واستمر الامر على هذا الحال فكلما تقدم لخطبة أميرة يسألها نفس السؤال
وتكون الاجابة هي ذاتها ،فيرفضها دون اطلاع والده على السر .
فذاق الحاكم ذرعا بابنه و قرر أن يعاقبه فقال له لم يرقك جمال كل الاميرات هذه المرة سوف أزوجك
باحدى خادمات القصر وظن الحاكم أن ابنه لن يقبل بالزواج من خادمة وسوف يعدل عن رفضه
للاميرات ، لكن لما حدد يوم الزفاف اقترب الامير من الخادمة سمية وسألها ( هل أنا وأنت عل الدَّهر
أم أنت و الدَّهر عليا ) فردت سمية (أنا وأنت على الدهر) ثم هرعت من مكانها لتعيله على العمل الذي
كان يقوم به ، فخرج الامير مسرورا لوالده قائلا لقد قبلت بها زوجة وهي تناسبني .
فجن جنون الحاكم و استشاط غضبا من ابنه وقرر أن يطرده من البلاد ، فقال له خذ ما يعيلك في سفرك
و ارحل عن وجهي ولا تعد أبدا .
خرج الامير وزوجته سمية ورحلا الى بلاد مجاورة وبدأيشقان طريقهما بنفسهما و يتعاون معا على الدَّهر ،حتى أصبح الامير صاحب أملاك وفيرة و خيرات عديدة و ذاع صيته في البلاد كلها ، ومرت
االايام والليالي حتى سقط ابوه الحاكم من الحكم و انقلب الناس ضده فجردوه من كل ما يملك
وطردوه خارج البلاد .
فلم يجد الحاكم من يلجأ اليه سوى ابنه الامير حسن فانطلق اليه ولما وصل الى ابنه فرح الامير
بقدوم والده .
لكن الحاكم بقي محتارا من أمر ابنه فسأله عن السِّر فرد الامير أنا فكرت في الزمن و في يوم كهذا
الذي انت عليه الان ولذلك كنت أرفض كل من أسئلها هل أنا وأنت على الدَّهر أم انت والدَّهر عليا
فالكل كان لهم جواب واحد ، الى أن وجدت الخادمة التي أجابت بأنها الى جانبي ضد الزمن و كما
ترى ياوالدي كل ما أنا عليه الان بسبب مساعدة زوجتي كلُّ هذه السنين
فقال الحاكم : كلام كامل عقل وحكمة وإن الذي بلغ بك ذالك وُفُورُ عقلك وحسن ضنك
والذي ساق الله اليك من الملك والكرامة كنت أهلا له لما قسم الله تعالى لك من العقل و الرأي
وإنَ أسعد الناس في الدنيا و الاخرة من رزقه الله رأيا و عقلا
أما أنا فأقول لك يا ولدي (الوقت دوار و الزَّمن غدار ومن يحكم عقله لن يحتار و أنا ياولد ي اليوم
أستحق الانتحار) .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|