شكرًا للأديبة المتميزة هدى الخطيب على رأيها الذي يهمني كثيرا
ارتأيت أن أتناول الحديث عن العنف المادي الدال على الضرب المباشر باستعمال وسيلة اليد أو وسائل أخرى، ، إذ للأسف الشديد المجتمعات العربية تطفح بكل أشكال العنف، والضرب يمارس فيها بما لا رعاية فيه للشروط المنصوص لها .
فأحببت أن أورد أحاديث للرسول ( ص) تبين الموقف الرافض للضرب وتعنيف المرأة.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : "استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبتغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نسائكم حقاً ، ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون (أي يأتين بفاحشة)، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن رواه الترمذي، وقال حسن صحيح...*
حديث: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق ويعطى على الرفق ما لا يعطى على العنف وما لا يعطى على ما سواه (صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق حديث رقم: 2593)
* حديث: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنْـزَع من شيء إلا شَانَهُ ( صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق حديث رقم: 2594).
* حديث: من حرَّمَ الرفق حُرِمَ الخير أو من يحَرِّمِ الرفقَ يُحْرَم الخير (صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل الرفق حديث رقم: 2592).
وفي مواضع على صلة مباشرة باستعمال العنف ضد الزوجة جاءت أحاديث كثيرة، نذكر منها:
○ حديث: إذا أراد الله بأهل بيت خيرا فقههم في الدين، ووقر صغيرهم كبيرهم، ورزقهم الرفق في معيشتهم، والقصد في نفقاتهم، وبصَّرَهُم عيوبَهم فيتوبوا منها؛ وإذا أراد بهم غير ذلك تركهم هملا"، رواه الدار قطني.
○ حديث: "ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم" رواه الطبراني.
○ حديث: "إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق"...
○ حديث :اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح (رواه مسلم ). ويفهم منه أن الضرب كعقاب محصورٌ في الخيانة الزوجية.
وقد نقل إلينا الإمام البخاري صورة واضحة عن ذَمِّ الرسول (ص) لتعنيف النساء فقال في: باب ما يكره من ضرب النساء، وقول الله تعالى (واضربوهن) أي ضرباً غير مبرح"، ثم ساق البخاري بإسناده إلى النبي (ص) أنه قال: "لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها في آخر اليوم". واستخلص الحافظ ابن حجر (العسقلاني) معلقاً على عنوان باب: "باب ما يكره من ضرب النساء" أن فيه إشارة إلى أن "ضربهن لا يباح مطلقاً، بل فيه ما يكره كراهة تنـزيه أو تحريم".
وفي كل هذا تأكيد لما جاء في القرآن من آيات تدعو إلى الرفق والإحسان والحكمة والموعظة الحسنة:
* ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ سورة المؤمنون(23)، آية 96
* اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ سورة النحل (16) آية125...
لكن للأسف الشديد نجد (التعنيف )الضرب واقع محتوم وسلوك أزلي يلجأ إليه من يملك قدرة بدنية أكبر وحسا أخلاقيا أدنى ليمارسه على من هو أقل منه قدرة وقوة. ومع أنه سلوك تَـمُجُّـُهُ الشرائع السماوية والتشريعات الوضعية، إلا أنه لا يمكن أن نتصور اجتثاثه بالمرة. بدليل أنه في أَعْـتَى الديمقراطيات وأرقى الأوساط والمجتمعات لا زال يؤتى ولا زالت النساء والأطفال وكل العاجزين عن الدفاع عن أنفسهم عرضة له.
