راهن العالم الإسلامي/خاتمة الفصل 3/ثقافة المسلمين القدامى، وثقافات العالم الإسلامي ال - منتديات نور الأدب



 
التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,697
عدد  مرات الظهور : 103,156,729

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > أوراق الباحث محمد توفيق الصواف > رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف
رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف كتاب (( رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ )) للأديب والباحث الأستاذ محمد توفيق الصواف وهو عن " رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ بين الواقع والتَّطَلُّعات "

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 06 / 08 / 2020, 23 : 02 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

راهن العالم الإسلامي/خاتمة الفصل 3/ثقافة المسلمين القدامى، وثقافات العالم الإسلامي ال

ثقافة المسلمين القدامى، وثقافات العالم الإسلامي المعاصر
سبق للمسلمين أن تربعوا، ذروة الرقي الحضاري الإنساني، لفترة طويلة، كانوا خلالها المصدر الثقافي الأهم لغيرهم من أمم الأرض، ليس في منحى حياتي واحد، بل في سائر مناحي الحياة.
ومن الملاحَظ أنهم حين بلغوا تلك الذروة، لم يكونوا متحدِّرين جميعاً من عرق واحد، ولا يتكلمون لغة واحدة، بل كانوا كما هم اليوم، وكما سيبقون، من سلالات عرقية مختلفة، ومن قوميات متعددة، لكل منها ثقافته الخاصة ولغته الخاصة. لكنهم، وعلى الرغم من هذه التعدُّديات العرقية واللونية والقومية واللغوية، استطاعوا الامتزاج في بوتقة دين واحد آمنت غالبيتهم بمبادئه، وحاولت الالتزام بغالبية تعاليمه في شتى ميادين الحياة، على الصعيدين الفردي والجماعي، مما ساهم في توفير حدٍّ أدنى من التجانس بينهم، كان ضرورياً لتكوين الملامح الخاصة بحضارتهم التي عُرفت بالحضارة الإسلامية، والتي لا يجوز نسبة منجزاتها لأيِّ شعب من شعوبهم وحده، لأنها كانت نتاجَ جهد ساهمت فيه كلُّ تلك الشعوب، كلٌّ بقدَر.
وصحيح أن الخلافات العرقية والمذهبية بينهم قديمة، إلا أنها لم تمنع أتباع أي مذهب من أن يكون لهم نصيب في صنع الحضارة الإسلامية، كما لم تؤدِ إلى ادعاء أيِّ مذهب بأن أتباعه هم وحدهم صانعو تلك الحضارة العظيمة وبُناتُها، بل لم يدَّعِ أتباع أيِّ مذهب ولا أفراد أيِّ عرق، بأنهم تفرَّدوا وحدهم في إنجاز هذا الجانب أو ذاك، بالذات، من جوانبها العديدة، لأن العصبيات القومية والعرقية والمذهبية كانت ما تزال منصهرةً، بما يكفي، في بوتقة الانتماء للإسلام.
في ضوء هاتين الحقيقتين، يمكن القول أنَّ بوادر مثل هذه الادعاءات المغلوطة، لم تبدأ، واقعياً وتاريخياً، بالظهور، إلا بعد زيادة الشـروخ والتصدعات القومية التي اكتسـى بعضها ملامح مذهبية أيضاً، نجمَ عنها تفكُّك بنية الدولة الإسلامية الواحدة، وصيرورتها إلى دول قومية صغيرة.. عندها بدأ أبناء كلِّ قومية، ينسبون لقوميتهم، في حُمَّى تعصبهم لها، كلَّ منجزات الحضارة الإسلامية، كذلك فعل العرب والفرس والأكراد والأتراك وغيرهم من المسلمين، إثر انفراطهم إلى قوميات منفصلة عن بعضها. حتى سادت أوهام ظاهرة الخطأ والتهافت، في الثقافات المعاصرة لكثير من القوميات التي كانت جزءاً من بنية الدولة الإسلامية، قبل تمزقها.
ومن تلك الأوهام، على سبيل المثال، زَعْمُ كثير من عامة المسلمين العرب، بل من كبار مثقفيهم أيضاً، وخصوصاً إبان ما يُسمى بعصـر النهضة العربية، أن علماء كباراً مثل البخاري والترمذي والزمخشـري والفارابي وابن سينا وغيرهم عربٌ، وكذلك قادة كبار مثل الظاهر بيبرس وصلاح الدين الأيوبي وغيرهما، وأدباء مثل ابن المقفع وعمر الخيام وبشار بن برد وغيرهم، وليس هذا صحيحاً، لأن أيّاً من هؤلاء لم يكن عربياً، بل كان إمّا فارسياً أو كردياً أو تركياً أو غير ذلك من أبناء القوميات الأخرى التي كان العرب يُشكلون إحداها فقط.
أردتُ من هذه الإشارة القول: لم تكن الحضارة الإسلامية العظيمة صنيعة وحدة عرقية أو قومية أو لغوية أو مذهبية واحدة، بل كانت نتاج وحدة دينية، ما إن تمزَّقت حتى تمزَّقت تلك الحضارة معها، لا إلى حضارات، بل إلى وحدات بشـرية متخلِّفة حضارياً، أي ثقافياً، بكل ما يعنيه مصطلح ثقافة ويشير إليه من مجالات ونشاطات حياتية، بما فيها مجال الثقافة الدينية الإسلامية نفسه.
إن التسليم بوجود هذه الحقيقة، يفضي تلقائياً إلى ضرورة الإقرار بحقيقتين تخرجان من صلبها:
1) إن الإسلام لم يكن يوماً سبب تخلُّف المسلمين وضعفهم، كما يزعم أعداؤه وأعداؤهم، بل كان سرَّ تقدُّم أتباعه وقوتهم ورقيهم الحضاري، لأنه كان حافزَهم على أن يكونوا في مقدمة الركب الإنساني، وذلك حين جعل تفوقهم في كلِّ ميدان من ميادين الحضارة، فرضَ كفاية عليهم، إذا نهض به بعضهم سقط عن سائرهم، وإذا لم ينهض به أيٌّ منهم أثموا جميعاً.
بتعبير آخر، جعل الإسلامُ التخلف في أي ميدان حضاري إثماً يقع فيه المسلمون جميعاً، الأمر الذي أثمر في المحصلة، تلك المنجزات العظيمة التي تميَّزت بها الحضارة الإسلامية ذات الفضل على كل الحضارات التي عاصرَتها والتي تلتها، بما فيها الحضارة الغربية المعاصرة، حتى وإن أنكر بعض الغربيين فضلَها عليهم، وكون تراثها ومنجزاتها أحد أهم مصادر نهضتهم.
2) إن نهوض المسلمين المأمول من قبل عامتهم، لا من قبل معظم قادتهم الراهنين، لا يحتاج إلى إلغاء انتماءاتهم القومية وذوبانهم في قومية واحدة ذات صبغة دينية، ولا إلى أن ينبذ أبناء كل قومية إسلامية تراثهم اللغوي والثقافي والاجتماعي الخاص بهم، فيتكلموا لغة واحدة، هي العربية أو غيرها، وتكون لهم ثقافة ذات لون قومي واحد، أو تكون لهم جميعاً عادات وتقاليد واحدة لا يوجد أي اختلاف فيها، ولكن يحتاجون إلى انتماء ديني واحد تتكامل اختلافاتهم وتنوعاتهم في إطاره، بدلاً من أن تتنابذ كحالها الآن.
فمنطقياً، ليس التنوُّع مصدر التشظِّي ولا مصدر التخلُّف إلا إذا انحصـر في أطر ضيقة كالإطار القومي أو الأيديولوجي أو العرقي أو المناطقي أو المذهبي وما شابه من إطارات، بل هو مصدر غنى وثراء لأصحابه إذا اتفقوا. ولعل في المثال الأمريكي المعاصر خير برهان على هذه الحقيقة، فالأمريكيون الذين يتربعون اليوم على عرش الحضارة المعاصرة، ليسوا أبناء عرق واحد، ولا لون واحد، ولا ثقافة واحدة، ولا جنسية واحدة، ولا قومية واحدة، ولا حتى دين واحد، ولكن ينتمون جميعاً إلى أمة واحدة، استطاعت ثقافة التعايش بين أفرادها أن تُذيب الكثير من الفوارق بينهم، وأن تستفيد من تنوعهم في إثراء حضارتها وزيادة قوتها.
وعلى هذا، كما استطاع الانتماء إلى أمة واحدة، كالأمة الأمريكية، أن يخلق من الخليط القومي والاجتماعي والديني والثقافي واللغوي مجتمعاً متجانساً إلى حدٍّ كبير، يعمل كلُّ أبنائه على تقدمه، في مختلف المجالات، كان الإسلام انتماءً حقق نفس المعجزة، ذات زمن، وما زال قادراً على تحقيقها مجدداً، إذا توفرت الإرادة وصحَّ العزم من أتباعه، أفراداً وقيادات وزعامات. وقدرته على تحقيق هذه المعجزة تنبع من كونه رابطة قادرة على صنع التجانس دون إلغاء التنوُّع بين جماعات مختلفة. أيْ من كونه انتماء جامعاً يُوحِّد بين أتباعه، ويُحوِّلهم إلى كتلة متجانسة دون أن يلغي خصوصية أي مُكَوِّنٍ من مُكوِّناتها.
صحيحٌ أن الأمة الإسلامية شهدت نوازع انفصالية مبكرة، منذ عصـر الأمويين والعباسيين، أطلق عليها المسلمون العرب مصطلح الشعوبية، لكن هذه النوازع الانفصالية لم تصل إلى حد المطالبة بالانسلاخ عن الإسلام والخروج خارج دائرة رابطته الدينية أو الثقافية. فقد كان شاعر مثل بشار بن برد فارسي الهوى والاعتقاد، لكنه ظلَّ إسلاميَّ الثقافة والانتماء، فأبدع بالعربية، لا حبّاً بها، ربَّما، ولكن لأنها كانت اللغة الرسمية للدولة التي ينتمي إليها وللحضارة التي يعيش في كنفها وللجمهور الذي يخاطبه. وكتب غيره بلغته القومية دون أن يخرج عن الإطار الإسلامي، كما فعل عمر الخيام وغيره، وحارب بيبرس وصلاح الدين وانتصـرا، انطلاقاً من حافز إسلامي، في ظل دولة إسلامية وانتماء لدين الإسلام، وليس لأن هذا فارسيٌّ أو هندي أو عربي أو تركي أو كردي أو غير ذلك.
لهذا كلِّه وانطلاقاً منه، يمكن توصيف الثقافة الإسلامية القديمة بأنها ثقافة متنوِّعة، غنية بتنوُّعها، لأنها استثمرت هذا التنوُّع على نحو تكاملي، بينما الثقافات الإسلامية الراهنة متنوُّعة أيضاً، ولكنها ممزَّقة بتنوُّعها، لأنها ثقافات انفصالية ضيقة الأفق، ضيقة الانتماء، جرَّاء تركيز صانعيها على الخاص القومي أو العرقي لا على العام الإسلامي. وكم هي كثيرة الأمثلة المؤكدة لهذا المعطى المؤسف.
ومن هذه الأمثلة، عدم ارتياح الإيرانيين لامتلاك الباكستانيين سلاحاً ذرياً، وعدم دعم العرب وغيرهم من المسلمين لجهود إيران الحالية في جهودها لامتلاك الطاقة الذرية. وحين ظهر النفط في هذا البلد الإسلامي أو ذاك، لم يفكر أبناؤه باستقدام مسلمين مثلهم لاستخراجه وتكريره، بل فضَّلوا الأجانب الغرباء! كذلك حسدَ الذين لم يجدوا في بلدهم نفطاً أهلَ كلِّ بلد إسلامي نفطي.. وها هي تركيا التي تحاول الخروج من سجن العلمانية الذي عزلَها عن محيطها الإسلامي نحو قرن من الزمان، لا تجد ترحيباً كبيراً بعودتها الحضارية البارزة في كثير من البلدان الإسلامية. أما البلدان الإسلامية التي تمكنت من تجاوز تخلفها ولو جزئياً، وأصبحت تنتمي إلى مجموعة الدول المتقدمة صناعياً، مثل سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا، فلم يعمَّ تقدمُها سائر العالم الإسلامي، ولم تحاول الدول الإسلامية الأخرى التي ما تزال تعاني التخلف التأسِّي بها والاستفادة من تجربتها. وذلك على نقيض ما كانت عليه الشعوب الإسلامية في السابق، حين كان الإنجاز الحضاري في أيِّ بلد من بلدانهم يعدُّ إنجازاً لهم جميعاً، ويعمُّ نفعُه سائرَهم.
ويبدو من خلال التدقيق في أسباب هذا التردِّي الثقافي والحضاري، أن أُسَّها الأول والأهم هو ما أصاب المسلمين المعاصرين من تخلُّف فكري. وهنا، ربما ليس خطأ القول إن ساحة البحث في الميدان الفكري هي الأوسع، لأن التقدُّم أو التخلُّف فيه أكثر تأثيراً وخطراً مما عليه أيُّهما، في أيِّ ميدان حياتي آخر. ذلك أن الساحة الدلالية لهذا الميدان ذات صلة وثيقة بمختلف المعتقدات السائدة، دينيةً كانت أم وضعية؛ كما تتصل بكل ما يسود المجتمعات البشـرية من عادات وتقاليد وقيم وأعراف، تدخل جميعها في صميم التركيبة النفسية للإنسان، مما يمنحها دور الصانع الرئيس لحوافز سلوكه الاجتماعي والموجِّه الأهم لهذا السلوك، تجاه الذات وتجاه الآخر؛ هذا فضلاً عن صلةِ تقدُّم الفكر وتخلُّفه بالمستوى الإبداعي سواء في ميادين العلم المادي والتقني والاقتصادي والإداري، أو في ميادين التعبير الفني بمختلف وجوهه، من أدب ورسم وموسيقى ونحت ونقش وبناء وغير ذلك...

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
3/ثقافة, المسلمين, الإسلامي, الإسلامي/خاتمة, العالم, الفضل, القدامى،, راهن, وثقافات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/أهم العوامل التي كوَّنت ثقافات المسلمين محمد توفيق الصواف رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف 6 18 / 11 / 2016 42 : 07 PM
راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تنوُّع ثقافات المسلمين من التكامل إلى التشظي محمد توفيق الصواف رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف 1 15 / 11 / 2016 30 : 02 AM
راهن العالم الإسلامي/الفصل 3/تكاملُ الثقافات في العالم الإسلامي أم صراعُها؟ محمد توفيق الصواف رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف 7 10 / 11 / 2016 27 : 12 PM
راهن العالم الإسلامي/الفصل 2/خاتمة واستنتاجات/صواف محمد توفيق الصواف رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف 2 11 / 10 / 2016 47 : 12 PM
راهن العالم الإسلامي/الفصل 2/تأثير تشظي العالم الإسلامي في تخلف معتقدات سكانه محمد توفيق الصواف رَاهِنُ العَالَمِ الإِسْلاَمِيّ / محمد توفيق الصَوّاف 3 04 / 10 / 2016 18 : 02 AM


الساعة الآن 32 : 05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|