باب الهجر
"
[•••] ولقد عرض لي في الصباح هجْر مع بعض من كنت آلف، على هذه الصفة وهو لا يلبث أن يضمحل ثم يعود. فلما كثر ذلك قلتُ على سبيل المزاح شعرا بديهيا ختمتُ كل بيت منه بقسم من قصيدة طرفة بن العبد المعلقة، وهي التي قرأتها مشروحة على أبي سعيد الفتى الجعفري عن أبي بكر المقرئ عن أبي جعفر النحاس، رحمهم الله، في المسجد الجامع بقرطبة، وهي:
تذكرت ودا للحبيب كأنه *** لخولة أطلال ببرقه تمهد
وعهدي بعهد كان لي منه ثابت *** يلوح كباق الوشم في ظاهر اليد
وقفت بها لا موقنا برجوعه*** ولا آيسا أبكي وأبكي إلى الغد
إلى أن أطال الناس عذلي وأكثروا *** يقولون لا تهلك أسى وتجلد
كأن فنون السخط ممن أحبه*** خلايا سفين بالعواصف من دَدِ
كأن انقلاب الهجر والوصل مركب *** يجور به الملاح طورا ويهتدي
فوقفتُ رضى يتلوه وقت تَسَخُّط ***كما قسم الترب المفايل باليد
ويبسم نحوي وهو غضبان معرض *** مظاهر سمْطَي لؤلؤ وزبرجد
"
ص.99- 100