كاتب نور أدبي مشرق ومشرف سابق رئيس قسم العيادة الطبية في نور الأدب (انتقل إلى رحمة الله)
فما أنت بأعظم من سليمان و لا أنا بأحقر من نملة
فما أنت بأعظم من سليمان و لا أنا بأحقر من نملة
قصة لطيفة .. و مقولة بديعة قالها أعرابي للخليفة المأمون .. إبن الخليفة هارون الرشيد .. وهو من الخلفاء العباسيين .. قرأتها و أعجبتني .. و أقدمها للسادة القراء الأعزاء :
كان الخليفة المأمون أول خليفة مارس خلافته على طريقة الملوك ، حيث كان لا يخرج إلا بموكب وحرس و حاشية . و في أحد الأيام كان يتفقد رعيته في شوارع دمشق و الحرس و الحشد حول موكبه الذي كان يخطف أنفاس العامة .
فإذا برجلٍ عادي من عامة الناس يهرول وراء الموكب و حوله ، حيث كانت له مظلمة و يريد أن ينتهز تلك الفرصة ليقابل الخليفة و يشتكي له مظلمته ، ولكن هيهات أن يصل إليه في ذلك الجمع الخفير و الحراسة المشددة.
وفجأة حصل الرجل على فرصةٍ خاطفة ولكن بمجرد أن انتبه له الخليفة دفعه أحد الحراس بعيداً .. فضاعت تلك الفرصة النادرة ، و في تلك اللحظة المحبطة ، صعد الرجل على مكان عالٍ و صرخ بأعلى صوته بشكل لفت أنظار الجميع بمن فيهم الخليفة نفسه حيث صرخ قائلاً :
(( يا أمير المؤمنين ... يا خليفة رسول الله ... لقد استوقف الله سبحانه و تعالى الملك سليمانَ لنملة ، فما أنت بأعظم من سليمان و لا أنا بأحقر من نملة )) .
عم الصمت في ذلك الجمع من الناس لوهلة ... و ظن الناس أن ذلك الرجل هالكٌ لا محالة ، ولكن الخليفة اقترب من ذلك الرجل و دعاه ، وقال له ما مظلمتك ؟ أطلب تجاب ، و أمر له بقضاء مظلمته مهما كانت ... وزاده على ذلك .
فسبحان من تجلى لدعوة المظلوم
(( و عزتي و جلالي لأنصُرنكِ ولو بعد حين )) .