رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )
[align=justify]
ثانياً – الشخصية الفلسطينية والحب:
إذا كان الصمود هوية الشخصية الفلسطينية في حالة تحدّيها ومواجهتها للاحتلال، فإن الحب بشكله الفلسطيني لا يبتعد عن دعم ورفد وإغناء مثل هذه الهوية. وهنا يمكن أن نرى الكثير من جوانب الشخصية الفلسطينية القادرة على صوغ نداء الحياة في مواجهة كل عوامل الإفناء. فالذات الفلسطينية تولد وتكبر وتنمو عطاء من خلال قدرتها على الحب بصورته المتوقدة.. فكيف كانت ملامح هذه الصورة؟؟..
عبد الناصر صالح في "نبضات لا تموت" يعيش حالة الحب في كل صورها الغنية المليئة بمعاني العطاء، حيث: "فأنت الحب يا وطني / وأنت ربيع أيامي التي تمشي مع الزمن" و" أيا وطني / فؤادك ملتقى الأحباب والعشاق / ووجهك جنة الأشواق / أنت حبيبنا الأول / وأنت إلهنا المعبود في الأعماق.." و"رحت أعانق الأشجار / والأزهار ألثمها / وأزرع في ثناياها / حنين الأرض والأضواء / رميت الدمع في الصحراء / وآويت الهوى المحبوب / صنت التين والعناب / في واحاتك الخضراء.."..
إن تصاعد معاني الحب في مثل هذه النبضات، لا يتوقف عند حد.. وطبيعي أن نرى الصورة في مسارها الجميل المليء بالألوان، حيث الوطن في القلب والروح والشريان. في حالته الأولى يكون الحب ومعناه، وفي حالته الثانية يكون الملتقى والقبلة والإله المعبود، وفي الحالة الثالثة يكون الطبيعة النابضة بمعاني الحب. وفي كل ذلك يبقى الوطن حبيبة رائعة الملامح والصور والأبعاد، وهو بذلك يدخل في دعم جوانب الشخصية الفلسطينية ويعطيها الكثير من معالم الثبات والصمود والقوة. هنا تأتي الشخصية لتكون شخصية عاشقة تتكامل وتنضج وتكبر بالحب،يأتي المعشوق بصورته الواضحة الكبيرة، ليقول بحب رائع صارخ. وبكل الحالات يكون الحب نبضات خالدة، تسجل حضورها القوي في الشخصية الفلسطينية المصرة على مثل هذا الحب.
هايل عساقلة يسجل على هذا الصعيد بصمته في "لو ضمني هذا الثرى كفناً" حيث:
يا موطني والعشق لوعني
وأذابني شعراً على دفتر
وفي “شباكها كبدي” حيث:
كل الملاحم تنتهي إلا الهوى في القلب يبقى جمرة تتقلّب
يا عاذلي والعشق في أوطاننا عذب كما الماء الزلال وأعذب
لا لا تلمني والحجارة في ربى حطين مثلي في الهوى تتخضّب
لا لا تلمني غمَّست منقارها دورية بدمي وجاءت تشرب
علينا أن نرى إلى شخصية تطلب الخصب في مثل هذا الحب، والحالة ليست استثنائية تخصّ شخصاً دون سواه، لأن الحب يدخل في تركيب شخصية فلسطينية تعيش النبض الفلسطيني، الوطن يأتي في كل الحالات ليكون الحبيب والمعشوق والصورة الدافئة النابضة في القلب. ويأتي الوطن في كل الحالات ليكون النداء والشوق والأمل والتطلع إلى كل خطوة قادمة.
هنا تقفز صورة سليمان دغش في قصيدة "سوف آتي بقمر" لتقول: "نابض قلبي بحيفا / نابض قلبي بيافا / نابض بالأرضِ بالزيتون.. بالعشب النضرْ " وصورته في "آه يافا" لتقول: "لم أكن أعرف أن العشق ينمو / آه ينمو / فوق أخشاب الصليب"بينما تأتي صورة عبد الناصر صالح في قصيدة "قراءات في عيون حبيبتي" لتقول: "فإني بدونك لست عشيقاً" و"فلسطين إني أحبك رغم عذابي بسجني اللعين" لنكون أمام حالتي حب تتعانقان في رسم حالة جديدة.
الحالة الأولى: حالة دخول في صورة الحب حتى نهايتها، والحالة الثانية: حالة دخول في الإصرار على الحب رغم كل عذاب.. أما الحالة الجديدة فترسم التوهج الذي لا مثيل له، حيث لا يمكن للفلسطيني إلا أن يحب وطنه، ولا يمكن للفلسطيني إلا أن يصر على كل دفقة من دفقات عشقه في علاقته مع فلسطين. وعلينا في كل ذلك أن نرى إلى أروع صورة من صور الحب حيث الشخصية الفلسطينية تنبض بحب حبيبة اسمها فلسطين.
[/align]
|