الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة ) - الصفحة 2 - منتديات نور الأدب



 
التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,722
عدد  مرات الظهور : 104,520,851

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > نـور الأدب > أوراق الشاعر طلعت سقيرق > كتبي...
كتبي... يختص بكتب ومؤلفات الشاعر طلعت سقيرق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 24 / 06 / 2010, 48 : 03 AM   رقم المشاركة : [11]
محمود صادق
كاتب نور أدبي

 الصورة الرمزية محمود صادق
 





محمود صادق is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

قضيتنا الأساسية هى فلسطين ، فتحية لمن يجعل القضية نابضة
تحية للاستاذ طلعت سقيرق
توقيع محمود صادق
 تحياتى ....
محمود صادق
محمود صادق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 04 : 01 AM   رقم المشاركة : [12]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثانياً – الشخصية الفلسطينية والحب:
إذا كان الصمود هوية الشخصية الفلسطينية في حالة تحدّيها ومواجهتها للاحتلال، فإن الحب بشكله الفلسطيني لا يبتعد عن دعم ورفد وإغناء مثل هذه الهوية. وهنا يمكن أن نرى الكثير من جوانب الشخصية الفلسطينية القادرة على صوغ نداء الحياة في مواجهة كل عوامل الإفناء. فالذات الفلسطينية تولد وتكبر وتنمو عطاء من خلال قدرتها على الحب بصورته المتوقدة.. فكيف كانت ملامح هذه الصورة؟؟..
عبد الناصر صالح في "نبضات لا تموت" يعيش حالة الحب في كل صورها الغنية المليئة بمعاني العطاء، حيث: "فأنت الحب يا وطني / وأنت ربيع أيامي التي تمشي مع الزمن" و" أيا وطني / فؤادك ملتقى الأحباب والعشاق / ووجهك جنة الأشواق / أنت حبيبنا الأول / وأنت إلهنا المعبود في الأعماق.." و"رحت أعانق الأشجار / والأزهار ألثمها / وأزرع في ثناياها / حنين الأرض والأضواء / رميت الدمع في الصحراء / وآويت الهوى المحبوب / صنت التين والعناب / في واحاتك الخضراء.."..
إن تصاعد معاني الحب في مثل هذه النبضات، لا يتوقف عند حد.. وطبيعي أن نرى الصورة في مسارها الجميل المليء بالألوان، حيث الوطن في القلب والروح والشريان. في حالته الأولى يكون الحب ومعناه، وفي حالته الثانية يكون الملتقى والقبلة والإله المعبود، وفي الحالة الثالثة يكون الطبيعة النابضة بمعاني الحب. وفي كل ذلك يبقى الوطن حبيبة رائعة الملامح والصور والأبعاد، وهو بذلك يدخل في دعم جوانب الشخصية الفلسطينية ويعطيها الكثير من معالم الثبات والصمود والقوة. هنا تأتي الشخصية لتكون شخصية عاشقة تتكامل وتنضج وتكبر بالحب،يأتي المعشوق بصورته الواضحة الكبيرة، ليقول بحب رائع صارخ. وبكل الحالات يكون الحب نبضات خالدة، تسجل حضورها القوي في الشخصية الفلسطينية المصرة على مثل هذا الحب.
هايل عساقلة يسجل على هذا الصعيد بصمته في "لو ضمني هذا الثرى كفناً" حيث:
يا موطني والعشق لوعني
وأذابني شعراً على دفتر
وفي “شباكها كبدي” حيث:
كل الملاحم تنتهي إلا الهوى في القلب يبقى جمرة تتقلّب
يا عاذلي والعشق في أوطاننا عذب كما الماء الزلال وأعذب
لا لا تلمني والحجارة في ربى حطين مثلي في الهوى تتخضّب
لا لا تلمني غمَّست منقارها دورية بدمي وجاءت تشرب
علينا أن نرى إلى شخصية تطلب الخصب في مثل هذا الحب، والحالة ليست استثنائية تخصّ شخصاً دون سواه، لأن الحب يدخل في تركيب شخصية فلسطينية تعيش النبض الفلسطيني، الوطن يأتي في كل الحالات ليكون الحبيب والمعشوق والصورة الدافئة النابضة في القلب. ويأتي الوطن في كل الحالات ليكون النداء والشوق والأمل والتطلع إلى كل خطوة قادمة.
هنا تقفز صورة سليمان دغش في قصيدة "سوف آتي بقمر" لتقول: "نابض قلبي بحيفا / نابض قلبي بيافا / نابض بالأرضِ بالزيتون.. بالعشب النضرْ " وصورته في "آه يافا" لتقول: "لم أكن أعرف أن العشق ينمو / آه ينمو / فوق أخشاب الصليب"بينما تأتي صورة عبد الناصر صالح في قصيدة "قراءات في عيون حبيبتي" لتقول: "فإني بدونك لست عشيقاً" و"فلسطين إني أحبك رغم عذابي بسجني اللعين" لنكون أمام حالتي حب تتعانقان في رسم حالة جديدة.
الحالة الأولى: حالة دخول في صورة الحب حتى نهايتها، والحالة الثانية: حالة دخول في الإصرار على الحب رغم كل عذاب.. أما الحالة الجديدة فترسم التوهج الذي لا مثيل له، حيث لا يمكن للفلسطيني إلا أن يحب وطنه، ولا يمكن للفلسطيني إلا أن يصر على كل دفقة من دفقات عشقه في علاقته مع فلسطين. وعلينا في كل ذلك أن نرى إلى أروع صورة من صور الحب حيث الشخصية الفلسطينية تنبض بحب حبيبة اسمها فلسطين.

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 05 : 01 AM   رقم المشاركة : [13]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثالثاً – الشخصية الفلسطينية والتجدد:
عند دراسة الشخصية الفلسطينية، لا بد من القول إنها شخصية تطلب الحياة والفرح في كل وقت. وطبيعي أن تكون مثل هذه الشخصية مسكونة بطلب الهدوء والسكينة والسلام من خلال سيادة العدل والحق. ولعل الشخصية الفلسطينية من أكثر الشخصيات الإنسانية وأشدها طلباً للسلام بعد أن ذاقت المرارة والعذاب والآلام والموت طوال السنوات الماضية. وطبيعي أن تكون هذه الشخصية ساعية بشكل دائم إلى ضوء الفرح، ضوء الأمل، ضوء الصباحات المشرقة.. فأين نجد كل ذلك؟؟..
عدوان علي الصالح يرى في قصيدة "أحلم" أن هناك تشوّقاً دائماً إلى صورة الوطن العائد إلى أفراحه، حيث "أحلم بليال تفرح فيها القدس / أحلم ببلاد خضراء / يحيا فيها الحب وتنتحر البغضاء" ويرى في قصيدة "سيرة شاعر" أن هناك تشوّقاً دائماً إلى صورة الوطن الخالي من الطغيان، حيث: "وأوزع ذاتي / بين الحاضر والآتي / علّي أحظى في عيشي بثوان / يخلو فيها الكون من الطغيان.." ليكون البحث عن السلام العادل غاية يسعى إليها الإنسان الفلسطيني في كل وقت.. ولكن أيأتي السلام دون تضحية وفداء؟؟..
تعرف الشخصية الفلسطينية وتعي أن الحق مرهون بالبذل والتضحية.لذلك كانت مساحة العطاء مفتوحة عريضة متتابعة. فالإنسان الفلسطيني رأى بأم عينه كيف سرقت الأرض منه، وكيف استولى الصهاينة على البيت والماء والهواء. فكان لا بد من الإصرار على السير في طريق التضحية والفداء، لتعود الحرية كما كانت من قبل. وطبيعي أن تكون الصورة في ألوانها وخطوطها ومساراتها الجديدة، لأن الفداء هنا ينتقل ليكون انبعاثاً وتجدداً ودخولاً في مفاصل الحياة..
الشخصية الفلسطينية في هذه الصورة لا تدخل قاموس الموت إلا لتسجل كل معاني التجدد والانطلاق. وطبيعي أن تنبض الحروف بألق جديد في امتداده ومعانيه. وهنا نعي ونعرف أن الموت ينحرف عن طريقه المعروف ويصب مباشرة في طريق جديد مليء بالحياة والنبض والخصب.. كيف؟؟..
الشاعر سليمان دغش يقول في قصيدته "احتراق": لا بأس إن احترقنا / حسبنا أنّا وهبنا الفجر ومض الاشتعال" ويقول الشاعر هايل عساقلة في قصيدته "خطوة أخرى وتنهار السلاسل": " يا رفاقي الشهداء / من يمت في حب عينين وطفل وجديله / سوف يرثيه الندى الحاني على أوراق دفلى / وأغاني الشعراء" و"يا حبيبي أنا والموت التقينا / بين أطلال الديار / ها هو الزيتون يشهد / جذره لف وريدي / وبلادي تتجدد / خلف شباك النهار.." و"من رماد المذبحة / رف عصفور وطار / حاملاً قصفة زيتون / ودفلى / وحبق / وعلى شرفة دار / أيها الناس احترق".. ويقول الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدته "حديث مع بلادي": " إن قتلوني لا تبكي فدمي للثوار دليل"…
فالصورة تبقى على مسافة كبيرة من التعدد في الخصب والامتداد، ولنا أن نقرأ:
- أن الموت لا يمكن أن يكون موتاً سلبياً محايداً، ما دام يزرع الحركة الدافعة. فحين يحترق الإنسان، يكون احتراقه فاعلاً، حيث يشكل البدايةة في طلوع الفجر.وطبيعي أن تحدد الشخصية في مثل هذه الحالة قدرتها على إغناء كل الصور. هنا تستطيع الشخصية أن تكون في كل الشخصيات، لأنها شخصية تذوب في الآخرين ومن أجل الآخرين، وتعطي الدافع الدائم لتجدد الحياة.
- أن الموت من أجل الجيل القادم، ومن أجل حرية الأطفال، إنما يعبر عن قمة الإيمان بالحياة وخصبها وجمالها، فالشخصية تضع خطوتها في درب العطاء ليكون الغد أفضل باستمرار. وطبيعي أن الطفولة بحاجة دائمة إلى من يعطيها الأمل والفرح. لذلك كان الإصرار على الغناء الإيجابي المؤدي إلى زرع الشمس في عند هؤلاء الأطفال.
- أنَّ الموت حياة، ومع لحظة الموت تكون لحظة الميلاد. هنا تأتي الصورة لتزرع كل معاني الأمل والتجدد. لقاء الموت لا يعني انكسار الذات أو ذهابها في رحلة النهاية ، بل يعني بداية الحياة وتوهجها.
- أنّ الموت دليل وزيت ثورة. هنا تبدأ روأي الدخول في مفاصل الحياة، وفي معاني الانبعاث. وطبيعي أن يكون الدم محركاً وفعلاً وإشارات على الطريق. الخطوة في هذا المجال تستدعي خطوة أخرى، والنداء يستدعي نداء، حين تضع الشخصية نقطة على سطر النداء، فإنما تطلب من الآخرين أن يتابعوا المشوار. وبذلك تكون الشخصية في الشخصيات السابقة والشخصيات اللاحقة، وكأنها شخصية متعددة راسخة الملامح..
- أنّ الموت إغراق في معاني الطبيعة الفلسطينية، ودخول في تفاصيلها بما يعني الإصرار على إعطائها خصب الحياة، وفي مثل هذه الحالة، تكون الشخصية مليئة بنبض الشجر والتراب والهواء، تكون مليئة بكل الألوان الخضراء. وفي هذه الحالة تكتب الطبيعة روعتها في نبض الشخصية، وتكتب الشخصية انبعاثها في نبض الطبيعة. ولنا أن نرى إلى أهمية التداخل بين الشخصية والطبيعة في مثل هذه الحالة، حيث لا يكون التداخل هنا تداخل عناق وتوهج وأمل من خلال مساحة الفداء والتضحية. فالشخصية تقترب من الطبيعة لتقول الفداء والتضحية بشكل يفجر كل معاني الحياة، وتقول الفداء والتضحية بشكل يفجر كل معاني الخصب. وهنا تبدأ الطبيعة بمعانقة إنسانها، ويبدأ الإنسان بمعانقة طبيعته، وفي كل الأحوال يكون الدم سماد الحرية والأرض.
نسجل في هذا المسار قول جبرا حنونة في قصيدة "سأبقى شامخاً" حيث: "سأفارق هذه الأرض.. وينمو من دمائي ألف طفل / أسمر الجبهة للموت الخرافيِّ يسابق / وستغدو قامتي أطول من كل المشانقْ / راحتي تحترق الآن بوهج الشمس / والأخرى تعانقْ / سنبلات القمح / وغداً لا بد أن يزرع طفل / من عظامي غصن زيتون / ومن ثوبي بيارق…"…

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 06 : 01 AM   رقم المشاركة : [14]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
رابعاً – الشخصية الفلسطينية والعذاب:
أين تقف الشخصية الفلسطينية عندما تتعرض لأشد حالات الضغط؟؟ وهل تفقد شيئاً من تماسكها وثباتها في هذه الحالة..وبمعنى آخر، هل تقع مثل هذه الشخصية في حالة إحباط ويأس عند تعرضها لحصار الجراح؟؟ أم أنها تستطيع في كل الحالات أن تتجاوز حالة الحصار لتسجل حضورها الإيجابي الفاعل القادر على المقاومة والتفاؤل والوقوف بثبات؟؟..
يمكن أن نرى إلى صورة هذه الشخصية في حالتين تتباعدان من جهة، وتتقاربان من جهة ثانية. الأولى هي حالة السجن، والثانية هي حالة الجراح والمأساة، وإذا كان التباعد نابعاً من طبيعة كل حالة، فإن التقارب نابع من كون كل حالة مسكونة بالضغط والألم والمعاناة.. فماذا تقول الشخصية في هذه الحالة وتلك؟؟.
عند تعرض الشخصية الفلسطينية للسجن نقرأ: "في زنازين اعتقالي / عندما يشتدّ عشقي / تصبح الأغلال زهراً / ويصير الجرح كوثرْ / وعلى القيد يغني / بلبل التاريخ لحناً"ويتابع نزيه حسون في قصيدة"تواقيع على قيثارة الأرض" قوله: "في زنازين اعتقالي / رغم سجاني وسجني / يزهر الزيتون في زندي المقيَّدْ / وعلى جدران قلبي / كل زهر في رباها يتجددْ / مهما يا سجان تقسو / سيذوب القلب عشقاً / وستبقى الأرض معبدْ".. لنكون أمام إنسان يكتب أروع لحظات الحرية والانطلاق. وما أجمل أن تصرّ مثل هذه اللوحة على تناول الشمس بيد ثابتة لا تعرف الارتعاش، ولا تعرف التراجع. هنا تكبر الشخصية متجاوزة الظرف المرحلي، والحالة الآنية، لتضع خطوتها على طريق المستقبل المشرق.
مثل هذه الحالة يؤكد عليها الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدة "السجن وأنا والطغيان" حيث يصر على ارتفاع الهامة قائلاً: "أعرف كل سجونك / وأراها دوماً جوف عيونك / حين تحملق في عينيّ / حين تلامس سيجارتك المشتعلة بشرة كفي" و"ضعني في سجنك يا سجان" وعندها "تلقاني مرفوع الهامة / ودمي للشعب المظلوم فداء.." فالصورة في غاية التألق والتوهج، وهي تطرح صوتها الصارخ القائل: إن الشخصية الفلسطينية قادرة على الثبات والاحتمال والتفاؤل رغم كل العذابات. وطبيعي أن تكون مثل هذه الشخصية قوية متماسكة كبيرة في تحديها ومقاومتها وتصميمها على استحضار النهار، وهو ما عبر عنه عبد الناصر صالح في قصيدته "ثلاث رسائل إلى أمي"حيث جعل الزمن غير قادر على قهره، وكان قد أمضى عاماً كاملاً في المعتقل، فقال:"عام مضى هل تعرفين؟ / جحدت به الأيام وجهي لم تقل كيف السجين؟؟.." و"لكنني أماه مهما طال هجري لن أهون / أماه إني لن أهون / فأنا وأنت على انتظار..". ولنا أن نشهد كيف ترسم هذه الشخصية حضوراً رائعاً في كل لحظة، وهنا لا تقول مثل هذه الشخصية فرحها أو أملها جزافاً، بل تصر على ربط كل ذلك بالنهارات القادمة.. فماذا عن حالة الجراح والمأساة..؟؟..
في قصيدة "لا تبكي يا أمي" للشاعر حسين مهنا، نقرأ كيف يذهب الجرح في صياغة الإنسان ويعطيه القوة والتماسك، حيث "آت من جبّ النار قويّاً / آت من جبّ النار نبيّاً"وهو ما يشكل نسفاً لكل زمن ماض "فلقد ولّى زمن كنا نبكي فبه الأطلال ونستبكي" لذلك كانت الشخصية معجونة بألق وضياء الشمس "ها أنذا أخرج من مأساتي / مرفوع الرأس قويّ الزندين" و"ها أنذا والنار شآبيب من حولي / أعلنها صرخة ثائر / أعلنها غضبة ثائر.." و"ها أنذا فوق جوادي / أتقدّم فوق جراحي.. أتقدّم وأقاتل.." فأنا "وأريج الليمون وأعراس فلسطين / آتون مع الفجر الورديّ.."..
الشخصية هنا في أروع حالات تجلّيها وامتدادها. ولنا أن نقرأ كيف يكون النزول في الجرح طلوعاً خصباً داعياً للتشديد على التماسك. فالمأساة لا تعني انغلاقاً أو وقوعاً في حالة يأس، بل تفتح الأبواب مشرعة أمام حالة قصوى من الإصرار والتصميم على متابعة المشوار. وإذا كان المقصود من الجرح والمأساة كسر الشخصية وتذويبها، فإنّ ما تصل إليه هذه الشخصية يبشر بأن إشراقة الشمس لا بد منها. إذ كيف لشخصية تحمل كل هذا الألق وكل هذا الإصرار، وكل هذا التماسك والثبات، أن تنكسر..؟؟..
في هذا المسار تكون صرخة الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدة "الصبر يا صبرا" أعلى من كل صرخة في تحديها وشموخها، فالمجزرة لا تغلق الأبواب، والمذبحة لا تسقط الملامح ولا تقدر على تشويهها، صحيح أن هناك ضحايا، وصحيح أن هناك الكثير من الدم، وصحيح أن هناك الكثير والكثير من الحزن، ولكن أين يصل بنا كل ذلك؟؟.. وماذا يعني في المحصلة.. نسمع: "ودّعي كل الضحايا يا فلسطين / بقلب في ثناياه الأمل / ودعيهم واحضني الشعب البطلْ / وازرعي الآمال في السهل وفي رأس الجبل / فالذي صارتْ خطاه من فداء / يا فلسطين إلى الفجر وصلْ".
يمكن القول هنا إن الشخصية الفلسطينية تسجل حضورها المتميز رغم حالة العذاب والضغط والجراح. وهذا يعني أن مثل هذه الشخصية استطاعت الوصول إلى قمة التماسك، كأن العذاب والمأساة والجراح محكّ نستطيع من خلاله التعرف على جوهر الإنسان ومعدنه.. وكما هو واضح فإن الشخصية الفلسطينية لا تعرف الانحناء مهما ازدادت الصعوبات والضغوط..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 08 : 01 AM   رقم المشاركة : [15]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
خامساً – الشخصية الفلسطينية والامتداد:
كان طبيعياً أن تصرّ الشخصية الفلسطينية منذ البداية على الامتداد تعبيراً عن القوة والتماسك والنهوض الدائم. وكانت أولى علامات الامتداد هذا التطلع إلى الأرض العربية، والشعب العربي، في إصرار مستمر على أن الشخصية الفلسطينية لا يمكن أن تأخذ معناها بمعزل عن العروبة، فهي شخصية عربية فلسطينية، تسعى إلى تأكيد مثل هذه الهوية في كل حين.
من جهة ثانية أصرت الشخصية الفلسطينية على الامتداد ، للتواصل الدائم مع الأهل اللاجئين ..وكان هذا الامتداد مرتبطاً بالإصرار على أن شعب فلسطين شعب واحد يتطلع إلى تخليص أرضه من الاحتلال ليعيش من جديد في ظلال الحرية، بعيداً عن اللجوء والتشرد.. فكيف تبدّت ملامح هذه الصورة؟؟.
الشاعر حسين مهنا يرى في قصيدته "أبصر من خلل الفرح الجامح" أن الشعب الفلسطيني في الوطن المحتل لا يستطيع أن يعيش فرحاً كاملاً، أو حياة سعيدة، ما دام يشعر بأن هناك جزءاً منه يعيش خارج أرضه ووطنه، لذلك كانت الصورة كما يقول حسين مهنا: "حين يعانقني طفلي / أرجع طفلاً / أصرخ في فرح الأطفال / أصفّق / أضحك من أعماق الأعماق / أقفز.. أركض.. ألعب / لكن / من خلل الفرح الجامح / أبصر في عينيّ طفلي / طفلاً آخر من شعبي / يتعذّب" بما يعني أن الفرح ناقص، الأمان ناقص، جمالية الأشياء ناقصة، والتطلع مستمر إلى الأهل اللاجئين.
مثل هذه الصورة تتكرر عند حسين مهنا في هذه القصيدة، لتقول بالأشياء المشطورة الناقصة التائهة باستمرار، حيث: "حين يعانقني النوم / ويسري خدر في جسدي المتعب / أتراخى فوق سريري الدافئ في كسل / أتمطّى.. أتثاءب / لكنّي / من خلل الدفء الناعم في جسدي / أبصر شيخاً مقروراً من شعبي / في ليل الغربة / يتقلّب..".. وهكذا تبقى الصورة بحاجة إلى ألوانها لتكتمل وإلى خطوطها تكون أكثر دفءاً.
إن امتداد الشخصية الفلسطينية بهذا الاتجاه، وبما يعني التطلع إلى عودة الأهل، كان معبراً عن الارتباط بالأمل والتفاؤل، وهو ما يتأكد عند الشاعر عدوان علي الصالح في قصيدة "بابا نويل فلسطيني" حيث:"لمعلوماتكم جدّي تشرد عن / ثرى أجداده والخال والعمّهْ / لمعلوماتكم جدي / يعيش الآن في خيمهْ / لمعلوماتكم / لم يفقد الهمه" وفي قصيدة "أحلم"حيث: "أحلم يا شعباً يسكن في خيم وبيوت من طين / أحلم بالعودة يا أهل فلسطين "وفي قصيدة "أغنية فلسطينية" حيث: "متى يا أيها العصفور تأتيني / ببشرى عودة الشعب الفلسطيني / فهذا البعد قد طالا / وليل الظلم ما زالا" و"أنا والشعب أغنية / ولكن / صدرها في اليتم قد شبّا / وأما العجز يا عصفور / فهو يعيش في الغربه.."..
وطبيعي أن كل ذلك لا يتحقق إلا بزوال الاحتلال، فالشعب الفلسطيني الذي يعيش جزء منه في الوطن المحتل ويعاني ما يعانيه من فقدان الحرية، يتطلع إلى الزمن الذي يزول فيه الاحتلال لتشرق شمس الحرية من جديد. والشعب الفلسطيني الذي يعيش الجزء الآخر منه، بعيداً عن أرضه ووطنه، يتطلع إلى الزمن الذي يزول فيه الاحتلال ليعود إلى أرضه. وكل ذلك يطرح الصورة القائلة بأن هذا الشعب يبحث عن الحرية والحياة وإشراقة الشمس، وأن هذا لا يتحقق إلا بالخلاص من الاحتلال.
إلى أين نصل بعد كل ذلك.. وماذا تقول الشخصية الفلسطينية من خلال قراءة ملامحها في الصورة الشعرية؟؟.
إن الشخصية التي تبرز ملامحها على هذا الشكل من الإصرار على الثبات والصمود في أرض فلسطين، من خلال التداخل والتوحد مع كل مفردات الطبيعة، إنما تقول بشخصية قادرة على المقاومة والتحدي والمواجهة، ورسم معالم النهارات المقبلة بثقة متزايدة. إذ أن استناد الشخصية إلى كل هذه المساحة من التماسك، إنما يحدد القدرة على الوقوف الشامخ باستمرار.
وإن الشخصية التي تبرز ملامحها على هذا الشكل من الإصرار على الحب الدافئ العميق المتصف بعشق كل حبة رمل من تراب الوطن، وبالإصرار على تسييج كل زهرة بالروح والدم والشريان فداء وتضحية، إنما تقول بشخصية قادرة على التواصل مع نبض الأرض حتى آخر نفس، إذ من غير الممكن لهذا الحب العميق الراسخ، أن يتراجع أو ينهزم، فهو حب يقدم كل شيء من أجل الحبيبة فلسطين.
وإن الشخصية التي تبرز ملامحها على هذا الشكل من الإصرار على الانبعاث والتحدي، إنما تقول بشخصية مؤمنة غاية الإيمان بحبها لأرضها، وبقدرتها على زرع الحياة من خلال الفداء والتضحية. وحين يكون الدم عنوان طلوع إلى الشمس، فهذا يعني التصاقاً بمفردات الفجر ودخولاً في معانيه. إذ من غير الممكن لشخصية ترى في بذل حياتها من أجل حياة الآخرين عنوان فرح، أن تتأخر أو تتقاعس عن الدخول في قاموس المقاومة والتحدي. ومن هنا أهمية بروز ملامح القوة في حالة الذوبان من أجل حياة الآخرين.
وإن الشخصية التي تبرز ملامحها على هذا الشكل من الإصرار على تجاوز العذابات والمعاناة والقهر، للقبض على معاني الفجر الطالع، إنما تقول بشخصية ذات ملامح قادرة على صوغ المستقبل بالشكل الذي تريد. فالعذاب هنا محرك لإشعال فتيل المقاومة، وليس محركاً لآلية الانطواء والارتداد والانسحاب. وعلى هذا كانت الشخصية الفلسطينية شخصية ثابتة الخطوات في السير على طريق المقاومة والمجابهة.
وإن الشخصية التي تصر على الامتداد نحو الجذور والمحيط والأهل، إنما تقول بشخصية منفتحة دائماً على معانيها. ومثل هذه الشخصية لا يمكن أن تنغلق على الذات الضيقة، ما دامت مؤمنة كل هذا الإيمان بذاتها الكبيرة الواسعة، فهي شخصية عربية فلسطينية، ترى صورتها في كل صوت عربي، وفي كل نبض فلسطيني، لتكون شخصية الأمل والتفاؤل والإيمان بالمستقبل.
أخيراً، لا بد من القول، إن ملامح الشخصية الفلسطينية في الصورة الشعرية عند شعراء الجيل الثاني في الوطن المحتل، إنما تدل على شخصية تسعى باستمرار إلى نيل حريتها، من خلال الإصرار على متابعة السير على طريق العطاء. وإذا كانت مثل هذه الشخصية قادرة على ذلك، فلأنها شخصية متماسكة قوية عميقة الجذور.

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 09 : 01 AM   رقم المشاركة : [16]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
الفصل الثالث
الدخول في مسافة الحلم
ما معنى مثل هذا الدخول في مسافة الحلم، وإلى أي شيء نريد الوصول؟؟ في هذا المجال لا أسعى إلى طرح إجابات تؤدي إلى هذا المعنى أو ذاك في فهم آلية المسافة وأبعادها، بل أريد التواصل مع مفردة تحاول أن تعطي الحلم معناه الغني القادر على رفد الشخصية بشحنة غير متناهية من القدرة على الثبات والتماسك. إذ الحلم في مثل هذه الحالة لا يعني انفصالاً أو ابتعاداً عن الواقع، كما لا يعني هروباً أو سقوطاً في السلبية بأيِّ شكل من أشكالها. الحلم هنا قراءة واعية للحاضر، وتطلع مليء بالتفاؤل للمستقبل. بذلك يكسر الشاعر المعنى ذا الوجه الواحد للمفردة ليقول بالانفتاح على كل المدارات الممكنة والمرئية. إذ العين التي ترى الواقع بأبعاده ومضامينه، تستطيع في الوقت ذاته أن ترى المستقبل بأبعاده ومضامينه، كما تكون القدرة في أعلى وتيرة لها على تجاوز أي انغلاق أو ضغط من خلال التواؤم مباشرة مع حالة الحلم بما تعطيه من إصرار على التفاؤل.يمكن هنا أن نسمع شيئاً من قصيدة "أغنية إلى موسم المطر" للشاعر سيمون عيلوطي حيث: "لا بد أن تجيء في الصباحْ / قوافل المحرم المباحْ / وعندها سيورق الشجرْ / يضيء في سمائنا القمرْ / وفي فيافي عيشنا / سينشد المطرْ.." فالانتقال إلى مسافة الحلم في مثل هذه الحالة، يعطي الشاعر شحنة من التوافق مع القادم من جهة، وقدرة كبيرة لتحمّل الصعوبات الآنية والضغوطات المستمرة. في مثل هذا الخط من التعلق بكل مساحة الضوء المقبلة، يفتح الشاعر العين والقلب والاحساسات لتكون في وقع جديد يستطيع أن يثبت ويصمد ويقاوم. هنا كان الحلم قوة وقدرة واستطاعة توصل إلى قراءة المستقبل بوعي، وإلى إعطاء ألوان زاهية للحاضر من خلال الإصرار على استمرار الثبات.
الشاعر نعيم عرايدي في قصيدة "اشهديني رافعاً جبلاً" يحول صورة الحلم إلى لوحة تتأرجح بين حالتي الإمكان واللاإمكان، إذ يرى "إن التحمت جفوني في عيوني / اعذروني / أو التصقت شفاهي في نهود الأرض / في الأرض اتركوني / لأني كنت في المنفى بلا أم.." فإنه يريد أن يرضع من نهود الأرض، وكأن الحلم يرده إلى الطفولة فتكون الأم أرضاً ترضعه حليبها الدافئ.. وطبيعي في مثل هذه الحال أن يكون الشاعر مشتعلاً بمساحة الحلم إلى آخر حد، لأنه يغيب تماماً في الصورة. ونعود مرة أخرى إلى القول، إن مثل هذه الحال تؤكد من جهة أخرى على الارتباط بالواقع المقاوم حيث تصر على هذا التداخل مع الأرض.
في "مطر أيلول فوق بيروت" يرى الشاعر نزيه خير كيف وقفت فيروز على نافذة البحر ونادت، و"كم تشبه عينيك الباكيتين ليالي أيلول / ذكرني فيك المطر الساقط فيه / ذكرني وبكيت كثيراً" فالورق "الأصفر أغنية أو ذهب مشغول / تحمله الريح لأطفال / ركضوا في ليل الثلج وضاعوا / ركضوا / من جبل الكرمل حتى شباك البحر على مدخل بيروت" لتكون المواءمة بين صوت الأغنية الدافئة، وصوت المطر الدافئ، وصوت أجراس الحلم الدافئة أيضاً. وطبيعي أن يؤدي كل ذلك إلى شفافية حزينة تريد أن تنفتح على الجرح وأن تقوله بلغة ما. الحلم هنا يصعد بشكل سريع إلى الذات الباكية الداخلة في مساحة الجرح ليقول صورة التواصل مع الأرض والوطن والإنسان والخصب وما شئت من صور. ولنا أن نرى إلى مد المفردة وغمسها بكل هذه الشفافية لتدخل في تناغم تام مع الأغنية الفيروزية.. وتبقى المسافة مفتوحة على الكثير والكثير من الاحتمالات.. في "أغنية للأرض"للشاعر عطا الله جبر نقرأ "مهما فعلوا / سنعود صباحاً للأرض / ونضيء الدنيا بعودتنا / لتراب الأوطان الحرة" لنجد صورة الحلم في توافق مع صورة التوقع والتمني والتفاؤل. هنا لا يقول الشاعر بحالة من حالات الحلم الذي يرسم صورة تخطر على البال لتكون ملجأ ومتكأ، ولكنه يترك الحلم ليكون في مسافة المستقبل. وطبيعي أن يكون عطا الله في مثل هذا التصور مسكوناً بالكثير من التوقع والجوع ليوم آخر لا يرى فيه صورة الاحتلال بما تحمل من ضاغط وألم وعذاب "مهما فعلوا" الشاعر هنا يدخل في لحم الواقع لينطلق من خلاله بسرعة إلى المستقبل الذي يحمل الدفء والصورة المشرقة..
نتساءل هنا أيمكن للحلم أن يموت، وما هي الحالة التي يحدث فيها ذلك؟؟ نقرأ عند الشاعر سليمان دغش في قصيدته "احتراق" ومن خلال خطابه لأرضه:"جاؤوا إليك وكنت حالمة / كنجم عند شباك الخيال / تستلهمين الصبح أن يأتي / بمنديل ربيعي وشال / داسوا على أحلامك الخضراء / واغتالوا الهلالْ.." لنلامس الكثير من الألوان القاتمة أو الذاهبة إلى حد بعيد في حالة الحزن. الشاعر يتحول في لحظة من لحظات البكاء على صدر الأرض إلى شاعر مسكون بالهم والأسى والفاجع، وهنا تسقط المرآة لتتناثر جارحة في كل اتجاه. ولكن هل مات الحلم حقاً.. أو ما هي الأحلام التي سقطت صريعة هنا..؟؟..
تقول الإجابة إنها الأحلام التي ذبحت مع الاحتلال.. الأحلام التي قتلت وهي في أوج الجمال والرونق.. ولكن هل انتهى كل شيء عند هذا الحد..؟؟ هذا غير معقول طبعاً.. فبعد انكفاء لحلم، كان النهوض المعبر عن الوقوف من جديد.. هنا استعادت الأحلام جميع خيوطها ووضعت معالم الدرب من جديد "وكبرت أنت على صليبك / صرت آلهة النضال" كبر الهوى "لا بأس إن نحن احترقنا / حسبنا أنّا وهبنا الفجر ومض الاشتعال".. ليكون الحلم حلم ارتباط بالثورة والنضال والعطاء، وهو ما يجعله حلماً إيجابياً مليئاً بكل معاني الحياة.. هنا يمكن أن أستحضر من قصيدة "سوف آتي بقمر" لسليمان دغش قوله "فلأوراق الشجرْ / ألف وعد بربيع منتظرْ" لنرى كيف تكون مساحة الحلم مؤكدة على نموها في تفاصيل الوعد، في ثنايا الغد..
كما نرى لا يعني الموت، أو لحظة الاختناق في ظرف ما، نهأي الحلم المعبر عن الحياة.. دائماً هناك ألف ضوء ينبثق ليعبر عن الأمل والتفاؤل، لذلك كان التوكيد على صورة الانبثاق والتفجر توكيداً على عودة الحلم إلى مساحة الزمن والواقع والتطلع..في هذا يقول الشاعر عمر محاميد في قصيدته "اعترافات لوطني الجميل": " يا أجمل حلم يتجدد تحت النار وتحت القيد وتحت السوط" في تعبير جميل عن ضرورة الحلم، وضرورة الالتقاء به. وإذا كان الواقع ضاغطاً حتى الاختناق، فهذا لا يعني انكفاء الحلم أو موته. لا يعني تغييب هذه المسافة الجميلة من الإصرار على التفاؤل والأمل والتشبث بالنور.
وحين نقرأ "نبضات لا تموت" للشاعر عبد الناصر صالح نتوقف عند قوله:"أيا وطني / طوال الليل أحلم فيكْ.. أستجديكْ / أبحث عنك في الأحداقْ.." ونتساءل ما معنى مثل هذا البحث في ثنايا الحلم؟؟ ..ولماذا يلتفت الشاعر إلى صورة بعيدة مع أنه يعيش في وطنه؟؟.. وهل يعني ذلك هروبه من الأحلام التي ماتت في لحظة الجرح؟؟..
الأقرب إلى المنطق أن الشاعر يوظف الحلم ليعايش وطنه القادم في مساحة الخلاص من الاحتلال.. هذه المساحة يراها الشاعر ملء العين والقلب والتطلع. لذلك كان التمني والطموح أن يأتي هذا اليوم الذي يصبح فيه الوطن خالياً من كل غربة أو غريب.. في مثل هذه المساحة لا يعود من الممكن قبول أي صورة أخرى. الشيء الوحيد القريب من العين والأذن والقلب يتمثل في هذا الانفتاح على يوم يعود فيه الوطن إلى حريته.
يمكن أن نلاحظ الكثير من الخطوات على هذا الطريق. هناك دائماً إلحاح على التطابق مع الوطن القادم، الوطن المقبل، الوطن الذي تعود فيه الشمس إلى إشراقتها. يقول الشاعر مصطفى مراد في قصيدته "وطني": "وحلمت بطوفان مقبل / وحلمت بحقل أخضر" و"سمعت سنابلك الخضراء تنادي / ورأيت الفجر الآتي / والحقل الأخضر / فحملت المنجلْ".. وكأن الانتقال إلى المستقبل يصبح حالة وجدانية قابلة للتحقق المادي على أرض الواقع.. الشاعر لا يكتفي بأن يسمع، أن يرى، في حالة الحلم، ولكنه يحمل المنجل بصورة فعلية تعبر عن تطابقه مع حالة القادم، ليكون في حالة وجود مادي.
في هذا المجال، يمكن أن نختتم بقصيدة الشاعر حسين مهنا "افرح يا شعبي" حيث يتحول الحلم هنا إلى سلاح يمكنه أن يكون فعالاً إلى أبعد حد، لأنه السلاح المعبر عن نفسية متماسكة قوية. يقول حسين مهنا: "افرح يا شعبي / واضحك من أعماق الأعماق / اضحك رغم سواد المأساة / انتزع الضحكة من فك الأفعى "و"هذي أفراحك يا شعبي / هذي أعراسك يا شعبي صيف شتاء / فلتفرح ما دامت في الدنيا أصياف / ما دامت في الدنيا أشتية / ولتتلوَّ الغيلان الموتورة قهراً / ولتنفلق السعلاة.."..
حسين مهنا لا يقول بحلم يلجأ إلى زاوية المستقبل، ولا يقول بحلم يتطلع إلى البعيد، إنه ببساطة يقرب الحلم ليكون حياة واقعية تستطيع أن تحول الحياة إلى ضحكة كبيرة تتفجر في وجه الغيلان الموتورة قهراً. إن مثل هذا السلاح يعني تركيز بؤرة الضوء في وجه الظلمة دون أي تراجع أو انزواء. يقول الشاعر ماذا علينا إذا جعلنا أعراسنا سلاحاً، أفراحنا سلاحاً، دبكاتنا سلاحاً؟؟ يريدون قتلنا وخنقنا وكبت أنفاسنا.. فلماذا لا نطلع أملاً يكسر كل ظلمة، وتشبثاً يقهر كل عتمة..
الدخول في مسافة الحلم دخول في صورة الأمل والتطلع إلى المستقبل.. الحلم حين يكون مرتبطاً بوطن، لا يموت. والحلم حين يكون طالعاً من أرض سيجها العشق، لا ينطفئ.. وفي كل المساحات والمسافات، يبقى الشاعر مسكوناً بالحلم، ما دام الحلم تطلعاً مشروعاً وجميلاً إلى المستقبل.. ما دام الحلم حزمة ضوء تعطي النفس البشرية كثيراً من التفاؤل والإصرار والتوهج.

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 10 : 01 AM   رقم المشاركة : [17]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
الباب الثاني
الانتفاضة وانعكاساتها
الفصل الأول
الانتفاضة وصورة التوهج

الانتفاضة فعل وفاعلية من جهة، وبصمة قوية الأثر والتأثير على الزمن ومساره من جهة ثانية.. وعلينا أن نسجل منذ البدايةة صعوبة تحديد "الانتفاضة" في تعريف أو توصيف، كما صعوبة شرحها بكلمات تقلّ أو تكثر.. إذ قامت الانتفاضة منذ البدايةة لتكون "صرخة" شعب قرر أن يمضي في طريق الحرية والخلاص و"نداء" جذور انتفضت لتقول كل تاريخها "تحدياً" لا يعرف الانحناء.. وعلى هذا سجلت الانتفاضة الدلائل الواقعية على أنها عصية منيعة، من خلال ثباتها واستمرارها وقدرتها على التحدي، وصوغ الحاضر بما يعطي للمستقبل وجهه وملامحه. فهل استطاع الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني أن يقول كل ذلك؟؟..
علينا قبل الدخول في قراءة مثل هذا الشعر، أن نتجاوز منذ البدايةة الكثير من الأسئلة التي تتعلق بانطلاقة الانتفاضة، إذ من غير الممكن، وبأي شكل من الأشكال، أن نضع أو نصوغ أسباباً كانت وراء بداية الانتفاضة، لأننا في كل حال سنكون أمام جزء لا يؤدي إلى الكل. فالانتفاضة انطلقت لأنها كانت قد وصلت إلى نقطة كان عليها عندها أن تنطلق، والانتفاضة بدأت وتحركت فعلاً على الأرض لأن الشعب العربي الفلسطيني كان قد وصل إلى درجة رأى فيها أن عليه أن يتحرك وينطلق. وفي كل الأحوال كانت الانتفاضة "مرآة" صادقة عبرت عن مشاعر الشعب العربي الفلسطيني وتطلعه إلى الخلاص. وهو ما جعل الانتفاضة نتاج سنوات طويلة من الانتظار والاحتمال والتطلع، كما نتاج سنوات طويلة من التوثب والمواجهة والتحدي، فكانت في شكلها الأولي كلمة "لا" كبيرة قادرة على صوغ حركة رفضها، وكانت في شكلها الاستمراري فعلاً استطاع أن يزرع الأرض كلها بالتحدي والغضب والمواجهة.
في الشعر، لا تأتي الانتفاضة خارج مسارها الواقعي الحي، فقد انطلقت بعد أن حملت كل السنوات الماضية، ورأت في مسار غدها هذا الارتباط بالخلاص من الاحتلال، ولعل أبسط وأقرب توصيف ينطلق من قصيدة الشاعر منيب فهد الحاج في قصيدته "هذي انتفاضتنا شعاع من نهار" حيث الانتفاضة صورة فجر، وإشراقة صباح، وهي حسب الشاعر "صيحة دوّت فأيقظت الضمير / في القدس دوّت في القطاع / في طولكرم، وبيت لحم، وفي الخليل / في كل ناحية وفي الأقصى الأسير / لتقول: لا للمعتدين / جرجر ذيولك وانقشع عن أرضنا" ثم الانتفاضة "ستحطم القيد الثقيل / تروي لمظلوم غليل / هذي انتفاضتنا تكحّل فجرها الزاهي الجميل" وفي كل الصور تأتي الانتفاضة لتنقل تطلع الشعب وتصوره من حالة إلى حالة، حيث تبدأ الصور في الوصول إلى حالة التحقق.. فما هي المحاور التي وقف هذا الشعر عندها؟؟..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 11 : 01 AM   رقم المشاركة : [18]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
أولاً – الانتفاضة وصورة الغد:
أستبق التوقف عند أي محور يأتي ترتيبه أولاً، لأرى مباشرة ضرورة التوقف عند صورة الغد في قصيدة الانتفاضة، ما دامت هذه الصورة نتاج كل الصور والمحاور. فالتطابق والتوافق مع الحالة المستقبلية التي يصل إليها الإنسان المنتفض هي الغاية. وطبيعي أن تكون مثل هذه الحال غاية في الإشراق والجمال، لأن الصورة التي ترسمها ريشة الشاعر تنطلق في خطوطها الأولى من خلال الحاضر المعاش، وهو في هذه الحال حاضر / انتفاضة مستمرة تعطي الكثير، وتنطلق في خطوطها اللاحقة من خلال المستقبل المنظور، وهو في هذه الحال مستقبل / انتفاضة يعد بالكثير.لذلك أخذ الشاعر في معانقة حاضر مليء بالوعد، ومستقبل مليء بالنبض والحيوية والصور الزاهية الألوان.
إن ما طرحه الشاعر حنا عواد في قصيدة "وأفنى ليبقى الغناء" عند العزف على وتر التوافق مع الطبيعة، ثم التداخل مع كل حركة ونسمة ودفء، إنما يحرك بشكل مباشر دافع الالتقاء مع المستقبل. وهنا تبرز أهمية صورة "الانتظار" أو"التطلع" إذ تبدو صورة مليئة بنبض الامتداد والاتساع، فالشاعر الذي يضع ذاته الشاعرة في لحظة الحاضر، إنما يضع ذاته في لحظة المستقبل، لذلك فهو يغني "لهمس السهول ونبض الحقول" ولكن إلى أين تمضي الأغنية، وإلى أي حد يمتد غناء الشاعر؟؟
تبقى لحظة التوافق مع الطبيعة شديدة البروز والاشتعال. وعلينا أن نشد كل وتر لنلتقي الكثير من الدفء والجمالية في صورة الحاضر / المستقبل، والمستقبل / الحاضر، ما دام الشاعر مصراً على مزج الطرفين في لحظة تفجر واحدة تضيء المحيط بأكمله. يقول حنا عواد: "لحلمٍ يسافر في بحر عينيك / عبر مدى الحزن والليل / لصبح نديّ يخضِّله الطلّ / يوشحه النور والورد والفل / لفجر بهيّ يُحاصَرُ في أفق جفنيك / أسكبُ لحني أغني" لتكون اللوحة رائعة في إعطاء الغناء كل هذا الاتصال مع صورة القادم المزروع في صورة الحاضر، وصوت الحاضر المزروع في صورة القادم. وطبيعي أن يكون الغد في هذا المسار غداً مليئاً بالزهر والأناشيد والجمالية.
كان طبيعياً في كل مسار، أن يكون التطلع إلى المستقبل مليئاً بالنبض والقصيدة هنا تطرح المستقبل لتكون في كل ثوانيه. وإذا كان الاستحضار انتقالاً إلى المستقبل، فإنه في الوقت ذاته توافق معه. والشعر لا يريد أن يرسم المستقبل بمعزل عن الحاضر، كما لا يريد أن يرسم المستقبل دون النظر بتدقيق شديد إلى سيرورة الفعل المقاوم. وهذا ما جعل الارتباط شديداً بفاعلية الفعل وبامتداده. فالفعل هو الذي يقول المستقبل ويرسمه، والفعل هو الذي يصمم شكل البناء الذي سيرتفع في الغد.. ولكن تبقى هناك مساحة عريضة من الارتباط بالتفاؤل والأمل بطبيعة الحال.
عندما تسقط سحر شهيدة، وهي واحدة من مجموع، يفتح الشاعر حسين فاعور عينه على المستقبل في قصيدة "في عزّ موتك تولدين" حيث الشهادة ولادة، والموت نبع حياة، والدم ينبوع عطاء، يقول: "إني أرى علماً يرفرف في سماء القدس / تحضنه الأمم / إني أرى عرس الحياة على القممْ / وأرى سحر / فستانها الزهريّ يجتاح الحجارة / والإطارات اللهب / إني أرى سرباً من الأعلام / يجتاح الأفق / وأرى الحياة تجيء جذلى في خطاه / إني أرى علماً يرفرف في القلوب / هو العلم / إني أراه / وأرى مدارس لا يحاصرها الجنود / أرى عصافيراً تدوس على القبور".
المستقبل في هذه الصورة يقترب إلى حد الملاصقة، ليكون صورة تلامسها الأصابع، وتعيشها المشاعر. فالرواية لا تأخذ فسحة الحلم، بقدر ما تأخذ فسحة التحقق. هنا تشتد الألوان لتعيش حالتها كاملة متكاملة، ولتكون ذات وقع نابض بالحياة والوجود. العلم يرفرف.. العرس يشتعل.. الحياة تجيء.. المدارس التي لا يحاصرها الجنود ،تكون واقعاً.. وهكذا..
الانتقال كان سريعاً فجائياً، ولكنه في كل حال وصول إلى حال يتمناها الشاعر/ الشعب، ويسعى إليها. وطبيعي أن مثل هذا الانتقال إنما يمثل توكيد الشاعر على حبه لما هو كائن من نضالات متأججة، ومقاومة مستمرة، وعلى حبه لما هو قادم من أيام يراها قريبة واقعية إلى أبعد حد. فالعلم الذي يرفرف في سماء القدس، لا يكون علماً ينتظر المستقبل أويتمناه، ولكنه علم يقرّب المستقبل ليكون في الحاضر. كذلك العرس والحياة وما إلى ذلك. فالنقلة كبيرة كونها تحقق التصاق الحاضر بالمستقبل دون أي فواصل، وتحقق التصاق الحلم بالحقيقة، وتحقق التصاق الوعد بالوصول دون أي مسافات.. وفي كل الحالات تكون صورة المستقبل صورة رائعة نابضة بالحياة والحيوية والأمل ، يقول الشاعر عبد الناصر صالح في قصيدته "الصهيل": "وبيارات أهلي / تغص بالثمار / تغص بالثمار.."..
إذن في الحالة العامة تنبض صورة المستقبل بالاقتراب أولاً، حيث تستطيع أن تفيض في كل ملامحها على الحاضر المعاش لتكون صورة الحاضر. وبالجمال ثانياً، حيث تبدو مثل هذه الصورة صورة مستقبل نابض بالألوان الزاهية والخطوط المؤدية إلى لوحة رائعة. وبالحيوية ثالثاً، حيث تأتي مثل هذه الصورة لتكون صورة خصبة بالحياة، فهي لا تقبل الركون إلى حالة جامدة أو محايدة، بل تأخذ في التواصل مع كل ما هو مليء بحركة ودفء التوهج. وبانفتاح الدم على الوعد رابعاً، حيث الصور تقول تحققها وتواصلها بالغد المنفتح على الشهادة.

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 13 : 01 AM   رقم المشاركة : [19]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثانياً – الانتفاضة وصورة النهوض:
خرجت الانتفاضة في نهوضها ووقوفها كي ترسم الفعل ألقاً رائعاً يستطيع أن يطوي ظلمة الليل بشمس لا تعرف الغروب، وكان طبيعياً أن تعتمد في ذلك على شعب عريض آمن بحقه ومضى على طريق الحرية ليعطي عطاءه الكبير الشامخ. وبذلك انبثقت الصورة لتسجل عدة صور على مدار الساعات والأيام والشهور، وكل صورة منها تنفتح على مجال واسع من المواجهة والمقاومة والثبات. حيث الفعل في هذه الحالة، فعل شعب ناهض، وحيث الحركة في هذه الحالة حركة شعب لا يعرف إلا التقدم، وحيث الإيمان بهذه الحالة، إيمان شعب ارتبط بالغد فأصرّ على جماليته.
إن الصورة الأولى في دفتر النهوض، إنما تأتي لتقول إن الشعب الذي قد صبر طويلاً، وانتظر طويلاً، قرر أن يكتب انتفاضته الرائعة ألقاً لا يعرف الانطفاء. جاء ذلك في "مقطوعات" منيب فهد الحاج، حيث في "هب بالحجر" صورة تقول: "غير لله ما ركع / في الملمات ما جزع / من براثن الطامعين / حقه سوف ينتزع".. لنكون أمام انفتاح واضح على التوهج الشعبي الذي جاء جواباً بعد طول صبر وانتظار. وطبيعي أن الشعب صاحب قرار وإصرار، وصاحب إرادة وتصميم، مما يعني أن الماضي مفتوح على الحاضر، وأن الحاضر مفتوح على المستقبل.
في الالتفات إلى حركة الفعل الذي يسجله الشعب، نقفُ على مساحة واسعة من الامتلاء والإشباع في ملامح الصورة. فالراصد لا يرى جزءاً صغيراً يسحب شيئاً بسيطاً من الانتباه، بل يقع على صورة كلية متشعبة متداخلة، وإن كانت في وصف حالة جزئية صغيرة. فالضوء الذي يسقط على صورة ما، يرينا الكثير من الأبعاد والحركة والامتداد، بما لا يترك مجالاً لسحب الاهتمام أو طيه. فما هو المثال الأقرب..؟؟..
في قصيدة "هل غادر الشعراء" للشاعر عبد الناصر صالح نقرأ: "كان النشيد يصارع الطلقات في شمس الظهيرة / يستثير الرمل / يمنح للحجارة شكلها السحريّ / يعطي للهتاف مجاله الكونيّ / يجمع ما تناثر من شظايا الفكر / أغنية تفيض على الرمال / تواجه الطلقات والغاز المسيّل للدموع / تجدد العهد الذي أعطى الدم المسفوح خضرته".. فالنشيد الذي يصارع الطلقات في انفتاح على المعنوي والمادي، والنشيد الذي يمنح الحجارة شكلها السحري في انفتاح على المعنوي والمادي، والنشيد الذي يعطي للهتاف مجاله الكوني في انفتاح على المعنوي والمادي.. وهكذا وصولاً إلى الأغنية التي تواجه الطلقات والغاز المسيّل للدموع، ثم إلى تجدد العهد الذي يعطي الدم المسفوح خضرته.. كل ذلك يثير آلية الحركة من جهة، ويفتح معاني الإصرار على الإشراق من جهة ثانية، ويشدد على أهمية التداخل مع مفردات الطبيعة من جهة ثالثة وهذا ما يجعل الفعل مرتدياً لكل الانفتاحات الخصبة في سيرورته.
في"المجد ينحني أمامكم" لعبد الناصر صالح أيضاً نقع على تقسيم وتلوين وتحديد، فالملثمون يتوزعون على عدة مهام حيث "ملثم يوزع البيان / وآخر يكتب بالحبر على الجدران / وثالث يراقب المكان / ورابع يلقي على الرفاق شارة الأمان / وخامس يزين الأسطح بالرايات / ويعلن العصيان / وسادس ينهض في بسالة / ليشعل النيران / وسابع يصيح قد أتوا / فليخرج الفرسان للميدان / وثامن يشد من عزيمة الرفاق / يطلق العنان / وتاسع يهتف أن تقدموا / لا خائف منا ولا جبان / وعاشر يسقط في دمائه مضرجاً / يستنطق الزمان.."..
لنكون أمام واقع الانتفاضة في صورة حيوية دافئة من صوره وألوانه. لذلك كان قول الشاعر "المجد ينحني أمامكم / وتهزم العبارة" حيث الصورة النابضة بكل هذا الوجد، تستدعي النظر إلى الفعل بخفق القلوب..
مثل هذه الحركة نجدها عند الشاعر حسين مهنا في "قصيدة بأحرف حجرية" حيث: "وتصيح أم لم تزل في حزنها الثوريّ / يا ولدي تقدم / هذي الحياة بخيلة / والموت أكرم / مت كالرجال فلست أفضل من أخيك / ومن أخيك.. ومن أخيك.. ومن أبيك / الأرض مادت ثم نادت أهلها / فاهرع إليها راضياً / كي ترتضيك…" في مواكبة الدعوة التي تستنهض فعلاً وذهاباً في العطاء حتى آخر نبض. وطبيعة الدعوة أكثر من رائعة، كونها تصدر عن أم.. والأم في معترك الانتفاضة الفلسطينية الباسلة قدمت الكثير كما هو معروف وعلينا أن نرى إلى تدفق متكامل الألوان في هذه الصورة التي تفتح اللحظة على الكثير من اللحظات أو الاشتعالات السابقة، لنكون أمام أخوةِ المدعوِّ إلى النهوض وأبيه.. ولا مجال في قاموس الأم لمفردة واحدة من مفردات التراجع، ما دامت الأرض قد مادت ثم نادت أهلها.. وعلى الابن أن يلبي نداء الأرض ويرضيها كي ترتضيه.. وهذا معنى آخر من معاني الوئام بين الأم / الأم، والأم / الأرض، حيث تبدو أكبر من الأولى بكثير، مما يعني احتواءها لها وإدخالها في حركية فعلها وندائها وصوتها، لتكون فيما بعد فمها الذي تصدر عنه الدعوة إلى العطاء..
وطبيعي أن تمتد حركة الشعب لتكون شمولية متكاملة متوافقة. فالانتفاضة هي الشعب والشعب هو الانتفاضة. وعلى هذا لا نرى أروع من صورة الشعب في رسم معالم العطاء، يظهر هذا في قصيدة"رعد الدهور والحجر" لمفلح طبعوني حيث:"أحبتي / الليل من عيونكم / والأسمرُ / الفل من عبيركم / والأبيض / اللوز من شبابكم / والأخضرُ / برقوقنا عروقكم / والأحمر / أهدافكم / سيوفكم / أحزانكم / دروعكم / ناموسكم / دنيا الفضاء والزمنْ.."وفي قصيدة عبد الناصر صالح "المجد ينحني أمامكم" حيث: "المجد للسواعد التي تقاتل / المجد للمخيمات والقرى المحررة / وللمدائن التي غدت بيوتها معاقلْ / المجد للملثم الذي سيوقف المجنزرهْ / وللعيون رغم عنف القصف والرصاصِ / تبقى ساهرهْ / المجد للمقلاع / للمتراس / للكوفيةِ السمراء / للشوارع المستعرة / المجد للأطفال / والشباب / والنساء…"وكذا المجد للذين "يحرثون في الصباح أرضهم / ويزرعونها / فتزدهي سنابل / المجد للأسرى الذين قاوموا سجانهم / وأعلنوا عصيانهم / وحطموا السلاسل "وفي قصيدة عبد الرحمن عواودة "العزم في أطفالنا المرد"حيث: "عجب وإن صراخهم ما زال يحتدّ / وبكاء طفل لا يروق لهم / أو بائس في بؤسه جلد / عجب وإن عواءهم يعلو ويشتدّ / ودماؤنا في الأرض شلال / وبيوتنا تهوي وتنهدّ / عجب وإنّ سلاحهم رعد / وسلاحنا إيماننا الصلدُ / وصدورنا السمراء والودّ / قاماتنا وجباهنا.. ونساؤنا وبناتنا / ومن الصغار الصبية الولد / والذكريات.. شيوخنا تاريخنا / وتراثنا الزيتون والورد.." فإلى أين نصل في قراءة معالم مثل هذه الصورة التي تتوزع على كل الامتدادات..؟؟..
/ في طرح صورة المقاتل الفلسطيني، والذي يشمل هنا الشعب كله، نرى أننا أمام شعب مسكون بالعطاء والحركة والتحول السريع نحو الفعل. وهذا الشعب مرتبط بطبيعة فلسطين، وبكل جزء من فلسطين، لذلك كانت معه الشوارع والبيوت والأبنية المختلفة.. كما كانت معه الذكريات والتاريخ والتراث.. وكانت معه قامات الزيتون والورد.. وما إلى ذلك.. ليكون المقاتل الفلسطيني في كل ذلك معجوناً بالعطاء الذي لا ينتهي..
/ في طرح صورة الآخر، وهي صورة العدو الصهيوني، نرى أننا أمام صورة مسكونة بالكثير من الخوف والاهتزاز والتراجع، فالشخصية الصهيونية تخاف بكاء الطفل أو جلد البائس.. وهكذا.. فهم ينطوون رعباً من كل شيء ما داموا لا يستطيعون التعمق في فهم آلية الطبيعة التي يعيشون معها..
/ في طرح صورة سلاح المقاتل الفلسطيني نرى أننا أمام الإيمان القوي بالحق، والصدور السمراء العامرة بالودّ، الدم، والقامات والجباه.. النساء والبنات.. الذكريات والتاريخ.. وهكذا.. ليكون السلاح نهوضاً شامخاً لا يعرف الانحناء أو التراجع..
/ في طرح صورة سلاح العدو، نرى أننا أمام صراخ يحتدّ.. عواء يعلو ويشتدّ.. أمام تهديم البيوت.. الرعد.. وهكذا.. للوقوف على سلاح يعتمد البطش والقتل والتخريب.. فهو سلاح من يريد إنهاء صوت الحياة، ومعنى الحياة..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 07 / 2010, 14 : 01 AM   رقم المشاركة : [20]
طلعت سقيرق
المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي


 الصورة الرمزية طلعت سقيرق
 





طلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond reputeطلعت سقيرق has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مدينة حيفا - فلسطين

رد: الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني (دراسة )

[align=justify]
ثالثاً – الانتفاضة وصورة الطفولة:
الانتفاضة قالت الكثير، وقدمت الكثير. ولكنها في مجال تقديم الطفولة / البطولة، أو الطفل / البطل، استطاعت أن تقدم حالة استثنائية لا مثيل لها أو شبيه. فهنا خرج الطفل عن مساره المحدد له في العادة، وهو مسار الطفولة البريئة الغنية باللعب والضحك والفرح، ليأخذ مساراً آخر يختلف كل الاختلاف. فالطفل الفلسطيني تحول إلى مقاتل يستطيع أن يحارب ويخطط ويهاجم بصورة تبدو مذهلة وغريبة وغير متوقعة. وتبقى الأسئلة المطروحة كثيرة متعددة في مثل هذا المسار: إذ كيف يستطيع هذا الطفل أن يقلب الدنيا كلها. وكيف يمكنه أن يضرب ويهاجم ويخطط..ثم كيف يستطيع أن يخرج من ثوب الطفولة على هذا الشكل ليدخل في ثوب الرجولة والبطولة والشجاعة الفائقة.. وهكذا.. لتكون كل الأجوبة صورة هذه الطفولة الرائعة النابضة بالحيوية والتفوق. فماذا نقرأ في هذا المسار؟؟..
يرى الشاعر هايل عساقلة في قصيدة "أبدعت أكثر" أن الطفل الفلسطيني استطاع أن يسجل إبداعه في كل صورة من صور الحياة المليئة بنبض الانتفاضة لذلك كانت الصورة المغايرة والمختلفة عن حقيقتها الواقعية، حيث "أبدعت أكثر / لما رفعت الشمس أكثر / والسرو أكثر"و"أيها الولد الذي / قطع المسافات الطويلة / ما تعثر / وبكفه / أعلى جبين الأفق أكثر"لتكون العين أمام صورة تبدو من خلال الحب والإعجاب والإحساس والمشاعر. فالإنسان لا يرى ارتفاع جبين الأفق مغايرا ولكنه يمزج الصورة بمشاعره وأحاسيسه فتبدو مغايرة ومختلفة ومليئة بألوان جديدة.. إضافة إلى ذلك فهناك كم هائل من القدرة على التغيير والتبديل، حيث استطاع هذا الطفل المبدع أن يقلب الدنيا بإدخاله مفاهيم جديدة في القتال والمقاومة.. ولكن هل خرج الطفل في كل ذلك من حيز إثارة الأسئلة، أم زاد في تأجيجها..؟؟..
الشاعر ياسين حسن يرى في قصيدة "إلى أطفال غزة" أن الأسئلة تكبر وتشتد مع كل خطوة جديدة، ليكون الخطاب الموجه إلى هؤلاء الأطفال "أكبر من أعماركم تاريخ الاحتلال / أطول من هاماتكم هراوة الإذلال / أضخم من قبضاتكم سلاسل القيود والأغلال / أشد من حجارتكم فتكاً مدافع القتل والاغتيالْ / فكيف كيف أيها الأبالسهْ / مرغتم المحتل في مستنقع الأوحالْ / بأي سحر جئتم / حتى على منخاره الشامخ دستم بالنعالْ".. ولا تفتأ القصيدة تسأل وتسأل، ولا تفتأ إشارات الاستفهام تظهر وتطفو على السطح جراء دهشة طبيعية يولدها هذا الطفل الخارق للمألوف، وعلينا أن ننظر بكل الوعي إلى طفولة تتحول بسرعة مذهلة، وتحول ما حولها.
إن صورة ترتسم بهذا الشكل على مدار الواقع الحي، إنما تسجل كسراً لكل ما هو عادي ورتيب ومتوقع. والطفولة الفلسطينية لا تقول ذاتها الخارقة بحروف أو عبارات تكتب على الورق، بل تسجل كل ذلك بأفعال تشتعل بوقع نابض حيوي سريع، ومثل هذا التسجيل يبقى قوياً فاعلاً ضاغطاً بكل المعاني والامتدادات، كونه يأتي عن طفولة ما تعوَّد الآخرون أنها كذلك، وكونه يأتي متلاحقاً جماعياً ضارباً.
في قصيدة "الصهيل" للشاعر عبد الناصر صالح يأتينا الطفل المغاير، من خلال صورة جديدة، حيث: "هنا الأطفال يحملون حبهم على الأكتافْ / يحملون القدس والجليلْ / يطاردون الجند / والرصاص فوقهم كندف الثلج / لا يخشون بندقية الدخيلْ" فهو الطفل الذي يحمل البلاد وهمَّها،ليكون الرجلَ، وجملَ المحامل، ثم ليكون المقاتل الذي يقلب المعادلة، فهو يلاحق الجند، رغم غزارة الرصاص في مواجهته، وهو في كل ذلك يكسر رتابة كل صورة، ويمزج الألوان كلها بلون شديد السخونة مما يجعلها شديدة الغليان.. فاللون في حالة الطفل الفلسطيني، يأخذ حالة جديدة.. والجو في حالة الطفل الفلسطيني، يأخذ حالة جديدة.. وهكذا..
في الانتقال إلى صورة أخرى من صور الطفل الفلسطيني، نرى في قصيدة "قصيدة بأحرف حجرية" للشاعر حسين مهنا أنه يبدأ في رسم حالة التماهي في كل شيء والانتقال إلى كل شيء، حيث:"وبقيت وحدك للرياح تصدّها / بالقلب والعينين / والصدر الطري / وقبضتين على قمر / وبقيت وحدك ترتدي فرح النهار / وترتدي مرح الفراشات الملونة / الطفولة والبطولة / ترتدي التاريخ قفازاً / وقبعة / وتأتينا مسيحاً منتظرْ.."ثم "رفعت مناكبها الجبال وعانقتك / تقمصتك / خلعت صمتك وانتعلت حذاءك الحجري / ثم مشيت".. وفي قصيدة "الطالب في الصف الشارع" لسميح فرج حيث: "يا طعم القهوة / يدخل في كل رغيف / من خبز الدنيا / في خاتم كل عريس وعروس.." و"ندفنه ليلاً / أقسم / وقبل الفجر يعود يقاتل.."..
الصورة هنا تخرج عن كل حالة من حالات الإمكان، لنكون أمام حالة الطفل الذي يرتدي المعجزة ويأخذ في السير بخطوات لا يعرفها سواه. من هنا صورته القادرة على صدّ الرياح / والاحتلال، وصورته القادرة على ارتداء فرح النهار / والنصر، وصورته القادرة على ارتداء التاريخ، والأصالة، وقدومه كمسيح مخلص يستطيع أن يمنح البلاد وعدها وأفقها وانفتاحها الأكيد على النصر..
هذه الطفولة تأخذ مسارها النابض والواعد في كل الحالات والفصول.. وهذه الطفولة تأخذ هوية تأبى أن تكون مشابهة لأي هوية أخرى ما دامت نابعة من حالة استثنائية في زمن المقاومة والتصدي والمجابهة.. وهذه الطفولة تصر على إثارة الأسئلة في كل حين،كونها تكتب عملية المقاومة بوقع غير مألوف، إذ كيف لهذه الطفولة أن تقفز كل هذه القفزات، وكيف لها من جهة ثانية أن تقاتل الجيش والأسلحة الفتاكة وآلات التدمير.. هذه الطفولة تصرّ على إعطاء الطفولة مفهوماً جديداً ما دامت تشكل كل هذا الإبداع..

[/align]
طلعت سقيرق غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الشعر الفلسطيني المقاوم، في جيله الثاني، دراسة- طلعت سقيرق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدرس الثاني : أوزان الشعر د. رجاء بنحيدا الأوزان و بحور الشعر والقوافي 7 28 / 01 / 2018 22 : 07 PM
الكلمة والفعل المقاوم - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق هدى نورالدين الخطيب الكتاب الفلسطيني 0 17 / 09 / 2011 43 : 07 AM
دراسة مفصلة في الشعر النبطي ناهد شما فضاءات الزاجل والنبطي والشعبي 4 01 / 10 / 2010 53 : 02 AM
الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني ـــ بقلم الشاعر : خليل خلايلي طلعت سقيرق كتبوا عني 0 24 / 07 / 2009 13 : 10 PM


الساعة الآن 59 : 05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|