طلعت سقيرق الإنسان.. بقلم الباحث والكاتب د. حسن الباش.
[align=justify]الباحث والكاتب د. حسن الباش (فلسطين):
لا أريد من البداية أن أستخدم الألقاب فأقول أيها المبدع العظيم أو الشاعر الكريم أو الأستاذ المبجل أو ما إلى ذلك. لقد أردت منذ هذا العنوان أن أزيح كل الألقاب لأكون معه إنساناً مقابل إنسان، لأنني وإياه كنّا منذ الزمن البعيد نعرف أن فلسطين خلقت الحب بيننا فأزاحت كل الألقاب وبقي الإنسان.
تعرفتُ إليه في عام 1981 مصادفة في مكتب مجلة صوت فلسطين عندما كان في المزرعة وتعرّف إلي. وأعتقد أن من سماتنا نحن أبناء فلسطين أن جلسة واحدة كانت كفيلة أن تعود بنا إلى الجذور إلى الأصل، فمنذ تلك اللحظة عرفنا أننا من نبت واحد وطينة واحدة، وكأننا يعرف أحدنا الآخر منذ زمن بعيد جداً.
في مجلة صوت فلسطين تتصفح الأوراق فترى إبراهيم عبد الكريم ومحمد مباركة ومحمد توفيق الصواف وطلعت سقيرق وحسن الباش وحسن حميد. مجموعة من الشباب الذين يحملون همّ فلسطين في قلوبهم وعقولهم وأكتافهم ونفوسهم. وحين نعود اليوم إلى تلك الكتابات التي مضى عليها ما يقارب الثلاثين عاماً، ندرك أننا لم نكن نلعب؛ بل إن الملفات التي ساهمنا في إنجازها تصبح اليوم مراجع نعود إليها كما يعود إليها غيرنا.. الأرض، العودة. وما إلى ذلك من الملفات التي يتصدرها عنوان واحد وتتفرع إلى السياسة والفكر والأدب والتراث الشعبي والصحافة وما إلى ذلك.
طلعت سقيرق كما هم شعراء فلسطين توحّد مع قضية منذ صغره فكتب الشعر حتى فاض وجدانه الوطني كثيراً. أدرك من هو الفلسطيني ـ فقال ـ أنت الفلسطيني أنت ـ وأدرك التوحّد مع عالمه الروحاني فكتب القصيدة الصوفية. وهكذا مضى العمر ومضت السنوات وبقينا نسمع منه الجديد والجديد في المقالات والقصص القصيرة وغيرها من الإبداعات الأخرى.
لن أتحدث عما أبدعه طلعت سقيرق. فهو منشور في الكتب العديدة كدواوين شعر أو مجموعات قصصية أو كتب دراساتية أو في مجلات وصحف، لكنني ومن باب الوفاء للذكريات التي جمعتنا والجلسات التي وحّدتنا سأتحدث عن طلعت الإنسان...
أتحدث عنه كإنسان وكم هي كثيرة سجاياه، علاقته الطيبة بوالدته وأخوته وأبنائه، لا تفارقه الضحكة والبشاشة، متسامح إلى حد كبير. متواضع لا يعرف التكبر، لا تخرج من فمه كلمة تسيء إلى الآخر. وهكذا عاش حياته لا يعرف الحقد أو الخبث أو المكر، لذلك أحببناه كصديق وأخ. وإذا طال الفراق فإنه يتجدد لمجرد رؤيته ومعانقته. ودوماً تراه مقبلاً على الحياة حتى إنه كان يقول ـ سأعيش مئة وعشر سنين، ولكن حدود العيش ليست بأيدينا ولا نحن نحدد متى ننتقل إلى الحياة الأخرى.
طغت طموحاته الأدبية على طموحاته المادية، حتى لتشعر أنه من القلة القليلة القانعة بما قدر الله لها من رزق ومال دون يأس أو تمرد أو احتجاج، عاش قنوعاً، وفارق الحياة الدنيا مقتنعاً بأن كل إنسان لا بد راحل ولو بعد حين، كما كان الأمر صعباً أن تفقد أخاً وصديقاً بشكل مفاجئ. فحساباتنا الدنيوية تقول فلان مات فجأة وكأنه اختُطف من بين أيدينا، ولكن الموت لا يفرق بين كبير وصغير.[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|