إضاءات في مفهوم القضاء والقدر - منتديات نور الأدب



 
التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,722
عدد  مرات الظهور : 104,508,093

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > الله نور السموات والأرض > مرافئ الروح في رحاب الإيمان > الإعجاز.القرآني.والمناسبات.الدينية والمناظرات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29 / 01 / 2013, 10 : 10 PM   رقم المشاركة : [1]
الدكتور أسامة أبوشعر
دكتور مهندس مدني يهتم بالبحوث الدينية والخاطرة الأدبية
 





الدكتور أسامة أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

بسم الله الرحمن الرحيم


تمهيد:

الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان العقيدة الإسلامية. قال النبي (صلى الله عليه وسلم) عندما سئل عن الإيمان:"أنْ تُؤمن باللهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكتبه، ورُسُلِه، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدَر خَيْرِهِ وشَرِّهِ"[1].

وقد اختلفت الآراء في إدراك مسألة القضاء والقدر، حيث إنها تتناول موضوع الجبر والاختيار، وما يترتب على ذلك من الثواب والعقاب.

وقد ازدهر في العصر العباسي علم الكلام أي الجدل الديني في أصول العقائد بعد أن تـُرجمت كتب الفلسفة من الحضارات والديانات الأخرى، فضلت بعض الفرق الإسلامية، كالفرقة الجبرية والفرقة القدرية، لتأثرهم بالفلسفات اليونانية والفارسية والهندية في علاج هذا الموضوع، كما ظهرت عدة فئات نستعرض بعضاً منها ونناقش ما جاؤوا به:

أ- الفرقة الجبرية: وهم أتباع جهم بن صفوان الترمذي الفارسي، الذي قتل في سنة 131 هـ أواخر حكم االدولة الأموية.
وفكرة هذه الفرقة قائمة على أن كل ما يحدث للإنسان قد قدر عليه أزلاً، فهو مسير ومجبر غير مخير، وأن الله هو الفاعل الأوحد، وبذلك جردوا الإنسان من إرادته وعمله وجعلوه مجبراً حتى على الكفر وارتكاب المعاصي وهذا مناف للعقل بأن يحاسب الله عبداً أجبره على عمله، وإجبار العبد على المخالفة ثم عقابه عليها يتنافى مع العدل الإلهي، تعالى الله عن ذلك وهو القائل: (..وَلاَيَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)-الكهف 49-. ولو كان الإنسان مجبراً بغير إرادة لكان قوله تعالى: (..فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنوَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)-الكهف 29- عبثاً، والعبث على الله محال. وقد ضل هؤلاء حين أساؤوا فهم الآيات والأحاديث المتعلقة في هذا الموضوع:

1- يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "ما منكم من أحد، أو [ما] من نَفّس مَنّفُوسة، إلا وقد كَتَبَ الله مكانها من الجنة والنار، وإلا قد كُتِبَتْ شَقِيَّة أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله أفلا نمكثُ على كتابنا وَنَدَعُ العمل؟ فمن كان مِنَّا من أهل السعادة، لَيَكونَنَّ إلى أهل السعادة، ومن كان مِنَّا من أهل الشَّقاوة، ليكُونَنَّ إلى أهل الشقاوة؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بل اعْمَلوا، فكلّ مُيَسَّر، فأمَّا أهل السعادة، فَيُيَسَّرون لعمل أهل السعادة، وأمَّا أهل الشقاوة، فَيُيَسَّرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ: { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}-الليل5،7-"[2]، فالعلم بالمكان الذي تؤول إليه كل نفس في الجنة أم في النار، والعلم المسبق بشقاء الإنسان أو سعادته، وكذلك العلم المسبق بأعمال العباد من خير وشر، كل ذلك هو ضمن مجال العلم الإلهي الأزلي المسبق بالأحداث قبل وقوعها وكل ذلك مسجل في اللوح المحفوظ، قال تعالى: (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِوَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)- الحج 70-، وقال تعالى أيضاً: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِوَلاَفِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)- الحديد 22-، وكذلك في الحديث الشريف: "كتبَ الله مقاديرَ الخلائقِ قَبلَ أن يخلق السمواتِ والأرضَ بخمسين ألف سنة"[3]، فعلم الله كامل لأنه إذا لم يكن كذلك فقد جهل شيئاً ونقص علمه، تعالى الله عن ذلك. وصفة علمه المسبق هنا هي صفة انكشاف لا تأثير (إن كاميرا التصوير ترصد الحدث ولا تؤثر به)، أي أن الله علم فكتب، وهذا لا تأثير له في إرادة العباد أو أعمالهم.
فالإنسان الذي يختار بإرادته الخير ويريد أن يعطي ييسر الله له عمله ليكون من أهل السعادة، وأما الذي يختار بإرادته الشر ويبخل ويفجر يتم الله له قصده، ولذلك قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): "اعملوا فكل ميسر.."، ثم قرأ الآية لتثبيت هذا المفهوم.

2- ويقول تعالى: (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا..)-التوبة 51-، وهذا الأمر ليس فيه إجبار من الله، فالله لم يكتب علينا (بمعنى الفرض والإجبار)، بل كتب لنا أي علم ما سيصيب الإنسان فكتب ذلك. فما أصابنا هو نتيجة عادلة من عند الله تعالى بقضائه وقدره لما كسبت أيدينا وللخيار الذي اتخذناه. يقول تعالى موضحاً هذا المفهوم: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْوَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)- الشورى 30-. (سنتعرض لشرح مفهوم الخيارات الإنسانية ونتائجها في فقرة "مادور الإنسان أمام سلطان القضاء والقدر"[4]).

3- كذلك يقول تعالى: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الجِنِّوَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَاوَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَاوَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الغَافِلُونَ)- الأعراف 179-، وهذا ليس فيه إجبار من الله في شيء، فالذين خلقهم الله لجهنم (أي علم بعلمه الأزلي المسبق عند خلقهم بأنهم سيؤولونإلى جهنم)، هم من كانوا في الحياة الدنيا بإرادتهم واختيارهم لا يفقهون ولا يبصرون ولا يسمعون، فكانوا أضل من الأنعام، فحق عليهم العذاب يوم القيامة.

4- وكذلك قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً ; وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)- الإنسان 29،30-، وقوله تعالى: (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ; وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ) - التكوير 28،29-. وهنا نرى أن الله يقول إن للإنسان حرية اختيار طريق الهداية واتخاذ السبيل إلى ربه، ولكن نتيجة اختياره هذا (مشيئته) مرتبطة بمشيئته تعالى. (سنتعرض لشرح هذا المفهوم بشكل أوسع في فقرة "مادور الإنسان أمام سلطان القضاء والقدر"2).

5- وحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إن خَلْق أَحدِكم يُجْمَعُ في بطنِ أُمِّهِ أربعين يوماً، ثم يكون عَلَقة مثل ذلك، ثم يكون مَضْغَة مثل ذلك، ثم يَبّعَثُ الله إليه مَلَكا بأربع كلمات: بكَتّب رزقهِ وأجلهِ وعملهِ، وشَقي أو سعيد، ثم يَنّفُخُ فيه الروحَ، فوالذي لا إله غيره، إنَّ أحدَكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتابُ فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدَكم لَيَعْمَل بعمل أهل النار حتى ما يكونُ بينَه وبينها إلا ذراع، فيسبقُ عليه الكتابُ فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها"[5]، فعند ولادة الإنسان يكتب الملك ما علم الله من عمل وأجل ورزق وشقاء المولود أو سعادته، وذلك من ضمن علم الله الأزلي كما ذكرنا، وسبق الكتاب هو العلم المسبق من قبل الله بعمل الإنسان وأن هذا المولود مآله إلى الجنة أوالنار، وهذا ليس فيه إجبار بل هو علم مطلق، ولكن خاتمة أعمال هذا الشخص الصادرة عن إرادته الحرة هي التي تؤول به إلى الجنة أم إلى النار. يقول النبي(صلى الله عليه وسلم) في حديث آخر موضحاً هذا المفهوم: "وإِنما الأعمالُ بالخَواتِيم، أو بخَواتِيمها"[6].

6- وكذلك حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): " حاجَّ آدمُ مُوسى، فقال: أنتَ الذي أخرجتَ الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم؟ قال: فقال آدمُ لموسى: أنتَ الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه أتَلُوُمني على أَمْرِ كَتَبهُ الله عليَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَني؟ أو قدَّرَهُ عَلَيَّ قبل أن يَخْلُقَني؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحجَّ آدم موسى"[7]، إن إخراج الله لآدم ولذريته من الجنة، هي نتيجة وقدر من الله تعالى لخطأ آدم، وهذا الأمر لا يلام عليه آدم (فالله هو الذي أخرجهم)، بل يلام على خطئه، وقد غفر الله له الخطأ فزال عنه اللوم. قال الإمام النووي: "لأن اللوم على الذنب شرعي لا عقلي، وإذا تاب الله تعالى على آدم وغفر له زال عنه اللوم، فمن لامه كان محجوجاً بالشرع"[8]، فلو قال العاصي أن معصيته قدر من الله لم يسقط عليه اللوم والعقوبة بذلك وإن كان صادقاُ فيما قاله.

وقد رد الله تعالى على الذين تعللوا بالقضاء والقدر رداً حاسماً: (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَاوَلاَآبَاؤُنَاوَلاَحَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّوَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ)-الأنعام 148-. أي أن وضع اللوم على القدر من قبل المشركين إنما هو كلام باطل وهم يتوهمون.
فالله يستطيع أن يجبر الناس على الإيمان وأن يسلب منهم إرادتهم الحرة ولكنه لم يفعل لأن جبر الإنسان ليس من سننه، بل جعله الله حراً مختاراً. يقول تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةًوَاحِدَةًوَلَكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُوَيَهْدِي مَن يَشَاءُ..)-النحل 93-، وكذلك يقول تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)- يونس 99-.

ب- الفرقة القدرية (نفاة القدر): أول من قال بفكرة القدرية هو معبد الجهني وقد صُلب سنة (80 هـ) بأمر عبد الملك بن مروان.
وفكرة هذه الفرقة قائمة على أن الإنسان هو مخير غير مسير، فلا سلطان للقدر عليه، فهو يمارس أعماله بمحض إرادته ومشيئته الحرة، ولايحتاج إلى معونة إلهية في أعماله. فهم ينكرون القضاء والقدر ويقولون أن الإنسان خالق لأفعاله.
وفكرة القدريين فيها انتقاص لمقام الألوهية فمحال أن يشذ عن إرادة الله وقدرته شيء، والآيات التي تثبت أن فكرة القدريين خاطئة كثيرة. يقول تعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَراًّوَلاَنَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ..)- يونس 49-.

ج- المعتزلة: وكانوا فرقاً متعددة ، أحدها الهذيلية نسبة إلى أبي هذيل العلاف (المتوفى سنة 235هـ) الذي يعد المؤسس الحقيقي لمذهب الاعتزال.
وأحد أركان الاعتزال هو العدل، أي حرية الإرادة عند المخلوقين، والعبد بهذا المفهوم هو الفاعل للخير والشر، والله لا يوصف بالقدرة على الشر، فالخير لله والشر لغيره، والإنسان خالق لأفعاله وذلك بقدرة يخلقها الله تعالى فيه.
وقد أخطأ المعتزلة عندما انتقصوا من قدرة الله على الخلق، فهو خالق للخير والشر، فهما مضافان إليه خلقاً و إيجاداً، وهما نتائج لخيارات إنسانية، فهما من عمل الإنسان فعلاً وكسباً. يقول تعالى: (.. وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِ اللَّهِوَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ) - النساء 78 -، كذلك يقول تعالى: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ..)- التغابن 11-.

د- الأشاعرة: وهم أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (المتوفى سنة 324 هـ)، الذي وضع أسس فلسفة أهل السنة والجماعة رداً على فلسفة المعتزلة، وقد كان في بدء أمره على مذهب الاعتزال منافحاً عنه لمدة 40 سنة، ثم أعلن براءته منهم، ورد في كتبه على حجج المعتزلة وعقائدهم مبيناً أنهم اتبعوا أهواءهم في فهم الدين، وبين أن مصدر العقيدة والمسائل الغيبية هو الكتاب والسنة، وليس العقل المجرد والميتافيزيقية اليونانية. وغالبية الشافعية اليوم على مذهبه.
وقد عرَّف الأشاعرة القضاء شرعاً بأنه: حكم الله بوجود الشيء أو عدمه (أي علم الله في الأزل بالأشياء كلها على ما ستكون عليه بالمستقبل). أما تعريف القدر شرعاً: فهو إيجاد الله للأشياء على صفات مخصوصة وفي أوقات معينة (أي ظهور تلك الأشياء طبقاً لعلمه الأزلي المتعلق بها).
والقضاء والقدر أمران لا يمكن الفصل بينهما، فالقضاء مرجعه إلى العلم والإرادة الأزليين (أي الحكم الكلي الإجمالي السابق)، والقدر مرجعه للقدرة والفعل على تحقيق هذا العلم وهذه الإرادة (جزئيات ذلك الحكم).

هـ- الماتريدية: أصحاب محمد بن محمد الماتريدي السمرقندي (المتوفى سنة 333 هـ)، وكان من أئمة علم الكلام، وقد خالف الأشاعرة في 40 مسألة، ولكن معظم الخلاف في مسائله كان لفظياً، وأكثر الأحناف اليوم على مذهبه. وقد عرف الماتريديون القضاء بأنه القدر والقدر بأنه القضاء.


مفهوم أوضح للقضاء والقدر

إن القدر هو القوانين الطبيعية التي سنها الله لهذا الكون وسيره عليها، وهو النواميس الكونية التي تضبط شؤون الحياة والأحياء والتي بمقتضاها تجري الوقائع والأحداث، ومن ضمنها القوانين التي تحكم نتائج الخيارات الإنسانية. أما القضاء فهو تفعيل القدر (أي إحكامه وإتمامه) على وجه يتماشى مع هذه القوانين والسنن الكونية أو بشكل مغاير لها بأمر من الله نافذ لاراد له.

1- ومن الآيات التي تدل على قدر الله وقوانينه التي سنها في خلق الكون قوله تعالى: (..وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً)-الفرقان 2-، وقوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ..)-القمر 49-.
وكذلك في خلق الإنسان يقول تعالى: (أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ ; فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ; إِلَى قَدَرٍ مَّعْلُوم ٍ; فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القَادِرُونَ)-المرسلات20،23-، وأيضاً: (قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ; مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ; مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ)- عبس 17،19-.
ومن الآيات التي تدل على قدر الله وقوانينه التي سنها في الطبيعة والكون: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُوَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍمَّعْلُومٍ) - الحجر 21-، وقوله تعالى: (.. وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَوَالنَّهَارَ) - المزمل 20-، وكذلك: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ)- يس 38-، وأيضاً: (أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا..)- الرعد 17-، وأيضاً: (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ..)- المؤمنون 18-.

2- أما الآيات التي تدل على أن قضاء الله نافذ لا راد له، وأنه جل وعلا قد غير من قوانين القدر الطبيعية في إنجاب الإنسان عندما خلق سيدنا عيسى: (قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِيوَلَدٌوَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)- آل عمران 47-. وقوله تعالى: (..وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِوَرَحْمَةً مِّنَّاوَكَانَ أَمْراً مَّقْضِياًّ)- مريم 21-.
وعندما أغرق الله أهل الأرض كلهم إلا سيدنا نوح وأصحاب السفينة بشكل مغاير للقوانين الطبيعة التي نعرفها، أمر الله الأرض أن تبلع ماءها وأمر السماء أن تقلع عن المطر بقضاء إلهي لا راد له: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِوَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِيوَغِيضَ المَاءُوَقُضِيَ الأَمْرُ..)-هود 44-.
وفي موقعة بدر تدخل القضاء الإلهي فغير من مسيرة الأحداث ومن القوانين الطبيعية، فتغيرت معادلة القدر المتعلقة بالنصر بقضاء من الله عندما أنزل جنوداً من عنده، فكانت الغلبة للمسلمين بعددهم القليل (314 مقاتلاً)، مقابل أكثر من ألف شخص من المشركين، يقول تعالى: (..وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي المِيعَادِوَلَكِن لِّيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً) -الأنفال 42-، ويقول تعالى أيضاً: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ التَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاًوَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً..)- الأنفال 44-.

3- والموت هو قضاء من الله وقدر: فهو قدر لأن الإنسان مقدر عليه أن يموت منذ ولادته، حيث للخلايا الحية عمر بيولوجي محدد عندما تصل إليه تموت بشكل طبيعي، سنة الله التي وضعها، يقول تعالى: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ المَوْتَوَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ)- الواقعة 60-. والموت قضاء لأن الله عز وجل يقضي الآجال بإرادته النافذة فيُفعل القدر عند انقضاء أجل الإنسان المكتوب، أي المعلوم (أجله المسمى)، يقول تعالى: (اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَاوَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَتِي قَضَى عَلَيْهَا المَوْتَوَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُّسْمًّى..)- الزمر 42-. ويقول تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاًوَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ)- الأنعام 2-. ويقول تعالى: (هَوَ الَّذِي يُحْيِيوَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ)-غافر 68-، وعندما قضى الله بموت سيدنا سليمان: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىمَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ..)- سبأ 14-.


ما دور الإنسان أمام سلطان القضاء والقدر؟

عندما خلق الله الإنسان واستخلفه في الأرض جعل له العقل الذي يتميز بما يلي:
1-القدرة على اكتساب المعرفة (العلم) وتحليلها. 2-حرية الإرادة والاختيار.

وقد امتاز الإنسان بالقدرة على اكتساب المعرفة وتحليلها على باقي المخلوقات: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى المَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ; قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا..)- البقرة 31،32-.
فالملائكة لا تستطيع اكتساب المعرفة وتحليلها فعِلمُها هو ما علمها الله، بينما الإنسان قادرعلى ذلك، وبالتالي فهو قادر على أن يفهم ويتعلم الجزء الذي أراد الله له أن يتعلمه من علم القدر. يقول تعالى: (..يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْوَمَا خَلْفَهُمْوَلاَيُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ)- البقرة 255-، فما بين أيديهم هو الحاضر ويشمل كل الخيارات الإنسانية في الحياة الدنيا، وما خلفهم هو المستقبل المتعلق بنتيجة هذه الخيارات أي بعلم القدر.

وكما أن آدم خُلق مجبراً في محيط معين (الجنة)، نجد أن الإنسان عند ولادته يخلق مجبراً وفق مشيئة الله (التي هي نتيجة لخيارات والديه)، يقول تعالى: (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُوَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ)- القصص 68-. فتختلف الملكات العقلية والجسدية وما تتركه البيئة والوراثة من غرائز وميول بين شخص وآخر، ولكن الله بعدله وحكمته يساوي بين جميع البشر بأن يخلقهم على الفطرة، ويهديهم للحق عند ولادتهم، يقول تعالى: (فَأَقِمْوَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ..)- الروم 30-، ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "ما مِن مولودٍ إلا يُولَدُ على الفِطْرةِ"[9]، ثم يترك الله للإنسان حرية الاختيار والتصرف بما أعطاه من عقل، وكل خيار يأخذ به تكون نتيجته هي بيد القدر والقضاء الإلهي، وتفضي به إلى مجموعة جديدة من الخيارات التي يأخذ بإحداها وهكذا..، فحياة الإنسان هي مجموعة هائلة من الخيارات التي يتخذها والتي نتيجتها ليست بيده بل بيد القدر والقضاء الإلهي.
فالإنسان يولد مجبراً ثم عندما يبلغ سن الرشد يصبح مخيراً بشكل كامل في تصرفاته وأفعاله ولكن نتائج خياراته وتصرفاته يكون مجبراً فيها لأنها بيد القضاء والقدر.

إن اتخاذ الإنسان لخياراته يكون بإرادته، ولأن نتيجة خياراته التي يتخذها ليست بيده بل بقضاء الله وقدره فقد تعارض مشيئته. فالمشيئة الإنسانية مرتبطة بمشيئة الله وتقع ضمن حدودها، فهي لا تتم إلا إذا أراد الله لها ذلك، يقول تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ العَالَمِينَ)-التكوير 29-، والارتباط هو ارتباط:
1- من حيث الخيار نفسه، فالله هو الذي خلق الإنسان وهو الذي أعطاه حرية الخيار وشاء له أن يختار بين عدة خيارات أيها اختار فهو ضمن المشيئة الإلهية.
2- من حيث النتيجة، فنتيجة أي خيار هي بقضاء الله وقدره. يقول تعالى: (قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَراًّوَلاَنَفْعاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ..)-يونس 49-. وفي الحديث الشريف: "واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رُفِعَتِ الأقلام ، وجَفَّتِ الصُّحف"[10]، أي إن مشيئة الإنسان إن كانت نفعاً لنفسه أو ضرراً لغيره ليست بيده، بل هي بقضاء الله وقدره، فلا تتحقق إلا إذا أراد الله لها ذلك.

والولادة، والرزق، والزواج، والمرض، والمصائب التي تصيب الإنسان، والموت، كلها نتائج بمشيئة الله لخيارات إنسانية يتخذها الإنسان بإرادته:

فعندما يشاء الإنسان أن ينجب فيختار بإرادتهالحرة أن يلقي بالمني في رحم المرأة، ولكن نتيجة اختياره وهي إنجاب بشرٍ سوي هي بقضاء الله وقدره. يقول تعالى: (أفرأيتم ما تمنون، ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون)-الواقعة 58،59-.
أما إذا شاء الإنسان عدم الإنجاب، فنتيجة اختياره أيضاً ليست بيده، بل بيد القضاء والقدر. ففي الحديث الشريف: أن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا كان يستطيع العزل خوفاً من أن تحمل جاريته، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم): "اعزل عنها إن شئت فإنه سيأتيها ما قدر لها"، فلبث الرجل ثم أتاه فقال إن الجارية قد حملت، فقال له النبي(صلى الله عليه وسلم): "أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها"[11]. فنتيجة اختيار هذا الرجل الذي اتخذه بإرادته كانت معاكسة لمشيئته.

وكذلك نرى أن على الإنسان أن يسعى في طلب الرزق بإرادته الحرة، ولكن نتيجة سعيه تكون بيد القضاء والقدر، يقول تعالى: (وفي السماء رزقـُكُم وما توعدون) -الذاريات 22-، أي أن الرزق كنتيجة هو من عند الله، فعندما يزرع الإنسان يختار أن يبذر ويحرث ولكن نمو النبات والزرع معلق بقدر الله وسننه وقوانينه، ولو شاء الله لما أتم الزرع وجعله هشيماً لا نفع فيه بقضائه الذي لاراد له. يقول تعالى: (أفرأيتم ما تحرثون، ءأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون، لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تَفَكَّهون)-الواقعة 63،65-

والزواج هو نتيجة لخيار يتخذه الإنسان عندما يختار شريكة حياته بإرادته الحرة. يقول تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) -الروم 21-، أي إن من آيات الله أنه خلق الجنسين الذكر والأنثى من نفس الجنس البشري ليختار الإنسان (بإرادته) شريك حياته ويحقق معه السكن والطمأنينة والأنس. يقول الرسول(صلى الله عليه وسلم): "تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"[12]، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا أن اختيار شريكة الحياة الذي يتم بإرادة الإنسان يجب أن يتم بمقياس ديني لا مادي، فالخيار للإنسان في تحديد هذا المقياس والسعي للزواج والنتيجة هي بيد القضاء والقدر.

وأما المرض فالإنسان له دوماً الخيار قي تعرضه لأنواع الأمراض المختلفة وله الخيار في علاجها (ولو أن خياراته التي يتخذها وتؤدي لمرضه قد يغفل عنها ولو أنه عرف نتيجتها لم يتخذها، فمشيئة الإنسان ليست المرض عندما يشرب ماءً أو يأكل طعاماً ولكن نتيجة الخيار الذي اتخذه بإرادته عندما شرب ماءً بارداً أوأكل طعاماً ملوثاً قد تكون المرض)، ويكون الشفاء نتيجة لخيار اتخذه بتناول الدواء مثلاً، فإما أن يشفيه الله أو لا يشفيه، فالشفاء كنتيجة بيده جل وعلا: (الذي خلقني فهو يهدينِ، والذي هو يطعمني ويسقينِ، وإذا مرضتُ فهو يشفينِ)-الشعراء 78،80-. فالمرض هو نتيجة لخيار إنساني والشفاء كنتيجة هو بقضاء الله وقدره.

والمصائب التي تنزل بالإنسان كحريق بيت أو إصابة في البدن أو المال كلها نتيجة لخيارات إنسانية (ولو أنه علم بنتائج خياراته التي ستؤول به إلى المصيبة لم يتخذها، فعندما يختار شخص بإرادته أن يمشي في طريق معين للوصول إلى غايته، ربما تكون نتيجة خياره مخالفة لمشيئته ويتعرض لحادث ما). يقول تعالى: (وإن تصبهم حسنةٌ يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك، قل كلٌ من عند الله)- النساء 78-، فالحسنة والسيئة كنتيجة هما من قدر الله، ولكنهما مع ذلك نتيجة لخيارات إنسانية، لذلك يوضح الله هذا المفهوم بقوله: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسَبَت أيديكُم ويعفو عن كثير)-الشورى 30-، أي إن المصائب هي نتيجة لخيارات إنسانية من كسب أيدينا. وأما الحسنة فهي أيضاً نتيجة ونعمة من الله يكافئنا بها على خيارنا. يقول تعالى موضحاً هذين المفهومين معاً: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك)-النساء 79-، أي الحسنة هي نتيجة من عند الله لخيارك، والسيئة هي نتيجة أيضاً من عند الله لما كسبت يداك. والموت هو نتيجة لخيار إنساني، هو البقاء على قيد الحياة، أو الانتحار، أو رمي النفس بالتهلكة، ولكن النتيجة النهائية في يد قضاء الله وقدره: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كُتب عليهم القتلُ إلى مضاجعهم)-آل عمران 154-، أي أن النتيجة وهي الموت بيد الله وحده، فحتى لو اختار المنافقون البقاء في بيوتهم وعدم المشاركة في غزوة أحد، فإن نتيجة خيارهم هذا ستكون الموت الذي يبرز بهم لمصارعهم التي يموتون فيها إذا قضى الله بذلك. وفي الحديث الشريف أن النبي (صلى الله عليه وسلم): خط خطوطاً فقال: "هذا أمل الإنسان وهذا أجله، فبينما هو كذلك إذ جاءه الخط الأقرب"[13]، أي أن الأمل هو خيار إنساني بينما الأجل هو النتيجة الإلهية التي قد لا تتوافق مع مشيئة الإنسان. أما موت الإنسان بالانتحار فهو قدر من الله ونتيجة لخيار الشخص المنتحر، فالله بعدالته لا يستخدم قضاءه ليقبض روح المنتحر ثم يحاسبه على فعله هذا، بل يكون موت المنتحر هو قدر ونتيجة لخيار هذا الشخص الذي تم بإرادته (وقد يقضي الله بأن لا يحقق رغبة المنتحر فينقذه من موت محقق بقضائه الذي لاراد له).

والله له حكمته في التحكم بنتائج الخيارات الإنسانية، فنتيجة خطأ سيدنا آدم كانت إخراج ذريته من الجنة وفي ذلك حكمة الخالق في استخلاف الإنسان للأرض. وكذلك إذا أراد الله أن يهلك قرية لأنه يرى بحكمته وعلمه وعدله أنها تستحق الهلاك، فأنه جل وعلا يترك لأهلها حرية الخيار في اتباع أمره قبل أن ينزل عقابه، يقول تعالى: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً) - الإسراء 16-.
وحكمة الله في التحكم بنتائج خياراتنا والتي قد لا نفهمها أحياناً، هي دوماً في صالح الإنسان والبشرية. يقول تعالى: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين) - البقرة 251-، وكذلك يقول تعالى: (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون)-الروم 41-، فالحكمة من القحط والجفاف اللذين أصابا الأرض والأنهار وكانا نتيجة لعمل الإنسان الخاطئ هي إرجاع الناس إلى الله وهدايتهم.

كذلك نجد أن الله قد يساعد الإنسان باتخاذ خياراته الصحيحة عن طريق الرؤى والاستخارة والإلهام الإلهي..، وذلك لحكمة قد نجهل مغزاها. فقد كانت رؤيا ملك مصر سبباً في خروج سيدنا يوسف من السجن، وفي اتخاذه القرار الصحيح في تخزين المحصول سبع سنوات مخصبات لاستعماله في السنين المجدبات: (وقال الملك إني أرى سبع بقرات سِمانٍ يأكلهن سبعٌ عجافٌ وسبع سنبلات خضر وأُخَرَ يابساتٍ ياأيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تـَعبُرُون) - يوسف 43-.


هل يستطيع الإنسان أن يتحكم بقدره؟

إن كل العلوم التي اكتشفها الإنسان هي جزء من علوم القدر التي وضعها الله عند خلقه للكون، فمن قوانين القدر البسيطة التي يفهمها الإنسان منذ نعومة أظافره خاصية النار في الإحراق عند لمسها، إلى قوانين القدر الأكثر تعقيداً والتي اكتشفها العلم الحديث كخاصية انشطار النواة الذرية في إصدار الطاقة وقوانين اتخاذ القرارات المتعلقة بقوانين الاحتمال ..الخ. كل ذلك تعلمه الإنسان بما أعطاه الله من ميزة اكتساب المعرفة وتحليلها، فاستطاع أن يفهم بها بعض معطيات قوانين القدر الإلهي ومنها المعطيات المتعلقة بقوانين علم النتيجة الذي يتحكم بخياراته ونتائجها، فاستطاع بذلك أن يتوقع نتائج خياراته بدقة فائقة أحياناً وبالتالي استطاع التحكم بمسيرة حياته.

إلى جانب ذلك نجد أن هناك خيارات يتخذها الإنسان تعطيه نتائج حتمية، ولكن ذلك لايعني أن الإنسان يتحكم بالقدر، فالقوانين الإلهية ثابتة، وكل مايفعله الإنسان هو أنه يستخدم هذه القوانين. وهكذا فإن الإنسان يستطيع فقط أن يتحكم في خياراته ويأخذ بالمعطيات لتعطيه النتائج المطلوبة، ولكنه لا يمكن له أبداً أن يبدل أو يغير أو يعدل في القوانين الحاكمة لهذه الخيارات أي في قوانين القدر، فهذه القوانين هي من صنع الخالق عز وجل، والله وحده القادر على تغييرها بإرادته النافذة وقضائه الذي لاراد له. فبينما لن يستطيع الإنسان مهما توصل من علوم أن يغير من خاصية أي قانون للقدر، نجد أن الله عندما قضى أن تفقد النار خاصيتها في الإحراق جعلها برداً وسلاماً على إبراهيم: (قلنا يانار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)-الأنبياء 69-،وكذلك هي الحال في كل معجزات الأنبياء ، وحتى في عصرنا هذا نجد كل ما يسمونه معجزة طبية، أو معجزة في النجاة من موت محتم، أو معجزة في حدوث أمر ما، هي كلها نتيجة لقضاء الله الذي يغير من قوانين القدر ويحدث أمراً يغاير السير المتوقع للأحداث.

إن استخدام الغرب لقوانين القدر وأخذه بمعطياتها واختياره الخيارات الصحيحة أدى لتقدمه في جميع المجالات الإنسانية، فقد أتبعوا سنة الله في قوانينه. يقول تعالى: (ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها)-الشورى 20-.
لقد استطاع الإنسان في المجتمع الغربي التحكم في خياراته باستخدام قوانين القدر في الولادة والإنجاب، فاستطاع بخياراته الصحيحة في هذا المجال أن يحصل على نتائج باهرة في إنجاب أطفال الأنابيب وكذلك في التحكم بإنجاب الذكور أو الإناث بنسبة نجاح قد تصل إلى 70%. كما استطاع الإنسان باستخدام قوانين القدر في مجال الهندسة الوراثية أن يقوم بعمليات الاستنساخ فقام العلماء في عام 1990م بإنجاب النعجة "Dolly"، وذلك بزراعة خلية في رحم نعجة أم. وكذلك استطاع الإنسان باستخدام وسائل منع الحمل أو حتى باستئصال الرحم أن يستعمل قوانين القدر الثابتة ليمنع نفسه من الإنجاب.

أما بالنسبة للمرض فخيارات الإنسان الخاطئة قد أدت لظهور أمراض جديدة كالإيدز. وفي مجال الشفاء استطاع الإنسان أن يختار الوسائل الصحيحة لإبادة بكتيريا الطاعون والجذام والسل والجدري وبشكل شبه نهائي من سطح الكرة الأرضية.

أما بالنسبة للرزق، فنجد أن المجتمع الغربي استطاع فهم معطيات قوانين القدر في هذا المجال واستعمالها بشكل صحيح، فأثمرت خياراته الصحيحة وعمله عن وفرة كبيرة له في الرزق، بينما كانت نتيجة خيارات المجتمعات المتخلفة ضيق في الرزق، حيث يبلغ معدل دخل الفرد السنوي (GDP) في أمريكا 27.500$، بينما يبلغ دخل الفرد السنوي (GDP) في بنجلاديش 230$.

أما بالنسبة للموت، فقد استطاعت المجتمعات الغربية تطبيق خياراتها الصحيحة بالنسبة للصحة العامة والبيئة والطب ..الخ، وبالتالي استطاعت أن ترفع من معدل عمر الفرد فيها باستخدامها الصحيح لقوانين القدر، فبلغ هذا المعدل في سويسرا (78 سنة)، بينما بقي معدل عمر الفرد في الدول المتخلفة في حده الأدنى، حيث بلغ هذا المعدل 39.5 سنة في النيجر.

إن استخدام الإنسان للقوانين الإلهية، واستطاعته الوصول إلى نتائج شبه حتمية لخياراته، واستطاعته التحكم بمسيرة حياته تحكماً شبه مؤكد، غرر بالبعض فظن أولئك أن العلم هو الإله. ولكن هؤلاء نسوا أن مافعلوه هو تطبيق للقوانين الموضوعة من الله، والنتائج التي توصلوا إليها إنما هي جزء من قدر الله. وهم مهما فعلوا فلن يخرجوا من نطاق حدود المشيئة الإلهية ولن يستطيعوا أن يغيروا أويعدلوا من قوانين القدر. وقد تحدى سيدنا إبراهيم الملك نمرود بأن يغير من قوانين القدر بعد أن أساء هذا الملك فهم معنى الخلق والإماتة فاستخدم قوانين القدر في الموت والحياة بعفوه عن شخص وقتله لآخر: (إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت، قال أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر)-البقرة 258-. وحين سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن الرقى والأدوية والاتقاء من المرض هل ترد من قدر الله شيئاً، قال: "هي من قدر الله"[14]، أي أن الإنسان إذا اختار أن يعالج نفسه بالرقية أو بالأدوية أو بالاتقاء من المرض فهو يتبع قدر الله وقوانينه الملزمة للشفاء ، وهو مازال ضمن حدود المشيئة الإلهية.

والإنسان مهما تقدم به العلم فلن يحيط علماً بكل معطيات قوانين القدر، وتحطم مركبة الفضاء (Challenger) عام 1989م دليل على ذلك. كذلك عندما حلل الغرب وأخذ بجزءٍ من معطيات قوانين القدر، أغفل في تحليله للمعطيات المتعلقة بقضاء الله كالدعاء، والاستغفار، والتقوى، ورضى الوالدين، وصلة الرحم، والتسبيح.. يقول تعالى: (وياقومِ استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يُرسِل السماءَ عليكم مدراراً ويَزِدكم قوةً إلى قوتكم) -هود 52-، فالتسبيح والدعاء للهيمكن أن يؤثر في معطيات معادلة القدر فيهطل المطر وتزيد قوة الإنسان إلى جانب قوته (حيث إن وجود قوته هو الجزء الآخر من معطيات معادلة القدر هذه). وكذلك يقول تعالى: (فلولا أنه كان من المسبحين، للبث في بطنه إلى يوم يبعثون)-الصافات 143،144-، فتسبيح سيدنا يونس غيـَّر من قوانين القدر المتعلقة بموته، حيث كان قدره عندما ابتلعه الحوت هو الموت المحتم، فأطال الله في عمره بقضائه وأنقذه من الموت لأنه كان من المسبحين. ويقول تعالى أيضاً: (أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون، يغفر لكم من ذنوبكم ويُؤخِركـُمْ إلى أجلٍ مسمى) - نوح 3،4-، أي إذا اتقى الإنسان الله وأطاعه مُدَّ في عمره إلى أجل معلوم عند الله سبحانه وتعالى. ويقول تعالى أيضاً: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لايحتسب)-الطلاق 2،3-، فإذا اتقى الإنسان ربه ساعده باتخاذ قرارته الصحيحة التي تخرجه من الكرب، ورزقه من حيث لايدري. كذلك يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "من سره أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه"[15]، وكذلك يقول النبي(صلى الله عليه وسلم): "لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء إن الرجل ليحرم الرزق بخطيئة يعملها"[16]. فالتغيير في عمر الإنسان أو رزقه هو أمر متعلق بقضاء الله وبعلمه الأزلي الكاشف والذي سماه في محكم بيانه: أم الكتاب، ولم يكشف عن هذا العلم لأحد، حتى الملائكة الذين يسجلون عمر الإنسان ورزقه وشقي أم سعيد، فالله وحده له الأمر بمحو هذه الوقائع أو بتثبيتها وعلمه جل وعلا لامحو فيه ولا إثبات فهو يعلم ما يستقر عليه الأمر، أما اللوح المحفوظ ففيه سجل وقائع هذا الكون القابلة للمحو والتثبيت من قبل الله وحده. وهذا ما ذهب إليه العلماء في تفسير قوله تعالى: (يمحوا الله مايشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)-الرعد 39-.

أما بعض الناس في الدول المتخلفة فقد ظنوا أن التسبيح والدعاء وحده يكفي، فأغفلوا في تحليلهم أن قوانين القدر الإلهية لها أسس ومعطيات أخرى إلى جانب الدعاء، وأن التوفيق الإلهي له شروطه التي يجب استكمالها لكي يتحقق. يقول تعالى: (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم)-الرعد 11-. كما يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "لو أنكم كنتم توكلون على الله تعالى حق توكله، لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً"[17]، فالتوكلعلى الله في الرزق كما في الأمور الأخرى له شروطه ومعطياته، حيث إن رزق الطير لا يأتي بأن تظل في عشها، بل تطير بحثاً عن طعامها فيرزقها الله بقدره وقضائه.

ولنا في الرسول (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة، حيث أخذ بالأسباب في كل أموره ولم ينتظر أن ينزل عليه الرزق من السماء، فقاوم الفقر بالعمل، والجهل بالعلم، والمرض بالعلاج، وهاجر واختبأ في الغار متخذاً كل أسباب الحيطة. وفي غزوة بدر عرف النبي (صلى الله عليه وسلم) أن هناك معطيات في معادلات القدر لتحقيق النصر، فأخذ بها، فلبس درعين لا درعاً واحداً، ولبس المغفر على رأسه، وأعد جنده بكل ما استطاع، وبعد أن أخذ بكل هذه الأسباب أتمها بأن دعا الله حتى بان بياض إبطيه.


هل الهدى والضلال بيد الإنسان أم بيد الله؟

إن الله هو حكيم عادل، لايظلم من عباده أحداً: (..ولايظلم ربك أحداً)- الكهف 49-، ويقول تعالى أيضاً: (إن الله لايظلم مثقال ذرة) -النساء 40-، وهو رؤوف بعباده يريد لهم الهداية والتوبة: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سُنَنَ الذين من قبلكم ويتوبَ عليكم..) - النساء 26-. فأعدل العادلين، وأرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، لايمكن أن يضل عباده ثم يحاكمهم ويعاقبهم على ذلك، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
يقول الله تعالى: (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..)- الكهف 29-، ويقول تعالى أيضاً: (قل ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يَضِلُّ عليها وما أنا عليكم بوكيل)-يونس 108-، فالإيمان والهدى والضلال بيد إرادة الإنسان الحرة.

والله قد أرانا طريق الخير والشر: (إنـَّا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً)-الإنسان 3-،وخلق النفس الإنسانية مسواة معتدلة قابلة للخير والشر وللتقوى والفجور: (ونفس وما سواها، فألهمها فجورها وتقواها) -الشمس 7،8-، وأعطانا العقل الذي يميز بين الخير والشر، وأعطانا كامل الخيار باتخاذ قراراتنا، وبين لنا نتيجة اتخاذنا لخياراتنا في الدار الآخرة: (قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها) -الشمس 9،10-، وكذلك: (فأما من أعطى واتقى، وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى، وكذب بالحسنى، فسنيسره للعسرى)- الليل 5،10-.

فإرادة الإنسان حرة في تقرير مصيره في الدنيا والآخرة (فمن شاء اتخذ إلى ربه مآباً)-النبأ 39-، وهي الأساس لما ترتبه
الإرادة الإلهية من جزاء في الدنيا والآخرة: (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه، ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الآخرة من نصيب)-الشورى 20-.

ومن جهة ثانية فإن الله وبمشيئته العادلة الحكيمة يهدي إليه من يستحق الهداية ذاك الذي يعزم على الاستجابة لأمره، ويضل من يستحق الضلال ذاك الذي يعرض نفسه لأسباب الغواية، فهو يقول: (..ولكن يُضل من يشاء ويهدي من يشاء)-النحل 93-، وقد أساء البعض مفهوم هذه الآية على أن الله يُضل ويهدي وليس للعبد حرية اختيار، ولكن هناك آيات كثيرة في القرآن تفسر هذا المفهوم:

- يقول الله تعالى: (والذين اهتـَدَوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم)-محمد 17-، وكذلك: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهِم ربهم بإيمانهم)-يونس 9-، وأيضاً: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه-التغابن 11-، فهؤلاء الذين اهتدوا وآمنوا بالله وعملوا الصالحات باختيارهم أولاً فكانت النتيجة أن زادهم الله إيماناً وهدىً، وهدى قلوبهم بإيمانهم.

- ويقول تعالى أيضاً: (إن الله لايهدي من هو كاذبٌ كفَّار)-الزمر 3-، وكذلك: (إن الذين لايؤمنون بآيات الله لايَهديهِمُ الله ولهم عذاب أليم) النحل 104-، فالذين اختاروا بمشيئتهم الكذب وعدم الإيمان بآيات الله، كانت نتيجة خيارهم هذا أن الله منع عنهم هدايته. ويقول تعالى أيضاً: (أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غِشاوةً فمن يهديه مِنْ بعدِ اللهِ أفلا تـَذَكَّرون)-الجاثية 23-، فالذي يتخذ هواه إلهاً بإرادته تكون النتيجة أن يضله الله.
- وكذلك يقول تعالى: (إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم)-البقرة 6،7-، فالذين كفروا بإرادتهم (لم يقل الكفار بل الذين كفروا تأكيداً بأنهم كفروا بإرادتهم)، فالأمر سواء عليهم (وليس على الرسول كذلك تأكيداً لهذا المفهوم)، ولذلك كانت النتيجة التي يستحقونها وهي أن ختم الله على جميع حواسهم فزادهم ضلالاً وكفراً في الحياة الدنيا، وفي الآخرة لهم عذاب عظيم جزاءً لهم بما كفروا.
- وكذلك يقول تعالى: (ولا تكونوا كالذين نـَسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)-الحشر 19-، ويقول تعالى أيضاً: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين)-الصف 5-، فالذين نسوا الله، وانحرفوا عن الحق بإرادتهم كانت نتيجة اختيارهم هذا أن أنساهم الله أنفسهم وأمال قلوبهم عن الحق جزاءً لما فعلوا.
- ويقول تعالى في المنافقين: (في قلوبهم مرض، فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)-البقرة 10-، ويقول تعالى أيضاً: (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون)-البقرة 15-، فأولئك المنافقين الذين اختاروا النفاق كان نتيجة خيارهم أن زاد الله فسادهم وضلالهم.
- وكذلك يقول تعالى: (ويقول الذين كفروا لولا أُنزل عليه آيةٌ من ربه قل إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب)-الرعد 27-، فأولئك الذين اختاروا الكفر بإرادتهم الحرة فإن الله بمشيئته العادلة يضلهم لأنهم عاندوا وتمردوا، أما من تاب فالله يهديه لأنه يستحق الهداية.


الرضى بقضاء الله وقدره

عندما يعلم الإنسان أن كل شيء يتعرض إليه هو نتيجة لخياراته، وأن ما أصابه هو قدره الذي لايمكن أن يرده أو يغير به أو يستبدله بعد أن اتخذ خياره، وأن الدار الدنيا إنما هي مرحلة وفترة اختبار فلذلك مهما كانت مدة الشر والألم فيها فهي مؤقتة والآخرة هي دار الخلود، رضي بقضاء الله وقدره. يقول تعالى: (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)-التوبة 51-. ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "مايبلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه"[18].

فواجب المؤمن الرضا والتسليم بما يقضي الله ويقدر، وذلك بعد أن يقوم بما عليه من الواجب ويأخذ بأفضل خياراته في حدود شرع الله تعالى. يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ماينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شر فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا، قل قدر الله وماشاء الله فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان"[19]. وفي هذا الحديث نجد أن الرسول وبوحي النبوة يخط لنا كيف أن على المسلم أن يكون قوياً بكل جوانب حياته وعليه أن يتخذ أفضل الخيارات بين يديه في حياته: "احرص على ما ينفعك"، وعليه أن يستعن بالله ثم يبذل كل ما في وسعه عند اتخاذه لخياره: "ولا تعجز"، ثم يسلم الأمر لله فقد انتهى دوره ومهما كانت النتيجة عليه أن يرضى بقدر الله وقضائه: "قل قدر الله وماشاء الله فعل".

والمسلم أمره كله خير، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كُفر بها عنه، حتى الشوكة يشاكها"[20]، ويقول أيضاً: "من يرد الله به خيراً يُصب منه"[21]، أي يبتليه بالمصائب ليطهره من الذنوب. فإذا علم المسلم ذلك كله هدأت نفسه واطمأنت لما يصيبها من خير أوشر فلا تطير فرحاً ولا تجزع وهي تواجه السراء والضراء فكل بقدر مقسوم وفقاً للحكمة الإلهية.

*** والله أعلم.
*** تم بعونه تعالى 2001 /31/5

أ.أ.

[1] - رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

[2]- رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي، والرواية هنا للترمذي.

[3]- رواه مسلم.

[4]- انظر صفحة 4.

[5]- رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود.

[6]- رواه البخاري ومسلم.

[7]- رواه البخاري ومسلم وغيرهم.

[8]- فتح الباري 1/325.

[9]- رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

[10]- رواه الترمذي. حسن صحيح.

[11]- رواه مسلم.

[12]- رواه البخاري.

13 - رواه البخاري.

14 - رواه الترمذي حسن صحيح.

15- متفق عليه.

16- رواه أحمد بإسناد صحيح.

[17]- رواه أحمد بإسناد صحيح.

18– رواه أحمد بإسناد صحيح.

19– رواه مسلم.

20– رواه مسلم.

21– رواه البخاري.

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
الدكتور أسامة أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 01 / 2013, 05 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
الدكتور أسامة أبوشعر
دكتور مهندس مدني يهتم بالبحوث الدينية والخاطرة الأدبية
 





الدكتور أسامة أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

أخي أسامة ،الأستاذ كمال كما أسماك والدنا رحمه الله:
وقتما يأتي الطرح الجاد ،ممتزجاً بالأسلوب الأدبي الرفيع ،بصدق التوجُّه والغاية،يكون العمل آخذاً كلّ أبعاده .
ومميزاً عملك ،وفريدة فكرتك ،وعلى الخير نلتقي دائماً .
أخوك :د ،منذر أبوشعر
الدكتور أسامة أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 01 / 2013, 39 : 11 PM   رقم المشاركة : [3]
حسن ابراهيم سمعون
شاعر - رئيس ومؤسس الديوان الألفي ( ألف قصيدة لفلسطين)

 الصورة الرمزية حسن ابراهيم سمعون
 





حسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond reputeحسن ابراهيم سمعون has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

يالسعدي ... بين الإضاءات , والفضاءات , وما هو آت !!
فهي بوارق مزن , حد الفيوضات من آل أبي شعر الكرام
أرحب بك أخي الفاضل , وننتظر المزيد ..
موضوع شيق,ومكتنز , ويعود بنا لمنابع الإسلام الصحيح , كما أنزله رب العالمين
مع محبتي , وتقديري
حسن إبراهيم سمعون
توقيع حسن ابراهيم سمعون
 [gdwl] [/gdwl][gdwl][/gdwl][gdwl][/gdwl][gdwl]
مادمت محترمًا حقي فأنت أخي آمنت بالله أم آمنت بالحجر
[/gdwl]
حسن ابراهيم سمعون غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30 / 01 / 2013, 52 : 10 PM   رقم المشاركة : [4]
الدكتور أسامة أبوشعر
دكتور مهندس مدني يهتم بالبحوث الدينية والخاطرة الأدبية
 





الدكتور أسامة أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

الشاعر المبدع حسن إبراهيم سمعون:
أشكر لكم كلماتكم الرقيقة التي أعطتني عزماً ومزيد مثابرة. وأرجو من الله أن تكون باكورة (إضاءاتي) عملاً خالصاً لوجهه الكريم، ممتثلاً قول خير البشر صلى الله عليه وسلم: "من اجتهد فأخطأ فله أجر، ومن اجتهد فأصاب فله أجران".
الدكتور أسامة أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 01 : 03 AM   رقم المشاركة : [5]
محمد سعيد عدنان أبوشعر
قسم اللغة العربية ( مشرف سابقاً في نور الأدب)

 الصورة الرمزية محمد سعيد عدنان أبوشعر
 





محمد سعيد عدنان أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

تحضرني في هذا المقام رائعة الأديبة هدى أبوشعر - قصة ياسمينة - بكل ما فيها من سحر عواطف اعتدناها في كلمات عمتي هدى.
أتذكر ذاك الفارس الدمشقي الأصيل - جدي محمد سعيد رحمه الله - الذي روى مع جدتي أطال الله في عمرها بستان تلك العائلة المترعة حباً، أتذكره وقد أينعت أزاهيره وأورقت كل منها بما يقر العين ويهدئ خلجات الفؤاد.. كم كان جدي ليسعد وهو يرى أزهاره تنشر عبقها وعطرها في كل الأرجاء.

لطالما كانت زهرة عمي الدكتور أسامة، هي الزهرة المتألقة التي تتحلق حولها كل الأنظار، توقاً إلى رؤية بسمة ناصعة الشروق، أو سماع تعليق ذكي الملمح، أو الاستفاضة في بوحٍ يئن بين حناياه الدافئة..

وهو الذي قد آلى على نفسه ألا يكتفي بإسعاد القلوب التي غزاها البؤس والألم، وانتزاع الأحزان الكامنة فيها، فزرع في نفسه حباً للعلم لا يضاهى، يعاونه في ذلك ذكاء بارع وسرعة بديهة وقدرة فائقة على التحليل المنظم للأمور، فوجد بين ثنايا الكتب وصحبة الأدباء وأولي الثقافة ما يشبع نهمه للعلم، حتى تصدّرَ قوائمهم، وبات علماً من أعلامهم.

ويحين ميعاد انضمامك إلى نور الأدب، وأنت ترفل بكل هذا الزخم من العلم المذكى بالحب، وتنثر علينا بعضاً مما أفاض الله عليك به، من ذلك النور الذي ينضح من عينيك المتقدتين ذكاء.

كم تخجل الكلمات حين تستسلم في وصفك، وتعجز عن إيفائك حقك مما تنطق به مسيرة حياتك،
ويبقى في القلب الكمّ الأكبر من المشاعر التي تحكي حكاياتها بنفسها.
محمد سعيد عدنان أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 51 : 08 AM   رقم المشاركة : [6]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

[align=center][table1="width:95%;"][cell="filter:;"][align=center]الدكتور أسامة تقديري لطرحك الذي تناول موضوعا شائكا وحساسا جدا. قد يهرب البعض منه خشية التورط فيما لا يريدون التورط فيه أو الدخول في محاججات قد لايجدون منها مخرجا.
كثير من الرافضين للأديان / الملحدين يستعملون مسألة الإرادتين :إرادة الله وإرادة الإنسان ومسألتي القدرو القضاء بينهما للخروج بأن هناك تعارضا يصلون به إلى نكران بعض الأمور والإلحاد.
يبقى طرح هذا الموضوع الذي حمل الكثير من التوضيحات والتحليل القيم يجعلني شخصيا أطمع في متابعة بطرح لمسألة شائكة أخرى ندخل فيها عند النقاش مع الرافضين للدين وهي مسألة العقاب الإلهي والنار والجنة.عظمة الإله و قدرته ومغفرته ورحمته لماذا لا تتجاوز عقاب الإنسان على سلوكه الوضيع في النهاية؟ ومالحكمة في ذلك؟وأسئلة تدور حول هذا المحور أظنها تخلق متابعة لموضوع قيم آخر.
تقديري لك د.أسامة وجزاك الله خيرا.[/align]
[/cell][/table1][/align]
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 05 : 01 PM   رقم المشاركة : [7]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

صباح الورد
د. أسامة أبو الشعر
صباح الورد والفل والياسمين
كل يوم أمرُّ من هنا وأتوقف برهة من الوقت ..
أريد أن أقرأ من الألف إلى الياء ولكن ذهني مشغول
بشيء ما أتدري ما هو ؟
أنا لا أحب أن أقرأ وأعلق قبل أن أرحب
الآن أريد أن أرحب بك وأقول لك أنني سعيدة جداً بانضمامك الكريم
إلينا فعائلة أبو الشعر أشهر من نار على علم في سماء الأدب
لذلك كانت سعادتي كبيرة بانضمامك الكريم إلينا وطبعاً أنا واثقة
أن أمامي وجبة دسمة للقراءة سأقرؤها على مهل بعد أن أتم الترحيب بكم
أتمنى لكم إقامة سعيدة بيننا وأن تجد في نور الأدب وطناً مصغر لكم كما نجده نحن جميعا..
أهلا وسهلا بك دائماً


توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 44 : 09 PM   رقم المشاركة : [8]
فاطمة البشر
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة

 الصورة الرمزية فاطمة البشر
 





فاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر


إن القدر وما هو مكتوب شماعة في كثير من الأحيان لبعض الناس الذين يفشلون ويلقون بفشلهم على القدر ،
إن المكتوب هو ما سنفعله فقط وليس ما أجبرنا على القيام به ....
طرحك شامل ومتكامل ويفتح آفاقاً للتفكر والبحث ....
سلمت يمينك "أ. أسامة أبو شعر " لهذا الطرح الرائع ،
وأهلا وسهلا بك في النور ، أتمنى لك إقامة طيبة بيننا
ودي ووردي
توقيع فاطمة البشر
 
أنا لم أكن يوما إلا أنا ....

تلك الفتاة التي تحلم بغد زاهٍ مشرق ...

تلك الفتاة التي تنثر حباً وأملاً ...
تلك الفتاة التي ترسم حلماً ...
تلك الفتاة التي ستصنع مجداً ...

ولا تزال تنتظر الأياام......


فاطمة البشر


https://www.facebook.com/fatima.bisher
فاطمة البشر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 09 : 11 PM   رقم المشاركة : [9]
ميساء البشيتي
شاعر نور أدبي

 الصورة الرمزية ميساء البشيتي
 





ميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond reputeميساء البشيتي has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: القدس الشريف / فلسطين

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

عدتُ إليكم
أخي العزيز د. أسامة عدت إليك وإلى طرحك الرائع
بداية أخي أسامة عاشت الأسامي , أخي أيضاً اسمه أسامة
أسامة اسم جميل جدا وأسعد أن أناديك به
نعود للقضاء والقدر بعد القراءة شبه المتأنية لطرحكم الكريم
أقول أننا كبشر نقول ونقرُّ ونعترف بالقضاء والقدر ولكن هذا اعتراف
لفظي أكثر منه فعلي لأننا بنفس اللحظة التي نعترف فيها بالقضاء والقدر
نكون قد وجهنا مساعينا في إتجاه آخر ..
طبعاً هذا لا يعني الإتكالية والتجمد في مكاننا كوننا نؤمن بالقضاء والقدر
على العكس بل يجب أن نتحرك ولكن يجب أن تكون بداخلنا قناعة كبيرة
وإيمان أكيد بأن النتائج بيد القضاء والقدر وهي نتائج مسلم بها هذا طبعا لمن أراد
أن يقتنع يمنحه مساحة كبيرة من الراحة وتوفير الجهد الذي يصرف سدى
نحن نحتاج بعض الوقت كي ندرب أنفسنا على استيعاب مفهوم القضاء والقدر
يعني أن تترجم على أرض الواقع فتنعكس على تصرفاتنا وسلوكنا فلا نبالغ في فرحنا
ولا نجلد أنفسنا بسياط الحزن وتأنيب الذات ..
طرح رائع وأنا صدقاً أعجز عن مجاراة طروحات مهمة كهذه وأكتفي بأن أكون قارئة
ومتابعة ولكن بشغف شديد ..
ألف شكر أخي العزيز د. أسامة وبوركت الأنفاس وسلمت الأيادي .



توقيع ميساء البشيتي
 [BIMG]http://i21.servimg.com/u/f21/14/42/89/14/oi_oay10.jpg[/BIMG]
ميساء البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 01 / 2013, 26 : 11 PM   رقم المشاركة : [10]
الدكتور أسامة أبوشعر
دكتور مهندس مدني يهتم بالبحوث الدينية والخاطرة الأدبية
 





الدكتور أسامة أبوشعر is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سورية

رد: إضاءات في مفهوم القضاء والقدر

ابن أخي الحبيب محمد سعيد، الآنسة الأديبة نصيرة تختوخ، الآنسة الأديبة الحقوقية ميساء البشيتي، الآنسة الأديبة فاطمة البشر:
أشكر لكم ترحيبكم بي في هذا المنتدى الذي طالما أحببته وتابعت كافة أبوابه، وتمنيت أن أشارك به، حتى سنحت لي هذه الفرصة
المباركة .
الدكتور أسامة أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
إضاءات, مفهوم, القضاء, والقدر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إضاءات في تفسير الآيات (30-34) من سورة البقرة الدكتور أسامة أبوشعر القرآن الكريم 20 28 / 06 / 2022 35 : 06 PM
إضاءات لمصطلحات نقدية معاصرة د. رجاء بنحيدا حوارات نقدية 14 04 / 06 / 2018 02 : 03 PM
إضاءات نحوية. ....... ناهد شما نورالأسرة، التربية والتعليم وقضايا المجتمع والسلوك 0 04 / 12 / 2017 01 : 03 AM
إضاءات من هنا وهناك بوران شما أقوال وحكم عربية 18 12 / 09 / 2012 07 : 12 AM
عندما يصبح القضاء المصري اكثر عدلا من القضاء البريطاني فيصل الشعراني هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) 1 03 / 05 / 2011 06 : 03 PM


الساعة الآن 34 : 04 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|