[align=CENTER][table1="width:100%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/11.gif');border:10px outset indigo;"][cell="filter:;"][align=right]
* من ترثنا الشعبي / سلام الراسي
عندما يكتب يوماً ما تاريخ لبنان الشعبي، ستكون فيه لسير القبضايات العديد من الحكايات، فللمرجلة حكايات و للكرامة مرويات، وللفن الشعبي مواويل و خبريات.
ولعلّ أبناء الجيل الحالي في لبنان يجهلون سيرة " عبد الحي " أحد قبضايات بيروت في مطالع القرن العشرين، لكن عتاق الرجال في بيروت ما زالوا يرددون قوله: " والمرجلة مرجوحة الأبطال ".
كان ذلك في بداية الانتداب الفرنسي، و كان عبد الحي يومئذٍ بالإضافة لكونه من قبضايات زمانه، شاعراً شعبياً يرتجل المواويل البغدادية الموشحة أحياناً بالأحاسيس الوطنية، ثم بدأت السلطة ملاحقته بتهمة ملفقة و عندما عجزت من العثور عليه أغرت ابن خالته بوظيفة إن هو أرشد رجال الأمن إليه.
ودخل ابن الخالة هذا، و دخل وراءه بعض رجال الأمن إلى حيث عبدالحي، الذي كان على بيّنة من تورط ابن خالته في ملاحقته، فصاح به: و أنت أيضاً يا ابن العاهرة! و تناوله بطلق أرداه قتيلاً، واستسلم بعدئذٍ إلى رجال الأمن.
ولم تكن في حق عبدالحي تهمة توجب إعدامه والتخلص منه، ما عدا تهمة قتل ابن خالته عمداً، فنشطت المساعي لإقناع الخالة بإسقاط حقها عن عبدالحي، وهو ان شقيقتها، لإبعاد حبل المشنقة عن عنقه، فقالت أنها قد تغفر له قتل ابنها، لكنها لا تغفر له قوله لابنها يا ابن العاهرة! فإذا كان يقبل أن يقول في المحكمة أن أمه هي العاهرة، لا أنا، أسامحه عندئذٍ بدم ابني!
وعرض الأمر على عبدالحي في السجن فقال: " أمي أنجبت بطلاً وخالتي أسقطت من رحمها خائناً و أنا لا أستطيع أن أنقض واقع الحال مهما آل المآل ".
و صدر أخيراً حكم الإعدام في حق عبدالحي بتهمة قتل ابن خالته عمداً.
واحتشد الناس في ساحة قصر العدل ساعة تنفيذ الحكم لإلقاء النظرة الأخيرة على الرجل السيّد في مواقف الكرامة.
وحضرت كذلك خالته للتشفّي برؤية قاتل ابنها معلقاً بحبل المشنقة، و جيء بعبد الحي و سأله رجال الأمن بموجب القوانين المرعية، ماذا يطلب قبل تنفيذ الحكم ، قال: " أن أودع الحياة بموال بغدادي" ، فاستجيب طلبه و صعد إلى منصة المشنقة منتصباً شامخ الأنف و صاح:
نجمـي غرب يا خالـقي ! والفجر بان وطل
والدهـر مد إيدو على ورد الريــاض وطال
عـندي شـبيه إن قصر بالعار عمري وطال
قـولـوا لأمّـي فـتــاكِ مـات عـالـي الـراس
و لو عـلقـوا يا خالتـي عنـقي أنـا بـمراس
صابر على حكم القضا ثابت شديد المراس
والـمشـنـقة يا عاهرة! مرجوحـة الأبطـال
[/align][/cell][/table1][/align]