مَتْنُ النصِّ الصُّحفي
صفاتُ مضمونه، بُنْيَتُه اللغوية، أساليبُ صياغته
تتقاربُ هنا أيضاً صفات متن الخبر الصحفي مع صفات متن المقال، ولكنها لا تتطابق، مما يعني وجود فوارق تُمَيِّزُ صفات هذا عن صفات ذاك، وهو ما ستتمُّ الإشارة إليه في مجمل ما سيتمُّ ذكره تالياً من صفات مضمون المتن وبُنيتِه اللغوية وأساليب صياغته..
أولاً، أهم صفات المضمون:
1) توثيق المصدر:
من الضروري بَدْءُ الخبر بتوثيقه، أيْ بذكر مصدره، سواء كان المصدرُ شخصاً مسؤولاً أو هيئة رسمية أو وكالة أنباء محلية أو عالمية، لأنه لا قيمةَ لأيِّ خبر مجهول المصدر؛ ولا كبيرَ مصداقية لخبرٍ تمَّ ذِكرُ صفةِ مصدره دون اسمه، من مِثْلِ بَدْءِ البعض لأخبارهم بالعبارة الشهيرة (ذَكَرَ مسؤولٌ رفيع المستوى في وزارة كذا، أو حكومة كذا...)، كما تقلُّ الثقة إلى حَدٍّ ما بالأخبار المنسوبة إلى (شاهد عيان) يتحدث باسم مستعار...
هذا بالنسبة للخبر، أمَّا بالنسبة للمقال، فتوثيق المصدر يعني ذكر مصدر ما يَرِدُ في متنه من اقتباسات وأقوال وتصريحات، بتفصيل يشمل: اسم صاحب الاقتباس أو التصريح، والمطبوعة أو الإذاعة أو الفضائية التي نقلت أقواله، وذكر تاريخ إدلائه بتصريحه والمكان الذي كان فيه أثناء الإدلاء به.. وإذا كان المصدر مطبوعةً (كتاب، مجلة، صحيفة)، فيجب ذكر تاريخ صدورها ومكانه ورقم الجزء أو العدد، بالإضافة إلى ذكر رقم الصفحة التي أُخِذَ نصُّ التصريح أو الاقتباس منها..
2)
الآنيَّة:
تكاد تكون هذه الصفة وقفاً على متنِ الخبر، لأنها في أبسط تعريفاتها، تعني أن يكون بثُّ الخبر ووقوعُه متزامِنَين، فإن تعذَّر تزامُنُهما، فلا أقلَّ من أن يكونا متقاربين لا يفصلُ بينهما فاصلٌ زمنيٌّ طويل، فإن تعذَّر تقاربهما أيضاً، على الصحفي أن يحاول صياغة خبره بأسلوب يُشْعِرُ قارئَه بأن مضمونَه ليس بعيد الحدوث جداً، وإلَّا فَقَدَ القارئ شهيةَ متابعته لما يقرأ، وعَزَفَ عن الاستمرار في القراءة..
3)
الجِدَّة:
الجِدَّةُ، في الخبر، صفةٌ وثيقةُ الصلة بالآنيَّة إلى حدٍّ كبير، لكن من الناحية الزمنية فقط، إذ ليس كلُّ خبر آنيٍّ جديداً بالضرورة، لأنَّ الجِدَّةَ وثيقة الصلة بالمضمون أيضاً؛ وبالتالي، لا جِدَّةَ في خبر، حتى وإن كان بثُّه مزامناً لوقوع الحدث، خصوصاً إذا تكرَّر وقوع هذا الحدثُ أكثر من مرة، في نفس المكان ومن قِبَلِ نفس الأشخاص... كأن يكون خبراً عن قتال مزمن بين فريقين متخاصمين، ينتهي دائماً إلى نتائج متشابهة أو متقاربة؛ فمِثلُ هذا الخبر لا جديدَ فيه غالباً، وإن تَوَفَّرتْ لبَثِّه الآنِيَّة، وبالتالي، لا كبيرَ قيمةٍ له في نظر القارئ..
أمَّا الجِدَّةُ في المقال فتعني إمَّا جِدَّة الموضوع الذي يُعالجه الصحفي، وإمَّا جِدَّة معالجته لموضوع مطروق من قِبَلِ آخرين سبقوه إلى طرحه.. في الحالة الأولى، يُسجَّلُ للصحفي السبق في طرح الموضوع حتى وإن كانت معالجتُه له عادية أو غير باهرة، أمَّا إذا كان الموضوع المُعالَج مطروقاً، فإن على الصحفي أن يُبرِّرَ أولاً سببَ إعادة طرحه، وأن يطرحه من زاوية جديدة بكل ما تعني كلمة جِدَّةٍ من معنى، كما ينبغي أن تشمل صفةُ الجِدَّةِ أسلوب معالجة الموضوع ونقاش خصائصه وتفاصيله..