رد: الطوفان - رواية تبحث عن مؤلف
زفرة عميقة حارة تكوي فؤاده ، وألمٌ شديدٌ يحفر رأسه ويمنعه من النوم في ظلام الزنزانة بينما الكل نيام
يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم بهمس شفتيه وروح فؤاده ، ويسبّح الله كثيراً ويثني عليه ويرجوه الفرج ليس لنفسه بل لبلاده الجريحة المغتصبة وشعبه المظلوم .
في مثل هذه الليالي يشعر وكأنه في قبر عميق الأغوار.. تضيق أنفاسه ويضغط بكفيه على صدغيه حيث يشتدّ الألم ..
اللهم لا تمتني إلا شهيداً.. رجوتك سيّدي
يستغفر الله مئة مرة وربما أكثر ويعود لشريط ذكرياته واضعاً يده اليسرى فوق قلبه المعذب.. يرتسم شريط الذكريات أمام ناظريه وكأنه شاشة سينمائية عملاقة .. يسترجع حتى الروائح التي يحبها ويشتاق لها.. يتخيل نفسه على شاطئ البحر يتمدد فوق الرمال وتغسل مياه البحر قدميه ويكاد يشمّ رائحة البحر.. بحر غزة الحبيب .. يتأوه مجدداً .. آه يا بحر غزة ويا رمل غزة كم أنا مشتاق .. يردد بهمس مطلع قصيدة أبو فراس الحمداني:
أراكَ عصيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ = أما لِلْهَوى نَهْيٌ عليكَ ولا أمْرُ؟
بَلى، أنا مُشْتاقٌ وعنديَ لَوْعَةٌ = ولكنَّ مِثْلي لا يُذاعُ لهُ سِرُّ!
إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْتُ يَدَ الهوى = وأذْلَلْتُ دمْعاً من خَلائقِهِ الكِبْرُ
تَكادُ تُضِيْءُ النارُ بين جَوانِحي = إذا هي أذْكَتْها الصَّبابَةُ والفِكْرُ
تنساب الدموع حارقة تلسع وجهه .. يقلب صفحة البحر ورماله ويأخذه عبق الذكريات إلى المركز ورفاقه والأساتذة والمدربين ..
يتذكر ما عرفه عن تأسس المركز عام 1973 ، وكيف بدأ يعمل على تقديم الخدمات الدعوية و التربوية و التعليمية و الثقافية و الرياضية و الاجتماعية و الطبية، معتمداً في ذلك على أهل الخير من الأفراد و الشركات و المؤسسات الخيرية و الاستثمارية في داخل الوطن و خارجه
يتجول فيه بخياله وعين ذاكرته من المكتبة الضخمة إلى قاعة الندوات والمحاضرات ومركز قراءة وتحفيظ القرآن إلى المركز الرياضي والملعب.. كرة السلة التي أحبها كثيراً .. مركز النشاطات والمهارات ، وحتى رياض الأطفال يوم اصطحبوا شقيقه الأصغر محمد إليه لأول مرة
العيادات الطبية والإسعافية والمجتمعية وتعلم مهارات مساعدة الناس وجوهر التكافل الاجتماعي ..
حتى والدته شاركت في دروس ومهارات الخياطة والتطريز .. يبتسم حبا وهو يتذكر فرحتها بإنجازها لثوبها التراثي الفلسطيني بالتطريز المقدسي الجميل.
كان هذا المركز عالم كامل بالنسبة له، فتح له ولصديقه إسماعيل وشقيقه زكريا آفاقاً واسعة للعلم والمعرفة والدين والرياضة في كل مجالاتها
يتذكر محاضرة الثورة العربية الكبرى في فلسطين عام 1936
الأسئلة التي كان يوجهها هو وبقية الزملاء ويجدون جوابا وافياً لكل سؤال.
|