التاريخ لا ينسى والشعوب لا تسامح ..
في سورية، حيث يتقاسم البشر مع الحجارة مأساة الظلم والقهر والدمار ، وفي قصور البذخ والترف الواهم تحولت فيها القلوب إلى حصونٍ من الحقد، والنفوس إلى سجونٍ من الأنانية ، داخلها برز شبحٌ أسودٌ لوّن أحلام الأبرياء بسوادٍ دامٍ. وفي هذا المشهد المأساوي، تحولت سورية إلى مسرحٍ لمعركةٍ طاحنة بين طاغيةٍ يرى نفسه إلهاً، وشعبٍ يئنّ تحت وطأة جبروته.
في كل فعلٍ من أفعال هذا الطاغية، نرى انعكاساً لمرضٍ عضالٍ أصاب عقله، هو"جنون العظمة" هذا الطاعون الذي حول هذا الحاكم إلى وحشٍ كاسرٍ، يرى في نفسه إلهاً متسلطاً، لا يعترف بأحد سواه، سرطانا ينخر في جسد الأمة، فينتشر في أروقة الحكم، ويمتص كل ما هو إنساني وسامي .
وما شهدناه في سورية ليس سوى تكرار لمآسي تاريخية، حيث رأينا كيف حول هتلر وأمثاله دولاً عريقة إلى رماد، وكيف حولوا شعوباً بأكملها إلى عبيدٍ في سجونٍ ضخمة...
إن جنون العظمة هو سيفٌ مسلولٌ في قلب الإنسانية، يذرع الدماء ويحصد الأرواح، ولا يتوقف حتى يحول الجنة إلى نار كما الحال في سورية.
ففي سورية، حيث يتناثر تراب الآباء والأجداد والأمجاد ، تحولت النفوس الكريمة إلى أشباح تعيش تحت الأنقاض، وتحولت إلى أرقام وقصص مأساوية، وشهدت كل زنزانة على وحشية نظام حكم يعتمد على القوة والقمع، ويتأسس على حاكمٍ كان مريضا بمرضٍ أصاب عقله، فحوله إلى وحشٍ يرتوي من دماء شعبه.
إن هذا الطاغية، الذي يرى نفسه إلهاً، لا يدرك أنه أسيرٌ لأوهامه الزائفة، وأن شعبه، رغم آلامه ومعاناته، سيبقى شاهداً على جبروته ووحشيته…فالتاريخ لا ينسى، والشعوب لا تسامح.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|