في محرابِ الروح: تأملاتٌ في الذات والوجود
د . رجاء بنحيدا
أيا نفسي، يا لغزا يراوغني، ويا سرًا يكمن في أعماقي، أين أنتِ مني؟ أراكِ كطيف يلوح في سمائي، كنجمة تضيء دربي ثم تختفي.
أما زلتِ تقبعين في خلوتكِ المقدسة، حيث تتجلى أسرار الوجود وتنكشف خبايا الروح؟ هناك، في ذلك الركن القصي، تجلسين القرفصاء على سجادة التأمل، تراقبين خيوط الشمس الذهبية التي تتسلل عبر نافذتكِ الصغيرة وتضفي على جدران غرفتكِ هالة من نور.
أمازلتِ مستغرقة في صمتكِ المهيب، تسمعين دقات قلبكِ تتردد في الكون، وتشعرين بأنكِ جزء لا يتجزأ من هذه اللوحة الكونية العظيمة، تتأملين خيوط حياتكِ !
ما سر هذا الارتقاء الذي وصلتِ إليه؟
لا شك أن للسمو سرًا عظيمًا، يا نفسي.. إنه سر النضج الذي يتكون عبر محطات الحياة وتقلباتها، إنه نتاج تجاربك التي صقلت شخصيتك وأعطتكِ بصيرة نافذة على الحياة.
هنيئًا لكِ، يا نفسي.
لم يعد يستهويكِ زيف المظاهر، ولا يغركِ بريق الكلمات. أصبحتِ أكثر عمقًا في تفكيركِ، وأكثر ترويًا في قراراتكِ.. تحللين الأمور بمنطق العقل، وتنظرين إليها بعين الحكمة.
وهكذا، ستستمرّين في النضج و في الصعود ، حيث تنتظرك حكمةُ الحياةِ بأذرع مفتوحة..!