[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/18.gif');background-color:red;border:4px groove deeppink;"][CELL="filter:;"][ALIGN=center]
الولد مسعود يتذكر
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN][gdwl]
[align=justify]
ودعتني أم العبد وذهبت للنوم في غرفتها .. وطاب لي .. وكثيراً ما يطيب لي .. أن أرتب بعض الأمور في رأسي من بدأيما ، إلى نهأيما .. فأخذت أتمشى في غرفتي الصغيرة جيئة وذهاباً .. وأخذت أفكر في أشياء وأشياء .. وخطرت على البال مسعدة فسعدت وطربت .. وقفزت عرعرة شمساً لا تعرف الانطفاء .. ورأيت ذلك الطفل مسعود يركض ولا يتعب .. ويحب قبل أن يعرف معنى الحب .. تقول له أمه: يا ولد يا مسعود اهدأ .. ولا يهدأ .. تقول له : اجلس .. ولا يجلس .. يتعلق بكل أيام الطفولة دفعة واحدة .. ويشرب من مائها حتى الارتواء ولا يرتوي .. ينظر إلى عارة التي تلملم خطوات مسعدة نظرة حالم بشجرة زيتون تستلقي على ذراعه ذات صباح ، أو ذات مساء ، وما كان الولد مسعود يحب أن تكبر الأيام ، وأن تنتزع الطفولة العذبة من بين الضلوع ، وكأنه كان يتوجس خيفة من أيام ستأتي ..
وها أنا ـ الولد مسعود ـ لا أدري كم من العمر مضى ، وكم من السنوات مرت .. ولكن كل ما أدريه .. أنني ما زلت ذلك الولد الذي يركض في عرعرة من مكان إلى مكان .. وذلك الولد الذي يحب مسعدة حتى آخر الحب .. وتكبر الأيام ولا يكبر .. تقفز السنوات وتشيب ، ولا يشيب .. ذلك أن في القلب وطناً ما زال يركض كغزال مليء بالحيوية والحياة .. يكسر القيود ، يتحدى الجلاد ويضحك .. لا يعرف إلا كرة دائمة الإشراق ، هي الشمس .. تتوقد وتتوقد .. ولا يكبر الولد مسعود لا يشيب .. لا تتكسر أيام حلمه ، ولا تتسرب من بين الأصابع ومضات طفولة كانت لها عرعرة الجمال الذي ما زال ..
هو الحلم ، الولد مسعود يحلم .. والحجر الفلسطيني حلم يصير بندقية ، تقف في وجه الاحتلال ، تدميه ، ترعبه ، تزلزله .. ولا يستطيع بكل أساليب تعذيبه ، أن يكسر شيئاً من حدته فهو الحجر الفلسطيني الذي يكبر دائماً ، ولا يصغر .. فكيف لا أحلم ؟؟ وكيف لا أقبض على الطفولة بأصابع من حجر ، تبقيها أبداً رهن أيامي .. لتكون عرعرة القريبة من عارة ، كما هي دائماً ، معي في كل لحظة ، ومعي في كل خاطر يخطر ..
أنا الولد مسعود أشهدكم ، أنني الطفل الذي يحفظ تفاصيل قرية اسمها عرعرة ، كما يحفظ الواحد منكم ، تفاصيل ملامح وجهه .. وأشهدكم أنني لا أحب أن أكتب إلا في شيئين ، الأول يتعلق بطفولة تأبى أن تسقط من الذاكرة .. والثاني يتعلق بمسعدة التي أراها في كل وجوه الأهل المنتظرين في الوطن المحتل .. لذلك فأنا الولد مسعود ، الذي يحب أن يمضي دائماً إلى طفولته الواقفة في عرعرة ، وإلى مسعدة التي تتوزعها كل الملامح هناك .. وكلما قاتلنا عسكر اليهود ، أشعر أن عرعرة تقترب وأن مسعدة تقترب .. فكيف تريدون من الولد مسعود ، الذي ما نسي طفولته ، ولا نسي مسعدة أن يترك السلاح ؟؟ أتريدون أن تسقط الذاكرة المليئة بالوطن ؟؟ كيف؟؟
[/align]
[/gdwl]