[gdwl]
[align=justify]
الولد مسعود وشفّني الوجد !
[align=justify]
صبّحت على أم العبد ، فصبّحت .. وأخذت أحكي لها عن ( شفني الوجد) فضحكت أم العبد وقالت : الولد مسعود على الوجد أصبح !! فما ضحكت .. ولكن تحدثت عن عرعرة القريبة من عارة حديث ذي علق .. فما استطابت أم العبد هذه (العلق ) وأخذت تحكي عن طبرية وأيام لها في طبرية ، فقلت: هذا هو ( شفني الوجد ) يا أم العبد.. فأنت تتحدثين عن طبرية .. والرجل حمدان يتحدث عن وادي الطواحين الذي يقع في الغرب من مدينة صفد .. كل هذا ( شفني الوجد ) يا أم العبد ، وهذا ما نريده .. فكلما ( شفنا الوجد) أكثر من ذي قبل ، كلما ازددنا اقتراباً من البلاد أكثر .. فما صفقت أم العبد، بل قالت ببرود : (اشلحني وإلبس غيري ) أنا أعرف كل هذا يا مسعود، وكما قال المثل : ( اسأل مجرب ولا تسأل حكيم ) .. فاحمر قلبي من (شفني الوجد) وتركت لأم العبد المكان وانصرفت .. استقبلني الفصيح بخطبة عصماء عن ضرورة التزامي بالدوام .. وقال : هكذا رغبة رئيس التحرير .. وأنت لا تريد أن تسمع يا ولد يا مسعود .. ثم تعتب على رئيس التحرير ومعاملته السيئة لك ( ازرع قمح بتلاقي قمح ، ازرع شوك بتلاقي شوك ) قلت : ( اشتغل بقرش وحاسب البطال ) فهذه هي المرة الأولى التي تجيء فيها مبكراً يا فصيحنا !! فمالك تريد سلخ جلدي منذ الصباح ؟؟ فما أفصح الفصيح عن مبتغاه بل أخذ يتحدث دون مقدمات عن رحيل الرجل حمدان إلى الجنوب لمقاتلة عسكر اليهود .. قلت : ولكنه، ما ودعنا .. فأفصح الفصيح : لأنه ينتظر لحاقنا به يا ولد يا مسعود .. فإلى متى سنبقى بعيدين هكذا !! قلت : لابد أن نتبعه عما قريب .. لابد أن نتبعه .. فشدّ الفصيح على يديّ .. وقال وصاح : معاً يا ولد يا مسعود معاً .. قلت : معاً .. معاً .. يدنا على الزناد .. وتعانقنا ..
دخل رئيس التحرير غير مكفهر كعادته .. قال : أراكما على وفاق ، فماذا جرى ؟؟ فحكى الفصيح عما وصلنا إليه من رأي .. فقال رئيس التحرير : الولد مسعود لن يذهب ، أنا أعرفه .. قلت بإصرار : بل اذهب .. ضحك رئيس التحرير وقال : الولد مسعود ( بجعجع ع الفاضي ) ولكن الفصيح أنصفني وحكى عن أيام بيروت .. فما تراجع رئيس التحرير عن رأيه ، وقال : ( اللي بتكل عليك بتكل على حيط مايل ) يا ولد يا مسعود .. وافترقنا..
قالت أم العبد : ومتى ستذهب ؟؟ قلت : قريباً.. قريباً جداً يا أم العبد .. صمتت أم العبد وأخذت تدور في الغرفة جيئة وذهاباً .. قلت : ما بك يا أم العبد ؟؟ .. لم تجب .. اقتربت من النافذة .. وتطلعت إلى الشارع القريب .. وعندما استدارت كانت الدموع تتجمع في عينيها .. جلست على طرف السرير .. وضعت رأسها بين يديها .. وتبدت الخطوط البيضاء في شعرها أكثر من ذي قبل .. قلت بهدوء : بماذا تفكرين يا أم العبد ؟؟ مسحت بطرف يدها شيئاً من دموع بللت تجاعيد خدها .. قالت : ستتركني وحيدة يا مسعود .. كم تعودت على وجودك ..
وفجأة أجهشت بالبكاء .. اقتربت منها … ضممت يدها بين يديّ .. كانت باردة … رفعتها إلى شفتي .. قلت : كلنا أولادك يا أم العبد .. وسنعود ذات يوم ونحن نحمل الشمس يا أماه .. ثقي سنعود .. قامت .. عادت إلى الدوران المتواصل في الغرفة الضيقة .. كانت مليئة بالعاطفة .. مليئة برائحة طبرية، ورائحة عرعرة القريبة من عارة ، ورائحة مسعدة الواقفة على رصيف بعيد .. قلت : وماذا بعد يا أمي ؟؟ تطلعت إليّ .. حدّقت .. ودون أي مقدمات .. أخذتني إلى صدرها .. وبكت .. بكت طويلاً .. وكانت الأرض ، الأرض البعيدة ، هناك ، تمدّ يدين مخضبتين بالشوق الكبير ..
[/align]
[/align]
[/gdwl]