الحرب في الظل : ساحة المعارك الرقمية
الحرب في الظل : ساحة المعارك الرقمية
د. رجاء بنحيدا
]في عالمنا الرقمي المتسارع، لم تعد الحروب تقليدية تعتمد على الدبابات والمدافع، بل انتقلت إلى ساحة المعارك الافتراضية. الحروب السيبرانية، هذا الشبح الذي يهدد أمن الدول والشركات والأفراد على حد سواء، بات يشكل تهديدا وجوديا في القرن الحادي والعشرين. فما هي هذه الحروب وكيف تهدد حياتنا اليومية؟ وما هي أهدافها ووسائلها؟ وما هي التداعيات المحتملة لها على المستقبل؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال.
لماذا الحروب السيبرانية؟
• سهولة الوصول: لا تحتاج إلى جيش كبير أو أسلحة متطورة، بل تحتاج إلى مهارات برمجية وبعض الأجهزة المتصلة بالإنترنت.
• التكلفة المنخفضة: مقارنة بالحروب التقليدية، الحروب السيبرانية أقل تكلفة بكثير، مما يجعلها متاحة لعدد أكبر من الجهات الفاعلة.
• سرعة التنفيذ: يمكن شن هجمات سيبرانية في أي وقت ومن أي مكان في العالم، ونتائجها تظهر بسرعة فائقة.
• صعوبة التعرف على الجاني: غالبًا ما يصعب تحديد هوية الجهة المسؤولة عن الهجوم السيبراني، مما يجعل من الصعب ردع مثل هذه الهجمات أو محاسبة مرتكبيها.
أهداف الحروب السيبرانية:
• تدمير البنية التحتية الحيوية: مثل شبكات الكهرباء والمياه والاتصالات، مما يؤدي إلى شلل في المجتمع.
• سرقة البيانات الحساسة: مثل المعلومات الشخصية والأسرار التجارية والعسكرية.
• التأثير على الرأي العام: نشر الدعاية والتضليل والتلاعب بالانتخابات.
• تخريب الاقتصاد: استهداف البنوك والأسواق المالية.
• التجسس: جمع المعلومات الاستخباراتية عن الدول والشركات.
أمثلة على الهجمات السيبرانية:
• فيروس ستوكسنت: استهدف المنشآت النووية الإيرانية وتسبب في أضرار جسيمة لأجهزة الطرد المركزي.
• هجوم واناكراي: شل عمل المستشفيات والشركات في جميع أنحاء العالم.
• هجمات على البنوك: سرقة ملايين الدولارات من الحسابات المصرفية.
• تدخل في الانتخابات: التأثير على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016.
هل تفجيرات البيجرز هجوم سيبراني؟
إذا ، انطلاقا من التعريف السابق للحروب السيبرانية هل يمكن تصنيف تفجيرات البيجرز الأخيرة ضمن هذا النوع الجديد من الهجمات؟ في نظري، وكما رأينا فالهجوم السيبراني هو نوع من المناورة الهجومية التي تستهدف أنظمة معلومات الكمبيوتر أو البنية التحتية أو شبكات الكمبيوتر أو أجهزة الكمبيوتر الشخصية. غالبًا ما يتضمن هذا الهجمات التي تستخدم البرمجيات الخبيثة، والهندسة الاجتماعية، وهجمات رفض الخدمة. أما تفجيرات البيجرز فهي عملية تقليدية تعتمد على إرسال إشارات لاسلكية لتفعيل أجهزة البيجر، والتي قد تكون مصحوبة برسائل نصية أو صوتية. ومن خلال المقارنة بين الاثنين توصلنا إلى أن:
• الهجمات السيبرانية تستهدف عادةً تعطيل الأنظمة أو سرقة البيانات، بينما هدف تفجيرات البيجرز هو إرسال رسالة أو تنبيه. (الهدف)
• الهجمات السيبرانية تعتمد على البرمجيات والشبكات، بينما تفجيرات البيجرز تعتمد على إشارات لاسلكية. (الوسيلة)
• الهجمات السيبرانية يمكن أن تسبب أضرارًا مادية وبشرية كبيرة، بينما تأثير تفجيرات البيجرز محدودة نسبيًا مقارنة مع غيرها. (التأثير)
إذا، وعلى الرغم من أن كلا العمليتين تعتمدان على التكنولوجيا، إلا أنهما تختلفان بشكل كبير في أهدافهما ووسائلهما وآثارهما، لا يمكن اعتبار تفجيرات البيجرز هجومًا سيبرانيًا بمعناه التقني، ومع ذلك، يمكن القول إن تفجيرات البيجرز تمثل نوعًا من الاستغلال للتكنولوجيا لأغراض غير تقليدية،وقد يكون هذا النوع من الاستغلال مؤشرًا على تطور أساليب الهجوم في المستقبل، حيث يمكن دمج تقنيات مختلفة لتحقيق أهداف معينة.
لذا، يمكن القول إن تفجيرات البيجرز تمثل نقطة تقاطع بين العالم المادي والعالم الرقمي، وتطرح تساؤلات حول كيفية حمايتنا من أي هجوم في المستقبل أو بالأحرى تقليل مخاطر هكذا هجوم رقمي سيبراني.
كيفية حماية أنفسنا من الهجمات السيبرانية
لذا، وفي سبيل ذلك وجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية، منها:
• التوعية: نشر الوعي بأهمية الأمن السيبراني وكيفية حماية البيانات الشخصية.
• التدريب: تدريب الكوادر على التعامل مع التهديدات السيبرانية وكيفية الاستجابة لها.
• التكنولوجيا: استخدام أحدث التقنيات لحماية الأنظمة والشبكات من الهجمات السيبرانية.
• التعاون الدولي: التعاون بين الدول لمواجهة التهديدات السيبرانية المشتركة.
• تشريع القوانين: وضع قوانين صارمة لمكافحة الجرائم السيبرانية ومعاقبة مرتكبيها.
حقًا، إن الحروب السيبرانية ليست مجرد تهديد نظري، بل هي واقع نعيشه اليوم. فالتطور التكنولوجي المتسارع يجعل من السهل شن هجمات سيبرانية معقدة ومدمرة. وللمواجهة الفعالة لهذه التهديدات، يتطلب الأمر تضافر جهود جميع الأطراف المعنية، من الحكومات والشركات إلى الأفراد. فالحرب على الجريمة السيبرانية هي حرب طويلة الأمد تتطلب استثمارات كبيرة في التكنولوجيا والبنية التحتية والتوعية. فهل نحن مستعدون لمواجهة هذا التحدي الجديد؟
[/b]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|