أرى البؤس في عينيك ، أسمع رنة الحزن في ترانيم صوتك ، أرى تقاسيم الشقاء المتغطرسة وقد تمترست على مساحات وجهك الخالي من كل الانفعالات .
أحاول أن أمد يدي إليك فلا تصل ، وأنا الشجرة الباسقة التي ترقى بهامتها إلى السماء ، وتخترق بجذورها عمق الأعماق ، وتلتف بفروعها تحتضن كل الأصقاع ، لم تصل يدي إليك .
حزنك يملأني ، حزنك يسري في دمي ، في شراييني ، في أوردتي ، ويملؤها سوادا ًُ.
أراك تقبع في ظل غيمة سوداء ، هبطت عليك مشرعة نحوك كل السهام ، ترفع إليها يديك العاجزتين ، تتلقى بهما الطعنات ، تستدير حول نفسك ، تلتف مئات المرات ، وهي تطبق عليك بفكيّها ، لا تبغي غيرك ترسا ً للطعنات .
كنتُ في الأمس بحالة حب ، أعشق شمساً ، تأتيني كل صباح ، أغازلها ، أبادلها الغرام ، اسكنها ، وتسكنني ، أحركها كيف أشاء ، أداعب خصلاتها الذهبية ، فتضيء السماء .
اليوم أشاحت بوجهها عني ، خجلة ، عاجزة ، مستكينة ، مستسلمة لهذا السواد .
شمسي لا تخونني ، لا يسكنها الجبن ، لا يعتري ضوءها الخوف ، ولا يمزق خيوطها فتك السهام ، لكنني لم أعد أجيد غزل الغرام ، وترجمة حروف العشق ، وتذويب الهمسات .
قلبي مفرغ من كل ذرات العشق ، من كل نبضات الغرام ، فأنا في حزنك فقدت لغة الغرام .