التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 136,940
عدد  مرات الظهور : 125,812,425

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > أوراق الباحث محمد توفيق الصواف > الدراسات والأبحاث الأدبية والنقدية
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14 / 06 / 2014, 31 : 08 PM   رقم المشاركة : [1]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

[align=justify]طروحات وتساؤلات:
في توصيف أي مجتمع لنفسه، وللمبادئ والطروحات التي يدعي أنه يتبناها سياسةً له ومنهجاً، في جميع مناحي الحياة، هناك دائماً العديد من الأوهام والعديد من الحقائق.. وبالتأكيد، لا تغيب مثل هذه المسألة عن فطنة ذوي الخبرة الذين لا يكفُّون عن بحث ما يصدر عن أي مجتمع من توصيفات، لفرز الوهمي منها عن الحقيقي... وفي الحالة الإسرائيلية التي يتفق معظم الباحثين فيها على أنها حالة ذات طبيعة إشكالية شديدة التعقيد، جرَّاء كثرة المتناقضات فيها، يقف الكثير من أولئك الباحثين موقف المتشكك من توصيف وسائل الإعلام الإسرائيلية والصهيونية للتجمع الاستيطاني الإسرائيلي بأنه المجتمع الأرقى، وسط مجتمعات شرقنا التي لم تتوقف تلك الوسائل، يوماً، عن وصفها بالمتخلفة... بل يذهب بعض علماء الاجتماع إلى أبعد من ذلك، حين يصرون على دحض هذا التوصيف الدعائي، في سياق محاولتهم الإجابة عن سؤالهم الموضوعي لأنفسهم:
إذا كان الرقي الإنساني، بجوانبه المتعددة، وتعاريفه المختلفة، هو النقيض الكامل للعنصرية والتمييز العنصري، فكيف يمكن وصف أي تجمع بشري بأنه الأرقى، بينما تهيمن العنصرية على فكر أفراده وثقافاتهم ومعتقداتهم، وتتحكم في ممارساتهم السياسية وعلاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية؟
ولعل من المفارقات المثيرة للكثير من الدهشة والاستغراب، أن نجد علماءَ اجتماع إسرائيليين بين الذين يحاولون دحض ذلك التعريف الدعائي الذي لاقى آذاناً صاغية من بعض السذج في شرقنا والعالم، فصدقوه وراحوا يُروجون له، بينما يؤكد بعض أولئك العلماء الإسرائيليين، أنفسهم، أنه ليس أكثر من خرافة إعلامية الهدف من ترويجها إضفاء مسحة من الجمال على وجه إسرائيل الحقيقي، لإخفاء بعضٍ ملامحه القبيحة، والتي يأتي في مقدمتها تفاقم ظاهرة العنصرية والتمييز العنصري التي يُستشَفُّ من القراءة الموضوعية للكثير مما كتبوه عنها، أن تفاقمها بات مثيراً دائماً لقلقهم على مستقبل إسرائيل ووجودها.
وهنا، قد يكون من الضروري طرح التساؤل التالي:
ما هي أبرز وجوه العنصرية الإسرائيلية، وأي هذه الوجوه هو الأكثر إقلاقاً لعلماء الاجتماع الإسرائيليين، ولماذا؟

وجهان لعنصرية واحدة:
بداية، يحدد علماء الاجتماع القلقون على مستقبل إسرائيل، وجهين رئيسين لعنصريتها: أولهما خارجي التوجُّه، لأن سهام العداوة المنطلقة منه مصوبة تجاه العرب عموماً، وتجاه الفلسطينيين منهم بشكل خاص؛ أما الثاني، فداخلي التوجه، لأن سهام الكراهية والاحتقار المنطلقة منه يصوبها الإسرائيليون تجاه بعضهم بعضاً، كلٌّ من موقعه، في الفئة أو الشريحة التي ينتمي إليها، ضد باقي الشرائح التي تتشكل منها بنية إسرائيل المجتمعية..
وفي رأي أولئك العلماء، أن كلا هذين الوجهين المميِّزَين لعنصرية إسرائيل، يساهمان في زيادة تشويه نفسيات يهودها، على اختلاف انتماءاتهم، ويضعان مستقبلها فوق كفِّ عفريت، كما يرى المؤرخ الإسرائيلي (زئيف شترنيل) الذي يتوقع حدوث انهيارات كارثية، في المستقبل القريب، داخل بنية إسرائيل المجتمعية، بسبب استمرار تزايد الاستقطاب بين شرائحها المختلفة، وتزايد التمييز العنصري الذي يمارسه أفرادها ضد بعضهم من جهة، وضد العرب من جهة أخرى. هذا، مع ضرورة الانتباه إلى أن ممارسة التمييز العنصري ضد العرب، إرادية ومقصودة تدخل في صميم البنية الأيديولوجية للصهيونية، وتُعدُّ من بين أهم أهدافها وأهداف السياسة العليا لإسرائيل. أما ممارسة التمييز العنصري بين الإسرائيليين أنفسهم، فمفروضة عليهم، بسبب انعدام التجانس بين أخلاطهم المختلفة أصلاً، وعجز قياداتهم المتعاقبة، ليس فقط عن صهرهم في متحد متجانس، بل عجزها حتى عن إيقاف تشظيهم المتزايد، وعن تقليل حدة الخلافات بين شظاياهم القديمة والجديدة.

موزاييك فكري/عنصري:
يؤكد علماء الاجتماع الإسرائيليون الذين اهتموا بتتبع الآثار السلبية لتفاقم ظاهرة التمييز العنصري، أن ممارسة هذا التمييز، بين الإسرائيليين أنفسهم، لا تقتصر على ميدان حياتي واحد، بل تشمل سائر ميادين حياتهم. فهي ملحوظة بوضوح، في ميادين الفكر والثقافة والتربية والسياسة والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الميادين الحياتية الأخرى. وفيما يلي إطلالة على أبرز مظاهر العنصرية، في الفكر الصهيوني، وفي تفكير الإسرائيليين الذين يعتنقونه.
يُلاحِظ الدارسون للعنصرية الصهيونية، أن مقولة (الشعب المختار) التي أُريد بها تمييز يهود العالم، عموماً، عن سائر بني البشر، في مختلف نواحي الحياة، تعود دائرة الانتخاب التي تُحددها هذه المقولة لتضيق أكثر، حين يكون المراد بتطبيقها التمييز بين اليهود أنفسهم، وتظل هذا الدائرة تضيق أكثر فأكثر، طاردةً خارجها فئات مختلفة من اليهود، إلى أن يصبح المقصود بعبارة (الشعب المختار) اليهودَ الغربيين فقط، ثم يجري فرز أخير على هؤلاء أيضاً، لتمييز المقيمين في إسرائيل منهم، وجعلهم أعلى درجة ومقاماً ممن لم يهاجروا إليها بعد؛ أما اليهود الشرقيون والسود، فيُوضَعون في منزلة أدنى من الغربيين، سواء كانوا داخل إسرائيل أم خارجها.
ومعايير الفرز والتصنيف التي يعتمدها فكر الصهيونية العنصري للتمييز بين اليهود أنفسهم، بعضها عرقيٌّ مستمد من العنصرية الآرية التي انحسرت، بعدما أثبت العلم الحديث بطلان أوهامها العرقية، وبعضها لونيٌّ يُشابه الموجود في عنصرية المجتمعات التي تعتنق وَهْمَ تَفَوُّق الإنسان الأبيض على الإنسان الأسود في كل شيء، وثمة معايير صهيونية بحت، استمدها منظرو العنصرية الصهيونية، من بعض نصوص التوراة وتفاسيرها، بعد أن أخرجوها عن سياقها الروحي والديني، ليعطوها طابعاً دنيوياً ودلالة سياسية زمنية لم تكن موجودة بين دلالاتها الأصلية، حسبما يرى بعض العلماء المتخصصين في هذا المجال. فمثلا، معيار الهجرة إلى إسرائيل والإقامة فيها، والذي يعد الأهم بين غيره من تلك المعايير، استخرجه مهندسو فكر الصهيونية العنصري من كتابات بعض الحاخامات والمفسرين اليهود القدامى، من أمثال الحاخام (موشيه بن نحمان) الذي عاش بين عامي (1194 ـ 1270)، والذي أضفى، في سياق تفسيره للتوراة، طابعاً خاصاً من القدسية على ما يسمى بـ (أرض إسرائيل)، حين زعم أن استيطانها واجب ديني، وأن القيام به يوازي القيام بكل فرائض التوراة البالغة، في رأيه،/613/فريضة!!! ثم جاءت الصهيونية، بعد قرون، لتبني على أقوال (بن نحمان) وأمثاله، دعوتها التي تحض جمهور اليهود، المتدينين وغير المتدينين، على الهجرة إلى فلسطين، ثم لتجعل من القيام بتلك الهجرة معياراً للتمييز العنصري بين اليهود أنفسهم، حين جعلت المهاجرين أعلى درجة وأسمى منزلة من غير المهاجرين.
ونظراً لأن مشروع الصهيونية الاستيطاني، غربيُّ الفكرة والتخطيط، أصلاً، ثم نظراً لأن الذين قاموا بتنفيذ مراحله الأولى، كانوا من اليهود الغربيين أيضاً، فقد تمَّ وضع هؤلاء في قمة الهرم العنصري ليهود إسرائيل. وطيلة الخمسين سنة التي مضت على قيام إسرائيل، ظل اليهود الغربيون يقاومون محاولات المساواة بينهم وبين اليهود الشرقيين والسود، في إسرائيل، كما يُعبِّر عن ذلك الكثير من الصحف والكتب التي أصدرها أولئك الغربيون، في فترات متلاحقة، والتي يُعدُّ كتاب (الثورة الإشكنازية) الذي صدر في أواخر القرن الماضي، من أبرز نماذجها.. ففي هذا الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة، لدى صدوره، يؤكد مؤلفه (ك. كاتسنلسون)، أن (اليهودية الإشكنازية/الغربية هي صاحبة المشروع الصهيوني، وهي التي أقامت إسرائيل، وحددت آلياتها وأطرها المختلفة. بينما اليهود الشرقيون هم مجرد مهاجرين إليها، دخلوا في مجال آلياتها وأطرها الإشكنازية كأفراد، ولذلك فهم مجبرون على القبول باستمرار السيادة الإشكنازية على مختلف مناحي الحياة الإسرائيلية).
وإذا كانت نظرة اليهود الغربيين لليهود الشرقيين، على هذه الدرجة من الاستعلاء العنصري، فهي ولاشك، أكثر استعلاءً وسلبية بالنسبة لليهود السود، في إسرائيل، كما سنلاحظ، تالياً.

ممارسات:
في ضوء هذا الفرز العنصري، بين اليهود، في فكر الصهيونية وأيديولوجيتها، يمكننا أن نقرأ، بوضوح، الترجمة السلوكية لهذا الفكر، كما تتبدى على أرض الواقع، في أنماط العلاقات المختلفة بين الشرائح اليهودية المُكَوِّنة لبنية إسرائيل المجتمعية.
ففي إسرائيل، وحسب العديد من المعطيات التي لا يرقى الشك إليها، لا يتقلب يهودها في نعيم الديموقراطية والمساواة والعدل، على اختلاف أصولهم وألوانهم ومذاهبهم الطائفية والأيديولوجية، كما تزعم وسائل الإعلام الإسرائيلية، لأن هذا النعيم يكاد يكون وَقْفاً على اليهود الغربيين دون سواهم من يهود إسرائيل، كما يؤكد البروفيسور (يسرائيل شاحاك) في بعض انتقاداته اللاذعة لواقع التمييز العنصري الذي جعل من إسرائيل ـ كما يقول ـ (جنة فعلاً، ولكن لليهود الغربيين فقط).

عنصرية في الممارسة السياسية:
على هذا، وفي ضوء معطيات الواقع الإسرائيلي الذي تتحكم العنصرية في تحديد علاقات يهوده وسلوكياتهم تجاه بعضهم وتجاه الآخرين، نجد أن انتخاب الأصلح والأنسب لتولي المناصب السياسية والعسكرية الرفيعة يتم، حتى الآن، من بين اليهود الغربيين فقط. ومن أبنائهم، يخرج معظم كبار رجال الاقتصاد، وكبار العلماء والمفكرين أيضاً، بينما يَقِلُّ عدد هؤلاء جميعاً، بين أبناء اليهود الشرقيين والسود. ولا أدلَّ على ذلك، من عدم ظهور أي رئيس حكومة إسرائيلي شرقي الأصل أو أسود اللون. كما أن الوزارات الإسرائيلية، وإلى وقت قريب، لم تضم بين أعضائها سوى القليل جداً من الوزراء غير الغربيين. وحتى الذين وصلوا إلى مناصب حكومية رفيعة، من بين الشرقيين، كَبَّلَتْ أصولُهم الشرقية أيديَهم، إلى حدِّ العطالة، في معظم الأحيان، وجعلتهم مجرد دمى في أيدي الغربيين أصحاب السلطة الحقيقيين، أو مجرد قطع ديكور لابد من وجودها لإضفاء المصداقية على وَهْمِ الديموقراطية الإسرائيلية.

وعنصرية في الممارسة التربوية:
يقول علماء التربية والاجتماع من اليهود الشرقيين، إن الغربيين الذين احتكروا وضع المناهج الدراسية لطلاب إسرائيل، منذ قيامها، وخصوصاً في المرحلة الابتدائية، (لم يتورعوا عن تجاهل تاريخ البلدان الشرقية، تجاهلاً شبه تام).. ويضيف هؤلاء، بنبرة لا تخلو من الغضب: (وحتى في المادة القليلة التي تُدَرَّسُ للطلاب الإسرائيليين، عموماً، عن تاريخ اليهود في البلدان الشرقية هي، في معظمها، مادة مليئة بالتزييف والمغالطات، كما أنها مادة مُغرِضَة تسعى لتكريس الفارق العنصري بين الشرقيين والغربيين من يهود إسرائيل).
وقد يبدو هذا كله، على فظاظته وقبحه ولا إنسانيته، أهونَ بكثير من ممارسة سياسة الفصل العنصري، على أساس عرقي أو لوني، بين طلاب المدارس الإسرائيلية، إذ يُفرَد للطلاب الشرقيين والسود، في الكثير من تلك المدارس، صفوف خاصة يُعزلون فيها، كأنهم الوباء، عن زملائهم الغربيين. وحسب المعطيات الإسرائيلية نفسها، لا يتعرض الطلاب الشرقيون والسود للتمييز العنصري من قبل زملائهم الغربيين فحسب، بل حتى من قبل المشرفين على مدارسهم أيضاً.
وفي بعض المدارس الأكثر تطرفاً، في عنصريتها، (يتمُّ رفض دخول الطلاب السود إليها، بحجة أن أولياء أمور الطلاب الغربيين، في تلك المدارس يطلبون عدم إدخال السود، إلى الصفوف التي يتعلم فيها أولادهم، لأسباب مختلفة وغريبة، منها ادعاؤهم بأن مستوى تعليم أولادهم سيصبح متدنياً إذا شاركهم السود مثلاً، في صفوفهم، ومنها أن أولاد غير نظيفين، إلى غير ذلك من الملاحظات التي تفوح منها رائحة العنصرية السيئة)، كما تعترف الباحثة الإسرائيلية (دوريت جيفن)، في دراسة لها، حول أوضاع اليهود الأثيوبيين في إسرائيل، نشرتها في صحيفة (عل همشمار) الصادرة بتاريخ 15/8/1994. وتخلص (جيفن) في ختام تلك الدراسة إلى القول، بصريح العبارة: (إن المجتمع الإسرائيلي ليس بالمجتمع السمح والمنفتح، كما أنه ليس بالمجتمع السهل، لأن أفراده يُكثرون من إلصاق الصفات السلبية والسيئة بالجماعات العرقية المختلفة غير اليهودية، أو اليهودية الوافدة إلى إسرائيل، كما يُكثرون من الاستهزاء بأبناء هذه الجماعات)...

وعنصرية في الثقافة أيضاً:
في المقابلة التي أجرتها معه الصحفية الإسرائيلية (رينا راحيل يونا)، ونشرتها في صحيفة دافار عام 1992، يؤكد الأديب الإسرائيلي العراقي الأصل (سمير النقاش) أن الحرب الدائرة، في إسرائيل، بين يهودها الشرقيين والغربيين، هي حرب ثقافية وأدبية، وليست حرباً اجتماعية أو طبقية أو سياسية فقط. كما يؤكد أن الغلبة في هذه الحرب هي، حتى الآن، لصالح الثقافة الغربية، وأنه من غير المحتمل، مستقبلاً، أن تتساوى الثقافتان الغربية والشرقية، في إسرائيل، إذا ما استمرت أولاهما في السيطرة على الثانية. ولتأكيد هذه الحقيقة، يقول النقاش: (إن الإشكنازيم، لا يستطيعون أن يتصوروا، وجود أديب يهودي يكتب باللغة العربية، مثلاً...).
ثم يتابع، ساخراً من امتداد عنصرية اليهود الغربيين حتى إلى اللغة العبرية التي لم يكتفوا بمصادرتها، ونفي أصلها الشرقي فحسب، بل عمدوا أيضاً إلى تغيير نطق بعض حروفها غير الموجودة في اللغات الأوروبية، حتى تبدو مناسبة لرغبتهم العنصرية، في اعتبارها رمزاً للانتماء إلى إسرائيل التي يرفضون أن يكون أيُّ وجه من وجوهها شرقي الأصل.
وبهذا الصدد يقول النقاش: (هنا تسيطر الثقافة الإشكنازية الغربية، وقد امتدت سيطرتها حتى إلى اللغة العبرية.. لقد أخضعوا حتى العبرية الفصحى للثقافة الإشكنازية، وأجبرونا، نحن الشرقيين، على لفظ الحاء والراء والقاف، مثلاً، حسب النطق الإشكنازي الغريب على لهجة العبرية الفصحى..).
وإذا كان موقف يهود إسرائيل الغربيين، على هذه الدرجة من العنصرية، تجاه ثقافة يهودها الشرقيين، فإن موقفهم من ثقافة السود، ولاسيما الأثيوبيين المعروفين بـ (الفلاشا)، هو أشد عنصرية، لأنه يقوم على عدم الاعتراف بأي ثقافة خاصة كانت لهم، قبل تهجيرهم إلى إسرائيل، كما يؤكد الكاتب الإسرائيلي (مردخاي أرتسيئيلي)، بقوله: (ما يزال باقي سكان إسرائيل يعتبرون الأثيوبيين أناساً بدائيين، عديمي الحضارة والثقافة، أو هم أقرب إلى قبيلة من الأفارقة السود الذين يحاولون إيجاد وسيلة للاندماج في سكان إسرائيل البيض الذين مازالوا يعارضون مثل هذه المحاولة).
وحتى إذا وُجد، بين اليهود الغربيين، من يعترف بامتلاك الفلاشا لثقافة خاصة، (تم اقتلاعهم منها)، فإنها تظلُّ، من وجهة النظر الإشكنازية العنصرية، (مجرد ثقافة بعيدة ومختلفة، يبدو أصحابها لباقي سكان إسرائيل كأناس مُعقَّدين ومتخلفين)، كما يقول الكاتب الإسرائيلي (تال شاحف). وهو ما يعني، في المحصلة، أن على الأثيوبيين، أن ينسلخوا عن ثقافتهم الأم، وأن يذوبوا تماماً، في ثقافة إسرائيل الغربية، لكي يصبحوا إسرائيليين صالحين..

وفي الختام، ثمة تساؤلات أخرى...
في ضوء ما تشف عنه اللقطات السريعة الآنفة لبعض جوانب العنصرية التي يُمارسها يهود إسرائيل الغربيين، ضد يهودها الشرقيين والسود، يبدو واضحاً أن توصيف إسرائيل بـ (واحة الديموقراطية والعدل والمساواة)، في شرقنا، ما هو، في الحقيقة، سوى توصيف دعائي خادع، باعتراف بعض الإسرائيليين أنفسهم، ورغم أنف وسائل إعلامهم التي تُرَوِّج لهذا التوصيف، صباح مساء.
وهنا، قد نجد أنفسنا، في مواجهة بعض التساؤلات الهامة والصعبة، من مثل:
إذا كانت العنصرية تتحكم، إلى هذا الحد، في رسم علاقات الإسرائيليين، مع بعضهم، وإذا كان تحكُّمُها أشدَّ وأكثرَ تطرفاً، في تحديد علاقاتهم مع غيرهم، ولاسيما مع العرب، فكيف يمكن الاقتناع بما يزداد الترويج له، محلياً وعالمياً، من توقعات تقول بقرب عودة الحياة إلى العملية السلمية، الأمر الذي يمكن أن يتمخض عن احتمال صنع سلام بين العرب وإسرائيل، قد يتلوه تطبيع بينهما، على مختلف الصعد؟ هل يقصد مروجو هذه التوقعات أن الإسرائيليين قد صاروا، جميعهم أو معظمهم، مستعدين للعيش مع العرب، على قدم المساواة، في ظلِّ سلام شامل وعادل ودائم، كي يُسَوِّغَ العرب لأنفسهم الانسياق وراء تلك التوقعات الوردية المتفائلة؟ بتعبير آخر: هل طرأ أي تغيير على مزاعم التفوق العنصري التي يؤمن بها معظم الإسرائيليين، وهل نلمس أثراً لمثل هذا التغيير، في نتاجات مفكريهم أو أدبائهم، أو حتى في الكتب التي يُدرسونها لأطفالهم، أم مازال العربي، في تلك النتاجات الفكرية والأدبية كلها، وفي كتب الدراسة الإسرائيلية، هو تلك الشخصية النمطية المنفرة التي تحتشد كل الملامح السلبية المنفرة، في توصيفها؟
قد يكون من الأفضل أن ندع الإجابة عن هذه التساؤلات للدكتور (حزاي بوروش) الذي كتب، في سياق بحث نشره عام 1997، في مجلة (اللغات الأجنبية): (إن شخصية العربي في كتب التدريس والأدب الإسرائيلية لم تتغير ملامحها السلبية حتى بعد بدء عملية السلام، فقد ظلت تلك الشخصية النمطية Stereotybe المشوهة واللاواقعية إلى حد بعيد... الأمر الذي ساهم في شحن نفسية الأطفال الإسرائيليين بكراهية العرب، وبكراهية العملية السلمية وكل ما يَمُتُّ إليها بصلة، لأنها تعني، في أحد نتائجها المحتملة، إمكانية التعايش، على نحو ما، مع العرب، دون حروب وصراعات)..
وبعد، فإذا كان واقع الحال، يؤكد أن توصيف بوروش الآنف ما زال ساري المفعول إلى الآن، بدليل عدم حدوث أي تغيير في نظرة معظم الإسرائيليين إلى العرب، أو على موقفهم من العملية السلمية،؛ وإذا كنا جميعاً على يقين من أن مثل هذا التغيير لن يحدث في المستقبل القريب على الأقل، أفلا يعني هذا كله أن على العرب أن يتحسسوا مواطئ أقدامهم، قبل أن ينساقوا وراء أي توقعات متفائلة؟[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.

التعديل الأخير تم بواسطة محمد توفيق الصواف ; 02 / 10 / 2016 الساعة 50 : 02 PM.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 06 / 2014, 41 : 09 PM   رقم المشاركة : [2]
د. رجاء بنحيدا
عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام

 





د. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond reputeد. رجاء بنحيدا has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

طروحات و تساؤلات عميقة ، من باحث متخصص متمكن ، أبان عن عمق ووجه الثقافة العنصرية السائدة عند المجتمع الاسرائيلي ،بل عن وجوه ( لعنصريات) متعددة تفاقمت ، وتحولت إلى توجه خارجي محدد وبتركيز تام ، صوب المجتمع العربي .
فإذا كان الشعب الإسرائيلي ، شعب عنصري بامتياز !!
والمجتمع العربي هو مجتمع متفائل ، أكثر من اللازم !!
إذن ما مصير القضية الفلسطينية في ظل هذه التناقضات التي يعيشها الشعب الإسرائيلي المحتار!؟ .

تحيتي وعميق تقديري للأستاذ محمد توفيق الصواف .
د. رجاء بنحيدا غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 06 / 2014, 23 : 02 AM   رقم المشاركة : [3]
علي ابو حجر
شاعر
 





علي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond reputeعلي ابو حجر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

الشكر لك على ما أهديت من معرفة الى من يريد أن يرى الحقائق ...

ما كتبته ـستاذي الفاضل ليس غريبا بالنسبة لي .
.
فأنا اعرف هذا جيدا ... وأعرف ان العالم العربي ينقصة الكثير عن معرقه هذا السرطان الخبيث ...

تحية نقدير لك وأتمنى أن تستمر قي كتاباتك الرائعة والتي تعتبر مادة مهمة اتمنى ان نقوم بتدريس طلاب جامعاتنا سلوكيات هذا المجتمع وأمراضة ونقاط فوته وضعفه ..

بارك الله لك .

فائق احترامي .
علي ابو حجر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 06 / 2014, 38 : 11 PM   رقم المشاركة : [4]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

الدكتورة رجاء...
شكرا لمرورك ولتعليقك الذي يشف عن إدراك لعمق لوثة العنصرية المتجذرة في عقلية الإسرائيليين ونفسياتهم..
تقديري واحترامي...
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 16 / 06 / 2014, 46 : 11 PM   رقم المشاركة : [5]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

الأستاذ علي أبو حجر
تحية وشكرا لك على تلقيك مادتي بهذه الجدية التي تدل على فهم عميق لنفسية عدونا وأمراضه العنصرية المزمنة والمستعصية،
وأقدر عاليا اقتراحك بشأن تدريس طلابنا كل ما يمت لهذا العدو بصلة، لأن معرفته هي الشرط الأول لتحقيق الانتصار عليه..
محبتي وتقديري...
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 09 / 2016, 35 : 04 AM   رقم المشاركة : [6]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

كيف تصل هذه المعلومات المهمة جدا لفهم أيديولوجية العدو؟؟ والتي تنم عن كيان خرب مريض من الداخل ..لجميع أفراد الوطن .. وكيف تتأصل في الأجيال ..كما يفعلون هم.. بنجاح منقطع النظير..في تأصيل العنصرية في أبناءهم منذ نعومة الأظافر ..إلى أن تصير حوافر وبراثن ..تشهر فيما بينهم ..قبل غيرهم ..من الأجناس الأخرى ..أليس ذلك دور الإعلام ..والتعليم ..لكن مع الأسف ..إعلامنا وتعليمنا أصبحا ..وسيلة ..بل وأداة مساعدة ..في تعتيم الشعوب ..وكأن كل شيء على هذه.. بما فيها نحن ..سخر لهؤلاء لدعم طغيانهم ..
شكرا لك أستاذي الفاضل .محمد توفيق الصواف..موضوع ذو قيمة وهدف .. كل التحية والتقدير.
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02 / 10 / 2016, 49 : 02 PM   رقم المشاركة : [7]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: العنصرية الإسرائيلية... وجوه متعددة لجوهر واحد

[align=justify]الشكر لكِ عزَّة على إعادة هذا الموضوع الهام إلى واجهة العرض من جديد..
وأرجو جادّاً أن يتفاعل قراء الموقع مع موضوعات كهذه، لأنَّها تُوضِح الكثير من خفايا العدو الذي يُحاربنا ونحن عنه، وعن طبيعته العدوانية ومخططاته ومؤامراته، غافلون..
تحيتي وتقديري لجهودك..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
متعددة, لجوهر, الإسرائيلية..., العنصرية, واحد, ودول


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أضواء على التوجهات العنصرية في المناهج التعليمية الإسرائيلية مازن شما الأدب الصهيوني وثقافة الاحتلال ( أبحاث ) 1 12 / 08 / 2011 30 : 01 AM
وجوه محمود طلعت سقيرق قضايا الشباب العربي بأقلامهم 0 10 / 06 / 2009 52 : 07 PM
فوائد جوز الهند متعددة هيفاء شما علم التغذية وقاموس الفيتامينات والحمية 2 08 / 05 / 2009 49 : 09 PM


الساعة الآن 43 : 10 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|